انهم مكفرون، يكفرون بالإبداع المبدعين ، طه حسين عندهم: زنديق ، وقاسم أمين مفسد في الأرض، وإحسان عبدالقدوس شوه صورة المرأة المسلمة ، ونجيب محفوظ كافر يستحق القتل، وعباس الأسواني يدعو الي الشذوذ والجنس، قلت لصاحبي : إن الثورة خلصتنا من الوجوه القبيحة التي شوهت جمال الحياة ردحا من الزمن ولطخت وجه مصر بالعار والمذلة. لكن الثوار الذين كانت تجمعهم وحدة الهدف فرقتهم النظرة إلي المستقبل فتناثروا شيعاً وأحزاباً واختلفت مشاربهم فبعد أن كنا نحسبهم جميعا وجدنا قلوبهم شتي وبأيديهم قدموا مصر طعمة الي جماعة منظمة سيطرت علي مقاليد البلاد والعباد وتريد أن تحكم ولامعقب لحكمها وتريد أن تقمع معارضيها فالمعارضة عندهم سوء ظن وسوء الظن في الشرع محرم كمال قال شاعرنا أحمد مطر في إحدي قصائده. قاطعني صديقي قائلا: هون عليك وتمتع بالسيئ فالقادم أسوأ. قلت: ياصاحبي: إنهم لايمتلكون مشروعاً ولايحزنون فقد قال كبيرهم مايشبه ذلك واتهم الناس بأنهم غير مؤهلين وان الأمر يحتاج وقتا كبيرا لتأهيلهم ويقصد بذلك -والله أعلم- أن نمنحه وجماعته فرصة ثلاثين عاما كما منحنا البائدين قبله نفس الفرصة. تبسم صاحبي وقال : تمتع بالسيئ فالقادم أسوأ. صرخت : ياصاحبي إن أنباء عمومتهم السلفيين جامدون منفرون ويسوقون لنا دينا لاعلاقة له بالدين ولاصلة بينه وبين ما دعا إليه رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم فالدين عنده يسر ورحمة وانفتاح علي الآخر وعولمة تتحلي بالإطار الأخلاقي وعفة لسان وحرية مسئولة والدين عندهم قسوة وغلظة وفظاظة وانغلاق ومحلية ضيقة وسب وشتم ولعن وتقديس لرجال الدين وسمع وطاعة بلا جدال.. وضع صاحبي يده علي كتفي وقال لاتصرخ وتمتع بالسيئ فالقادم أسوأ. فابتدرته قائلا : إن الناس يظنون أن بين السلفيين وبين أبناء عمومتهم خلافا راح البعض يفسره بأنه خلاف حول مفهوم العقيدة عند الطرفين وفسره آخرون تفسيراً أكثر وضوحا ودقة حيث انتهوا إلي أنه خلاف سياسي برجماتي حول توزيع الغنائم فهم فريق واحد حتي وان حاولوا التنصل من ذلك فالإخوان يمين متطور يغلب المصلحة علي الثوابت والسلفيون يمين راديكالي متشدد يجلس في أقصي نقطة متطرفة. رمقني صاحبي بنظرة امتعاض قائلا: دعك من كلام النخبة وتمتع بالسيئ فالقادم أسوأ. قلت ياصاحبي: إنهم يكفرون بالإبداع والمبدعين، طة حسين عندهم زنديق وقاسم أمين مفسد في الأرض وإحسان عبدالقدوس شوه صورة المرأة المسلمة ونجيب محفوظ كافر يستحق القتل وعلاء الأسواني يدعو إلي الشذوذ الجنسي في رواياته علي الرغم من من النهاية السيئة التي وضعها الأسواني لذلك الشاذ كما اتهموه بأنه ليس كاتبا عالميا ولامحليا وانه قد خان صعيديته وباع قيم آبائه وأجداده. طأطأ صاحبي رأسه متسائلا: هل وكلك آدم علي ذريته؟ وهل اختارك الله كي تدافع عن هؤلاء؟ إنهم أجدر بالدفاع عن أنفسهم فما عليك إلا نفسك وتمتع بالسيئ لأن القادم أسوأ. عجباً لأمرك ياصاحبي فكأنك لست منا ولم تكن معنا ولاتعرف ماذا يحدث لنا فإن القوم ياصاحبي قد بغوا علينا وضاجعوا أحلامنا إلي أن تمكنوا ووعدونا بجنة في الأرض ليس لها وجود إلا في خيالهم فقط. فهل تفهم ياصاحبي مالا أفهمه؟ وهل تعي ملا نعيه؟ وهل تري مالانراه وتعلم مالا نعلمه نحن المغيبون ؟ وهل أطلعك الله علي الغيب فعلمت ماذا ينتظرنا؟ ضحك صاحبي متعجبا وأردف قائلا" إذا كان الحاضر يا أخي قائماً وكئيباً وقبيحاً بهذه الصورة فمن البديهي ان يكون القادم أكثر كآبة وقتامة وقبحاً. قلت ياصاحبي: إن الثورة مستمرة والميدان كما هو لم ينقل والثوار سيجمعون شتاتهم وسيعودون أقوي مما كانوا. علت ضحكات صاحبي وبلهجة متهكمة قال لي: الميدان قد تغيرت معالمة وتغير اسمه فأصبح ميدان الشهداء وبات أثراً يزار والثوار ثملون حتي مطلع القهر كل ثورة وأنت طيب فأرجوك ياهذا أن تتمتع بالسيئ فالقادم أسوأ.