طارق الطاهر بعد ثورة 25 يناير 2011 تشكلت العديد من الحركات الثقافية المستقلة، التي اتخذت لنفسها حق المشاركة العامة والتنبيه إلي خطر بعض القرارات التي تؤثر في مسيرة الثقافة المصرية، وحرية الإبداع. من هذه الحركات ظهرت جماعة ز نحن هناس الأدبية التي يتولي الأديب البورسعيدي قاسم مسعد عليوة مهمة المنسق العام لهذه الحركة، التي أصبحت الآن تلعب دورا مؤثرا ذ إلي حد ما- حيث تقيم بعض الأنشطة داخل وخارج بورسعيد، كما أنها تصدر علي الدوام البيانات المعبرة عن الضمير الثقافي، ومن ذلك تصديها في البيان الذي حمل رقم 16، لما أطلق عليه بتوجيه د. صابر عرب وزير الثقافة، الذي أصدره لرئيس هيئة قصور الثقافة، بتوخي الجماعية في إدارة الشأن الثقافي، من خلال تشكيل مجالس أمناء لقصور الثقافة بالفروع الثقافية، وأن تضم هذه المجالس في عضويتها مرشحين من قبل المحافظين والأحزاب السياسية. بداية أنتابتني دهشة شديدة أن يصدر هذا التوجيه من وزير الثقافة، لأنه يصطدم بداية بالقانون الذي أبعد المحافظين تماما عن التدخل في شئون الثقافة بمحافظاتهم، فهناك استقلالية كاملة لوزير الثقافة ورئيس هيئة قصور الثقافة في إدارة شئون الثقافة، ولا يستطيع المحافظ- رغم أنه الرئيبس الأعلي للسلطات الإدارية في محافظته- أن ينقل أو يجازي الموظفين والعاملين في أي فرع ثقافي، رغم أنه يستطيع أن يفعل ذلك في قطاعات أخري مثل الصحة والتعليم، أما الثقافة فليس لأي محافظ دخل بها بالمعني القانوني. لذا كان هاما أن يصدر بيان حركة نحن هنا، ليس فقط لإدانة هذا التوجه، لكن- أيضا- لشرح خطورته، إذ أوضح البيان: ز أن الاستعانة بالمحافظين في عملية الترشيح تؤثر بالسلب علي القدر النسبي اليسير من الاستقلال الذي يتمتع به العمل الثقافي في المحافظات، وتتيح للمحليات استغلال مقدرات الوحدات التابعة للفروع الثقافية وتوظيفها لخدمتها وليس لخدمة الحركة الثقافيةس وأضاف البيان تفنيدا لسلبيات توجيه الوزير: ز إشراك الأحزاب السياسية بمسمياتها في عملية الترشيح، يقلق كثيرين من المثقفين باعتبارها الخطوة الأولي لسيطرة أحزاب بعينها علي واحدة من أهم المؤسسات المؤثرة في البنية الفكرية والوجدانية داخل المجتمع المصري، فضلا عن أنه يحيل العمل الثقافي بالمحافظات إلي ساحات للتنافس علي بسط النفوذ، فالأحزاب السياسية القائمة تنظر للأنشطة الثقافية، أدبية كانت أم فنية، باعتبارها وسائط للعمل الجماهيري ليس إلاس. الغريب أنه تم تطبيق ذات الفكرة أيام د. عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق، عندما قرر تشكيل مجلس الأمناء للمتاحف التابعة لقطاع الفنون التشكيلية، لكنه لم يلجأ إلي المحافظين أو الأحزاب ليرشحوا.. إنما توجه مباشرة إلي المثقفين والمتابعين للحركة الفنية. والغريب- أيضا- أن هذه الفكرة، وأقصد تشكيل مجالس استشارية للثقافة في المحافظات أنطلقت في عهد د. أحمد نوار الرئيس الأسبق لهيئة قصور الثقافة، لكن لم يكتب لها النجاح، لذا أتفق- أيضا- مع البند الثالث، الذي جاء في بيان حركة نحن هنا: ز المنطق يستدعي تحديد أهداف واختصاصات وصلاحيات مجالس الأمناء هذه، وشروط عضويتها قبل ترشيح واختيار أعضائها، وفي هذا السياق تذكر الحركة بالمجالس الاستشارية التي تشكلت في الأقاليم الثقافية وفروعها بقرار من رئيس الهيئة العامة السابق الدكتور أحمد نوار، وكانت تجربة جديدة أفرزت العديد من الأفكار البناءة، لكنها لم تر طريقها إلي التنفيذ بسبب العقبات المالية والإدارية التقليديةس. حسنا ما فعله د. صابر عرب عندما أعلن عن تراجعه عن هذا التوجيه، وهو ما أدي للحركة أن تصدر بيانا تشكره فيه علي هذه الاستجابة لوجهة نظرها، التي تعبر بالتأكيد عن رؤية لشريحة كبيرة للأدباء والمثقفين، خاصة في محافظات مصر.