سلطان عمان يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى السادس من أكتوبر    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    ننشر عناوين مقرات توقيع الكشف الطبي على المرشحين لمجلس النواب في الإسكندرية (تعرف عليها)    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    اتحاد الشركات المصرية يسعى لإزالة العقبات التنظيمية والإجرائية أمام انتشار التأمين    اجتماع لمتابعة إرتفاع منسوب مياه النيل بالأقصر وإخطار واضعي اليد على جزر طرح النهر    عيار 21 بالمصنعية الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025 في الصاغة بعد آخر ارتفاع    مباحثات مصرية - سعودية لتعزيز التعاون في مجالات أسواق المال    البورصة المصرية تربح 23.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    وزير الخارجية الأمريكي: حماس وافقت من حيث المبدأ على ما سيحدث بعد الحرب    هل نحن أمة تستحق البقاء؟! (2)    زنزانة "موبوءة بالحشرات".. كيف تعاملت إسرائيل مع الناشطة جريتا ثونبرج بعد احتجازها؟    حماس: توسع الاستيطان الإسرائيلي بالضفة فصل عنصري لتهجير الفلسطينيين    بسبب "اللعب النظيف"، حدث استثنائي ينتظر منتخب مصر في مونديال الشباب    تعرضنا للظلم.. رضا شحاتة يهاجم حكم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    منتخب السعودية في اختبار صعب، هل ينجح الأخضر في تجاوز أزمة غياب اللاعبين المحليين؟    مبابي ينضم إلى معسكر منتخب فرنسا رغم الإصابة مع ريال مدريد    أشرف بن شرقي يتواجد في قائمة منتخب المغرب المحليين    الدوري الإنجليزي.. تعرف على تشكيل فريق أستون فيلا وبيرنلي    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    فران يشعل النار في عمه بالمنوفية    ضبط تشكيل عصابي يضم أجانب بالمنوفية لتصنيع وتهريب مخدر الآيس    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    رسميا.. انطلاق إذاعة «دراما إف إم» غداً    مهرجان الإسكندرية السينمائي ينظم ندوة تكريمية للمخرج هاني لاشين    في ذكرى نصر أكتوبر.. افتتاح الدورة الأولى لمعرض الزمالك للكتاب غدا    عمرو سعد في ألمانيا استعدادا لفيلم جديد    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    طب أسيوط تجري المقابلات الشخصية للمتقدمين لدبلومة تقنيات الإخصاب المساعد    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    «حزن وإحباط وتغير في الشهية».. نصائح مهمة لتجنب اكتئاب فصل الخريف    القاهرة تعوّل على اجتماع الإثنين لتنفيذ خطة ترامب وإنهاء الحرب في غزة    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    هل قصّ الأظافر ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    اللجنة المصرية بغزة: المخيم التاسع لإيواء النازحين يعد الأكبر على مستوى القطاع    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    فاتن حمامة تهتم بالصورة وسعاد حسني بالتعبير.. سامح سليم يكشف سر النجمات أمام الكاميرا    ماجد الكدواني يحتفل بعرض «فيها إيه يعني» في السعودية    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    جولة ميدانية لمحافظ أسوان لمتابعة جودة اللحوم.. وننشر أسعار اللحوم اليوم الأحد    تركت رسالة وانتحرت.. التصريح بدفن عروس أنهت حياتها بالفيوم    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    الداخلية: ضبط آلاف القضايا في حملات أمنية مكبرة خلال 24 ساعة    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    «تعليم القاهرة» تهنئ المعلمين في اليوم العالمى للمعلم    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    اليوم.. محاكمة 5 متهمين في قضية «خلية النزهة الإرهابية» أمام جنايات أمن الدولة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن التردد الذي يؤخر وصول المعرفة
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 11 - 2013


الكتاب: "داروين متردداً"
"داروين متردداً" هو عنوان الكتاب الذي صدرت ترجمته العربية عن "كلمات" من تأليف ديفيد كوامن الصحفي المتخصص في الشئون العلمية. وترجمة د.مصطفي إبراهيم فهمي.
الكتاب ليس مجرد سيرة ذاتية لتشارلز داروين بل هو رحلة داخل فكرة التطور البيولوجي و"الانتخاب الطبيعي" يعتمد بشكل أساسي علي خطابات ودفاتر داروين، فمن خلال سيرته يقدم "كوامن" سيرة الحياة الطبيعية والطريق الوعر الذي عبرت به نظرية "الانتخاب الطبيعي" وسط مناخ سياسي عاصف ومتقلب في أوروبا القرن التاسع عشر.
يبدأ "كوامن" كتابه من اللحظة الحاضرة لا الماضي، حيث يقدم قراءة سريعة لآثار أفكار داروين ونظرية الانتخاب الطبيعي وأصل الأنواع، حيث يعتبر كوامن أن داروين "واصل ثورة كوبرنيكوس ضد فكرة مركزية الإنسان كمحور للكون، وفي هذا الفصل يعرض "كوامن" لبعض الآراء التوافقية التي حاولت التوفيق بين الأفكار التطورية والعقائد الدينية، وهي المحاولات التي يراها لم تنتج إلا تشويها للمعتقدات الدينية وللأفكار التطورية التي تقبع في قلبها نزعة مادية عسيرة مروعة، علي حد وصفه.
البداية كانت عام 1837 حينما عاد داروين إلي لندن بعد خمس سنوات قضاها في البحر علي متن السفينة الاستكشافية "بيجل"، وهي الرحلة التي شهدت تحوله من دارس لعلم اللاهوت في كامبريدج إلي طالب جاد لعلم الجيولوجيا والتاريخ الطبيعي، كانت مهمة داروين إجراء بحث وتصنيف للكائنات الحية التي تعيش علي جزر المحيط الأطلسي، وفي تلك الرحلة البحثية تفتح وعيه علي عدد من الأسئلة نتيجة ما شاهده من ملاحظاته ربما كان أهمها تلك المتعلقة بطيور الحسون التي سجلها في ملاحظته بعد عودته قائلاً: "أليس غريباً أن تعيش هذه الصنوف المختلفة من الطيور المتمايزة لكن علي صلة قرابة واحدة" كان قد جمع عينات لعدد من الطيور المختلفة من جزر متقاربة وحينما عاد بالعينات اكتشف انها كلها تعود إلي نوع واحد لكنها مرت بتغيرات نوعية. كانت هذه الفكرة البسيطة هي كرة الثلج التي تدحرجت حتي أصبحت تصدعا جبليا ضخما. في ذلك الوقت كان التصور أن الله خلق الحياة والكائنات الحية كما هي الآن، وأي تغيير أو تعديل في بنيتها يعتبر تجديفا وتعديا علي خلق الله.
في الوقت ذاته كانت أوروبا ومعها انجلترا تمر بتغيرات سياسية واجتماعية جذرية كنتيجة للثورة الصناعية، والأفكار الاشتراكية والمادية يتصاعد خطابها ضد السلطة الدينية والبرجوزاية الرأسمالية. لكن داروين لم يكن اشتراكياً أو لديه طموح سياسي، إلي جانب ضعف بنيته وحالته الصحية حيث عاني من نوبات من القيء واضطرابات الجهاز الهضمي جعلته بعد زواجه يهجر حياة البرجوازية في لندن وينتقل للعيش في قرية صغيرة وسط مزرعته، باختصار هو مثال للإنسان المحب للاستقرار والبعد عن الثورات والاضطرابات ومن خلال الملاحظة وتجاربه علي الحيوانات وآلاف المراسلات مع باحثين من مختلف أنحاء العالم، عمل داروين بصبر واجتهاد علي إيجاد إجابات لأسباب تغير الكائنات الحية من ذات النوع الواحد والقوانين التي تحكم بقاءها واستمرارا.
وعلي مدي أكثر من عشر سنوات سجل داروين في دفاتر ملاحظاته كل أفكاره حول أصل الأنواع والانتخاب الطبيعي. كان يدرك قدراً من الأثر الذي ستحدثه أفكاره ويدرك معارضتها للقيم والبني الاجتماعية والفكرية القائمة، لذا في عام 1844 كتب المسودة الأولي لنظريته من 189 صفحة وارسل منها نسختين لاثنين من اصدقائه ثم وضعها في ظرف ضمن وصيته داعياً زوجته إلي نشرها بعد وفاته. لم يكن داروين البرجوزاي خريج كامبريدج التي كانت جامعة دينية حتي ذلك الوقت ليتحمل فتح أبواب الجحيم تلك علي نفسه، بطرحه نظريته.
استكمل داروين أبحاثه حول التصنيف الطبيعي حيث عمل طوال سنوات علي إعداد تصنيف للبرنقلات وهي كائنات من فصيلة القشريات تعيش في المياه الضحلة وتلتصق بالصخور، لكن منذ بداية الخمسينات نشأت صداقة وتواصل عبر البريد بينه وبين المستكشف الانجليزي الذي كان يعمل في مجال جمع العينات البيولوجيا ألفريد والاس والذي كان مقيماً في شرق آسيا، أرسل والاس في خطاباته لداروين عددا من الأفكار والملاحظات حول التطور الطبيعي للكائنات الحية وما إذا كان هناك جد مشترك للكائنات الحية كلها، وحينما أحس داروين بالخطر وبأن هناك من قد يسبقه بنشر نظريته، نشر هو ووالاس مقالا مشتركاً اتبعه داروين بالعمل علي مسودة كتابه الذي سيحمل بعد ذلك عنوان "أصل الأنواع" حيث انهي المسودة الأولي منه عام 1859.
بمعني أن هناك 14 عاماً تردد خلالها داروين في نشر نظريته، وذلك بسبب تخوفه من ردود فعل المؤسسة الدينية والاجتماعية والآثار السياسية، والمدهش أنه رغم الهجوم الشديد الذي تعرض له داروين إلا أن أكثر ما خاف منه وهو خسارته لزوجته المؤمنة الرافضة لكل أفكاره التجديفية.
حاول الكثير من العلماء التطوريين التوليف بين النظرية وأفكار الخلق في الديانات المختلفة، لكن كوامن يوضح أن كل هذه المحاولات غير مجدية فكما يقول: " ليست قضية التطور مقابل قضية الرب، فليس وجود الرب مجسدا أو باطنيا أو بعيدا هو ما تتحداه نظرية التطور، بل تتحدي الصفة الإلهية المفترض وجودها في الإنسان، الإيمان بأننا "نحن" خلافاً لكل أشكال الحياة الآخري نسمو روحانياً ونحظي بمحبة ربانية ونجوز جوهراً غير مادي مخلد، وهو ما يمكننا أن يكون لنا توقعات خاصة بالأبدية، ووضع خاص في توقعات الرب، وحقوق ومسئوليات خاصة اتجاه الكوكب، وهذه هي نقطة صدام داروين مع المسيحية واليهودية والإسلام". وهو الخلاف الذي علي حد قول كوامن، لا يمكن انهاؤه علي طريقة المصالح والتفاسير التوافقية بين النظرية والتفسيرات الدينية.
لكن بعيداً عن الانتقادات الدينية فقد اتضح مع الوقت وبعد أكثر من مائة عام علي وفاة داروين أن المادة الخام والعنصر الأساسي لنظريته صحيح لكنه وقع في الكثير من الأخطاء التي جري تصحيحها علي يد علماء التطور البيولوجي من أبناء داروين. من أشهر أخطاء نظرية داروين كان اعتقاده أن الصفات المكتسبة تورث، ولهذا فابن الحداد يرث عضلات أبيه القوية. إلا أن حتي هذه الانتقادات والتي ساهم اكتشاف قوانين منديل في فهمها وتجاوزها، لم تؤثر علي النظرية التي أثبتت ومازالت تثبت صحتها، والتي غيرت بشكل نهائي لا رجعة فيه الطريقة التي ننظر بها كبشر لأنفسنا ولتاريخنا علي هذا الكوكب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.