إن أقدم بحث عرف عن الحق والباطل في تاريخ الإنسان عثر عليه في ثنايا مسرحية مصرية في منتصف الالف الرابع قبل الميلاد .. المسرحية اسمها (منفية ) .. تشيد بعظمة مدينة منف وسيادتها .. ويدل شكل المسرحية بداهة علي انها بحث في اصول العالم مابين ديني وفلسفي .. وهي من تأليف جماعي لمجموعة من الكهنة في المعابد المصرية ..غير أن موضوعها لم يتناول ماكانت عليه حياة الشعب المصري بأسره في ذلك الحين ولكنك تري ان الشعور الاخلاقي فقد تدريجيا من طبقة الاشراف ورجال البلاط الملكي وطائفة كهنة المعابد إلي اشراف رجال الاقاليم إلي عامة افراد الشعب ثانيا ..وهذا النظام الاخلاقي كان يطلق عليه (ماعت) ويراد بها في اللغة المصرية القديمة الحق أو العدل أو الصدق .. وقد مكث هذا النظام راسخا الف سنة من القرن الخامس والثلاثين الي القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد .. وهذا النظام المصري القديم قد اثر في العقل البشري .. فلما سقط هذا النظام الاخلاقي بعد الف عام حلت بالبشرية كارثة ..غيرت نظر بني البشر الي الحياة وحل الضعف السياسي ..ففي القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد كتب احد ملوك اهناس لابنه ( ولما اصبحت الاخلاق مبوذة اثر سقوط نظام ماعت حتي صارت لاتدرك الابشعور اخلاقي اكثر حساسية عن ذي قبل ظهر المجتمع الفاسد الاخلاق المنحل النظام بعد عصر الأهرام بشكل لا امل في اصلاحه في نظر بعض فلاسفة الاجتماع وهالهم مارأوه من تداعي الاخلاق وظهر لأول مرة في التاريخ عصر التشاؤم وزوال الوهم ..حتي ان الناس تطاولوا علي انفسهم وعلي ملوكهم وهددوا ملوكهم بالوعيد .. الا أن قام مجموعة من الفلاسفة والحكماء واعلنوا اول جهاد مقدس في التاريخ لإنقاذ العدالة الاجتماعية).... ماأشبه اليوم بالبارحة لا أصدق ان ماكتب في كتاب فجر الضمير (جيمس هنري ستراند) يحدث اليوم في مصر .. عدنا بالزمن الي أكثر من 7 الاف سنة للوراء ..ما اشبه الليلة بالبارحة .. متي يابلادي تنهضي ..من كل هذه النكسات؟؟ خيانة المثقفين في الكويت في عام 1984 حدثني الشاعر فايق عبد الجليل رئيس مجلس ادارة المسرح الشعبي حينذاك وطلب مني ان أحضر للاتفاق معي بشأن شراء مسرحيتي (ظهور واختفاء ابو ذر الغفاري )..وأن ارشح مخرجا لها فاتفقت علي حصولي علي مبلغ الفي دينار كويتي ورشحت لهم المخرج الدكتور سناء شافع ..وذهبت الي سناء في البيت واعطيته نسخة وطلبت منه الذهاب الي الفرقة لقراءة النص معهم نظرا لانشغالي في العمل بجريدة السياسة ..وذهب سناء شافع وبعد 3 ساعات دق جرس الهاتف في مكتبي في جريدة السياسة واذا فايق عبد الجليل والفنان خليل زينل ينفجران في الضحك .. قالوا لي .. من هذا المخرج الذي بعته قلت استاذ كبير ألم يقرأ معكم المسرحية قالوا لا قرأ لنا مسرحية الجيل الطالع لنعمان عاشور وعند مشهد دخول البنات علي المسرح بالمايوهات انفجرت الفرقة بالضحك ونام خليل زينل علي الارض قائلا بنات بمايوه في مسرح بالكويت ..قال فايق المخرج بتاعك خانك!! وسألت سناء لماذا بعتني وغيرت النص .اهم غيروك انت . قال حبيت اعطيهم فرصة للاختيار!! وقررت ان اختار مخرجا آخر ..هو المخرج فتحي الحكيم مخرج في المسرح القومي وذهب فتحي الي الفرقة .. وكان مهذبا للغاية وعند عودته من اول جلسة اخراج أخبر سعد اردش بالموضوع .. فقام سعد اردش بالاتصال بفرقة المسرح الكويتي من وراء فتحي وقال لهم دا تلميذي ومخرج صغير وانا حاجيب لكم مؤلف كبير بنصف اجر السيد حافظ واختار نصا لالفريد فرج ..الغريب ان سعد اردش قفز علي فتحي وعلي جثتي وقدم النص لالفريد.. وقال لي ضاحكا .. العب بعيد ياشاطر .. محطة اخيرة: أنت لست أفضل امرأة قابلتها .. لكنك امرأة تشبهين تواطؤ العشق وكارثة الكتابة التي تطيح بظلام قلبي حين يطفيء الوطن نور قلبي.