تخرجت من الجامعة و لم توفق في زاوجها و كذلك لم ترزق بأولاد ... و أيضا العمل لم يستهويها ففضلت أن تلزم المنزل و مرت الأيام و معها العمر و رحلت الأم و بعدها بعدة أشهر لحق بها ايضا الأب و كذلك سافر اخوها الوحيد مع أسرته للعمل بالخارج و لم يتبقي يؤنس وحدتها سوي كلبها الصغير أصبح عمره خمس سنوات حينما تعود للمنزل يستقبلها استقبال الأبطال و يشاركها كل أنشطة حياتها لدرجة أنها كانت تصطحبه معها كلما استطاعت خارج المنزل و توطدت العلاقة بينهما بشكل كبير و العلاقة بين الإنسان و الكلب من أعظم أنواع العلاقات فالكلاب لا تعرف سوي الحب و الوفاء لصاحبها وتجد داخل عيونهم براءة الحب الحقيقية التي يعجز البشر أنفسهم علي أن يصطنعوها، وإنها طيبة القلب ففكرت أن تزوجه ولها واحدة من صديقتها لديها نفس النوع و لكن انثي تسكن في مصر الجديدة فأخذت العريس في سيارتها و اوصلته للعروسة و تركته لدي صديقتها بعد أن اوصتها عليه و عادت لمنزلها ! وجدت الصديقة أن العريس و عروسته بحاجة للمساعدة من أجل أن يتم الزواج و التكاثر الهدف الرئيسي للإنسان و الحيوان علي الأرض فاخذتهما للطبيب البيطري و بمجرد أن دخل الكلب الدكر إلي العيادة بالطابق الأرضي تذكر ألم الحقن فأنطلق يجري كالريح من العيادة التي تقع في الدور الأرضي وكان القدر قد ترك الباب الخارجي المطل علي الحديقة مفتوح و اختفي في شوارع مصر الجديدة الجانبية و عبثاً حاول الطبيب و صديقتها البحث عنه و لكن كأن ارض شقت و أبتلعته ، و هي تبكي و لا تدري ماذا سوف تقول لصديقة عمرها ، استعانت بالله و اتصلت بها وجاء صوتها علي الطرف الآخر ضاحكة هو أخباره ايه؟ وحشني الكلب ! فحكت لها المأساة المروعة ... وهنا شعرت صديقتنا انها غير قادرة علي أن تأخذ النفس التالي إلي صدرها و صوت طنين عالي يصم أذانها و لم تعد تسمع باقي الحديث ! أرتمت علي الكرسي تحاول أن تقنع نفسها أن هذا كابوس و مؤكد أنها سوف تستيقظ من النوم ! و بعد أن استعادت السيطرة علي نفسها قادت سيارتها من المهندسين إلي مصر الجديدة لتبحث عن كلبها و هي لم تقودها في هذا اليوم فقط بل قادتها كل يوم لمدة أربعة عشر يوما كاملة تبحث في كل شارع و تسأل كل بواب و تسأل كل جراج و محطة وقود في دائرة قطرها عدة كيلو مترات و مركزها العيادة المشؤومة و لم تجده حتي أنها وضعت إعلان في أحد الجرائد و خصصت مكافأة مالية لمن يجده، و لكن لا حياة لمن تنادي و كأن القدر قد كتب عليها فراق كل من احببتهم ... و لم تفقد الأمل أبدا و تفكر به في كل لحظة و تحلم به إلي أن جاء اليوم الذي فتحت باب شقتها لتجده نائم علي عتبة الباب و قد تحول لونه من الأبيض إلي الرمادي و لا استطيع ان اجد الكلمات التي أصف بها عودة الغائب التي أصف بها اللقاء ، و لكن هذة هي الحياة حينما تصل بك إلي أحلك درجات الظلام ابتسم لأنك أصبحت أقرب ما تكون لضوء الفجر ..