1810 وظائف شاغرة في 35 شركة خاصة ب11 محافظة.. وزارة العمل تعلن التفاصيل    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 18-7-2025 بعد آخر انخفاض بالصاغة    نمو قوي للفائض التجاري لأيرلندا خلال مايو    تركيا وعشر دول عربية يؤكدون على دعم أمن سوريا وسيادتها ويدينون الإعتداءات الإسرائيلية    استشهاد 32 فلسطينيًا في غارات على غزة بينها قصف استهدف كنيسة    دماء جباليا.. الاحتلال يصعّد هجماته وسقوط 14 شهيدًا منذ الفجر في غزة    وزير الداخلية الألماني يستضيف نظراء من الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول الهجرة    درجات الحرارة تصل إلى 50.. حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة    حريق بمخلفات داخل عقار في العمرانية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    بعثة الأهلي تطير إلى تونس لخوض معسكر الإعداد استعدادًا للموسم الجديد    تكليف "الكاس" بالمشاركة في كأس الخليج للشباب    سميدو يتولى منصب المدير الرياضي في النصر السعودي    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية اليوم الجمعة    أسعار مواد البناء اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    عقوبات مشددة لجرائم هتك العرض وخطف الأطفال وإفساد الأخلاق.. تعرف عليها    كنت هتجنن واشتغل معاه.. مشيرة إسماعيل تروي قصة أمنيتها مع أحمد مكي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    مفاجآت بالجملة.. معسكر تركيا يكتب نهاية 4 نجوم مع بيراميدز (بالأسماء)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الجمعة 18-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    من بينها المستشفيات، اليوم فصل الكهرباء عن الجهات الحكومية والخدمية والسكنية في بنها    توقعات الأبراج وحظك اليوم الجمعة 18 يوليو 2025.. مكاسب مالية ل«الثور» وتقدم مهني لهذا البرج    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    مدين يتعاون مع رامي صبري في ألبومه الجديد بأغنيتين مميزتين    سقوط سقف فوق رأس رزان مغربي خلال حفل بالجيزة ونقلها للمستشفى    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    تطورات جديدة في فضيحة تسريب البيانات الأفغانية التي هزت وزارة الدفاع البريطانية    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    البيت الأبيض: ترامب يؤيد الحل الدبلوماسى للصراع الأوكرانى    بعد تداول مقطع فيديو، ضبط المتهمين بالاعتداء على شاب اعترض على بيع المخدرات أسفل منزله    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «لمصلحة الفريق».. الهاني سليمان يرد على هجوم البعض بسبب تضيعه للوقت    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة تقلقني في ثقافتنا اليوم

لابد أن نعترف اليوم أننا نعيش زمنا جديدا لم يصنعه المثقف! تغيرت الصورة المألوفة التي يدّعيها المفكر النمطي، بأنه الرائد للمجتمع، ثمة قوي جديدة أثبتت ريادتها، هي قوة الشباب المتعلم المنفتح علي لغة العصر الحديثة وعلومها! صحيح أن المثقف التقليدي أخلي دوره لهؤلاء الشباب، لكننا لا نستطيع أن نقول: إن تجديد الحياة يقوم علي عاتق فئة دون غيرها! وقد أثبت الواقع أن المجتمع يحتاج إلي من يشعل شرارة التغيير ليتبعه أبناء الشعب بأكمله!
إذاً السؤال الأول الذي يطرأ علي الذهن اليوم هو سؤال التغيير؟ هل هناك ثبات في الفكر والمجتمع؟ أم أن التغيير يحصل أحيانا دون أن نحس به؟ أكدت لنا الأحداث التاريخية التي عشناها في العام الماضي وهذا العام أن الثبات خدعة، وأن دوام الحال من المحال.
ثورة الشباب
إننا حين نتأمل الثقافة اليوم تقفز إلي أذهاننا صورة الشباب الثائر علي أنماط حياتية وثقافية وسياسية تدمر الحاضر والمستقبل، لهذا بات من الطبيعي أن نتساءل: هل هؤلاء الشباب الذين ثاروا في البلاد العربية نبتوا فجأة؟ أم هم حصيلة تراكم معرفي وتطور وعي جديد، انفتح علي العالم، وبدأ يقارن بين بلده المتخلف وبلدان أخري، كان قد سبقها في الانفتاح علي الحداثة في الماضي، مثلما سبقها في التخلص من الاستعمار، لكنه تخلّف عنها اليوم (اليابان، كوريا، ماليزيا...) فبدأ يتساءل: لماذا نحن خارج التاريخ؟ لماذا دولة كبيرة كمصر باتت مفعولا به، وانتهي دورها الفاعل في الحياة السياسية والاقتصادية و...الخ؟ لماذا تعاني الملايين من الأمية؟ لماذا الجوع والحرمان نصيب معظم الشعب؟ لماذا لا يكون مرور الزمن عاملا في ردم الهوة الطبقية بين الغني الفاحش والفقر المفزع؟ أين التطوّر الذي يستفيد من طاقات الشباب، التي تمّ تعطيلها عن العمل؟ أين المدارس والجامعات التي تبني شخصية الإنسان العربي؟
لم يعد الشباب اليوم يسافر ليطّلع علي ما يفعله الآخرون ليطوّروا بلدانهم، صار يملك فانوسا سحريا اسمه (الحاسوب) بكبسة زر فيه، يصبح العالم بين يديه، فيري بلدانا كانت متخلفة مثله، تجاوزته وانطلقت، لهذا سرعان ما أدرك هؤلاء الشباب أنه ليس بالخبز وحده يحييا الإنسان، ثمة قيم يفتقدها تحقق إنسانيته هي قيم الحرية والكرامة والعدالة، وأدرك أن ضياعها يعني ضياع كينونته ووجوده وفاعليته! أدرك أنه دون هذه القيم لن يطوّر وطنا أو بالأحري لن يكون إنسانا جديدا، يرفع رأسه عاليا بين الأمم، لهذا لن نستغرب أن يطلق بعضهم علي هذه الثورة التي بدأها الشباب بالثورة الأخلاقية!
المثقف والمجتمع
إننا اليوم أمام سؤال مقلق: هل يسهم المثقف العربي في بناء إنسان واع لمرحلة التغيير؟ أم أنه عالة علي هذه المرحلة؟ هل يفيد المثقف أن يغرق نفسه في قضايا شكلية؟ هل الجمال الفني يستطيع أن يؤثر بنا، حين ينفصل عن هموم الإنسان؟ إلي أي مدي نجد المثقف العربي قادرا علي مواكبة التغيرات؟ هل يمارس دوره الريادي، الذي يدّعيه، فعلا أم قولا فقط؟ هل يستطيع هذا المثقف أن يتمتع بالتواضع اللازم، كي يتعلم مما هو أصغر منه، لكنه أكثر حيوية وفاعلية؟!
إننا نعيش مرحلة جديدة، بفضل عفاريت النت، أمدّتنا بدماء جديدة، زرعت الشباب في عروق ثقافتنا الهرمة، التي ينخرها الفساد، لهذا أردد الآية الكريمة »لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم«
إننا إذا لم نغيّر ذواتنا الآن، شبابا وشيبا، لن نكون قادرين علي المشاركة في التغيير، إننا أمام مفترق طرق، إما أن ننتظر الآخرين ونحن قانعون بدور التابع لهم، أو بالأحري دور الإمعة! وإما نلتحم بالشعب لنتعلم منه، ونعلّمه، فيكفّ المثقف عن تلك النظرة الاستعلائية التي ننظر بها إليه! نعم نحن في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلي ممارسة نقد الذات، قبل نقد الآخرين، نحن، جماعة المثقفين، مسؤولون عن الكثير من التسيب في حياتنا، ولكن هل نجرؤ علي ممارسة نقدية لأعمالنا ومراجعة حقيقية لما نكتب أو نفعل؟ هل بدأنا نمتزج بالإنسان العربي؟ أم مازلنا نستعلي عليه، ونستخدم لغة غريبة عنه؟ هل نصغي لجيل شاب يعاني القهر والبطالة؟ ألا نسرع في كيل الاتهامات في وجهه؟ ألا نتهمه بالميوعة والركض وراء الأغاني الهابطة تارة؟ وتارة أخري نرميه بالفكر الديني المغلق الذي يفرّخ الإرهاب؟ لقد فاجأنا الشباب العربي بوعيه وانتمائه للوطن، حتي تجاوز كل التوقعات، فقدّم صورة حضارية للتغيير، لأول مرة يشاهد العالم في مصر أبناء الثورة ينظفون شوارعهم بعد نجاحهم، في حين قدّم الطاغية صورة نقيضة، فهو مازال ينتمي إلي عصر الجمال والبغال، لهذا استعان بالبلطجية كي يقضي علي تطلعات الشباب؟
من الطبيعي أن السلطة السياسية والثقافية عجزت عن الحوار مع الأجيال بأدوات حضارية، ربما لأن الشباب تفوق عليها في وعيه وتطوره وقدرته علي التضحية، في حين آثرت السلطة القمعية الثبات علي ما عرفته من طرق الإرهاب، وهي حين تطوّر نفسها، تطوّر أدواتها القمعية، لهذا لم تجد من وسيلة تدافع فيها عن نفسها سوي أدوات البلطجة!
النقد الذاتي
لا أمل أمام الثقافة العربية سوي أن تجدد نفسها بممارسة النقد الذاتي، وتطرح علي نفسها أسئلة لا تعرف المجاملة، فالصدق مع الذات سيفضي بها إلي صدق مع الآخرين، فتكسب احترامهم وتؤثر بهم، مثلما تتأثر تماما، ولكن من يمارس هذا النقد اليوم؟ من يمارس التواصل مع الأجيال الشابة؟
أعتقد أن الثقافة لن تنقذ نفسها من الجمود والرتابة إلا بتعزيز الحوار مع الأجيال، أعرف أن عوائق كثيرة تقف حائلا أمام هذا الحوار، نعم ثمة قلق وأوهام من تعزيز هذا الحوار! أذكر منذ سنتين وأنا أشجع طلابي في قاعة المحاضرات علي الحوار، نهضت طالبة وقالت: نحن نخاف الحوار! لنعترف بأننا بحاجة إلي تعزيز آلية الحوار بمعزل عن عقلية قديمة، تدمّر الفكر وحريته! ولنعترف أننا في زمن جديد، باتت فيه وسائل الاتصالات الحديثة وهي الجاذبة للشباب! تتجاوز كل الممنوعات والمحرمات! علينا أن نعترف بأننا لن نستطيع أن نقهر هذا الجيل بسلطة المنع والرقابة، وأن علينا أن نعزّز لديه فعالية نهملها ونتخيلها مدمرة، هي فعالية النقد، فنثق بعقولهم الثاقبة والمخلصة في اندفاعها نحو التغيير، علينا أن نصغي لعقولهم المتفتحة، التي فاجأتنا بوعيها ونضجها! وإن كنّا نخاف عليها من سيطرة الفكر الظلامي، فقد لاحظت انتشاره لدي بعض الطلاب في الجامعة، فمثلا حين حدثت طلابي عن قول لابن عربي في إحدي رسائله (بأن المسيحي في كنيسته قد يكون أقرب إلي الله من المسلم في مسجده، فالقلب السليم هو الأساس) ردّ علي أحد الطلاب مستهجنا، وقائلا: إن ابن عربي إنسان معتوه!!!
إننا أمام تحد كبير، وهو أن نجعل المعرفة سلاحنا، لأنها أقوي من أي سلاح، فنؤسس جسور التفاهم والحوار بيننا وبين جيل تحاول كثير من وسائل الاتصال الحديثة استلاب عقله وقولبته وفق رؤية واحدة مغلقة للدين، خاصة بعد أن أفلح الشباب في تجاوز ثقافة الخوف، ولم يعد لها مجال في حياتهم! أعتقد أن من واجبنا أن ننقذه من الفكر الظلامي بتدريبه علي ممارسة النقد الذاتي، لكن قبل ذلك علينا أن نطرح علي أنفسنا السؤال التالي: هل نجد المثقف العربي، الذي يدعي الريادة في مجتمعه، يدرب نفسه علي تقبّل النقد الواعي، الذي يبني إنسانا أفضل؟
إننا إن لم نصغِ لهذه الأجيال، ونحترم رأيها فينا، نحن الكبار، سنعيش قطيعة مع العصر، ولن نستطيع أن نسهم إلي جانب الشباب في إنجاز وعي جديد، يطوّرنا، ويدفعنا إلي الإحساس بروعة الحياة، التي هي في تغيير مستمر شئنا أم أبينا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.