للفنانة: رباب علي الطبق هو أحد الفصول الهامة في قاموس فن الخزف، ذلك الفن العريق الممتد الجذور في كل الحضارات القديمة والمستمر بخصوصية حتي الآن، بهذه الكلمات استهل الفنان أمير الليثي مدير مركز الجزيرة للفنون كلمته حول معرض »الطبق» الذي استضافه مؤخرا مركز الجزيرة، مضيفا أن ذلك المجال من فن الخزف له حضوره الطاغي في كل الحضارات السابقة والمدارس الفنية العديدة حيث حمل جانبه التطبيقي بمسحة من الإبداع والجمال والتفرد والخصوصية. وقد جمع المعرض ما يقرب من ثلاثين خزافا من مختلف الأجيال والمدارس الفنية تنوع طرحهم – كما يقول الليثي- لمفهوم الطبق في خصوصية واضحة المعالم كما تنوعت تقنياتهم الفنية ساعين جميعا نحو إيجاد حلول جديدة للطبق كاشفين أبعاد وآفاق لابداع حقيقي يضاف لنجاحات الخزاف المصري المعاصر، من جانبه يقول الفنان خالد سراج إن الطبق فكرة ثرية جدا، وتقريبا لا يوجد خزاف واحد لم يتناولها علي الأقل مرة واحدة في تاريخه. وقد قدم الفنان خالد سراج عملين منفصلين متصلين، إذ يحمل كل منهما كلمة باللغة الإنجليزية تعني »هنا» و"هناك» ويعكس ذلك جانبا من حياته الخاصة نظرا لزواجه بفنانة مجرية، ولذا فإن حياتها مقسمة بين المجر ومصر وبالتالي حياته مقسمة بين وجودها وعدم وجودها. وهي ليست المرة الأولي التي يتمحور فيها أحد أعماله حول قصة ذاتية. ويري الفنان أن هذا المعرض فرصة جيدة لتقديم أعمال مجموعة من الفنانين المتميزين الذين تم ترشيحهم للمشاركة، وإن كان يتمني أن يكون هناك إعلان في المرات القادمة إضافة للترشيح، حتي تتمكن الأجيال الجديدة من تقديم انتاجهم وأن يتم تحكيم تلك الأعمال ومن ثم إثراء الحركة الخزفية في مصر. وريما تأتي أهمية هذا المعرض لأكثر من سبب أولها تقديم عنصر الطبق خارج مفهومه الوظيفي، باعتباره عنصرا تشكيليا ثريا، كذلك إتاحة فرصة أكبر للعروض الخزفية في ظل عزوف كثير من الجاليرهات الخاصة عن عرض الخزف، لا سيما مع عدم اقبال المقتني في مصر والعالم العربي علي اقتناء الخزف، إذ يقول الفنان خالد سراج إن المقتني المصري والعربي يخشي اقتناء الخزف، ويفكر كثيرا قبل دفع مبالغ مثل النحت والتصوير إذ دائما ما يكررون عبارة »أصل الخزف بيتكسر» وكأن التوال الذي يتم الرسم عليه لا يتعرض للقطع. الأمر الذي أكدت عليه الفنانة أماني فوزي قائلة: يميل القائمون علي القاعات الخاصة ذات الخبرة والحنكة سواء في العرض الاحترافي أو التسويق المحلي والدولي إلي فن التصوير والرسم والنحت بمختلف خاماته ماعدا الخزفية.. خوفا علي العمل الفني من الكسر أو التخزين، كما أن المتلقي يصنفه علي أنه عمل وظيفي تطبيقي حرفي ظنا منهم أن هذا هو الخزف، إضافة إلي أن البعض ينظر للمكاسب المادية التي تعود علي القاعة الخاصة والذي يكون أقل عن غيره من المجالات الفنية، وتضيف أماني: إن ما يعانيه الخزف ينطبق أيضا علي ما بعض المجالات منها الجرافيك والتصوير الضوئي وفنون الميديا والتجهيز في الفراغ.. وعن معرض »الطبق» تقول فوزي: جمع هذا المعرض بين أجيال مختلفة من الرواد إلي الشباب الذين قدموا رؤي مختلفة وهذا في حد ذاته تأريخ غير مباشر للحركة التشكيلية في مجال الخزف. وقد قدمت الفنانة ثلاثة براويز تضم تسعة أشكال إضافة إلي طبق مستقل قطرة 33 سم، إذ استلهمت الزخارف الموجودة علي كل منها من الفن الإسلامي دون نقل مباشر وإنما إعادة صياغة لتلك الزخارف برؤيتها الخاصة. وربما لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يتم تناول »الطبق» في معرض فني مستقل، إذ سبق وأن قدمت الفنانة زينب سالم معرضا مستقلا بجاليري الزمالك تحت عنوان مائة طبق وطبق، لتخرج أيضا بمفهوم الطبق عن الجانب الوظيفي، بحيث أرادت أن تضع جزءا من ذاتها في كل طبق من الأطباق ليخرج بصيغة فنية مختلفة عن غيره. كذلك اختلف كل فنان في تناوله لفكرة الطبق عن غيره، إذ أراد البعض الخروج تماما من الصندوق وتقديم أشكال وأفكار مختلفة، إذ قدم الفنان محمد سعودي مجموعته »زهور الإنسانية» التي يقول عنها :ببساطة الطبق بالنسبة لي إناء يحتوي علي شيء ما، والزهور كذلك هي بالنسبة لي آنية تحتوي علي رحيق وجمال، وبالنسبة لي كل زهرة لها بصمة مختلفة حتي لو كانت من نفس النوع مثل البشر تماما فلكل منه جماله الخاص، لذا قمت بتشكيل كل طبق من شريحة واحدة ملفوفة مثل أوراق الأزهار، مستعينا بتقنية جليز من ابتكاري وهي التشقق بالجليز »crawling glaze»، إذ تمكنت من تطويع الجبس وخلطه بالجليز وإدخالهم الفرن للحرق بعد تجارب وتعديلات وصولا لتلك النتيجة. وكانت الفنانة رباب علي أيضا قدمت مجموعة متنوعة من الزهور الخزفية التي خرج كل منها بشكل مختلف عن الأخر .. وربما كانت من الأعمال اللافتة للنظر والتي خرجت عن شكل الطبق المعتاد عمل القطة للفنانة مروة علي الذي حمل عنوان » بوبوس الكفيف» إذ تقول في وصفها للعمل: رفيق المنزل والطعام والمنام، الأرض سريره في الصيف وأنا سريره في الشتاء.. مجال رؤيته لا يتعدي طول شاربه تثيره كرات الورق للعب.. يتخبط عندما يجري يخشي المرتفعات والأطفال والخروج في سيارة .. مزعج في طلب الطعام، منبه الخامسة صباحا الذي لا يتوقف إلا مع صحن الطعام جليسي في المرض والألم. كذلك يذكرنا عمل الفنانة صفاء عطية »وصال» بلوحة »خلق آدم» للفنان مايكل أنجلو وهي من فريسكو مصور علي سقف كنيسة سيستين في الفاتيكان..وقد ركزت في عملها الذي استوحته من عمل مايكل أنجلو علي الأصابع المتلامسة، إذ صاحب العمل نص أقرب للصوفية إذ تقول »تزدهر النفس لحضوره الجلي أينما حل.. وتبني لأجله جسور الود فيعليها، هو ذلك الضوء الرباني الذي يصيب الروح فيسكنها ويهديها جمالا استثنائيا فوق جمالها .. هو .. الوصال .. فقط غير زاويتك وستراه .. بلا أدني شك .. في كل مكان». شارك في معرض »الطبق» أيضا كل الفنانين: محمد مندور ومحيي الدين حسين وشوقي معروف ومرفت السويفي وإبراهيم سعيد حامد، وأسامة إمام، وأسامة زغلول، وأمينة عبيد، وتهاني العادلي، وسلوي رشاد، وسمير حسين، وضياء الدين داوود، وعادل هارون، ومحمد حامد البذرة، ومحمد سمير الجندي، ومحمود رشدي جابر، ومروة زكريا محمد، وهدي هاشم، وهيثم هداية.