"تعليم المنوفية" يواصل المتابعة الميدانية.. وتكريم التلاميذ المتميزين    المستشار عصام فريد يثمن صدور قانون الإجراءات الجنائية بعد تصديق رئيس الجمهورية    رئيس الوزراء يبحث خطة وجهود التوسع في اكتشافات الموارد البترولية والغاز    القاهرة الإخبارية: تصعيد القصف الإسرائيلي شرق وجنوب قطاع غزة وسط أزمة إنسانية متفاقمة    الأونروا: 282 ألف منزل مدمر بغزة والنازحون يستقبلون الشتاء في خيام    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر الآن مباراة العراق ضد الإمارات في ملحق آسيا لكأس العالم 2026    28 مبادرة توعوية لمكافحة الإدمان وارتفاع عدد المتطوعين إلى أكثر من 35 ألفًا    محمد عبدالعزيز: عادل إمام رفض «البعض يذهب للمأذون مرتين».. وأرغمته على المشاركة به    إعلان موعد خروج الفنان محمد صبحي من المستشفى    شون بيكر رئيسا للجنة تحكيم الدورة الخامسة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    الصحة: مصر قطعت خطوات متقدمة في تطوير منظومتها القومية من خلال تقوية نظم الترصد    اصفرار الجلد والعينين.. متى يتحول إلى إشارة خطر على الكبد؟    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: أكثر من 700 مادة إعلامية نُشرت حول افتتاح المتحف المصري الكبير في 215 وسيلة إعلامية دولية كبرى    إخماد حريق شب في عقار بالفيوم    3.6 مليار جنيه استثمارات حكومية لتنمية جنوب سيناء بخطة 2025/2026    بروتوكول الممر الموحش    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    مساعد وزير الإسكان يبحث التعاون مع ألمانيا بمجالات رفع كفاءة الخدمات بالمدن الجديدة    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 (موعد إجازة نصف العام 2025-2026)    السجن المشدد ل4 متهمين بسرقة سوبر ماركت بالإكراه فى قنا    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون مع بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    المستمتع الجيد.. 5 أبراج تملك مهارة الإنصات وتمنح من حولها الأمان    ليفاندوفسكي على رادار ميلان وفنربخشة بعد رحلته مع برشلونة    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    في قلب الشارع.. قتل مهندس كيمياء نووية مصري ب13 رصاصة في الإسكندرية    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    متحدث الأوقاف: مبادرة «صحح مفاهيمك» دعوة لإحياء المودة والرحمة    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    ندب قضاة ومنفعة عامة.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    إيطاليا تواجه مولدوفا في اختبار سهل بتصفيات كأس العالم 2026    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    إعلام فلسطيني: غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على غزة وخان يونس    الاتحاد الأوروبي يُشيد بالانتخابات البرلمانية العراقية    المرشحون يستعدون لجولة الإعادة ب«حملات الحشد»    المصرية للاتصالات: تحسن التدفقات النقدية الحرة يعكس قوة الأداء المالى    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحفيدة
نشر في أخبار الأدب يوم 10 - 11 - 2012

دار المسنين أقدر علي رعايته والعناية به.. افتقع وجهه وغامت عيناه وبردت أطرافه وارتعشت وهو يحاول جاهدا أن يثنيهم عن قرارهم الأشبه بقرار الموت دون فائدة..
جارت عليه السنوات وأشعلت رأسه شيبا.. وأحنت ظهره الحقائب المثقلة بالشجن والتي فشل في افراغها.. يسرج خيول عربات المساء.. رغم كل السواد الذي يحمله والأقدح سوادا من هذا الليل الذي تمدد في العيون والشوارع وواجهات البيوت.. يقلب في دفاتر الغياب والوجع.. كل شيء باهت تحيط به هالة من ضباب مصفر.. تداهمه شتاءات لا تنتهي.. كلما اقترب موعد مغادرته المنزل.. الذي سكب علي جدرانه عصارة الشوق ومنحه أسرار البهجة والنعيم.. وراقب من شرفاته أسراب الطيور العائدة من غربتها.. لأنه سيغادر.. الهواء مسامير تثقب رئتيه.. فرار الأبناء.. دار المسنين أقدر علي رعايته والعناية به.. امتقع وجهه وغامت عيناه وبردت أطرافه وارتعشت وهو يحاول جاهدا أن يثنيهم عن قرارهم الأشبه بقرار الموت دون فائدة.. لماذا يخذله الموت ولا يأتي سريعا كما توقع..؟! منذ رحلت زوجته ومئات الحشرات الصغيرة تفترس روحه اللينة الأشبه بالثمر الناضج.. رائحة ضفائرها موغلة بذاكرته.. كلما حاولت الحوائط الصماء وصرير أبوابها الموصدة حجب تقاسيم وجهها الأشبه بالبدر في تمامه.. أبدا لا يغيب وجهها الغريق في الصفاء.. سلالها مليئة بأطيب الثمر.. لا يضيع عطرها الشفيف بالنقاء.. تنساب نفحة من الياسمين وسحرها الفواح تملأ الزوايا والأركان والمكان.. تأتيه بقدح القهوة التي لا يشربها إلا من يدها.. تسبقها ابتسامتها التي لا تفارقها.. بعدها لم تعد تفتح الأبواب والنوافذ لم يعد يدخلها الصباح.. لا صوت غير صوتها الأثير في سمعه ونفسه معا.. تمدد الوجع ودار الزمان واستدار.. يسرج خيوله كل ليلة استعداداً للسفر.. حيث تنتظره سخية العطاء في بهو الراحة.. بعيدا عن مدن الجهامة والوحشة وثرثرات الهاتف وقسوة الأبناء.. وجرحهم الذي يأبي أن يندمل.. استسلم لسلطان النوم الطاغي الذي لا يقف في طريقه أحد.. أيقظته حرقة الشمس وهي تتسرب من خصائص النافذة فتنكسر خيوطها علي جسده الواهب.. تزحف نحو نيران غياب الزوجة وتفرق الرفاق ومغادرة المنزل.. ينكمش تحت الدثر.. ينتفض أمام صخب وضجيج الأبناء الذين أكل الأسي قلوبهم.. وامتدت الهواجس مسودة علي وجوههم..
الكلمات وقفت عاجزة في الحناجر.. محلقة فوقهم أسراب الطيور الشاردة.. الانسان يولد وحيدا ويموت وحيدا ويعذب وحيدا..
تعلق بصره بتلك الطيور الهائمة في الفضاء.. محدقا فيها وهي تبتعد في السماء رويدا رويدا حتي اختفت تماما وراء الأفق البعيدة..
صرخ أكبر الأبناء: أحدهم أفرغ كل أطر السيارة بالكامل.. من خلف السيارة برزت الحفيدة ذات العشرة أعوام قائلة: أنها من أفرغت أطر السيارة حتي لا يذهب جدها الي دار المسنين.. بين صرخاتها ودموعها الرافضة لهذه النهاية المروعة.. وانها وحدها قادرة علي العناية به.. ولن تطلب مساعدتهم.. وينبغي أن لا ينسوا أن الخريف ينتظرهم وشتاءات لا تنتهي ونهايات مؤلمة لا يرضونها.. أبه بمصير جدها الذي راح يمطرها بالقبلات ويحتضنها.. وكأن كل هموم العالم اقتسماها سويا.. لم يقدرا علي كبح الدموع التي انهمرت كالمطر والتي غسلت غشاوة الرؤي في عين الأبناء الذين تبادلوا اللوم والعتاب.
مقررين أن والدهم هو الأقدر بالعناية قبل أي شيء آخر مهما عظم.. تسحب الشمس أشعتها الأخيرة.. ونسيم هاديء رائق يتسلل الي رئتيه.. بين ابتسام الحفيدة.. واعتذار الأبناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.