■ جماجم ضحايا الإبادة الجماعية الرواندية معروضة بأحد المعارض في كيغالى »صورة من رويترز« في يوم 7 أبريل عام 1994.. قُتل ما يقرب من مليون شخص خلال مائة يوم فقط في حملة إبادة جماعية في رواندا حين شن القادة المتطرفون من جماعة الهوتو التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة جماعية ضد أقلية التوتسي والمعتدلين من الهوتو الذين عارضوا إراقة الدماء.. كان حجم الوفيات مروعًا.. فيما تدفق سيل عمليات القتل إلي جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة، مما أدي إلي نشوب سنوات من الصراع في منطقة البحيرات العظمي بإفريقيا. وعلي طول هذا الطريق الملطخ بالدماء أصبح العنف الجنسي احد اشكال الحرب.. فعانت النساء من عمليات اغتصاب لا حصر لها، مما زاد من انتشار الإيدز. كما تم وصم نسل هذه الاعتداءات بأنهم "أطفال القتلة". وفي نفس العام الذي تم فيه تنصيب نيلسون مانديلا كأول رئيس أسود لجنوب إفريقيا-شعار أمل القارة وانتصارها علي الشدائد-كانت إفريقيا أيضًا في أعين الناس غارقة في حالة من الفوضي والعنف المأساوي. اللوم لم يقع علي إفريقيا فقط.. لكن الإبادة الجماعية سلطت الضوء علي فشل المجتمع الدولي وقوات حفظ السلام في القيام بمهامها. فالولاياتالمتحدة، التي تأثرت بقتل وإذلال جنودها في الصومال خلال معركة مقديشو قبل بضعة أشهر من الإبادة، لم تتدخل. وبعد سنوات من حملة الإبادة برر بيل كلينتون، الذي كان رئيس الولاياتالمتحدة آنذاك خلال زيارة لرواندا، "لا أعتقد أننا كان بإمكاننا إنهاء العنف، لكنني أعتقد أننا كنا نستطيع الحد منه. وأنا آسف لذلك". أما فرنسا، وهي لاعب مهم في إفريقيا الناطقة بالفرنسية فقد واجهت اتهامات بأنها دعمت قيادة الهوتو قبل وأثناء المذابح. ووصف الرئيس الرواندي بول كاجامي الجنود الفرنسيين "بالجهات الفاعلة" في الإبادة الجماعية-وهي تهمة نفتها فرنسا. كما وجهت الاتهامات ايضا للأمم المتحدة، التي رفضت قوتها المتواضعة في رواندا (2500 جندي) مداهمة مخبأ لأسلحة الهوتو في الأيام التي سبقت الابادة،.. وتجاهلها رسالة التحذير التي اطلقها القائد الكندي لقوات حفظ السلام روميو دالير من المذبحة حيث لم تتحرك قوات حفظ السلام لوضع حد لتلك المأساة. وانطلقت عملية الإبادة الجماعية بعد يوم من قيام مجهولين بإطلاق صاروخ علي طائرة رئيس رواندا جوفينال هابياريمانا ونظيره البوروندي سيبريان نتارياميرا أثناء اقترابها من العاصمة الرواندية كيغالي، ولم يثبت بوضوح من الذي أسقط الطائرة كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت الإبادة الجماعية قد تم التخطيط لها مسبقًا وتحتاج فقط إلي شرارة لإشعال فتيلها المميت.. حيث أنحي متشددو الهوتو باللائمة علي الجبهة الوطنية المتمردة ليبدأوا علي الفور حملة منظمة للقتل.. فيما قالت الجبهة الوطنية الرواندية إن الهوتو هم من أسقطوا الطائرة كذريعة لتنفيذ إبادة جماعية. بدأت المذبحة بقيام قوات النخبة الحكومية، المدعومة من ميليشيا الهوتو "الإنتراهاموي"، بجمع وإعدام قادة عسكريين وسياسيين من التوتسي. وفي المناطق الريفية، عاش الهوتو والتوتسي جنبا إلي جنب حثت دعاية حكومية واسعة الانتشار في الإذاعة والصحف الهوتو علي حمل أي سلاح لقتل جيرانهم. فيما تم إجلاء الأجانب العاملين في البلاد. وذبح الناس في الكنائس والمنازل والحقول.. لترث الأجيال المقبلة كابوسًا وطنيًا تم تخليده في متحف يضم جماجم معروضة للضحايا مكدسة في صفوف. وانتهت الإبادة الجماعية بعدما شنت الجبهة الوطنية الرواندية هجومًا واسعًا للاستيلاء علي العاصمة كيغالي والمدن الرئيسية الأخري في أوائل يوليو.. بعدها قاموا بتشكيل حكومة مؤقتة، ومنذ سنة 2000 يشغل كاجامي منصب رئيس البلاد. وفي الذكري ال25 للإبادة الجماعية أطلقت رواندا حدادا لمدة 100 يوم علي ضحايا المذبحة التي قُتل فيها ما يصل إلي 800،000 شخص، بمعدل 10،000 قتيل يوميا، وتم فيها القضاء علي 70 % من أقلية التوتسي، وأكثر من 10 في المائة من مجموع سكان رواندا. ■ مرام عماد المصري