جاء الشتاء ، اشتد البرد ، السماء مشرقة بنور الشمس ممتلئة بالسحب الصغيرة المنبسطة فيها، وسط إحدي السحب الصغيرة صاحت قطرة مطر صغيرة قطرها 0.01 مللي فقط : متي تختفي الشمس و تتحول سحابتنا إلي غيمة وأصبح أنا قطرة مطر كبيرة أسقط علي الأرض.. تري أين سيكون مكاني ؟؟ هل سأسقط فوق وجه طفل فيسعد ويبتسم أم فوق شجرة ضخمة فأغسل أوراقها أم أنني سأسقي نبتة خضراء ؟ وربما كان حظي أن أسقط في الصحراء وأتخلل حبات الرمل الصفراء باحثة عن بذرة فأنبتها أوتمتليء بي العيون فتشرب مني حيوانات الصحراء ..؟!! صاحت قطرات المطر الأخري : قريبا سنعرف لقد امتلئت بنا السحابة ولن يطول الأمر. وماهي إلا لحظات حتي تحركت الرياح حاملة السحابة و قطرات المطر..تراكمت السحب الصغيرة التي نقلتها الرياح و تحولت الي غيمة رمادية كبيرة حجبت ضوء الشمس واسودت السماء.. استعدت قطرات المطر للنزول وودعت بعضها البعض فما هي إلا لحظات و ستتناثر كل منهن في مكان. تعاهدت القطرات إذا ما التقت في الشتاء القادم أن تحكي كل منهن عن رحلتها ، لم تعد الغيمة قادرة أن تجوب السماء فقد زادت الحمولة و سرعان ما ألقت حمولتها بطريقة متتابعة و سريعة علي هيئة رخات مطر .. صاحت قطرة المطر في سعادة غامرة : ها أنا ذا سوف أسبق الجميع وأصل إلي الارض أولا. علي الأرض.. كان الجميع مستبشرون بنزول المطر ، و كيف لا و المطر ضروري لحياة البشر و الحيوان و النبات، كما أنه ينظف الهواء من الغبار و الملوثات الكميائية . وسرعان ما دارت الأيام و تبخرت المياه من سطح الأرض و صعد بخار الماء إلي طبقات الجو العليا الباردة جداً مما تسبب في تبريد البخار و تكثفه علي شكل قطرات مياه صغيرة جدا قُطر كل منها 0.01 أو 0.02 مللي بالكثير داخل السحب المنبسطة في السماء، و ها هي الرياح تحمل السحب الصغيرة مرة أخري فتدفعها لتتلاصق و تتحول الي غيمة كبيرة مزدحمة بحبات المطر. » يا لها من مفاجاة ! أهلا أهلا صديقاتي » ..هكذا صاحت قطرة المطر، تبادل الجميع السلام والحكايات، قالت قطرة المطر الأولي: أما أنا فقد سقطت في كف طفل صغير كان يمد يده فرحا بالمطر وقالت قطرة المطر الثانية أما أنا فسقطت في البحر و سرعان ما ركبت الأمواج وقالت قطرة المطر الصغيرة أما أنا فكنت في طريقي إلي الأرض إلا أنني شاهدت اصيص زرع به وردة ذابلة علي حافة نافذة ، فقاومت الرياح وجريت في اتجاهه و بمجرد أن سقطت فيه انتعشت الوردة و دبت فيها الحياة من جديد ، و في هذه اللحظة دخلت طفلة صغيرة و فتحت النافذة و ما أن رأت وردتها التي زرعتها و نسيت أن تسقيها قد تفتحت و ترعرعت من جديد حتي مدت يدها خارج النافذة لتبللها بحبات المطر الأخري المتساقطة و هي تقول : »الحمد لله علي نعمة المطر » .