من الذي أقنع إرهابي الدرب الأحمر، أن شنطة المتفجرات التي يحملها خلف ظهره، هي جهاد في سبيل الله، وأن بلده »دار حرب»، وإذا قتل فسوف يدخل الجنة، ويكون مع الشهداء والصديقين؟ من غسل مخه، فأباح له قتل نساء وأطفال ورجال وشيوخ، إذا انفجرت فيهم شنطة المتفجرات، فتخيل وهو يركب دراجته أنهم الكفار أعداء الله؟ عقول طُمست وجري مسحها ومحو ما فيها، وإعادة تعبئتها بفتاوي سفك الدماء، فلا يدرك الإرهابي أن من يقتله اسمه محمد أو علي أو محمود، مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فتاوي الدم جعلتهم ريبوتات قاتلة، مثل الذي نراه في أفلام الرعب، فلا يدرك ولا يحس ولا يعي، ولا يعرف إلا شيئاً واحداً، هو الاتجاه صوب الهدف، الذي تم برمجته عليه. الإرهابي المبرمج أخطر من الريبوتات القاتلة، التي يسخرها العلماء لتجاربهم، فصنعوا بعضها للقتل وبعضها للتجسس وبعضها للاشتراك في الحروب، وبعضها لخدمة البشرية. مرة أخري: شيوخ التطرف يصنعون من الإرهابيين ريبوتات قاتلة بلا عقول، خذ الشنطة واذهب إلي الدرب الأحمر، وفجرها في الناس.. فيفعل ذلك. برمجة عقول الإرهابيين، بجعلهم يكرهون أوطانهم، ويعلموهم أن كراهية الأوطان من الإيمان، وأن الأرض أرض المسلمين، وأن مصر يمكن أن يحكمها ماليزي أو سريلانكي. ويعلموهم أن الذي لا يسير علي نهجهم مشرك وكافر، وجب حربه وقتاله لمحو الكفر والضلال، وإخراجهم من الظلمات إلي النور، وأنه لا يكفي أن تعيشوا في أرض الكفر، بل الجهاد لاستردادها. ويملأون عقولهم بأفكار غير صحيحة، عن الجهاد والاستشهاد والجنة والنار، ودفع عدوان الكافرين، وأن القتل هدفه نشر الخير بين الناس وإزهاق الباطل ونشر العدل. يقولون للأطفال في مدارسهم، لا تهتفوا لبلدكم ولا ترددوا تحية العلم، وارفعوا أوراقاً سوداء، علي شكل أعلام داعش والنصرة، ليقتلوا في نفوسهم حب الأوطان منذ نعومة أظافرهم. من الذي يبرمج عقول الإرهابيين؟ الجماعة الإرهابية هي المتهم الأول، ويقبع شيوخها في السجون في الداخل أو الفنادق في الخارج، ويحرضون شبابهم علي العنف والإرهاب، أملاً في استعادة خلافتهم التي لن تعود. الزوايا والمساجد التي لا تخضع لرقابة الأوقاف، ويعتلي منابرها متطرفين يرتدون عباءات دينية، ويلوثون عقول وأفكار الشباب، بما هو أخطر من الديناميت والمتفجرات. الخطاب الديني، وتجديده ليس قفزاً علي الشريعة الإسلامية، وإنما إعلاء لمبادئها التي تحض علي السماحة والسلام والحفاظ علي أرواح الآمنين. الرقم الصعب هو تجديد الخطاب الديني، لأن من مصلحة البعض أن يظل جامداً، حتي يظلوا أصحاب نفوذ، مهما كان الثمن.