اتحادات الكتاب، مثلها مثل كل النقابات، مهمتها الأساسية رعاية أعضائها لا ترويعهم. واتحاداتنا العربية ليست بعيدة عن ذلك؛ بل إن مهامها تتجاوز مهام مثيلاتها في العالم الديمقراطي، حيث ينبغي لها أن تحمي الأعضاء من عسف السلطة وبطش الشارع وغدر الزمان. لكننا يجب أن نكون منصفين أيضًا ونعرف أن اتحاداتنا لا تستطيع أن توفر هذه الحماية الثلاثية لأدباء قليلي الحياء، فالأدب فضلوه علي الإبداع، ولابد من تأديب الأعضاء الذين يخرجون علي حدود الأدب، وما يقرره حراس الفضيلة في هذا الاتحاد أو ذاك! وقد أحسست بالتعاطف الشديد مع اتحاد الكتاب السوري ورئيسه حسين جمعة الذي وجد نفسه في وضع حرج برئاسته لمؤسسة تضم أدباء لا يلتزمون حدود الأدب، ويكتبون الروايات الجنسية المدعومة بالصهيونية العالمية، ويحصلون علي جوائزها المشبوهة، مثل البوكر وجائزة نجيب محفوظ، وكلتاهما اصطادت كاتبًا سوريًا هذا العام، فهل هذه مصادفة؟! وصل الروائي فواز حداد إلي القائمة القصيرة في البوكر بروايته "المترجم الخائن" ولم يكن بعيدًا عن الفوز بالجائزة النهائية، ولكم أن تتأملوا عنوان الرواية، ألا ينكشف الخطاب من عنوانه والرواية أيضًا؟ الروائي الثاني، وقد كان صديقي للأسف، لكنني أتبرأ منه الآن علنًا، هو خليل صويلح، وقد سعيت إلي التعرف إليه بعد أن قرأت روايته "وراق الحب" التي فازت مؤخرًا والعياذ بالله بجائزة نجيب محفوظ ، وهي عبارة عن ألف دولار وميدالية من عائدات ترجمة نجيب محفوظ ويرعاها قسم النشر بالجامعة الأمريكية، باعتباره صاحب حقوق نشر محفوظ في اللغات الأجنبية. أحببت في رواية خليل عندما صدرت طبعتها الأولي في عام 2002 أنها رواية تسمي الأشياء بأسمائها، يبدو فيها المكان السوري واضحًا بلا تلعثم، مع تقنية حديثة قديمة تستدعي بنية ألف ليلة وليلة؛ فهي بحجمها القصير روايات داخل رواية؛ حيث توجد قصة إطارية لشاعر قرر بسخرية ظريفة أن يتحول إلي كتابة الرواية، وفي إطار سعيه للنقل من الآخرين يستعرض تراث العرب والعجم الأدبي. وقد أحببت في روايته أيضًا ذلك التشويق الإيروتيكي في موضعه، ورأيته منسجمًا مع تراثنا العريق في هذا المجال من امريء القيس إلي أبي نواس والنفزاوي إلي التيجاني، إلي أئمة مثل السيوطي. ولغفلة مني لم أفطن إلي النزوع الجنسي الصهيوني في "وراق الحب" والذي انكشف مؤخرًا بعد فوز الرواية بجائزة نجيب محفوظ، لكنني من قبل هذا الفوز المشئوم كنت قد اقتربت من خليل واطلعت علي الخلطة الجنسية الصهيونية في رواياته التالية "بريد عاجل" و"دع عنك لومي" و"زهور وسارة وناريمان" فقررت فورًا الإقلاع عن هذه الصداقة البئيسة، والتوقف عن قراءة خليل، وللصراحة لم أبتعد عن قراءة كتب التراث الجنسي العربي، لكنني بدأت أقرأها بعين فاحصة لاكتشاف ما قد قد يختبيء تحت تهتكها من علاقات بالصهيونية العالمية. وقد صدقت توقعاتي في خليل صويلح، وحصل علي جائزة نجيب محفوظ، وسعدت بقرار الابتعاد عنه وعن كل من يحصلون علي جوائز، حتي لو كانت من النوع الآمن الذي حدده رئيس الاتحاد السوري، كالبابطين والعويس، فلا شيء مضمونًا هذه الأيام، ولا يمكن للمرء أن يتأكد من أن الفائز بالبابطين لم يكن يتمني البوكر! أرفع العمامة (بلاها شبهة القبعة) لاتحاد الكتاب السوري علي يقظته ضد الهرطقة الجنسية لبعض الكتاب والكاتبات، من تأهل منهم أو منهن إلي قائمة البوكر ومن يُحتمل. لكن في الوقت نفسه لنا عتاب رقيق، تفرضه علي الاتحاد مهمته الأساسية وهي رعاية الكتاب؛ إذ كنا نأمل، يعني، أن يسعي إلي تأديبهم بالحسني، طبقًا لآداب التربية الإسلامية، بأن يدعوهم للإقلاع عن الجنس لسبع وأن يضربهم عليه لسبع، وبعد ذلك يبلغ عنهم السلطات، أما أن يبدأ بالأخيرة؛ فهذا ما لم نكن نأمله من مؤسسة رأي مهمتها الأساسية التأديب والتهذيب والإصلاح!