الصحة: زيادة عدد لجان الكشف الطبي على ذوي الاحتياجات الخاصة إلى 550 لجنة    وزير الشؤون النيابية: الحوار الوطني لم ينته إلى توصية محددة بشأن النظام الانتخابي    «الاقتصاد والعلوم السياسية» بجامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    ممثل الحزب المصري الديمقراطي يرفض تعديلات قوانين الانتخابات    63 ألف طالب بالأول والثاني الثانوي يؤدون امتحاني التاريخ والأحياء في المنيا    «الداخلية»: ختام تدريب الكوادر الأفريقية بالتعاون مع الشرطة الإيطالية في مكافحة الهجرة غير الشرعية    وزير المالية: بدأنا جني ثمار الإصلاح بمؤشرات قوية للأداء الاقتصادى    البنك الأهلي يجتمع غدا لحسم أسعار الفائدة على الشهادات والمنتجات المصرفية    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    «الزراعة»: الدليل الإرشادي البيطري خطوة لتطوير المنظومة الصحية بمصر    استمرار توريد القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    «المنظمات الفلسطينية» تحذر من تداعيات توسيع جيش الاحتلال نطاق عملياته في غزة    حكومة غزة: الاحتلال يفرض سيطرته على 77% من القطاع عبر التطهير العرقي والإخلاء القسري    وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد    طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري سوبر السلة بين الأهلي والاتحاد السكندري    قبل جولة من الختام.. ماذا يحتاج مانشستر سيتي للتأهل لدوري أبطال أوروبا؟    أزمة جديدة داخل الزمالك بسبب مدير تعاقدات «أهلاوي»    القضاء الإداري يحكم في إعادة مباراة الأهلي والزمالك اليوم.. وخبير لوائح يكشف مفاجأة    لاعب مانشستر السابق يجيب.. هل ينضم رونالدو للوداد المغربي؟    رسميًا.. ريال مدريد يعلن مدربه الجديد خلفًا لأنشيلوتي    ضبط 275 كيلو لحوم فاسدة قبل عيد الأضحى المبارك بدمياط    مصرع طالب إعدادي غرقًا في ترعة بقنا    إحالة مدير «الكوثر للغات» للتحقيق للتلاعب فى أوراق التصحيح    موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الأزهري الترم الثاني 2025    غرق فى الترعة.. مصرع طالب إعدادي بقنا    السعودية: وصول 960 ألف حاج واستطلاع هلال ذي الحجة الثلاثاء    بدء أعمال التصحيح وتقدير الدرجات للشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    نادين نجيم تتعاون مع ظافر العابدين لأول مرة في دراما رمضان 2026    «المشروع X» ينفرد بصدارة إيرادات شباك التذاكر    تامر حسني والشامي يتصدران التريند ب«ملكة جمال الكون»    5 أبراج تُجيد فن الدعم النفسي والتفكير بطريقة إيجابية (هل برجك منهم؟)    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    في احتفالية تسليم جينوم الرياضيين، عاشور: وضع خريطة جينية للمصريين ودراسة الأمراض الشائعة والنادرة    بحضور 3 وزراء.. إطلاق مرحلة جديدة من اختبار الجين الرياضي Gene-Next    الصحة العالمية: أكثر من 60% من الأمراض المعدية لدى البشر تنشأ من الحيوانات    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    وزير ألماني يدعو لتجنب التصعيد في النزاع الجمركي مع واشنطن    تشريعية النواب توافق على تعديلات قانون مجلس الشيوخ    جامعة أسيوط تستعد للموسم الصيفي بأنشطة رياضية متنوعة بالقرية الأولمبية (صور)    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد – صور    مصر تستعرض نظامها الصحي الجديد في مؤتمر صيني ضمن "الحزام والطريق"    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    التشكيل المتوقع لمباراة مانشستر سيتي وفولهام والقنوات الناقلة    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليفك جانتك وليفنت جونتش وحوار عن:الأيام الحزينة للمعارضة الساخرة في تركيا
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 01 - 2019


ليفك جانتك وليفنت جوننتش
يستند الثنائي ليفنت جانتك وليفنت جوننتش في أجزاء من كتابهما »دفتر المعارضة»‬ الذي صدر حديثًا، علي دراسات مشتركة قاما بها من قبل. جوننتش محامٍ دستوري وجانتك أكاديمي انصرف عن الجامعة. نُشرت لجوننتش الكاريكاتيرات في العديد من الصحف والمجلات وما زالت تنشر حتي الآن. أما جانتك فيكتب سيناريوهات الرواية المصورة، وله أيضًا العديد من كتب القصص المصورة.
كتاب »‬دفتر المعارضة» هو نتاج صداقة بدأت منذ ربع قرن، أراد كاتباه تدوين النقاشات التي تدور بينهما بشغف. كلاهما يقوم حتي الآن بجمع المجلات الساخرة القديمة والحديثة وفحصها. يقول جوننتش: »‬في سنوات عملي الأولي في الكاريكاتير بدا لي هذا العالم ساحرًا، لا سيما أوساط المجلات الساخرة التي جذبتني، ولم يكسر أبي خاطري فأخذني إلي مكان إعداد مجلتي »‬جِر جِر» و »‬فِرت». تعرفت علي تاكين أرال* ورسامي كاريكاتير آخرين، حتي أن أرال أهداني فرشاة »‬تراما أوجو»، وفي تلك السنوات كان من الصعب جدًّا أن تعثر علي مثل هذا النوع. كنت وقتها ولدًا صغيرًا وجاءتني هذه الزيارة القصيرة كالحلم.
لكن أول لقاء لجانتك بصانعي المجلات الساخرة مر بصعوبة علي عكس توقعاته. اندهش من غضب أووز أرال علي رسامي الكاريكاتير الشباب الذين تركوا مجلته وأصدروا مجلة »‬لِيمُون»، يقول: »‬كنت أظن أنه سيدعمهم ويشجعهم علي ذلك، لكن ردة فعله تلك كانت سببًا في نضجي، لأنني فهمت أن الرومانسية لا ينبغي أن تكون في مثل هذا الأمور. كان الرسامون الشباب يحكون عن علاقات الأب بالابن و »‬الأسطي» بالصبي، لكن مجلة »‬جِر جِر» ذات الدخل المرتفع، التي تبيع ثلاثمائة ألف نسخة في الأسبوع، كانت تشهد آنذاك معركة مالية كبيرة
العمل المشترك بين جوننتش وجانتك مليء بتاريخ السخرية والتفاصيل اليومية، حاملًا آثار الفضول والشغف من ناحية والقراءة النقدية من ناحية أخري. تحدثنا معهما حول تاريخ المجلات الساخرة في تركيا وعن كتابهما أيضًا.
لماذا تعد المجلات الساخرة مهمة؟ وكيف ترون واقع هذه المجلات؟ وما قيمتها كمواد تاريخية؟
ليفنت جوننتش: تحمل المجلات الساخرة أهمية من أكثر من زاوية، في بادئ الأمر، بالنسبة لرسامي الكاريكاتير فإنهم أولًا بفضل هذه المجلات يحافظون علي حياتهم، فهذه المجلات هي باب الرزق بالنسبة إليهم. ثانيًا، تحافظ المجلات الساخرة علي روح الفكاهة. ورغم أن التأمل بشكل أسبوعي في عملية المزاح وإنتاج الأعمال في هذه المساحة، يجعل العمل مكررًا أحيانًا، ولكنه في النهاية عالم حيوي وديناميكي. ثالثًا، تعتبر المجلات الساخرة بمثابة الوظيفة المدرسية بالنسبة لرسامي الكاريكاتير، كما أن الرسامين الجدد ينضجون داخل هذه المجلات. وبالنسبة للقارئ فيمكننا القول إن المجلات الساخرة تصبح في أغلب الوقت كالعادة. نعم في يومنا هذا لم يعد لها نفس القدر من الاهتمام، ولكن قديما كان القراء مرتبطين بهذه المجلات؛ يتابعونها ويطالبون بطباعتها. يحتاج القارئ إلي جرعة أسبوعية من الفكاهة.
ليفنت جانتك: تعيش المجلة علي علاقة العرض والطلب، أما أنها تحمل قيمة الوثيقة التاريخية فهذا بالطبع شيء آخر. الفنانون لا يصدرون المجلات بهذه النية من الأساس، ولكن عندما نعود إلي ماضي هذه المجلات نفهم كيف كان المزاح الشعبي، وما الأشياء التي كانت تُنتقد آنذاك. ولكن ربما حين تنظر اليوم إلي السخرية في الماضي فمن الممكن ألا تبدو مضحكة بالنسبة لك الآن، فإذا لم تعرف السياق الذي ذكرت فيه سيكون نقدك لها أكثر من اللازم، أو من الممكن أيضًا أن يكون شيئًا مناسبًا قديمًا لكنه لم يعد كذلك اليوم من الناحية السياسية. بهذه النقطة تظهر مشكلة كيفية نظر المؤرخ إلي هذه المجلات.
جوننتش: ربما يكون عمل الفنانين الساخرين مثل عمل المؤرخين ولكن بلا وجه عابس، لأن الأمر يتعلق بالمزاح والسخرية؛ هم يعكسون الواقع اليومي علي صفحات المجلات. لأجل ذلك تعطينا هذه المجلات طرف الخيط لفهم الماضي، وخصوصًا إذا تم تقييم المجلات الساخرة التي تمثل تيارات مختلفة، كل واحدة منها في سياقها، من الممكن التقاط تفاصيل مهمة جدًّا لأحداث وشخصيات معينة. وفي آخر الأمر يتشابك تاريخ السخرية مع سخرية التاريخ.
جانتك: الوعي بالتاريخ في تركيا يزداد أكثر في مرحلة الانتخابات وفي الموضوعات المتعلقة بالأحزاب، لذلك يتم استخدام المجلات الساخرة بهذا الشكل في هذه المرحلة أكثر من غيرها. وهكذا تستفيد هذه المجلات وتتغذي علي الأشياء الممنوعة. فاللغة العامية والجنس مساران مهمان للسخرية.
يُنظر إلي المجلات الساخرة باعتبارها أداة معارضة، فهل هذه قناعة خاطئة أو كيف تصبح معارضة بالفعل، هل من الممكن أن تحدثنا عن ذلك؟
جوننتش: نعم، كثيرًا ما يُقال إن المجلات الساخرة دائمًا ما تكون معارضة. إنها قناعة مستقرة. وفي هذا جانب كبير من الصحة. قد لا يكون من الدقة أن نعتبر أن جميع المجلات الساخرة ورسامي الكاريكاتير معارضون. لكن المهم هنا هو ما تفهمه من كلمة المعارضة. فإذا كنت تفهم أن المعارضة هي نقد الأقلية للأغلبية والوقوف ضدها، فإن تاريخ المجلات الساخرة مليء بهذا. ومع ذلك فإذا كنت تفهم المعارضة باعتبارها موقفًا سلبيًّا تجاه مجموعة معينة، حتي لو كانت أقلية، فإن الأمر سيتغير. فعلي سبيل المثال، في فترة حكم الحزب الواحد في المرحلة الجمهورية كانت مجلة »‬أك بابا» التي نُشرت لسنوات، تقف بجانب حزب »‬الشعب الجمهوري» الحاكم وتنتقد حركات المعارضة آنذاك. ونفس الشيء ينطبق علي الفترة التي نعيشها الآن، فرسامو الكاريكاتير المقربون من حزب »‬العدالة والتنمية» تبنوا روح السخرية ولكن من أجل معارضة المعارضة. ولذلك يجب عندما تقول »‬المجلات الساخرة المعارضة» أن تفسر كل ذلك.
جانتك: سأكمل حيثما وقف ليفنت، ما تفهمه من كلمة معارضة هو المهم بالأساس. يُفهم من ذلك الوقوف بوجه النظام والحكومة. في المجلات الساخرة يتم مناهضة السلطة والمرجعية والأبوية. لا يأتي إلي العقل كثيرًا نقد العادات الحياتية في المجلات الساخرة. وفي رأيي أن المجلات الساخرة مهمة للغاية في هذا الجانب. أريد أن أقول إننا يجب أن نتطلع إلي المعارضة بتعريفها الواسع.
العديد من رسامي الكاريكاتير يقولون إنه ينبغي أن يتم التعامل معهم بتسامح وألا يتم مقاضاتهم، هل توافق علي هذه الفكرة؟
جانتك: هذه قضية معقدة مثل تعريف المعارضة تماما. من يظهر التسامح لمن؟ القوي يظهر للضعيف. هل من الممكن أن يصير عكس ذلك؟ إذا لم يتم التسامح مع الضعيف فماذا يحدث؟ ليس بإمكانه فعل أي شيء. في الحقيقة إذا أردنا أن نتحدث بشكل سليم فأنا لا أحب أن يطلب رسامو الكاريكاتير التسامح من الدولة. الصحافيون أيضًا ينتقدون الدولة، والأدباء أيضًا.. فهل يطلبون هذا المطلب؟ إذا كان نقد الدولة مخاطرة فيجب عليك أن تضع هذه المخاطرة نصب عينيك. وإذا كنت متهمًا فهذا يعني أنك تعيش في بلد غير ديمقراطي.
جوننتش: تُمارس السخرية في الأوساط المتسامحة بشكل أكثر راحة. لكن علينا أن نتقبل أن لهذا الأمر أيضًا حدودًا. حتي في أكثر الدول ديمقراطية هناك هذه الحدود. فالفنانون الساخرون ليس لديهم الحق في استخدام الشتائم والألفاظ البذيئة. وإذا كان موضوعنا هو المحاكمة فيجب أن تدرك المحكمة والمختصون أن هذه دعابة ومن طبيعتها السخرية. إذا كانت الأحكام المتعلقة بالسخرية ضيقة لهذا الحد فلا يمكن أن تُمارَس السخرية في أي مكان في العالم.
ما أكثر الفترات التي مورست فيها الضغوط علي المجلات الساخرة ورسامي الكاريكاتير؟
جوننتش: شهدت المجلات الساخرة ضغوطًا بأشكال مختلفة في عهود متعددة. إذا كنا نقصد بالضغوط فتح الدعاوي ضد المجلات ورسامي الكاريكاتير، فيمكننا القول إن هذه الحالات قد ازدادت في الفترة الحالية مقارنة بالماضي. لكن الضغوط ليس شرطًا أن تكون عن طريق المحاكمة. علي سبيل المثال، خلال حكم »‬الحزب الديمقراطي»، ومن أجل ممارسة الضغوط علي المجلات الساخرة كان من الصعب العثور علي الأوراق والحبر. فإذا أردت شراء هذه الأغراض عليك الحصول علي إذن وموافقة، وبهذا الشكل تمت محاصرة المجلات الساخرة. وهذا سبب إغلاق مجلة »‬دُف» قديمًا، التي أوضحت لقرائها أسباب عدم الاستمرار في عددها الأخير، الذي صدر من الأوراق الصفراء البالية.
جانتك: يجب أن نفكر أولًا في المعايير التي تحدد هذه الضغوط. هل بعدد الدعاوي القضائية، أم بالعقوبة بالحبس، هل بمنع طباعة المجلات، أم بالرقابة علي المجلات قبل إصدارها؟ في عهد السلطان عبد الحميد لم يتمكنوا من إصدار أي مجلة ساخرة. وفي 12 من أيلول* لم تُحل القضايا السياسية كلها بنفس الشكل، كثير من الفنانين قضوا أعوامًا في السجون، فما الأشياء التي كانت تعد جرائم في هذه الوقت؟ لا يمكننا تحديد ذلك بسهولة. فإذا تجنب الفنان التعليق علي ما يدور حوله بصراحة، سواء بالكتابة أو الرسم، ولجأ إلي الطرق غير المباشرة، فهذا يعني أن هناك ضغوطًا. يجب أن يعيش الفنانون وأن يحافظوا علي رزقهم، فهم مُجبرون أن يفكروا في عائلاتهم وأقاربهم. في بلاد مثل بلادنا تكون النزعات السلطوية قوية دائمًا، ويستمر النظام دائمًا في عرض مظاهر قوته. وإذا قارنا الماضي باليوم، من ناحية عدد المسجونين والذين سُرِّحوا من أعمالهم وعدد القتلي، نستنتج أننا نعيش أيامًا سنتذكرها بحزن فيما بعد.
من الشخصيات الثلاث الأكثر أهمية في تاريخ المجلات الساخرة؟
جوننتش: ربما يكون من أوائل الأسماء التي تأتي إلي عقولنا
حين نقول المجلات الساخرة: يوسف ضياء أورتاتش، الذي أصدر مجلة »‬أك بابا». فهو اسم أثر بشكل كبير في تاريخ مزاحنا وبطرق متنوعة. ومن بعده يأتي بالتأكيد أووز أرال صاحب فكرة مجلة »‬جِر جِر» ومؤسسها. وإذا أتينا إلي اليوم فمن غير الممكن أن نذكر اسمًا واحدًا، لأن مجلات اليوم تعتمد علي الإدارة الجماعية بشكل كبير، ولذلك فمن الصعب اختيار اسم واحد من بينهم.
جانتك: أشارك جوننتش في رأيه، ولكن يمكنني إضافة إنجين إيرجونول تاش. فبالرغم من أنه لم يصدر مجلات ناجحة تجاريًّا وطويلة الأمد، فإنه مهّد الطريق لل»‬أندرغراوند» من بعده. وقد أثّر إيرجونول تاش علي مجلات اليوم أكثر من أووز أرال. الجميع يعرف أووز آرال، لكن إيرجونول تاش يعرفه المختصون أكثر. وقد ظل تأثير مجلة »‬ميكروب» التي أصدرها عام 1978 حتي اليوم أكثر من »‬جِر جِر».
ألم تكن مجلة »‬جر جر» ثالث أكثر المجلات مبيعًا في العالم، في هذا السياق، هل كان في أساطير عالم السخرية مبالغة أو تقليل من شأن بعض المجلات؟
جوننتش: عندما يتعلق الأمر بموضوع المجلات الساخرة وخصوصًا مجلة »‬جر جر» تأتي هذه المسألة دائمًا. هل حقًّا كانت »‬جر جر» هكذا أم أنها مجرد أسطورة. ربما تكون أسطورة نرغب في تصديقها، ربما لإثبات النجاح الوطني علي مستوي عالمي من ناحية، ومن ناحية أخري ربما لأننا نحب »‬جر جر» كثيرًا فأعطيناها أكثر من حجمها. ولكن وفق أي إحصائيات يمكن اعتبار »‬جر جر» ثالث أكثر المجلات الساخرة مبيعًا في العالم؟، هل تابعوا جميع المجلات الساخرة حول العالم ووصلوا إلي هذه النتيجة؟ هذا السؤال والأسئلة التي تشبهه تثير الجدل دائمًا. في النهاية يجب ألا نبالغ في مثل هذه الأمور، وفي نفس الوقت علينا أن نعطي مجلة »‬جر جر» حقها. حتي لو لم تكن ثالث أكثر المجلات مبيعًا في العالم، فإنها كانت المجلة الأكثر مبيعًا في تركيا وقد أخذت مكانها في التاريخ.
جانتك: عائلة سماوي التي كانت تنشر مجلة »‬جر جر» هم الذين يصدرون أيضًا جريدة »‬صباح الخير»، وقد نشروا في الجريدة هذا الخبر بحق المجلة، وهو عارٍ عن الصحة. حيث نُشر وقتها أيام الحرب الباردة أن القوي العظمي؛ الولايات المتحدة والسوفييت، يصدران مجلتي »‬ماد» و»‬كروكوديل» وهما أكبر مجلتين في العالم، وبالتالي فإن مجلة »‬جرجر» تأتي في المرتبة الثالثة. حتي أن أووز أرال كان يسخر من ذلك ويقول: إذن فمجلة »‬فِرت» تأتي في المرتبة الرابعة و»‬شرشف» في المرتبة الخامسة من حيث المبيعات، وهكذا. هذا مضحك حقًّا. في الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي ألم يكن هناك مجلات أخري، ماذا كان يفعل اليابانيون إذن، وفي الهند والصين، وماذا كان يصدر في فرنسا إذن؟ هذا أمر لا يصدق. نعم كانت »‬جر جر» تحقق مبيعات كبيرة، ولكن مسألة المرتبة الثالثة وما شابه من أين جاءت؟!، لماذا لم نقتنع بهذا النجاح وكفي، لا أدري؟ وفي هذا الأمر يتساوي اليمينيون مع اليساريين.
عندما يتعلق الأمر بالمزاح فإن الإسلاميين يصرون علي التبسم ويرفضون القهقهة، ما دلالة ذلك؟ هل العلاقة بين الدين والمزاح تنطوي علي خلاف دائم؟
جوننتش: عندما نبدأ التفكير في هذا الأمر، فإننا نلاحظ أساسًا أن الإسلاميين الذين عملوا في هذا المجال يستخدمون دائمًا أنماطًا عادية جدًّا في السخرية. فإذا صنعوا مزاحًا ليس سياسيًّا فإنهم يكتبون أو يرسمون بعد أن يتخلوا عن اللغة العامية والجنس والشتائم. ولذلك يأتي مزاحهم بشكل حتي أقل من مزاح المجتمع. أما مزاحهم السياسي، ففي فترة كانت أحزابهم الهامشية المحافظة تتبني عدة قضايا؛ كالحجاب ومدارس »‬إمام وخطيب» وتم تكرارها كثيرًا في مجلاتهم. أما اليوم، بعد أن انتهت مثل هذه القضايا في تركيا، أصبحت مجلاتهم عقيمة وتم إغلاق أغلبها. فإذا كنت تقول إن علينا أن نبتسم فقط ولا نقهقه فأنت تسجن المزاح في قوالب ضيقة وتخنقه. لأن هذا ضد طبيعة المزاح، لذلك من الصعب أن نقول إن هناك جنسًا مستقلًا أو حقبة من »‬المزاح الإسلامي».
جانتك: يقولون إن الإنسان يظهر من عمله.. إن الإسلاميين يقولون دائمًا كلامًا كبيرًا في البدايات، ولكن حينما نتطلع إلي النتائج نجد أنها مجرد تقليد.
استنادًا علي إغلاق مجلة »‬البطريق»* هل أصبحت هذه المجلات تقليدًا قديمًا، أوشك علي الانتهاء؟ قديمًا كانت المجلات الساخرة تحقق مبيعات كبيرة لكنها لم تعد كذلك، كأننا نعيش في مرحلة جديدة، هل لديك تنبؤات حول مستقبل هذه المجلات؟
جوننتش: للإجابة علي السؤال حول أسباب إغلاق »‬البطريق» وغيرها من المجلات الساخرة الأخري، فعلينا الانتظار لفترة أطول. لكي نري ما إذا كانت هناك مجلات أخري ستصدر بدلًا عنها، وهل ستظهر مجلات ساخرة في شكل جديد أم لا. والحقيقة أن اليوم هناك مجال كبير للتنافس مع وجود التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، فهل كانت ستتحمل المجلات الساخرة هذه الديناميكية. بالإضافة إلي ذلك، فإن طبيعة المجلة بالأساس معرضة لخطر التآكل، لأنه يكاد يكون من المستحيل أن تعطي للقارئ محتوًي مختلفًا كل أسبوع. سيمل القارئ من أسلوب المجلة ولن يصبح مدهشًا بالنسبة له. لذلك من الممكن أن نفكر في أن المجلات الساخرة الحالية قد أنهت عمرها الافتراضي. لكن ذلك لا يشير إلي صورة تشاؤمية في النهاية، فقديمًا كانت تصدر المجلات وتُغلق ويأتي محلها مجلات جديدة، وليس من الصعب تخمين حدوث هذا الأمر مرة ثانية، فقط نحتاج قليلا من الزمن. يجب أن يشعر القراء بأن هذا النوع من المجلات أصبح قليلًا اليوم من ناحية، ومن ناحية أخري علي صانعي هذه المجلات أن يقوموا بنوع من المحاسبة الداخلية، وسنري معًا ماذا سيحدث بعد ذلك.
جانتك: أتصور أننا عدنا إلي ما قبل عام 1970، ستكون هذه المجلات أقل مبيعًا وسيكون فريق عملها أقل. وعلي صانعي هذه المجلات أن يعملوا عملًا آخر إلي جانب هذه المهنة.
حسنًا، كيف التقيتما معًا، وكيف بدأتما العمل وماذا عن كتابكما؟
جانتك: التقينا غالبا قبل 25 عامًا، وكنا نتواصل علي فترات. التقينا أكثر في آخر عشر سنوات، وقررنا كتابة القضايا التي نناقشها فيما بيننا في كتاب.
جوننتش: هل مر حقًّا كل هذا الوقت! أتذكر المرة الأولي التي رأيته فيها كنا باجتماع في »‬جمعية الفن». كان يتحدث عن قضايا نعرفها ولكن بطريقة مختلفة. كنت بدأت وقتها التفكير في الأبعاد النظرية والأكاديمية للكاريكاتير والمزاح. فكنت أسمعه بتركيز شديد، بعد ذلك تحدثنا كثيرًا في هذه القضايا وقررنا أن ندوّن هذه النقاشات للمستقبل.
هل ستقومان بأي عمل آخر؟
جانتك: نود العمل علي دراسة حول الرواية المصورة، ولكن لنتركها للقسمة والنصيب.
جونتتش: نحن لدينا شغف كبير بالرواية المصورة، ونتحدث كثيرًا حول هذا الأمر في الفترة الأخيرة. فهذا النوع من الفن عرفه الناس في تركيا حديثًا، ولأجل ذلك علينا أن نكتب هذا الكتاب لتعزيز هذا النوع الذي نحبه من الفن. ولكن كما قال جانتيك إنها القسمة والنصيب.
1- تكين أرال: رسام كاريكاتير تركي شهير، أصدر مع أخيه الأكبر أووز أرال مجلة »‬جر جر»، ثم أصدر بمفرده مجلة »‬فِرت» وابتكر شخصية »‬قدري العربي» الكاريكاتورية التي لفتت الانتباه كثيرًا في تركيا.
2- 12 أيلول: الانقلاب العسكري عام 1980، الذي تزعمه الجنرال كنعان إيفرين.
3- »‬البطريق» مجلة تركية ساخرة، أصدرها مجموعة من رسامي الكاريكاتير، من بينهم: سلجوق إردام وماتين أوستون داغ عام 2002، واستمرت حتي 2017.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.