النائب ضياء داود يرفض قانون الانتخابات    بنك مصر يعقد اجتماعًا لبحث أسعار العائد على الأوعية الادخارية    البنك الأهلي المصري يدرس تعديل أسعار الفائدة عقب قرار المركزي بخفضها 1%    وزيرة التخطيط: مستمرون في الإصلاح الهيكلي لضمان استدامة استقرار الاقتصاد الكلي    حريق يدمر 30 هكتارا من الغابات في ولاية أفغانية    الدفاع الروسية تعلن استكمال عملية تبادل ال1000 أسير مع أوكرانيا    عبدالعاطي يتوجه إلى مدريد للمشاركة في الاجتماع الوزاري الموسع لمجموعة مدريد بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يواصل اقتحام قرى الضفة الغربية.. ومداهمات واعتقالات في نابلس وتشديدات بالأغوار    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    موعد مباراة نيوكاسل ضد ايفرتون في الدوري الانجليزي والقنوات الناقلة    بيسيرو: الأهلي يتميز بالسرية.. والزمالك أشبه بصحيفة يومية    تشكيل ليفربول المتوقع لمواجهة كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي    رسميا.. ألونسو مدربا لريال مدريد حتى 2028    نجم الهلال السعودي يقترب من الرحيل    مصرع تاجري مخدرات وضبط آخرين عقب تبادل إطلاق النار خلال مداهمة الشرطة بؤر إجرامية بقنا وأسوان    وكيل تعليم سوهاج يقرر إلغاء تكليف مدير مدرسة الكوثر الرسمية للغات وإحالته للتحقيق    قرار جمهوري بالعفو عن باقى العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى    رابط نتيجة الشهادة الابتدائية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    التحقيق مع شخص حاول غسل 50 مليون جنيه حصيلة اتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى والعملات الرقمية    مركز الفلك الدولي يحدد موعد عيد الأضحى 2025    الكشف عن مبنى أثري بأسيوط يعود للقرنين السادس والسابع الميلادي    الجامعة الأمريكية تشارك في مبادرة عالمية لتعزيز نظام الرعاية الصحية في مصر    الصحة العالمية توجه نصائح وإرشادات للحجاج لتجنب الأمراض والمخاطر الصحية خلال موسم الحج    رئيس البرلمان العربي يهنئ قادة دول التعاون الخليجي بذكرى تأسيسه    ماليزيا تدعو رابطة آسيان لتعزيز التكامل في مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    إطلاق حفل «الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية»    جريمة غامضة بالرصاص أمام كمبوند في أكتوبر.. والضحية مجهولة الهوية    بدء الجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة قوانين الانتخابات البرلمانية    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    جامعة أسيوط تستعد للموسم الصيفي بأنشطة رياضية متنوعة بالقرية الأولمبية (صور)    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد – صور    وزير الصحة يبحث مسارات التعليم التخصصي والدراسات العليا للأطباء    مصر تستعرض نظامها الصحي الجديد في مؤتمر صيني ضمن "الحزام والطريق"    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    دبلوماسي أمريكي: الحكومة السورية ستساعد واشنطن في العثور على أمريكيين مفقودين    "أُحد".. الجبل الذي أحبه النبي الكريم في المدينة المنورة    مدبولي: مصر لها تاريخ طويل من الشراكات المثمرة مع أمريكا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي وفولهام والقنوات الناقلة    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    قانون العمل الجديد من أجل الاستدامة| مؤتمر عمالي يرسم ملامح المستقبل بمصر.. اليوم    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الإبداع وثقافة الاغتيالات الفكرية (12)
مصادرة شفرة دافنشي ا لأكثر مبيعاً في العالم
نشر في أخبار الأدب يوم 15 - 03 - 2013


د . أحمد سخسوخ
رواية شفرة دافنشي للأمريكي »دان براون«، هي الأكثر مبيعاً في العالم ، فقد وصلت مبيعاتها حتي الآن ، إلي ما يقرب من مائة مليون رواية ، وقد تحولت الرواية إلي فيلم من إخراج »رون هوارد«، إفتُتح به مهرجان كان السينمائي عام 2006 ، وقد أثارت الرواية واثار عرض الفيلم زوبعة في الأوساط الدينية والمحافظة ، وما تزال آثارها تدوي حتي الآن .
احتجاج نواب الشعب
في عام 2006 تقدمت النائبة »چورچيت قلليني« باستجواب لوزير الثقافة آنئذ ، عن رواية شفرة دافنشي المتداولة في مصر ، وهاجم أعضاء مجلس الشعب الرواية ، وطالبوا بمنعها ومصادرتها ومنع عرض الفيلم الذي أُعلن عن عرضه في مصر ، وكان قد انتشر علي أقراص مدمجة تُباع علي الأرصفة ، وكان معظم من طالبوا بذلك من النواب الذين ينتمون إلي الجماعات الإسلامية وكان بالبرلمان 88 عضواً من الإخوان وقد تضامن وزير الثقافة مع هذا المطلب ، وأكد في حينه أنه سيتخذ إجراءات حازمة تجاه تهريب الفيلم علي الإسطوانات المدمجة ، خاصة وأن الرواية قد تم طبعها في بيروت ، وهي متداولة للبيع منذ ثلاث سنوات ( طُبعت في بيروت عام 2004 ) ، ويؤكد تعهده بمنع الرواية والفيلم ، لأنه قرأها وشاهد الفيلم ، ووجد فيها ما يمس الأديان ، تأييداً لموقف النائبة التي طرحت الاستجواب ، والنواب الذين طالبوا بمنعها ومصادرتها ، أي الرواية والفيلم .
وعلي أثر هذه الضجة البرلمانية والوزارية ، إزدادت مبيعات الرواية ، وكثُر الإقبال علي الفيلم ، الذي زاد انتشاره في مصر في السوق السوداء علي أقراص ال C.D وD.V.D ، والغريب في الأمر أن معظم الذين طالبوا بمنع الفيلم ومصادرة الرواية ، لم يكونوا قد شاهدوه أو قرأوها ، وإنما سمعوا عنه وعنها ، تماماً مثل الذي حاول ذبح الروائي العالمي نجيب محفوظ واغتياله ، دون أن يقرأ كلمه واحدة أو سطراً واحداً من رواية أولاد حارتنا .
لقطة من فيلم شفرة دافنشي
يحدث هذا لدينا ، رغم أن الرواية لم تكن ، ولم تُمنع في أمريكا وأوروبا ، حيث الكثافة المسيحية ، وقد صدر أكثر من مائتي كتاب رداً علي الرواية ، فهكذا يواجه الفكر بالفكر ، والرأي بالرأي ، والإبداع بالإبداع ، وليست بالمصادرة ، مما يمكن أن يثري الحياة الثقافية والفكرية والوجدانية والسياسية ، والحياة بكاملها في جميع مناحيها ، فالانغلاق يؤدي إلي الظلام ، والظلام يحيل الحياة إلي الموت الأبدي..
من مجلس الشعب إلي مجلس الثقافة
أثارت شفرة دافنشي في اجتماع المجلس الأعلي للثقافة ، قبيل الاقتراع علي جوائز الدولة في يونيو من عام 2006 ، جدلاً كبيراً ، وكان الوزير مترئساً للجنة ، ودكتور جابر عصفور أميناً عاماً للمجلس ، وأكد الوزير في اجتماعه ، بأنه تعامل مع القضية كوزير مسئول ، واستخدم حق الرقابة في منع التعرض للشخصيات المقدسة ، وكان من بين المثقفين من اعترض علي قرار المنع ، ومن بينهم أحمد عبد المعطي حجازي ، وعصفور ، وصلاح فضل وغيرهم .
رواية دافنشي كان قد كتبها الأمريكي »دان براون« (مواليد 1964) عام 2003 ، وقد حقت نجاحاً كبيراً ، حتي وصلت مبيعاتها إلي الآن بما يقرب من مائة مليون نسخة علي امتداد العالم ، وكان براون قد كتب من قبل ملائكة الشياطين عام 1995 ونقطة الخداع عام 2003 .
اُفتتح مهرجان كان السينمائي يوم الأربعاء 17 مايو عام 2006 بفيلم شفرة دافنشي في دورته التاسعة والخمسين ، من إخراج »رون هوارد « ، وقام ببطولته كل من توم هانكس ، أودري تاتو ، سير إيان ماكلين ، الفريد مولينا ، چان رينو ، وبول بيتاني ، وقد تكلف إنتاج الفيلم في هوليود مائة خمسة وعشرين مليون دولار .
وقد حقق الفيلم ليلة الافتتاح فشلاً ذريعاً ، وكان قد عُرض علي غير العادة عشية الافتتاح للصحافة .
شفرة دافنشي
تدور أحداث الرواية حول المسيح الذي تزوج من مريم المجدلية ( لقب المجدلية يُنسب إلي قريتها مجدل ) ، وقد أنجب منها سارة التي تم تهريبها إلي فرنسا ، وآن صوفي التي تعمل في الشرطة الفرنسية ، هي من سلالة سارة ابنة المسيح ، وهناك من يحفظ هذا السر ؛ وهي جماعة سرية ، والكنيسة تترصد كل من يكشف هذا السر بقتله .
إن سر شفرة دافنشي يكمن في لوحة دافنشي ( الموناليزا ) ، وذلك حين فك شفرات وألغاز اللوحة ، وعلي خلفية اللوحة تحدث جريمة قتل يذهب ضحيتها أمين متحف اللوڤر ، وهو چاك سونير عضو جمعية دينية تأسست في اوروبا في القرن الحادي عشر ، وكان دافنشي فيما بعد في عصر النهضة عضواً في هذه الجماعة ، وكان سونير قبل أن يُقتل ، قد ترك رسالة خلف اللوحة لحفيدته صوفي للاستعانه بأستاذ من جامعة هارفارد لفك الرموز الدينية ، وبعد فك الشفرة تصل إلي صندوق جدها في البنك الذي يحوي وثائق وأسرار الجماعة ، وكان الجد قد قُتل علي يد جماعة دينية أخري معادية لجماعته ، وهي جماعة ( أبوس داي ) التي تعرف السر ، وهو زواج المسيح من ماريا المجدلية وإنجابه لذرية من هذا الزواج ، وكان دافنشي نفسه عضواً في جماعة ( سيون ) ، وفي لوحاته استخدم الشفرات والرموز التي بفكها يمكن الوصول إلي هذه الأسرار ، خاصة في لوحته ( العشاء الأخير ) ، وهو يفترض أن المسيح قد تزوج سراً من مريم المجدلية وأنجب منها ذريته . وحول موضوع مشابه ، كان قد أخرجه »مارتن سكورسيزي« من قبل ، وقد ثار عليه الفاتيكان وضد مخرجه عندما قدمه نهاية القرن الماضي تحت مسمي (الرغبات الأخيرة للسيد المسيح).
هجوم رجال الدين
كانت مريم المجدلية أحد أتباع المسيح ، ولكنها لم تكن زوجة له ، ومن المؤكد أن يسوع لم يتزوج من أية امرأة ، كما أجمعت الكنيسة علي ذلك ، رغبة منه في تكريس نفسه كاملاً لله ، باعتباره أرفع صور التكريس لله .
وقد هاجمت الكنيسة ورجال الدين المسيحي فكرة براون في مزاعمه بوجود زوجة ليسوع ، وهي مريم المجدلية ، خاصة وأن أحد أفكار العهد الجديد أن الكنيسة هي العروس للمسيح . ومما أجج الاحتقان ضد الرواية وضد الفيلم وضد براون ، هو تصريح المؤلف علي حسابه الشخصي بقوله : ( إن كل دين في العالم مبني علي تلفيق Fabrication ، وإن أتباعها يعيشون علي ما يتخيلون أنه حقيقي) .
فكان هذا التصريح والرواية مع الفيلم سبب إحتقان الكنيسة ورجال الدين في هجومهم علي المؤلف وإبداعه ، وكان البابا قد حرم علي رعاياه قراءة الرواية ، ومشاهدة الفيلم .
وقد رفضت الكنيسة الأرثوذكسية عرض الفيلم ، كما رفضت الكنيسة الإنجيلية الحجر علي الفيلم ، مؤكدة علي أنه لا يمكن الحجر علي الإبداع ، باعتباره حجرا علي الخيال .
وفي مصر قبل مصادرة مجلس الشعب للرواية والفيلم ، في اجتماعه يوم الثلاثاء 13 يونيو 2006 ، كان قد صدر بيان من الكنائس الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتينية) في 30 مايو من العام نفسه ، يؤكدون فيه علي أن الفيلم يُزيف الحقائق التاريخية والدينية ، وكانت هذه الهجمة الشرسة علي الرواية والفيلم سبباً في إنتشار الرواية التي اقتربت مبيعاتها من مائة مليون رواية ، وسبباً في انتشار الفيلم وعرضه في مائة دولة ، بعد أن طُبع منه اثنتا عشر وثلثمائة ألف نسخة ، محققاً في أسابيعه الأولي مائتي مليون دولار ، رغم فشل الفيلم فشلاً ذريعاً ، وقد تم تصنيفه باعتباره فيلماً بوليسياً .
وهذا التوزيع الهائل ، لم يكن ممكناً ، إلا من خلال الأصوات المُصادِرة للحريات ، التي نددت بالرواية والفيلم ، وهاجمتها وصادرتها ، وحكمت علي المؤلف بالكفر والتكفير ، فجماعات المصادرة ، كثيراً ما تروج للأعمال التي تصادرها ، وهذا ما حدث مع شفرة دافنشي ، رغم كونه فيلماً بوليسياً فاشلاً ، وهو ما يجعل منتج الفيلم يرفع يديه إلي السماء داعياً للمتشددين بطول العمر ، حتي يستمر في جني الأرباح والثروات أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.