معاهدة أغرقتني البحورُ ولم يلتقمْني سوايَ لبثت ببطنيَ بضع سنين إلي أن أتتني العصافيرُ تسأل عني وتطلب ان أَتحرر مني لفظت نهاري علي شاطئ الموتِ كي يتسرب نحو دما الحياةِ فباضت عليه العصافيرُ صار نهاري قبلة كل البحورِ يجيء له سمكٌ فر من ذكريات القبورِ ومزق كل الشبكْ كي يطوفَ بقلبي ويحييَ دون انتظارٍ شعائرَ حبي وينقذني من وحول البِرَكْ ألفُ ليلٍ تولَّي وما عاد في البحر ليلي فأَخرَجَ لي البحر شمسا تضيء المسافة ما بين قلبي وبيني فما بين قلبي وبيني سنونٌ من المد والجزرِ أقرب منهُ فيبعد عني وأبعد عنه فيقرب مني سألت دمي أن يصالحَني مع قلبي فصمم قبل الإجابة ِ أن أتخلصَ من ذكرياتِ الطحالبِ أن أتعوذ من شهقة الشهوة الأبديةِ صمم أن أزرع الشمس فيَّ وأرجمَ كل العفاريت حين تحاصرني فامتثلتُ وداخل نفسي احتقنتُ وخِلْتُكَ ترضي وقلتُ : تجئ إلي بخيلك يا قلبُ تفتك بالموتِ تقتل كل الوحوش التي رقصت في خيالي فطال انتظاري فهل حِيلَ بيني وبينك ياقلبُ ؟! أم كنت ترجو اختباري ؟! فمن يشرح الدرس لي كي أجيب ؟! أنا طالبٌ ضاق بي الصفُّ لا تختبرني ولا تتحول بوجهك عني فمن يُخرجُ الموت مني إن لم تُعِنِّي ؟! وكل الوجودِ اختفي من أمامي ولم يبقَ غيرُ العصافير تفتح صدري تفتش عنك / تفتش عني وتجمعنا من جديدٍ وترقص وسط السماءِ وترفض موتك / ترفض موتي فلا تختبرني وأرسِلْ دمائي مكررةً منك دوما وقل للعصافير: إنا أعدنا الدماء التي بيننا واحتوانا الزمانُ وصرنا كطفلين نحلم في كل وقتٍ ولا يحتوينا المكانُ كتبنا برغم اختلاف الأمانيّ عهد الأمانْ حصار الورد أَقتفي أثري لا الرمالُ التي دستها تحتويني ولا الشمس ترقص بين جفوني يحدثني جبلٌ مَرَّ بي متعَبا يقول : هي الأرض ُ أضحي الموات بها مذهبا فالنجوم دموعٌ يُسَاقِطُها الليلُ حين يري قمرا مذنبا أحملُ النورَ بين ضلوعي أفتش عني بكل الكهوفِ وأسأل بعض العناكبِ هل سمعتْ بحديثِ رجوعي أم سأموتُ بجوعي فتصمت كل العناكبِ تَخرجُ من رحم الرمل عصفورةٌ يحمل الوردَ منقارُها تزرع النور في كل دربٍ أمامي وتجتثُّ كل الحشائش مني لتحرقَها وتبخر حجرة نومي ومكتبتي كي تفر العفاريتُ منها يحاصرني الوردُ من كل صوبٍ ويمزجُني بروائحهِ أتفاعلُ رائحةُ الطينِ يغلبها الوردُ تشهد هذا التفاعلَ كلُّ النجومِ فتضحكُ تُسْقِطُ ضِحْكَاتِها فوق رأسي وأشعر أن السماء اصطفتني بعصفورةٍ تُخرِجُ الموتَ منِّي وتبعثني بقصائدِ حبٍ إلي الكافرين بنور الحياةِ ومن دمرتهم سنون المواتِ أنا واحةُ المتعبين يلوذون من كل فجٍ بقلبي ويستسقون دمي كيف أرفض سقيا تُرَوِّي النهارَ بوجهي تجددني وتخففني كي أطيرَ بألفِ جناحٍ إلي جنة الله في كل شكل أراهُ أنا طائرٌ تشتكيني الحياةُ فأُلقِي إليها بريشي وأسرعُ أطلب منها النجاةَ بألف جناح أطيرُ إلي النوردون انتظارٍ فلا فَقْدُ ريشي سيمنعني الطيرانَ ولا الظلماتُ ستمنعني الحلمَ أحلمُ أحلمُ احلمُ حتي أصدق حلمي أراني ملتحفا بالنهار يدي نخلةٌ فوقها تجلس الشمسُ تُلقِي الثمارَ لكل الجياعِ لتنقذهم من صنوف الضياعِ ويَنبعُ من بين عينيَّ نهرٌ به سمكٌ أبيضُ يتقافزُ حتي ليأكل منه الكبارُ ويشبع منه الصغارُ فأمضي سعيدا تعيسا تكذب حلمي الحشائشُ تلك التي تتكاثرُ بعد قليل من الجثِّ تنمو ... وتنمو تمزق أركانَ قلبي فتهبط أسفل بطني وتعلو فتحجبُ عن عينِيَ الشمسَ ترعي الثعالبُ وجهي وترقص حولي الثعابين تصعد فوق النخيلِ لتأكل منها الثمارَ وتُخرِجُ للشمس ألسنةً سممتْ سُبُحات النهارِ أنا كالسحابِ امتلأتُ بماء الحياةِ اختنقتُ بماء الحياةِ اصطدمتُ بكل الجبالِ ولم تتساقطْ دموعيَ - بعدُ - لترويَ حقل الجمال