هل اختفت أشهر حكاءة في التاريخ؟ هل انتهت حكايات ألف ليلة وليلة لتبقي في الروايات المأخوذة عن قصصها فقط، أين ذهب العالم الذي صنعه روائي مجهول واحتار التاريخ في أمر أصل حكاياته، إن كانت عربية أوفارسية أوهندية؟. أيا كان أصل ألف ليلة وليلة،أين راحت شهر زاد من حكاياتها؟، هل اختفت فعلا؟؛وصارت حكاياتها مملة في عصرنا الحالي، أم أنها هربت من عالم لم يعد ينصت للحكايات؟، أم نحن الذين اختلفنا واختلفت علاقاتنا البشرية مع بعضنا البعض، وأصبحت أغلب العلاقات تحكمها »المصالح والنفعية«، ولم يعد لدينا وقت للإنصات. حكايات شهرزاد كانت تحمل معاني وقيما ومشاعر الحب وانتصار الخير علي الشر والأمل في تحقيق الأحلام، لكن يبدوأنها أصبحت حكايات قديمة لا تناسب عصر الأنترنت و»السوشيال ميديا» والرسائل العاجلة والحكايات الخاطفة، أصبحت شهرزاد موضة قديمة، بدليل أنها اختفت منذ سنوات من برامج ومسلسلات رمضان التي وعينا عليها بصوت الفنانه الراحلة زوزونبيل، حينما كانت تقول «بلغني أيها الملك السعيد ذوالرأي الرشيد» فينصت الجميع، وتبدأ شهرزاد تحكي حكاية جديدة... وتشرع في الحكي بصوت ينخفض رويدا رويدا إلي أن يطل علينا أصوات أبطال الحكايات كل ليلة من ليالي رمضان، تلك الحكايات التي عاشت في وجداننا، وكانت عاملا من عوامل تكوين خيال كثير من المبدعين والمبدعات الذين عشقوا الخيال في قصص وحكايات شهر زاد، تلك المرأة التي جعلت شهريار يتراجع عن قتلها بيد السياف «مسرور» الملك الذي كان يقتل كل ليلة فتاة عذراء انتقاما من زوجته التي أحبها وخانته، حتي ظهرت «شهر زاد» في حياته وغيرته بالحكايات، وهي قدرة لا تتوافر في عقل أي إمرأة، غير إمرأة عاشقة للحكايات وتمتلك الفطنة والذكاء وقدرات الحكي الشائق التي جعلت من جفون الملك تغفودون أن تمتد يد «مسرور» السياف إلي رقبتها الجميلة حاملة رأسها المليء بالخيال والحكايات والمغامرات، كيف نضبت حكاياتها واختفت من عالم يحتاج إلي حكاياتها في حل كثير من مشاكلنا اليوم، هل حكاياتها فقدت جاذبيتها وقدرتها علي الامتاع والتغيير، إذاكانت حكاياتها صارت غير مجدية فلماذا لم تظهر شهرزاد جديدة بدلا من شهر زاد «الجدة » التي ألهمت المبدعين في كل أنحاء الدنيا بحكاياتها؟، هل نضبت المرأة الحكاءه؟ أم هوالفقر في الخيال وفقدان الدهشة؟، في عالم بات تحكمه المشاعر المعلبة، والرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة، التي طردت الخيال واستحوذت علي العواطف بأيقونات الورود والقلوب الحمراء والخضراء والزرقاء .. لا عزاء لحكايات «شهر زاد»، ولا عزاء لزمن الحكي والخيال والإنصات.