ماذا عن البدايات؟ البدايات دائما لها روافد وقنوات مختلفة، يمكنني القول إن بدايتي تجلت في مشاركتي لجماعة "رباب الأدبية " عام 1980 والتي كان يشرف عليها الشاعر أمجد ريان في فترة وجوده في محافظة قنا بصعيد مصر ، وأري ان وجودي واحتكاكي بكل أفراد هذه الجماعة أضاف وفتح الكثير من النوافذ الهامة لي ، في هذا المناخ تعرفت عن قرب علي إبداعات الكبار أمثال أدونيس وسعدي يوسف وعبدالمعطي حجازي والبياتي وصلاح عبدالصبور والسياب وأمل دنقل والأبنودي وغيرهم. كل هذا أضاف لي الكثير وفتح أمامي نوافذ جديدة ، لأول مرة عرفت أن هناك شعراً مختلفاً غير مادرسناه في المراحل الدراسية المختلفة ، وجعلني أدرك مبكرا تطورات القصيدة العربية عبر مسيرة أجيالها ، الشاعر أمجد ريان أول مستمع حقيقي لما كنت أكتبه في ذلك الوقت ، وجهني كثيرا ونشر لي اولي قصائد ومقالات في أعداد مجلة رباب وهي احدي مجلات الماستر وهناك أيضا الروائي يوسف القعيد الذي شجعني بحماس في أول زيارة له لصعيد مصر في عام 1980، ومن مبدعي الصعيد الرواد لنا في تلك الفترة ، سيد عبدالعاطي ، عطية حسن والأديب الشامل محمد نصر يس ، حمدي منصور ، محمد عبده القرافي وغيرهم، كما يظل لثراء المكان عطاءات لا حدود لها من خلال الموروث الشعبي والسيرة الهلالية والمنشد الشعبي في الموالد الشعبية ذات الثراء المدهش والغني والتي كنت أتنقل من بلد لآخر لحضور هذه التفاصيل التي تسرقني من روحي ، كل هذا شكل الكثير في بداياتي ؟! وماذا عن الشعر كحالة خاصة؟ الشعر والكتابة هما الفعل الحقيقي ضد الموت .. ضد الفناء ، بالكتابة أسماء عديدة رحلت ومازالت تعيش بيننا ، الكتابة هي الفعل الخلاق وجدير بأن نضحي كثيراً من أجلها والقصيدة تنتصر للخير وللجمال والعدل والبقاء علي ظهر البسيطة ونقيم دائما لها عرساً خصوصاً لمولد القصيدة سحر، وأنا جئت لعالمي هذا لأبحث عن السحر والقصيدة هي الخلاص، وجئت أيضاً لأبحث عن الخلاص !! لماذا لم تستجب كغيرك لنداء النداهة ممن ندهتهم القاهرة حيث الأضواء ومنابع النشر والإعلام ؟... الصعيد الذي يظل عشقي وأنا مفردة من مفرداته نبت في أرضه السمراء وعشت وأعيش فيها، وكثيرون يعلمون ما لنا من خصوصية جغرافية وتاريخية وسكانية عن غيره في كل مصر ، لذا لم يكن غريبا أن تخرج بيئة الصعيد أعلاما مضيئة في حياتنا الأدبية والفكرية والثقافية ، والأسماء عديدة ملء السمع والبصر قديما وحديثا ، لو عدت الي عقد الثمانينات كان المناخ فياضا بروح العطاء والتلاحم والاحترام في كل مجالات الفنون من أدب ومسرح وفنون تشكيلية وغيرها ، حيث كانت الحقبة غنية بالأمسيات والندوات، كما كنا نجد في قري الصعيد ما يسمي ب ا ظاهرة المنادرب التي كانت تستقبل الشعر والشعراء وتتفاعل الجموع مع الكلمة ، كل هذا اندثر تقريبا ولم يعد هناك ذلك الألق الذي كنا نراه في عيون محبّي الشعر والكلمة ، الصعيد يظل ثريا وكنز ثراء لا حدود له لأنه غني بموروث شعبي وإنساني وفطري ، الصعيد عالم بذاته ولو رجعنا الي كتب التاريخ حتما سندهش ونحن نقرأ عن الصعيد !! وعن لحظة الإبداع والقلق الذي يصاحب الشاعر عند الحالة الإبداعية؟ القلق هو الفعل المحرك دائما للشاعر أو المبدع عموما ، القلق ظاهرة صحية تجعلنا نفكر ، نتوقف ونتأمل كل شيء حولنا وبهذا ندخل إلي جوهر الفعل الخلاق ، ندخل ونلتحم مع عالم الكتابة وجنونها الثري !! علي الرغم من صدور دواوين " أغنية الولد الفوضوي " و" العتمة تنسحب رويدا " و" تأملات طائر " و " ناصية الانثي " و " صدفة بغمازتين " إلا أنه إذا ذكر اسم الشاعر محمود مغربي ذكر ديوان " الولد الفوضوي ". عن تصدر ديوان الولد الفوضوي قائمة إصداراته يقول: أغنية الولد الفوضوي هي جواز مروري الحقيقي لعالم الشعر الغني والداهش والسحري ، لقد صدرت المجموعة عن سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلي للثقافة عام 1998 ووجدت صدي طيبا جدا في الصحف والمجلات، فقد تمت مناقشتها في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب ضمن برنامج المقهي الثقافي ، ونوقشت في أبحاث مؤتمر أدباء مصر.. وكتب عنها كثيرون!! بهاء الدين حسن