المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    النائب محمد أبو النصر: الحزمة الاستثمارية الجديدة تؤكد جدية الدولة في تعزيز تنافسية الاقتصاد    رئيس الوزراء يتابع التنسيق بين السياسات المالية والنقدية لتعزيز النشاط الاقتصادي والاستقرار المالي    190 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم سالم لإغاثة قطاع غزة    حماس تحذر من مخططات الاحتلال لتحويل القدس إلى مركز عسكري وأمني متقدم    تقرير - الفوز لا يشفع لألونسو.. شبح الإقالة يلوح في ريال مدريد والبديل جاهز    الداخلية تضبط المتهمين بفيديو ترويج مواد مخدرة في القليوبية    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    سكاي: يونايتد وسيتي يتنافسان على سيمينيو.. وشرط جزائي لرحيل اللاعب في يناير    عاهل الأردن يدعو واشنطن إلى ضم المملكة لبرنامج الدخول العالمي    السواد يعم قرية الجبلاو بقنا بعد دفن ضحايا سقوط ميكروباص في الترعة    مصرع شاب تحت عجلات قطار المنوفية    أسعار الذهب تعاود الصعود مع ترقب بيانات أمريكية    "أم كلثوم.. الست والوطن" فيلم جديد عن كوكب الشرق بالوثائقية    نائبًا عن رئيس الوزراء... وزير الأوقاف يشهد الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء الدولي    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    وزير الصحة يبحث الموقف التنفيذي لمشروع ميكنة "التأمين الشامل"    محافظ أسيوط ورئيسة القومي للطفولة والأمومة يفتتحان مقرًا جديدًا لدعم حقوق الطفل|فيديو    صدور رواية "ظل الإمام" للكاتبة نهلة النمر عن مركز الحضارة للتنمية الثقافية    نداهة فرسان الشرق بالرقص الحديث في مسرح الجمهورية    قضايا الدولة تشارك النيابة الإدارية في فعاليات ندوة مناهضة العنف ضد المرأة    بيان رسمي جديد من إدارة الزمالك بعد إجراءات النيابة العامة    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    وزير التعليم ومحافظ أسوان يواصلان جولتهما التفقدية بزيارة المدرسة المصرية اليابانية    نهاية قصة "توشيبا العربي" بعد سنوات من التعاقد بمصر    إطلاق النسخة الثانية من جائزة «الراوي» في احتفالية مميزة بالقاهرة    اتحاد طلاب دمياط يساهم لأول مرة فى وضع جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    الكشف علي 177 حالة بمبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس القليوبية    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    ركيزة في بناء الوعي.. محافظ الغربية يستقبل مدير أوقاف الغربية الجديد    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    حماس: نطالب بالتحرك العاجل لردع الاحتلال عن استمرار خروقاته    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    ديفيد فان فيل: هولندا ستكون مقر لجنة المطالبات الدولية المرتبطة بحرب أوكرانيا    مباحث الغربية تضبط المتهم بقتل شاب وإصابة شقيقه بكفرالزيات لخلافات بينهم    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل الأسبق في حوار خاص: أموال مبارك «وراء البحر».. وتأكدنا من تهريبها عبر شركات دولية
منظمات أهلية تلقت أموالاً لكتابة تقارير تحرض علي العنف بعد 25 يناير

في 10 يناير عام 1950 بدأ المستشار محمد عبد العزيز الجندي أولي خطواته في السلك القضائي وشغل عدة مناصب مهمة، كان من بينها تعيينه نائبًا عامًا في أغسطس عام 1985 ووزيرًا للعدل في مارس 2011 بعد ثورة 25 يناير. كواليس الحوار مع رجل يحمل خزائن أخطر مراحل مرت بها مصر، والتي أعقبت مقتل الرئيس السادات في الثمانينات، وكذلك المرحلة المهمة التي أعقبت ثورة 25 يناير، كانت تحمل صعوبات، بسبب عدم رغبة المستشار عبد العزيز الجندي في العودة إلي المشهد مرة أخري وأراد الاكتفاء بما سرده في كتابه »لمحات من حياتي»‬، إلا أن ثقته في صحيفة »‬الأخبار»، كانت دافعًا أكبر لقبول إجراء الحوار، والتطرق خلاله إلي جزء من كواليس المرحلتين، مع التحفظ علي الكثير من الأسئلة التي كانت تحمل جزءًا أكبر من خزائن أسراره.. بمجرد أن وافق وزير العدل الأسبق علي إجراء الحوار، توجهنا إلي الإسكندرية حيث وصلنا إلي المنزل في الثانية ظهرًا، والتقينا بالمستشار عبد العزيز الجندي الذي تحامل علي نفسه رغم مرضه، وقرر إجراء الحوار معنا، وكانت كلمته الشهير لنا »‬أنا لا أقطع وعدًا لأحد.. أهلًا بكم في الإسكندرية».
• قبل تولي المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزارة العدل في مارس 2011 وعند ترشيح اسمه للوزارة، هب المسيطرون علي ميدان التحرير وقتها وبالتحديد المستشاران أحمد مكي ومحمود الخضيري واتهموه، بأنه شخصية شارفت علي الموت.. وهو ما دفعنا لسؤاله عن كواليس توليه وزارة العدل وسط رفض من ميدان التحرير؟
- رفضت تولي وزارة العدل عندما تم عرضها عليّ، حيث كانت أقصي أحلامي أن أكون نائبًا عامًا لمصر وهو منصب بدرجة وزير، لكن عندما اتصل بي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق مرة أخري، وأكد أن القضاة هم من اختاروني لأكون وزيرًا للعدل، وأن مصر بحاجة إليّ في هذا المنصب وهذه المرحلة.. لم أتردد، وتوجهت في اليوم الثاني وقمت بحلف اليمين ضمن حكومة عصام شرف.
لكن هناك من كان يرفضك بميدان التحرير.. ويعتبر أن الثورة قام بها شباب.. وأنت قاض متقاعد منذ أكثر من 20 عامًا؟
- بالفعل كان تجاوزي سن ال 83 عامًا من أسباب رفضي تولي وزارة العدل ورفض البعض كذلك، لكن كانت هناك وجهة نظر من القائمين علي الحكم وقتها، أنهم في حاجة إلي شخص مطلع بالتشريعات ولديه دراية بالقوانين، بجانب أنني كنت نائبًا عامًا لمصر في بداية الثمانينات.. وفيما يتعلق بميدان التحرير كان لديّ طريقتي التي أتعامل بها مع المتواجدين فيه.
وأعتقد أنه رغم أن المستشار محمود الخضيري انتقدني وطالب عند تولي الوزارة أن أعود إلي دار المسنين أو المسجد الذي أتيت منه، إلا أنه قبل ذلك كان »‬بيبوس إيدي» كلما قابلني، ويمدحني ويعتبرني أفضل نائب عام جاء لمصر.
أدركنا من هذه الإجابة أن هناك كواليس بين وزارة العدل وميدان التحرير وقتها.. فبادرت بسؤال المستشار الجندي.. عن أي طريقة تعامل اتبعتها مع ميدان التحرير؟
- اقتنعت أن هناك أجندة يتم رسمها لنا من المتواجدين بميدان التحرير، وأن أفضل شيء لوقفها، هو تحجيم العمليات التخريبية وإعادة هيبة الدولة مرة أخري.. حيث كان الوزراء ممنوعين من دخول وزاراتهم بسبب المظاهرات الفئوية، لذلك فكرت في إعادة قانون البلطجة الذي أعددته، عندما كنت نائبًا عامًا ورئيسًا للجنة الشئون القانونية بوزارة العدل وقت رئاسة المستشار فاروق سيف النصر الوزارة في الثمانينات.. وأتذكر أنه خلال هذه المرحلة بدأنا في إعداد قانون جديد للإجراءات الجنائية بعد وفاة عامل أمام ملهي بشارع كورنيش النيل، وتبين أن أحد »‬البودي جاردات» هو المسئول عن ذلك، حيث كانت قد انتشرت ظاهرة الحارس الشخصي، وبالفعل أعددنا القانون وجرمنا أعمال البلطجة والتجمهر إلا أن الوزير سيف النصر رفض عرضه علي البرلمان، بحجة أن نصفه من العمال والفلاحين، وأنه بحاجة إلي علماء وخبراء قانون لمناقشته.
وبعد تولي وزارة العدل، تواصلت مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، وأخبرته أننا في حاجة إلي قانون يواجه كل صور البلطجة.. وأخبرني أنه في انتظار القانون.. وبالفعل أعددت نفس مواد قانون البلطجة الذي لم يخرج للنور في الثمانينات، وقدمته للمجلس العسكري الذي أقره، ووضعت بداخل القانون مادة تتيح للجيش آلية التطبيق، وحقيقة كانت المحاكم العسكرية ناجحة وبقوة في تطبيق القانون وصدرت أحكام بالحبس لكل من شارك في ترويع المواطنين، وبدأت نعمة الاستقرار تعود إلي البلاد مرة أخري، كما أعددت قوانين تجريم التحرش والفعل الفاضح وكان الغرض الحد من هذه الظواهر التي شاعت بين الشباب بعد الثورة.
لكن لم تكن هناك قرارات ملموسة بشأن الحفاظ علي المال العام؟
- بالعكس لجنة فض منازعات الاستثمار التي كنت عضوًا فيها وكان يترأسها الدكتور عصام شرف، نجحت في إجبار رجل أعمال عربي علي التنازل عن 75 ألف فدان من إجمالي 100 ألف فدان حصل عليها، بعد حل النزاع بينه وبين وزارة الزراعة، حيث كان التعاقد ينص علي أن تتحمل الدولة الالتزام بتوريد المياه وتوفير مصادرها، ومدها بالكهرباء، فضلًا عن انخفاض ثمن الأرض.
محاكمة مبارك
محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك كانت الأولي لرئيس جمهورية يحاكم أمام الشعب في محاكمة يشاهدها العالم.. ما هي كواليس هذه المحاكمة خاصة أنك كنت وزير العدل وقتها؟
- قرار محاكمة مبارك، كان يجب اتخاذه في هذه الفترة رغم محاولات البعض استبعاد محاكمته بزعم مرضه، وكبر سنه، وكنت أرفض هذه النغمة، وقلت إن المرض وكبر السن لا يمنعان المتهم من المحاكمة إلا أن ما كان يفعله المستشار محمود الخضيري وغيره من المتظاهرين في ميدان التحرير من ما يسمي »‬محاكمات ثورية»، والتهديد بالتوجه إلي شرم الشيخ لإحضار الرئيس مبارك ومحاكمته في القاهرة، كان أمرًا يجب الوقوف ضده، حيث اعتبرتها رسالة تحريضية لاغتيال مبارك.. وقلت لهم لن أسمح أن يُحاكم شخص بغير الطريق القانوني، وصممت علي أن تتم محاكمة مبارك أمام القضاء المدني، وأن يأخذ حقه القانوني في المرافعة وإبداء الدفوع.. لذلك طلبت من النائب العام بشكل ودي إحضار الرئيس الأسبق من شرم الشيخ ومحاكمته في مصر.
لكن ألم تخش علي مبارك عند حضوره القاهرة من المتظاهرين بميدان التحرير؟
- كان هناك تحدٍ كبير أمام وزارة العدل في البحث عن مكان آمن لمحاكمة مبارك بعد موافقة النائب العام علي محاكمته بالقاهرة.. وواجهت خلال هذه الفترة تحديًا في اختيار مكان محاكمة الرئيس الأسبق مبارك، واقترحت في البداية أن تتم المحاكمة في دار القضاء العالي، إلا أن الرفض كان سريعًا بسبب كثرة المظاهرات التي كانت تحاصر دار القضاء العالي، لذلك قررت البحث عن مكان آمن لمحاكمة مبارك، وكانت البداية بأرض المعارض بمدينة نصر، إلا أنه بعد معاينة المكان، تم رفضه لأنه مرمي لأي عابر علي كوبري الفنجري، وإنها معرضة لإلقاء أي شخص قنبلة من أعلي الكوبري، قد تودي بحياة مبارك وقضاة المحكمة، فاتصلت باللواء منصور عيسوي وزير الداخلية وقتها، وطلبت منه الاتصال بمدير أكاديمية الشرطة لتوفير قاعة لمحاكمة مبارك، وبالفعل، وافق مدير الأكاديمية، وأرسلت مدير المحاكم إلي الأكاديمية لمعاينة القاعة.. وطلبت من شركة المقاولون العرب تجهيز القاعة للمحاكمة، وكانت التكلفة 6 ملايين جنيه، وبالفعل اتصلت بالدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، وطلبت منه 6 ملايين جنيه وأرسلها علي الفور وبدأنا في تجهيز القاعة.
وماذا عن اختيار قاضي المحاكمة؟
- اختيار قاض لمحاكمة مبارك لم يكن أمرًا سهلًا، كان أمامنا تحدٍ في البحث عن قاضٍ مشهود له بالنزاهة والشدة من أجل ضبط القاعة.. وأنا لم أتدخل نهائيًا في اختيار قاضي المحاكمة، فقد طلبت من محكمة الاستئناف اختيار هيئة محكمة بالمواصفات التي اتفقنا عليها، وبالفعل فاجأوني باختيار المستشار أحمد رفعت الذي لم ألتق به نهائيا، حيث نجح في إدارة المحاكمة، وسهل له مبارك الأمر بعد انصياعه لقرارات المحكمة.
ومن اتخذ قرار إذاعة المحاكمة علي وسائل الإعلام؟
- توجهت بصحبة الدكتور عصام شرف إلي المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلي وقتها، وطلبت منه إذاعة جلسات المحاكمة ليشاهدها العالم، وبالفعل استجاب، واتفقنا علي دخول كاميرات التليفزيون المصري فقط، علي أن تتولي هي فقط التحكم ببثه وإذاعته للعالم.
كان لك رأي بشأن التهم الموجهة لمبارك وقتها.. ما هو؟
- قلت لو أدين مبارك بقتل المتظاهرين فسيكون مصيره الإعدام، أما غير ذلك فقد يكون السجن أو البراءة.. وهذا أمر منطقي، فلم أطلع علي الأدلة حتي أجزم بإعدام أو إدانة مبارك.
لكن ماذا عن أمواله؟
- بعد تولي منصب وزير العدل شكلت لجنة »‬حريفة» برئاسة المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع وقتها، وتوجهت اللجنة إلي عدد من الدول لمعرفة مصير أموال مبارك المهربة، وانتهي تقرير اللجنة، إلي أن مبارك هرب أمواله عبر إحدي شركات تهريب الأموال في الخارج، وأن تتبعها سيكون صعبًا جدًا، لأنه تم تهريبها إلي دول أو جزر لا توجد بها قوانين أو اتفاقيات دولية، والمعروفة بجزر ما وراء البحر والمحيطات.
لكن المفاجأة كانت عندما تحدث مبارك في فيديو عبر قناة العربية، وقال إنه لا يمتلك مليمًا خارج مصر، ففوجئت في اليوم الثاني بزيارة وفد سويسري إلي مكتبي بوزارة العدل، وأخبروني أنهم جمدوا ما يزيد علي 400 مليون فرنك للرئيس الأسبق مبارك بعد تخليه عن الحكم.
استقلال القضاء
شهدت الفترة التي تولي فيها المستشار الجندي وزارة العدل والتي امتدت من مارس إلي ديسمبر 2011، انقسامات داخل القضاء،.. وهو ما دفعنا إلي سؤال المستشار الجندي.. كيف استطعت الحفاظ علي استقلال القضاء وسط ميدان ثائر يطالب بالتطهير وانقسامات وتجاوزات؟
- أجاب بنبرة هادئة، أنا قاضٍ، ودائمًا ما كنت أدافع عن استقلال القضاء ولم أسمح لأحد بالتدخل في عمل السلطة القضائية، وكل من كان يتجاوز من القضاة تتم إحالته لمجالس تأديب، وهذا ما حدث مع عدد من القضاة الذين تحدثوا في وسائل الإعلام وقت الثورة، أو شاركوا في السياسة، كنت لا أستثني أي مخالف.
وفيما يتعلق بميدان التحرير، لم أنظر إلي أي مطالب داخل الميدان تتعلق بالقضاء، فنغمة تطهير القضاء لم أكن أسمح بها، لأن القضاء يُطهر نفسه بنفسه، ولسنا بحاجة إلي وصاية من أحد.
لكن بعضهم كان يطالب بنقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلي مجلس القضاء الأعلي؟
- هذا الطلب كنت متحمسًا له، وخاطبت المجلس الأعلي للقضاء وكان مجلس المستشار حسام الغرياني وما سبقه، وقلت لهم مستعدون لنقل تبعية التفتيش القضائي لكم وأعلنت ذلك.. لكن الإجابة كانت صادمة، ردوا »‬ماعندناش أماكن تسع العاملين بالتفتيش القضائي.. نعتذر عن ذلك» وتضمن الرد أنه يجب تعديل قانون السلطة القضائية أولا، وطلبت منهم إجراء أي تعديل يتيح استقلال السلطة القضائية، لكن لم يستجب أحد.
هناك قضاة اعتصموا أمام وزارة العدل وطالبوا بالعودة إلي القضاء مرة أخري، وأنهم تعرضوا للظلم وقت حكم مبارك؟
- كانت من أخطر القضايا التي صادفتني بمجرد أن بدأت عملي في وزارة العدل، وجدت مجموعة لا تقل عن 100 عضو من أعضاء الهيئات القضائية المفصولين تأديبًيا، يحضرون لمقابلتي وطالبوني بإعادتهم لوظائفهم، وحاولت أن أقنعهم أنني لا أملك كوزير العدل أن أعيدهم إلي وظائفهم بعد صدور أحكام بفصلهم تأديبيًا، واستنفاد إجراءات الطعن، وإن قرار عودتهم بيد المجلس الأعلي للقضاء، لكنهم أصروا علي طلبهم، وقاموا بالإعتصام أمام الوزارة، ولم تفلح محاولات إقناعهم، وبعد محاولات قررت الاحتكام إلي تشكيل دائرتين من أقدم نواب رئيس محكمة النقض، وطلبت منهم دراسة ملفات القضاة المفصولين، وإبداء الرأي في طلباتهم، وباشرت الدائرتان عملهما، وانتهت إلي عدم أحقية أي من هؤلاء القضاة المفصولين للعودة إلي مناصبهم، وأنهم جميعًا فُصلوا بإجراءات قانونية سليمة.
التمويل الأجنبي
تترأس أكثر من جمعية أهلية في مجال البيئة وتنمية المجتمع، رغم أنك كنت صاحب الفضل الأكبر في كشف سبوبة العمل الأهلي في مصر والدعم الذي يتلقونه من الخارج لإثارة الفوضي؟
- أجاب: يجب أن تفرق بين هذا وذاك، دخولي للعمل الأهلي كان صدفة بحتة، وكان ذلك في منتصف الثمانينات، عندما توليت منصب النائب العام، حيث حضر إلي مكتبي بدار القضاء العالي مستر إدوارد لانت، مدير مركز اليونيسيف بمصر وبرفقته مايسة أحمد مسئول حقوق الطفل باليونيسيف، ودعوني إلي المشاركة في مؤتمر عالمي تنظمه اليونيسيف بمصر لمناقشة القراءة الثانية لاتفاقية حقوق الطفل التي تعدها الأمم المتحدة.
وأخبروني أن لجنة المؤتمر مُشكلة من 4 أعضاء، كنت أحدهم وكان يحضر المؤتمر سوزان مبارك قرينة الرئيس الأسبق بصفتها رئيس المجلس القومي للأمومة والطفولة، وزوجتا الرئيسين الفرنسي ميتران والزيمبابوي.. ووافقت علي الحضور.. وأعددت ورقة ذكرت فيها أن حقوق الاتفاقية غير مكتملة، حيث سبقتها الشريعة الإسلامية في أمرين مهمين، فقد نصت الاتفاقية علي حق الطفل بمجرد ولادته، لكن الشريعة الإسلامية نصت علي أن الطفل يورث وهو في بطن أمه والمعروف بتوريث »‬الحمل المستكن» وهذا النص لا يوجد في اتفاقية بالعالم، كما أن الاتفاقية يجب أن تشمل توصيتين، الأولي بإلزام الأب بحسن اختيار أم الطفل، فعائلة الأم يجب أن تكون مُشرفة والثانية توصية بإلزام بحسن اختيار اسم الطفل، فكنا نلاحظ أن هناك أسماء لأطفال مثل الجاهل والحمار.. وهذه الأسماء تؤثر نفسيًا علي الطفل وتحتقره بين أهله ومجتمعه، وبالفعل خرج المؤتمر بتوصيات كثيرة وتم إقرار الاتفاقية بالأمم المتحدة، وبعدها كلفني المجلس القومي للطفولة بإعداد قانون مصري لحقوق الطفل يُترجم أحكام الاتفاقية.. وقمت بإعداد القانون مدعمًا بأحكام الشريعة الإسلامية.
كانت قضية التمويل الأجنبي من أخطر الملفات التي عملت عليها عندما كنت وزيرًا للعدل، ما هي كواليس هذه القضية؟
- عندما توليت وزارة العدل ومع اتساع أعمال الفوضي، تلقيت بلاغًا من الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي عن وجود مكاتب أجنبية، تعمل بدون الحصول علي ترخيص بالعمل في مصر، وتقوم بتمويل منظمات أهلية بعضها مُشهر قانونًا وبعضها غير مُشهر، وتقوم بإرسال ما تحصل عليه من تقارير إلي دول أجنبية بما تتضمنه من معلومات.. وبالفعل بعد هذا البلاغ الخطير، قمت بندب اثنين من مستشاري الاستئناف للتحقيق في هذا البلاغ، وتم تفتيش مكاتب المنظمات الأجنبية حيث تم العثور علي مستندات مهمة تتعلق بتلقي هذه المنظمات أموالًا لكتابة تقارير تحرض علي العنف.
لكن رغم مواقفك لم تبق في وزارة العدل سوي 10 أشهر فقط.. لماذا؟
- الأمر الذي لا يعرفه الكثيرون، أنني تقدمت باستقالتي من منصبي، وقدمتها للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء.. وفوجئت به يطلب مني كتابة استقالة جماعية لحكومته.. وأعتقد سبب الاستقالة لا يعلمه حتي الآن سوي الموقعين عليها فقط.
كنت نائبًا عامًا في بداية الثمانينات.. كيف كانت العلاقة بين مبارك والسلطة القضائية؟
- مبارك لم يتدخل إطلاقا في عملي عندما كنت نائبًا عامًا في الفترة من 1985 إلي 1988، والأمر الوحيد الذي طلبه مني كان الاطلاع علي أسماء ضباط الشرطة المتهمين بتعذيب أفراد تنظيم الجهاد للعلم فقط، وطلبت منه عدم اتخاذ أي قرار بشأنهم ووعدني بذلك، كما أن مبارك وقف معي في قضايا اتهام رفعت المحجوب رئيس مجلس النواب بالتوسط في إرساء مناقصة إنشاء مبني جديد لقصر العيني علي شركة بعينها.. الرئيس الأسبق كان يعلم أنني شخصية صارمة لا تقبل التدخل في عملها وأنفذ ما أعتقد به، وهو أمر جعله يتردد كثيرًا في الموافقة علي تعييني نائبًا عامًا ضمن 3 مرشحين للمنصب وقتها.
معني ذلك أنه كانت هناك كواليس عند تعيينك نائبًا عامًا لمصر؟
- ليست كواليس بالمعني المعروف، لكن الرئيس مبارك طلب من وزير العدل وقتها إبلاغي أنه يريد مقابلتي دون التقيد بتعييني، وكان ردي علي ذلك أن طلبت من الوزير أن يُبلغ رئيس الجمهورية أنني علي استعداد لهذه المقابلة دون الالتزام بقبول الوظيفة، وفوجئت بوزير العدل يخبرني أنه تم تحديد موعد لمقابلة مبارك في قصر رأس التين بالإسكندرية، والتقينا بمبارك في القصر، وكان هدف الرئيس الأسبق من المقابلة هو معرفة كيف أفكر؟، ماذا يدور في عقلي؟، خاصة وأنه علم من التحريات أنني شخصية صارمة طوال عملي في القضاء.
وخلال المقابلة أكدت لمبارك أن منصب النائب العام مستقل ويتمتع بالحصانة القضائية الكاملة، وكان رد مبارك.. لكن هناك ملاءمات يجب أن يراعيها، فأخبرته أن هذه الملاءمات متروكة للنائب العام، وأتذكر أن المقابلة امتدت لساعتين، وفوجئت أن الرئيس الأسبق حسني مبارك يطلب مني التجهيز لحلف اليمين بعد دقائق.
وهل هناك قضايا حقق فيها المستشار الجندي مازالت في ذاكرته حتي الآن؟
- من أهم القضايا التي حققت فيها خلال عملي بالنيابة، كان استشكال تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر في القضية الشهيرة ب»‬سفاح كرموز» بالإسكندرية.. والتي حقق فيها الزميل مصطفي عبد الوهاب ونسب فيها للمتهم سعد اسكندر عبد المسيح قتل 7 أفراد وسرقة أموالهم.. حيث حاول المتهم إلصاق التهمة بآخر، وزعم أن مرتكب هذه الجرائم هو حسبو عبد النبي.. وقمت بالتحقيق في القضية، وأثبت أن المتهم هو سعد اسكندر وليس حسبو عبد النبي.
جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية
ما شعورك بعد منحك جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية من وزارة الثقافة بعد تجاوزك ال 90 عامًا؟
- حقيقة لم يكن في بالي أن تتوج مسيرة عملي وقد تجاوزت ال 90 عامًا، بحصولي علي جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية.. ولكن الفضل يعود لمجلس إدارة المجمع العلمي الذي بادر بترشيحي العام قبل الماضي، حيث لم يكن لي نصيب فيها، وحصلت عليها بعدها بعام بأغلبية من أعضاء المجلس الأعلي للثقافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.