تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. توقعات كليات ومعاهد من 65% وحتى 50% بالنسبة المئوية    سلامة الغذاء: حملات رقابية ميدانية استهدفت 333 منشأة غذائية الأسبوع الماضي    منها المولد النبوي 2025 في مصر.. الإجازات الرسمية لأغسطس وسبتمبر    أسعار اللحوم اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    مصر تستورد ذهبًا ب71 مليون دولار في شهر واحد.. ما القصة؟    كامل الوزير يوجه بدراسة إقامة رصيف شحن على خط سكة حديد العاشر - بلبيس    10 أغسطس 2025.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة.. وإيجي إكس 30 يصل ل36 ألف نقطة لأول مرة    10 أغسطس 2025.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    الأونروا: استمرار القصف الإسرائيلي يقتل المدنيين ويفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    خبير دولي: إعادة احتلال إسرائيل لغزة انتهاك صارخ للقانون الدولي    الرئيس الإيراني: الجرائم الإسرائيلية في غزة تخالف المواثيق والقوانين الدولية    تحليل «فاهم كورة».. كيف أضعف ريبيرو منظومة الأهلي الدفاعية التي بناها كولر؟    اليوم.. مواجهة حاسمة لشابات الطائرة أمام كينيا في نصف نهائي بطولة أفريقيا    النصر السعودي يضم مدافع برشلونة    استشهاد سليمان العبيد.. ألبانيز تدعو يويفا لطرد إسرائيل من مسابقاته: رياضة بلا إبادة جماعية    لتصل ل40 درجة مئوية.. ارتفاع شديد في درجات الحرارة بكفرالشيخ    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية بالمطرية    «الداخلية»: ضبط 5 قضايا مخدرات وتنفيذ 651 حكمًا في حملات أمنية بدمياط وأسوان    8 مصابين في انقلاب ميكروباص بطريق الكورنيش بالإسكندرية    «مايعرفوش حاجة اسمها مستحيل».. 4 أبراج لا تستسلم للصعاب    من السبت المقبل.. بدء التشغيل التجريبي للمتحف الزراعي مجانًا للجمهور    إسعاد يونس تستضيف مجموعة من أصحاب قصص الحب في برنامج صاحبة السعادة غدا    «الزراعة» تعلن حصول «وقاية النباتات» على تجديد واعتماد دولي جديد ل 12 اختبارًا    وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    لزيادة الإنتاج .. تكتلات اقتصادية جديدة لتعظيم إنتاج العسل وتربية الحمام وتعزيز الصادرات الزراعية بأسيوط    الحكم بسجن رئيس وزراء تشاد السابق 20 عاما    الدقهلية: ضبط 12 طن أجزاء دجاج وجمبري غير مطابقة للمواصفات في طلخا    موعد مباراة الأهلي وفاركو في الدوري الممتاز    مواعيد مباريات اليوم الأحد 10-8-2025 والقنوات الناقلة لها    ليفربول بقيادة محمد صلاح يتحدى كريستال بالاس بكأس الدرع الخيرية    بتكلفة 227 مليون جنيه.. صيانة 197 مدرسة قبل بدء العام الدراسي الجديد وتسليم 86 مدرسة صيانة عاجلة    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    روكي الغلابة يتصدر شباك التذاكر ليلة أمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    «الداخلية» تقرر السماح ل21 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    إنقاذ مهاجرين في فرنسا اختبأوا داخل شاحنة مبردة متجهة إلى بريطانيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    بدء الاستعدادات الأخيرة لبروفات مسرحية "حب من طرف حامد" بطولة ميدو عادل (صور)    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة هناك تعاملت مع الثورة المصرية بمعايير كلاسيكية لا تناسب الحدث الإبداعي
إسبانيا لا تنسي تجربة فرانكو
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 07 - 2013

بعض النقاد الكلاسيكيين لا يمكنهم التعامل مع نصوص أدبية تنتمي لما بعد الحداثة، ذلك أنهم اعتادوا أن يعالجوا نصوصاً لها صفات محددة حتي صاروا مجرد نقاد حقيبة يسنون أدواتهم الجاهزة لينتجوا قراءة متشابهة لأعمال ربما تتشابه في الإطار العام فقط. الكتابة الحديثة، التي ربما تنتمي لتيار تخطي ما بعد الحداثة نفسها، ليست بالنسبة له إلا هذا العمل الرديء الذي لا تكتمل فيه عناصر العمل الكلاسيكي الذي اعتاده، أو أنه يحاول مقاربته بالعمل الكلاسيكي ليستريح ضميره، فيكتب عن المشترك بينهما، رغم أن المخالف يفوق المشترك بكثير.
ما يجري علي الأدب يسير علي السياسة، وما يناسب الناقد الأدبي يتفق مع المحلل السياسي، ربما بهذه الطريقة يمكننا أن ندرك لماذا انحازت الصحف الإسبانية خاصةً لوصف ما جري في 30 يونيو بأنها مجرد »انقلاب عسكري« بذريعة أن الجيش تدخل فيها أو كانت له اليد العليا طبقاً لوصف إحداها.
الجرائد الإسبانية، وأهمها جريدة »الباييس« اليسارية، لم تتوقف منذ بداية 30 يونيو عن الانحياز التام للرئيس المعزول، ووصفه بالرئيس الديمقراطي الذي جاء عبر صناديق الانتخابات، كما وصفوا مؤيديه بالمدافعين عن الديمقراطية، دون أن يشيروا ولو مرة واحدة أن جماعة الإخوان المسلمين تكونت بالأساس بشكل غير شرعي، حيث إنها دخلت العملية الانتخابية في الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة 25 يناير بعد صفقة مع المجلس العسكري، والتي تم بموجبها السماح بتكوين حزب سياسي علي أساس ديني، في انتهاك واضح لكل قوانين العالم التي ترفض قيام حزب سياسي علي أسس دينية أو عرقية، لما يسببه ذلك من طائفية وعنصرية. إضافةً لذلك، تجاهلت الصحافة الإسبانية والمحللون المتخصصون في الشأن العربي مسألة مصادر أموال جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، ولم تلمّح من قريب أو بعيد إلي أن جماعة الإخوان كانت الأصل الذي انشق عنه الجماعات الإرهابية التي قتلت السائحين والأقباط خلال عقد التسعينيات والعقد الأول من هذه الألفية، كما لم تشِر، ربما لعدم معرفتها، إلي أن الرئيس الذي وصفوه بالمنتخب أطلق، في بدايات حكمه، سراح الإرهابيين المتورطين في قتل رجال الجيش في سيناء وقتل أحد أهم المفكرين الإسلاميين فرج فودة الذي كان يناهض الدولة الدينية في كتاباته، وكانت هذه الخطوة أولي إيماءات الريبة اتجاه رئيس أراد منذ بداية وصوله لسدة الحكم تكوين ميليشياته الخاصة التي ستحميه يوم يخرج عليه معارضوه لمطالبته بالتنحي، وهو ما حدث بالفعل يوم 30 يونيو، والتي أعقبها مباشرة ضرب خطوط الغاز في سيناء والاعتداءات المتكررة علي الشرطة والجيش وسقوط ضحايا علي يد الجماعات الإرهابية، التي أكد القيادي الإخواني محمد البلتاجي أنها ستتوقف إن عاد مرسي إلي السلطة.
أما جريدة »الموندو« اليمينية، فوقفت مرتبكة أمام الحدث الكبير، لكنها انحازت في النهاية لمصطلح »انقلاب عسكري«. الغريب أن نفس الجرائد التي غطت أحداث حصار المحكمة الدستورية من قبل جماعة »حازمون« أيام الرئيس المعزول، لم تتكبد عناء تذكير قرائها بأن مرسي لم يتخذ أي إجراء لإنهاء الأزمة، في إيماءة واضحة لموافقته علي الاعتداء علي القضاة، وهي الإيماءة التي أعقبتها إيماءات أخري لعل أهمها مشروع قانون السلطة القضائية الذي كان يهدف للتخلص من قضاة المحكمة الدستورية من أجل أخونة القضاء، وكلها أسباب كافية لإسقاط شرعية رئيس أقسم أمام رئيس المحكمة الدستورية العليا علي احترام الدستور والحفاظ علي الأمن، وهو ما لم يتحقق طوال عام حكم فيه دولة خارجة لتوها من ثورة عظيمة نادت بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
لم يستوعب المحللون السياسيون والمتخصصون في الشأن العربي بالجرائد الإسبانية الأسباب التي أدت لسقوط مرسي، فأستاذة الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أوتونوما دي مدريد لوث جوميث قدمت قراءة تحليلية للثورة المصرية بجريدة الباييس تحت عنوان »الجيش ليس هو الحلس قالت فيه«إن رد فعل الشعب المصري كان مبالغاً فيه، فمرسي في النهاية لم يكن طاغية مثل مبارك، كما أنه أول رئيس مدني منتخب وهو مكسب لمصر، وأن المعارضة المصرية لم تعترف بالشرعية الديمقراطية الإسلامية ولم تبد استعداداً لاحترام الفترة السياسية التي حددها الدستورس. وسواء لم يستوعب المحللون الحالة المصرية لتقصير من جانبهم أو لتعقيد الحياة السياسية في مصر في السنوات الأخيرة، فالنتيجة واحدة: اعتقادهم أن المصريين اختاروا رئيساً بالصندوق وعليهم أن يتركوه ليتم فترة حكمه، وهم بذلك يتعاملون مع ثورة 30 يونيو بحقيبة الناقد الكلاسيكي الذي لم يعد بمقدرته إدراك أن العالم يتغير، وأن الشعب المصري ليس إلا رأس السهم الذي ثقب الهدف وأن وراءه ستعبر شعوب أخري، ليكتب بذلك تاريخاً جديداً، ما بعد حداثي لو صح التعبير، ما يحتاج بالضرورة محللين جدد يدركون أنها ثورة قام بها شعب سانده الجيش بعد أن تأكد أن الغلبة للشعب وليس لرأس السلطة التنفيذية. وفي حالة جوميث، فلابد انها غير ملمة بالمشاكل التي واجهها الشعب خلال عام كان فيه مرسي علي رأس السلطة التنفيذية دون أن يحقق اي تقدم يذكر، بل إنه اخترق بنفسه كل ما يمت بصلة للديمقراطية، سواء باعتقال معارضين أو بإعلانات دستورية تجعل منه إلهاً محصناً.
وبقراءة متأملة للتقارير الإخبارية التي غطت ولا تزال تغطي الأحداث المصرية، والمقالات التحليلية التي وصفت الحدث المصري بأنه »انقلاب عسكري« يأتي سؤال جوهري حول المرجعية التي استندت عليها هذه الآراء، وأعتقد أن الإسبان قارنوا الثورة المصرية بالانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال فرانكو في ثلاثينيات القرن الماضي ضد الجمهورية الثانية التي جاءت بانتخابات حرة وباختيار الشعب، وكانت حكومة يسارية واجهت الكثير من الاحتجاجات من ملاك الاراضي كما عانت من الحرائق وتدمير المنشآت، فاستخدمت، لإخماد هذه الاحتجاجات، اليد العسكرية القوية التي كانت الجنرال فرانكو، ثم ما لبث الجنرال أن قام ضدها بانقلاب ليستولي علي الحكم حتي وفاته عام 1975 المؤرخون الذين سجلوا الواقعة في كتبهم أكدوا أن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي لا يبرر بأي حال من الأحوال الانقلاب العسكري، وبالإضافة لطمع فرانكو في السلطة، كان هناك سبب آخر: الخوف من الثورة البلشفية وانتشار الشيوعية في المجتمع الإسباني، وبدا ذلك واضحاً في مساندة البابا للديكتاتور، واستخدام فرانكو لخطاب »الشذوذ الجنسي« مبرراً مقتل الشاعر الإسباني الشهير جارثيا لوركا، الذي كان يؤيد الحكومة اليسارية المنتخبة وينتقد بشدة الانقلاب العسكري، وكان مؤثراً في الرأي العام العالمي.
المحللون الإسبان، إذن، يقرءون ثورة 30 يونيو ضد الرئيس المنتخب في سياق تاريخهم هم، وليس في سياق التاريخ المصري، والانقلاب بالنسبة لهم يعني تدخل الجيش، دون الانتباه أن الجيش تدخل نزولاً علي الإرادة الشعبية وبعد أن ملأ الشوارع ما يقرب من 33 مليون ثائر في وجه الرئيس الإخواني، الذي رفض كل طرق التواصل مع المعارضة أو إحداث أي إصلاحات من شأنها تهدئة الجماهير الثائرة.
علي أية حالة، الثورة المصرية تحمل شيئاً من الإبداع الحديث، ما يجعل العالم يستغرق وقتاً لفهمه، ولن يستطيع أن يحقق ذلك مبكراً إلا من يتخلي عن أدواته الجاهزة وقراءته الكلاسيكية للأحداث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.