أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    نقابة المهندسين بالإسكندرية تستعد لأكبر معرض للسلع المعمرة بمقر ناديها بالإسكندرية    المركزي يقبل أذون خزانة ب6.2 مليار جنيه وفائدة 26.001% لمدة 273 يوما    اتحاد المصريين بالسعودية: أغلبية المرحَّلين لعدم حملهم تصاريح الحج مصريون    تنبيه هام من «البترول» لسكان الوراق: «لا تنزعجوا من رائحة الغاز»    حرب غزة سوف تستمر سنوات.. «جانتس» يعلن الانسحاب من الحكومة الإسرائيلية    الأونروا: وصلنا لطريق مسدود في غزة.. والوضع غير مسبوق    بعد الهبوط من الدوري السعودي| موسيماني: لدي اتصالات من فريق شمال إفريقيا    مجموعة مصر| تعادل جيبوتي وإثيوبيا بتصفيات كأس العالم    مصطفى عسل يتوج بلقب بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    الأربعاء.. أولى جلسات محاكمة سفاح التجمع بمحكمة القاهرة الجديدة    عزة مصطفى عن أزمة عمرو دياب: عارف أنه هيتسجن    مهرجان جمعية الفيلم ينظم حفل تأبين ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    جانتس: نترك حكومة الطوارئ وننضم إلى المعركة لضمان أمن إسرائيل    نصائح مهمة تحمي طفلك من الموجة الحارة القادمة    البابا تواضروس الثاني يستهل زيارته الفيوم بصلاة الشكر في دير الأنبا أور (صور)    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    مباشر مجموعة مصر - جيبوتي (1)-(1) إثيبويا.. بداية الشوط الثاني    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    سيدات مصر لسلاح الشيش يتوجن بذهبية ببطولة أفريقيا للفرق    يورو 2024| سلوفينيا تعود بعد غياب 24 عاما.. انفوجراف    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    وزارات جديدة ودمج بعض الحقائب.. أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    إدخال 171 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    إصابة كيليان مبابى قبل ودية منتخب فرنسا الأخيرة استعدادا ل يورو 2024    قيادات "الاستعلامات" و"المتحدة" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" في المساء مع قصواء.. اليوم    تعرف على فضل يوم عرفة وأهميته    متى يبدأ التكبير في عيد الأضحى ومتى ينتهي؟    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    تنسيق مدارس السويس.. 225 درجة للثانوية العامة و230 للبنات ب"المتقدمة الصناعية"    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية حلوة بمركز مطاي    حجازي: جار تأليف مناهج المرحلة الإعدادية الجديدة.. وتطوير الثانوية العامة    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    المنظمات الأهلية الفلسطينية تدعو لتشكيل محكمة خاصة بجرائم الاحتلال    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    انتقدت أسيرة إسرائيلية.. فصل مذيعة بالقناة 12 الإسرائيلية عن العمل    تطبيق ضوابط خاصة بامتحانات جامعة مصر للمعلوماتية؟.. نائب رئيس الجامعة يوضح    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللحظة التي تسبق انطلاق البندقية

أطلق مارياس فان دير فيفر الرصاص علي أحد عمال مزرعته، فأرداه قتيلا.
كان الأمر حادثا، تحدث الكثير من الحوادث بالبنادق في كل أيام الأسبوع: الأطفال الذين يلعبون لعبة قاتلة بمسدس أبيهم في المدن التي تُعتبر الأسلحة النارية فيها من الأدوات المنزلية، وحوادث الصيد في الريف مثل هذا الحادث، لكن هذه الحوادث لن تُكتب عنها التحقيقات الصحفية في جميع أنحاء العالم، أما فان دير فيفر فيعرف أن حادثه سيبلغ صداه الجميع، فهو يعلم - هو الزعيم الإقليمي في حزبه والقائد المحلي لجنود الكوماندوز - أن قصة المزارع الأفريقي وفكرة إطلاق النار علي رجل أسود يعمل لديه تتناسب تماما مع نسختهم عن جنوب أفريقيا، هو حدث صُنع من أجلهم، وسوف يتمكنون من استخدامه في حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات التي يقومون بها، كما سيكون دليلا آخر علي حقيقة البلاد التي يرونها بأعينهم. وسوف تقتبس الصحف المحلية القصة كما ظهرت في الصحف الأجنبية، وفي أوقات الكر والفر سُيرسم هو والرجل الأسود بصورة فجة علي اللافتات المناهضة للفصل العنصري، كما سيغدوان عناصر في الإحصائيات التي تستخدمها الأمم المتحدة عن وحشية البيض ضد السود - هو سيلقبونه وهم مبتهجون ب العضو البارز في الحزب الحاكم.سيتفهم أعضاء المجتمع الزراعي شعوره. شعور سييء لقتله رجلا، دون مساعدة أعداء الحزب أو الحكومة أو الدولة أيضا؛ فهم يرون الحقيقة، وسيعرفون حين يقرأون صحف يوم الأحد أن الأمريكيين والإنجليز وأولئك المحليين الذين يريدون القضاء علي سلطة الرجل الأبيض لن يصدقوا فان دير فيفر حين يقول إنه أصيب ب صدمة رهيبة، وإنه سوف يرعي الزوجة والأطفال، كيف سيهزأون به عندما يقول إن المزارع الصبي (استناداً إلي إحدي الجرائد، هذا إذا كان يمكنك الوثوق بأي من هؤلاء الصحفيين)، كان صديقي. وكنت دائماً أخذه معي للصيد: سكان المدينة والأجانب لا يعرفون مدي صحة ذلك؛ فالمزارعون عادة ما يصحبون شخصا أسود مفضلا لديهم إلي الصيد: يمكن أن نسميهم نوعا من الأصدقاء، نعم، فالأصدقاء ليسوا فقط البيض من بني جلدتك المشابهين لك، والذين تُدخلهم منزلك، وتصلي بجوارهم في الكنيسة وتعمل معهم في لجنة الحزب. ولكن كيف لهؤلاء الآخرين معرفة ذلك؟ هم بالأساس لا يريدون أن يعرفوا. فهم يعتقدون أن جميع السود كأولئك المحرضين الصاخبين في المدينة.
يبدو وجه فان دير فيفر، في الصور الفوتوغرافية، فاغرا فاه من الكدر ذ وكل سكان المقاطعة يتذكرون فان دير فيفر حين كان صبيا صغيرا يجري بعيداً ويختفي إذا ابتسم أحدهم في وجهه، كما يعرفه الجميع الآن كرجل يخفي مشاعر وجهه خلف شارب كثيف ناعم فوق فمه، وينظر بعينيه إلي أي شيء في متناول يده، بينما يركز فيما يقوله، أو يستمع إليك. إن هذا لمثال لما يمكن أن تفعله الصدمة فحين تنظر إلي الصور في الصحف ستنتابك رغبة في الاعتذار؛ كما لو كأنك اقتحمت مكانا غير مصرح لك بالتواجد فيه.
سوف يكون هناك تحقيق. كان من الأفضل أن يُعتبر الأمر حادثا اعترف فان دير فيفر بكل حقائقه، وذلك بهدف عدم أخذ الحدث علي أنه عمل آخر من الأعمال الوحشية التي تُرتكب ضد العمال الزراعيين، علي الرغم من عدم وجود شك في أن الأمر سيؤخذ علي هذا المحمل. وقد أدلي فان دير فيفر ببيان لدي وصوله إلي قسم الشرطة وجسد الرجل الميت في شاحنته.
إن النقيب بيتجي يعرفه جيدا، وبطبيعة الحال قدم له مشروب البراندي. لقد كان هذا الرجل الكبير الهادئ الذكي ابن ويليم فان دير فيفر يهتز، ذلك الرجل الذي ورث أفضل مزارع أبيه. أما الرجل الأسود فكان جثة هامدة لا يمكن القيام بأي شيء لإنقاذه، والنقيب بيتجي لن يقول لأي شخص إن فان دير فيفر بكي بعد أن شرب البراندي، وكان ينشج، بينما يسيل المخاط علي يديه كطفل قذر. شعر النقيب بالخجل من أجله، فخرج لبرهة ليعطيه فرصة لاستعادة رباطة جأشه.
كان مارياس فان دير فيفر قد غادر منزله في الساعة الثالثة عصرا ليعدم وعلا من فصيلة بقر الكودو الوحشي حرص علي حمايته في منطقة الأجمات بمزرعته، فهو مهتم بالحياة البرية، ويري أن من الواجبات المقدسة للمولعين بها تربية حيوانات الصيد إلي جانب الماشية. وكما جرت العادة، فقد ذهب إلي سقيفة ورشته ليأخذ لوكاس عامل المزرعة البالغ من العمر عشرين عاماً، والذي أبدي استعدادا فيما يخص الميكانيكا وعلمه فان دير فيفر صيانة الجرارات والآلات الزراعية الأخري بنفسه. صاح به فاتبع لوكاس النظام المألوف، وقفز بداخل الجزء الخلفي للشاحنة. كان يحب الترحال واقفاً، مكتشفا الحيوانات الصالحة للصيد قبل رئيسه، مائلا إلي الأمام، قابضا علي كابينة السائق تحته.
كان فان دير فيفر يملك بندقية وذخيرة عيار .300 ملل بجانبه في كابينة السيارة، البندقية في الأصل كانت ملكا لوالده، لأن بندقيته كانت لدي صانع الأسلحة بالمدينة.
لم يكن أحد منذ وفاة والده (والذي سجله الشاويش التابع لبيتجي ك غاب عن الحياة يستخدم البندقية، وقد كان متأكدا من خلوها من الذخيرة عندما أخذها من الخزانة، فلم يكن والده يسمح ابدأ بوجود بندقية محشوة في المنزل. وقد تعلم هو نفسه منذ الطفولة ألا يركب مركبة ابدأ ومعه سلاح محشو، ولكن هذه البندقية كانت محشوة. خبط لوكاس بقبضته علي سقف كابينة السيارة ثلاث مرات بينما كانت تسير فوق المسار الترابي مشيرا إلي سيده: أنظر إلي اليسار؛ فقد رأي خاصرة وعل الكودو ذاي الخطوط المتموجة البيضاء وقرونه العظيمة وهو يحاول الاختباء خلف الأجمة، قاد فان دير فيفر سيارته بسرعة عبر حفرة مقعرة، فأطلقت الهزة النار من البندقية. كانت البندقية في وضع رأسي، تشير مباشرة إلي سطح كابينة الشاحنة تجاه رأس لوكاس.
هذا كان بيانا بما حدث. وكان علي فان دير فيفر، رغم مكانته في المنطقة، المرور عبر طقوس القَسَم بأن ما يقوله هو الحقيقة. وقد حُفظ هذا في السجلات، وسوف يظل في أرشيف قسم الشرطة المحلية طوال حياة فان دير فيفر، وإلي أبعد من ذلك أيضا، خلال حياة أولاده ماجنوس، وهيلانة، وكاريل- إلا إذا ازدادت الأمور سوءا في الريف، وانتشر، علي سبيل المثال، الغوغاء السود القاطنون في المدن في المناطق الريفية، وأحرقوا القسم مثل العديد من أقسام الشرطة في المناطق الحضرية؛ لأن الحكومة لا تستطيع فعل أي شيء لاسترضاء المشاغبين والبيض الذين يشجعونهم. لا شيء يرضيهم أبدا، وفي المدن: يمكن للسود الآن الجلوس والشرب في فنادق البيض، وقد ألغي قانون الفجور، ويستطيع السود مضاجعة البيض حيث لم يعد يعتبر ذلك جريمة.
يحيط منزل فان دير فيفر الريفي سياج أمن شائك عالي وحديقة تظنها زوجته إليدا تفسد تماما تأثير شلالها الاصطناعي المحاط بأشجار السرخس المستقر تحت شجر الجاكراندا، وهناك هوائي مرتفع كسارية العلم في الفناء الخلفي. كما أن كل سياراته، بما في ذلك الشاحنة التي قُتل فيها الرجل الأسود، مزودة بهوائيات تتأرجح كالسياط عندما يمر السائق فوق حفرة مقعرة، فهي جزء من النظام الأمني الذي يحرص عليه المزارعون في المقاطعة، والمزارع علي اتصال ببعضها البعض عن طريق اللاسلكي، لمدة أربع وعشرين ساعة في الأربع والعشرين. وقد دخل متسللون من قبل عبر الحدود وزرعوا ألغاما في الطرق الزراعية النائية، مما أسفر عن مقتل مزارعين بيض وأسرهم خرجوا من أراضيهم للتنزه في أيام الآحاد.
كان يمكن للحفرة المقعرة أن تفجر لغما أرضيا، وكان يمكن لفان دير فيفر أن يموت هو وصبي مزرعته.
وحين يستخدم الجيران نظام الاتصالات للتواصل سيعبرون عن أسفهم لهذا الأمر الذي ألم بأحد مرؤوسي فان دير فيفر، ويمكن استنتاج أنهم يرون دون الحاجة للقول: إن الأمور كان يمكن أن تكون أسوأ.
يبدو واضحا من جودة وتجهيزات النعش أن المزارع قد وفر المال الكافي للجنازة، فالجنازة الفخمة تعني الكثير للسود؛ انظر كيف سيحرمون أنفسهم من القليل الذي لديهم في الحياة، للاحتفاظ بالمال الكافي لخدمات الدفن بدلا من حمل الميت في تابوت من خشب البقس ودفنه في قبر مجهول. الزوجة الشابة حبلي (بالطبع) وهناك طفل آخر، يرتدي حذاء أحمر أكبر بكثير من مقاسه، يميل تحت بطنها البارز. إنه أصغر من أن يفهم ما يحدث، ما يشهده في ذلك اليوم، لكنه
لا ينتحب أو يلعب بل يبدو رزينا دون سبب واضح. إن السود يعرضون صغارهم لكل شيء، ولا يحمونهم من رؤية الخوف والألم كما يفعل البيض مع أطفالهم.
لكن الزوجة الشابة كانت تحرك رأسها وتبكي مثل الأطفال علي صدر هذا القريب أو ذاك. كل الحاضرين يعملون لدي فان دير فيفر أو هم أسر أولئك الذين يعملون لديه. ويعمل لديه النساء والأطفال أيضا -وهم محمولون وملفوفون في بطانياتهم ويغنون علي ظهر الشاحنات- في الحقول عند شروق الشمس.
أم القتيل امرأة لا تتعدي أواخر الثلاثينيات (فهم يبدأون إنجاب الأطفال عند سن البلوغ)، لكنها تبدو ناضجة بشكل كبير، تلبس فستانا أسود ويحيط بها والدايها، الذين كانوا يعملون بالفعل لدي فان دير فيفر الأب عندما كان مارياس وابنتهما أطفالا. يحيطها والداها كما لو كانت سجينة أو امرأة مجنونة تحتاج إلي التقييد، لكنها لا تقول أو تفعل شيئا. وهي لا تنظر إلي الأعلي أو إلي فان دير فيفر، الذي انطلقت بندقيته في الشاحنة، ولكنها تحدق في القبر. لا شيء سيجعلها تنظر إلي الأعلي، وليس هناك حاجة للخوف من ذلك.
إن زوجته إليدا تقف بجانبه وهي ترتدي قبعتها ذات اللونين الكحلي والقشدي، تلك القبعة التي تلبسها هذا الصيف إلي الكنيسة، بهدف إظهار الاحترام الواجب كما في جنازات البيض، وهي دائماً ما تدعمه، رغم أنه لا يبدو أنه يلاحظ ذلك. إن بروده وتحفظه - والدته تقول إنه لم يختلط بالناس جيدا كطفل ذ تستطيع تقبلهما في معاملتها لكنها تأسف لأنهما منعتاه من التقدم، كما ينبغي له، كمرشح برلماني للحزب بالمقاطعة. إنه لا يسمح أن تلامس ملابسه ملابسها أو ملابس أي شخص آخر قريب منه، وهو، أيضا، يحدق في القبر. يحدق هو ووالدة القتيل في القبر في تواصل يشابه ذلك الذي كان بين الرجل الأسود خارج كابينة الشاحنة والرجل الأبيض داخلها قبل انطلاق البندقية.
كانت اللحظة السابقة لانطلاق البندقية من لحظات الإثارة العالية المشتركة من خلال سقف كابينة السائق، التي مرت عبرها الرصاصة، بين الرجل الأسود الشاب خارجها والمزارع الأبيض داخلها. بعض اللحظات بينهما لا يمكن تفسيرها، علي الرغم من أن المزارع كثيرا ما كان يمر بالشاب داخل المزرعة دون الرد علي تحيته، كما لو أنه لم يكن يعرفه. كان ما رأه فان دير فيفر، عندما انطلقت الرصاصة، تعثر وعل الكودو وهو في حالة ذعر ثم عدوه بعيداً. ثم سمع صوتا مكتوما وراءه، ورأي عبر النافذة الشاب يقع خارج الشاحنة. كان متأكدا من أنه قد قفز لأعلي ثم انقلب في حالة ذعر، مثل الوعل. وكان المزارع تقريبا يضحك في ارتياح، ويستعد للممازحة، فحين فتح باب الشاحنة لم يكن يبدو ممكنا له أن الرصاصة التي مرت عبر السقف تستطيع التسبب في أي ضرر.
لم يضحك الشاب معه علي فزعه. حمله المزارع بين ذراعيه إلي الشاحنة، وكان متأكدا بشدة أنه لا يمكن أن يكون ميتا. لكن دماء الشاب الأسود كانت تغطي ملابس المزارع، مبللة جسده بينما كان يقود الشاحنة.
كيف سيعرفون عندما يضعون قصاصات الصحف، والأدلة، والإثباتات في ملفات، وحين ينظرون إلي الصور الفوتوغرافية ويرون وجهه! هل هو مذنب! هل هم علي حق! كيف سيعرفون حين تحترق أقسام الشرطة وجميع أدلة ما حدث الآن، وما اعتبره القانون جريمة من الجرائم في الماضي. كيف سيعرفون أنهم في الحقيقة لا يعرفون شيئا علي الإطلاق. إن الشاب الأسود الذي قُتل بقسوة بسبب إهمال الرجل الأبيض لم يكن مرؤوس المزارع؛ بل كان ابنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.