رئيس هيئة الدواء يلتقي الوفود المشاركة بالمعرض الأفريقي 2024 ..صور    يوسف الحسيني: استشطت غضبا لزيادة مدة تخفيف الأحمال اليوم لكن الأزمة ليست مستمرة    زيلينسكي يتوجه إلى فرنسا في زيارة رسمية هذا الأسبوع    برلمان سلوفينيا يصوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين    محمد كامل: تدشين مشروع القرن لحظة تاريخية للنادي الأهلي وجماهيره    انتهاء عمليات البحث عن ضحايا ورفع أنقاض عقار شارع النبي دنيال بالدقهلية    درة تنفي شائعات انفصالها عن زوجها بجلسة تصوير    فلسطين تعتزم الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا بشأن الإبادة العرقية ضد إسرئيل    القاهرة الإخبارية: برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بدولة فلسطين    قصواء الخلالي تطالب الحكومة بإيضاح كل الأمور حول زيادة فترة تخفيف أحمال الكهرباء    "الإفتاء": ذبح الأضحية في الشارع محرم ولا يليق بشعائر الله    خبير اقتصادي: السوق المالي سيشهد صعودًا وبقوة الفترة المقبلة    الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تعلن عن خطتها لموسم الحج 1445ه    هيئة الدواء تنظم ندوة حول اعتماد المستحضرات الصيدلية من قبل الصحة العالمية    اجتماع أيقونات عين الصيرة.. كيف روج تركي آل الشيخ ل«ولاد رزق 3»؟    تشكيل منتخب إيطاليا أمام تركيا استعدادًا لنهائيات يورو 2024    أحمد جمال يكشف حقيقة حادث اصطدامه برجل مسن    إصابة سيدتين وطفلة في حادث تصادم بالصحراوي الغربي شمال المنيا    عاجل| كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط يزور المنطقة الأسبوع الجاري    ديشامب يعلق على انتقال مبابى الى ريال مدريد ويشيد بقدرات نجولو كانتى    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2024    الخارجية الأمريكية: وقف إطلاق النار في غزة مقترح إسرائيلي وليس أمريكيا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    محافظ دمياط تشهد افتتاح 6 مدارس بمركز فارسكور    مصادر تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين موسكو والخرطوم    الصحة توجه نصائح للحجاج لتجنب الإصابة بالأمراض    حسام حسن: لم أكن أرغب في الأهلي وأرحب بالانتقال للزمالك    شقيق المواطن السعودي المفقود هتان شطا: «رفقاً بنا وبأمه وابنته»    المؤتمر الطبي الأفريقي يناقش التجربة المصرية في زراعة الكبد    إجلاء مئات المواطنين هربا من ثوران بركان جبل كانلاون في الفلبين    لاستكمال المنظومة الصحية.. جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق    القائد العام للقوات المسلحة يفتتح أعمال التطوير لأحد مراكز التدريب بإدارة التعليم والتدريب المهني    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    المنتج محمد فوزى عن الراحل محمود عبد العزيز: كان صديقا عزيزا وغاليا ولن يعوض    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    التحفظ على المطرب أحمد جمال بعدما صدم شخص بسيارته بطريق الفيوم الصحراوى    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    عيد الأضحى 2024| ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يقترب من تحقيق 60 مليون جنيه بدور العرض    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    ضبط 48 بندقية خلال حملات أمنية مكبرة ب3 محافظات    "تموين الإسكندرية" تعلن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية لاستقبال عيد الأضحى    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    أخبار الأهلي: حارث يكشف كواليس مشادة أفشة ومارسيل كولر وتفاصيل جلسة بيبو    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    علام والدرندلى يشهدان تدريبات المنتخب الأوليمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتي يخرج "الدستور المنتظر" معبراً عن الآمال والطموحات
المثقفون..
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 09 - 2012

المثقفون..يشاركون التأسيسية بالآراء الحادة والجادة يحذرون من خطورة العبارات الفضاضة
يؤكدون حق المبدعي في الحرية وإشاعة التفكير العلمي
تواصل »اخبار الادب« استطلاع أراء المبدعين والمثقفين عموما حول المواد المتعلقة بالحريات في »الدستور المنتظر« وصولا لما يمكن أن يصبح أليات عمل في المرحلة القادمة.
الافكار التي يطرحها مثقفونا ليست فقط للاحتياط أمام الدستور الجديد، ولكن أيضاً للحفاظ علي مناخ الحرية الذي خلقته الثورة، تشير اراء مثقفينا إلي أهمية مقاومة استيلاء جماعات الاسلام السياسي علي الحيز الاجتماعي لضمان السيطرة السياسية، وتكشف أن طريقة صياغة الدستور بهذا الشكل هي محاولة لتسييد شكل معين .
ا لحل الذي يجمع عليه اغلب من استطلعنا رأيهم هو »ممارسة الحرية« وليس استجداءها، ممارسة عبر كافة اشكال الابداع الفني والادبي، بدلا من البكاء علي المساحات التي قد يتم استقطاعها منهم.
والفيصل علي حد تعبير الروائي الكبير صنع الله إبراهيم هو حركة الشارع، فالدستور في النهاية سيبقي حبراً علي ورق، والدافع لاحترامه وتطبيقه هو وجود قوي اجتماعية وسياسية تؤمن بقيم الحرية وتطبقها، ويبقي الشارع هو طريق المقاومة الاكثر صلابة.
الكاتب صنع الله إبراهيم:
حركة الشارع هي الفيصل وليس ما يكتب علي الورق
علمنا التاريخ بشكل عام، وبشكل أخص بعد قيام الثورة،أن أي نظام يستطيع استغلال المواد القانونية والدستورية لمصلحته، ويستطيع ايضا اذا تعارضت مصلحته مع نص دستوري أو قانوني أن يجد وسيلة للالتفاف حول هذا النص أو تفريغه من مضمونه. لذا تأتي عبارات مثل "النظام العام" أو "الأمن القومي" أو "حالة الحرب" في المواد الدستورية الجديدة كإشارة واضحة لإمكانية الالتفاف حول ما يبدو وكأنه يحترم الحريات كحقوق اساسية.
ولكن ايضا ما علمتنا اياه تلك الفترة أن الفيصل الحقيقي في الامور هو حركة الشارع، فالوعي الشعبي، والحركة الجماهيرية بجميع أشكاله علي الارض، هي التي تحدد مجريات الامور بشكل حقيقي. فمهما كتبت السلطة من نصوص قانونية ودستورية تتغني بالحريات، تستطيع الالتفاف حولها، ومهما ارادت السلطة التضييق وتعرض ذلك مع حركة الشارع فلن تستطيع السيطرة عليه.
وعندما أتحدث هنا عن الحركة الشعبية فيما يتعلق بحرية التعبير والابداع، فأنا أعني أن يمارس المبدعون ادوارهم وهي الانتاج فعلي المبدع ان يبدع وأن يحارب من أجل ابداعه، فما يصادر مرة ويتصدي له المبدعون لن يصادر ثانية بسهولة، فعلي المبدعين والكتاب والاعلاميين ان يمارسوا حريتهم وأن يدافعوا عنها. الاتحادات والنقابات والروابط هي أدوات في ايدي المثقفين وايضا الصحف والاحزاب كلها وسائل يجب علينا استعمالها كي نضمن أجل الدفاع عن حرية الابداع.
الروائي حجاج أدول:
نضج المجتمع يمنع السلطة من تجاوز الحدود
الدستور المؤكد للحريات، أمر غاية في الأهمية. واتفق أنه حتي بتواجد دستور ووضوح عباراته المؤيدة للحريات، ليس كافياً ليمارس المواطنون حريتهم! هذا في حالة أن المجتمع نفسه لم يصل إلي الوعي المطلوب، لمروره بفترات ظلامية طويلة، طمست قدرته علي التفكير الحر الناضج، فتتخطي السلطة التنفيذية الدستور المتواجد حتي لو كان واضح الدفاع عن الحريات، بدون خشية من رد فعل ضدها سواء كان من بقية السلطات، أو شعبياً. وليس ما اقوله معناه التقليل من الدستور الصحي الواضح، بل هو هام جداً، لأنه مع مرور الوقت، سيصبح هذا الدستور المنشود، هو عامل اساسي في توطين الحريات المتعددة، وفي بث الوعي والنضج في المجتمع، فكلاهما الدستور والمجتمع يمدان بعضهما بالقوي والنضج والعافية. وبعض الشعوب دساتيرها ليست مُحكمة، لكن نضج المجتمع واعتزازه بالحرية الواسعة، يمنع أي سلطة من تخطي الحدود وتكميم أي رأي.
الشاعر محمد ابراهيم أبو سنة:
حق المبدعين في التجديد ومقاومة الخرافات
تبدو هذه المنظمومة من المواد الدستورية المقترحة في الدستور الجديد مطمئنة لنفوس المثقفين والمبدعين والادباء والفنانين بشكل عام، فيما يتعلق بالحريات والضوابط التي ننادي بها لصيانة هذه الحرية وتفعليها في الوقت نفسه.
ولكن هذا لا يمنع من وجود بعض ملاحظات تحتاج إلي توضيح من واضعي الدستور، حتي لا تصبح مجرد حبر علي ورق منها علي سبيل المثال جملة "حرية الاعتقاد" وهي مسألة أشك انها يمكن أن تطبق بشكل كامل في الواقع الذي نعيشه الأن. فطبقا للشروط الدينية الصرف لا مجال لمثل هذه الجملة، لذا تحتاج هذه الجملة إلي تفسير، حتي يمكنها ان توفر بشكل حقيقي حماية للمجال التطبيقي لهذه الجملة. فهل المقصود بالاعتقاد هنا المجال الايديولوجي والسياسي فقط، أم ان الحرية هنا مفتوحة بشكل مطلق.
وهناك جانب آخر في هذه المسألة وهي أن المشرع لا يريد الاعتراف بسيطرة التقاليد علي المجتمع، وهذه التقاليد في احيان كثيرة تقف امام حرية المبدع، فينبغي علي واضعي الدستور اضافة حق المبدعين في التجديد ومقاومة الخرافات علي اختلاف اشكالها، وإشاعة روح التفكير العلمي.
وينبغي أن تكون هناك مساحة خاصة في تلك المادة لمراعاة طبيعة العمل الابداعي والفني حيث تعتمد هذه الطبيعة علي الخيال بشكل عام، ولا يجوز محاكتها علي انها واقع، وكل قضايا المصادرة والحجر قامت علي اساس التعامل مع طبيعة العمل الفني علي انها واقع، فلابد من اقامة حدود بين الفن والواقع كي يستطيع المبدع أن يمارس عمله بحرية.
ملاحظة أخري تتعلق بمسألة حماية الدولة لحرية الابداع، كنت أتصور ان تكون هناك مساحة أوسع للمبتكرين والمخترعين، وايضا أن يكون هناك نص واضح وصريح يتعلق برعاية الاطفال ومواهبهم علي اعتبار انها احد اهم مصادر الثروة والغني علي المدي البعيد.
وفيما يتعلق بالاليات التي يمتلكها المثقفين والكتاب أري انها ترتبط اساسا بمجال عملهم، فعلي الجميع ممارسة الحرية وليس الوقوف علي حد المطالبة بها، الروائي والشاعر والرسام مطالبون بممارسة فنهم بالحرية التي تكفيهم، وليس بما بسمح لهم غيرهم سواء أكانت السلطة ام المجتمع، علي الصحفي والاعلامي ان يمارس الحرية في عمله، فالدفاع عن الحرية يكون بممارستها وليس بالبكاء عليها.
الناقد د. محمد بدوي:
لا تفتحوا الباب لتأويلات تهدم الحرية
بداية يجب أن نشير إلي أن هناك علاقة بين الدستور والواقع يجب احترامها، فقيمة أي دستور ليست في جمال عباراته ولكن في وجود قوي سياسية واجتماعية تقف وراء هذه القيم، وتحافظ علي وجودها. فحرية التعبير والابداع والبحث العلمي تصبح مجرد عبارات جميلة بدون أي معني اذا كان الواقع والقوي الاجتماعية المكونة له غير قابلة لحمايتها. لذا نري أن عبارات الدساتير السابقة "الجميلة" لم تتحقق في الواقع، فعل سبيل المثال مسألة البحث العلمي ليست خاضعة للبحث العلمي ولكنها خاضعة للأمن وحوادث الجامعة من أيام منصور فهمي ومحمد أحمد خلف الله ونصر حامد أبو زيد ليست خفية. مثل هذه القضايا تظهر قهر العامل السياسي والديني للحرية، ويقطع عليها الطريق.
الدساتير في أوربا علي سبيل المثال لم تأت من فراغ، وليست مجرد تعابير جميلة ولكنها نتيجة نضال متواصل عبر مئات السنين وثورات سياسية واجتماعية أوصلت المجتمع إلي التعبير عن نفسه في دساتير بهذا الشكل.
لنصل في هذه اللحظة ونجد أن بريطانيا علي سبيل المثال لا يوجد لديها دستور مكتوب، ولكن توجد قوي اجتماعية تحترم مجموعة من القيم وتؤمن من الحريات ايمانا فعليا لذا لا نجد مشكلة كبيرة في حالة اذا ما اراد احد الشباب اعتناق الاسلام فلن يجد مشكلة مجتعمة كبيرة.
هناك نقطة أخري تتضح من المواد المقترحة وهي أن واضعيها اختاروا التوسط والجمع بين موروث حقوق الانسان الحديث، وبين تصورات معينة يمكن وصفها بالاسلام السني بصورته المصرية التي تكونت في السنين الاخيرة.
فالاسلام السني هنا هو الاعلي وبالتالي يقبل ان يتحول احد الافراد من اليهودية أو من المسيحية إلي الاسلام، ولكن ان يتحول أحد عن الاسلام هذا غير مقبول في الاسلام السني المصري. وأي تصور حتي لو كان اسلاميا ولكن من جماعة غير سنية هو تصور مرفوض. ويمكن أن نجد صدي ذلك في خطاب الرئيس مرسي في طهران في قمة دول عدم الانحياز حيث أصر علي ذكر الخلفاء المعظمين عند أهل السنة بغض النظر عن مدي ملاءمتها للسياق الذي تقال فيه. وهذا هو يشكك في مفهوم "المواطنة" بالاساس. ففي هذا السياق اين سيذهب الشيعة والبهائيون علي سبيل المثال؟
وهذا يأخذنا إلي استعمال العبارات الغامضة مثل "النظام العام" أو "ثوابث الأمة" وما شابه، فهذه العبارات تفتح الباب لتأويلات تهدم الحرية تماما.
ويمكنني أن افهم هنا "النظام العام" علي أنه دين الدولة الرسمي وما يخالفه يعتبر ضد النظام العام! والاصرار علي مثل هذه العبارات يقودنا إلي فهم لماذا ينشغل الكثير من المصريون بمشكلة الهوية، والخوف ان تنهار هوية مصر الاسلامية اذا تم تغيير مادة قي الدستور، وفي رأيي أن المشكلة ليست في هوية مصر الاسلامية ولكن في أن الدولة الحديثة في مصر لم تنجز أي انجاز من انجازات الدول الحديثة في العالم.
كل هذه الاشارات تدل علي محاولة جماعات الاسلام السياسي الاستيلاء علي الحيز الاجتماعي وذلك عن طريق تديين المجتمع للسيطرة علي تفاصيله باعتبار هذه الجماعات هي المرجع الديني وفي نفس الوقت السلطة.
الباحث د. شريف يونس:
لا بديل عن تنظيم المبدعين لأنفسهم دفاعاً عن حرية التغيير
إجمالا أري إن المواد جيدة، باستثناء المادة 8 التي تشكل قيدا علي حرية العبادة. والنظام العام لا علاقة له بالموضوع. لأن النظام العام تضمنه بنود الدستور الأخري، بمعني أنها تحدد مصادر السلطة وتوزيعها. ولا معني للنص علي النظام العام في هذه النقطة بالذات لأن المفروض أن النظام العام مراعي في كل ما له علاقة بالشئون العامة. وتحدده الجهات التشريعية أساسا في إطار الحريات.
وفي تصوري أن الضمانة الأساسية للحريات هي تغير نظام الحكم بعد الثورة وشيوع مبدأ الحرية والديمقراطية بوصفه أساس الثورة وعنوانها ومصدر شرعية النظام الجديد. وهو ما يتبدي في الحريات الواسعة في التنظيم والتظاهر والاحتجاج والتعبير بمختلف أشكاله بصرف النظر عن القوانين القائمة التي تحظر أصلا معظم هذه الأعمال، فأصبحت عمليا قوانين معطلة ولا يكاد أحد يجرؤ علي تطبيقها.
فتح المجال العام بهذا الشكل لا يعني أن الضمانات الدستورية أو القانونية تعمل من تلقاء ذاتها. فالقانون عموما عبارة عن نصوص علي أوراق، لا تتحرك إلا إذا حركها أحد. والمنظومة القانونية ستظل مختلطة لفترة طويلة بسبب الإرث القمعي، وبسبب ميول الوصاية الموجودة عند قوي مختلفة، بما فيها جماعة «الإخوان المسلمين». لذلك لا بديل عن تنظيم المبدعين والمثقفين والمهتمين بالثقافة والحريات لأنفسهم في روابط وجماعات واتحادات بهدف الدفاع عن حرية التعبير والاعتقاد ورفض أي سقف مسبق تحدده أية قوي، باعتباره حقا للأفراد كما قال النص الدستوري المقترح. وبطيبعة الحال هذه مصلحة عامة لدي كل المبدعين والمثقفين بمختلف اتجاهاتهم، إلا المثقفين الذين يتمثل مشروعهم في «الدفاع عن ثوابت الأمة» أيا كان تعريفهم لهذه الثوابت، أي فرض أسقف وقوالب مسبقة تحدد «ما يجوز إبداعه والتفكير فيه ونشره».
الإطار العام المحدد لهذا الصراع هو بين نمطين من الإيديولوجيا الوطنية: الوطنية الديمقراطية، التي تعتبر الوطن حقا مشتركا للأفراد، قائما علي حريتهم الأصلية التي لا يجوز تقييدها بوصفهم «أصحاب البلد»، أو «مؤسسي العقد الاجتماعي»، ولا يجوز أن تقرر فيه أية أغلبية، أيا كانت، حدود حركة الآخرين، باعتبارهم شركاء مؤسسين أصليين.
بالمقابل هناك الإيديولوجيا الوطنية السلطوية، بتلوينات دينية أو قومية عربية أو هوياتية مصرية. بمقتضاها يكون هناك «أمة» أي كيان ثقافي، ينتمي له الأفراد وتكون ثوابت هذا الكيان الثقافي ملزمة لأفراده، ويكون دور الإجراءات الديمقراطية مثل الاقتراع والمجالس المنتخبة إضفاء الشرعية علي تحكم هذه الثقافة في الأفراد. وتصبح «ثوابت الأمة» قيودا تحكم المستقبل انطلاقا من وضع راهن، سواء تفرضه ديكتاتورية عسكرية أو أغلبية منتخبة. الأمة هي شيء يتجاوز أي جيل أو عصر، وبموجب فكرة حقوقها السرمدية المتجاوزة للتاريخ (بسبب أصل ديني أو أصل عرقي) تصبح قيدا علي المستقبل لأن دور الأفراد ليس إلا التعبير عن هذه الهوية الافتراضية.
بناء عليه، الحكم علي الدستور ككل من زاوية الحريات لا يجوز أن ينطلق فحسب من مواد الحريات، ولكن أيضا من بنيته العامة ومدي ميله لأحد هذين التصورين. الديمقراطية لا تمنع أنصار الهويات المختلفة من الحركة. لكن الثقافة الديمقراطية تتصدي بالتأكيد للرؤية الهوياتية الوطنية والدينية.
الشاعر فتحي عبد السميع:
العبارات الفضفاضة شديدة الخطورة
الضمانات الدستورية وحدها ليست ضمانة حقيقية للحريات ، ففي كل الأحوال ليست العبرة بالأوراق بل بالممارسات، ليست بالنص بل بما يجري علي الأرض، وما يحقق الفائدة والنفع ، يمكن أن تحظي مسألة ببند في الدستور ، ومع ذلك يمكن تعطيلها علي الأرض ، والعكس صحيح ، أي أن كتابة الدستور ليست كل شيء ، وقد كان الناس فيما مضي لا يكتبون الدساتير ، ومع ذلك فقد كانوا يلتزمون بالأعراف غير مكتوبة التزاما يبلغ درجة التقديس .
العبارات الفضفاضة في الدستور شديدة الخطورة ، إذ يمكن تأويلها بطرق شتي ، حتي تصبح بلا معني أساسا، ومن السهل في تلك الحالة أن تصبح قيدا حديديا تحركه الأهواء كيفما تشاء ، لابد للعبارة الدستورية أن تكون شديدة الوضوح والتحديد ، وبشكل عام فإن اللغة ليست شيئا عاديا في وضع التشريع ، ومن هنا كان من اللازم وجود عدد من المبدعين لمراجعة المواد لغويا ، لكشف الدلالات الممكنة للكلمة ، والتي من شأنها وضع النص في إطار مطاط ، حيث تجب الدقة الشديدة في اختيار الألفاظ .
إن عبارات من مثل " بما لا يخالف النظام العام " أو ما شابه ليست مجرد ثغرات ، بل عقبات حقيقية ، وعبارة النظام العام تلك لا أفهم معناها ، ولا يمكن أن تصدر في الدستور بدون تحديد معناها بالضبط ، ومن الخطأ ترك هذا المصطلح وكأنه يشير إلي شيئ مقدس لا يقبل الحوار والجدل، أو حتي شيئ ثابت لا يتحرك يمينا أو يسارا ، والفكر بطبيعته بل من واجبه تأمل النظام العام ، ومراجعته، وإقامة حوار دائم معه وغيره بالطبع ، وإن كان ولا بد منها فينبغي استبدالها بكلمة القوانين ، إذ أن القوانين وحدها هي التي تحدد الجريمة بشكل واضح ، أما العبارات المطاطة والتي تقبل التأويلات والتوظيف المتناقض فهي خطر كبير ينبغي اجتنابه.
المثقفون في وضع لا يُحسدون عليه، وقد تجاوزهم رجل الشارع في إيجابيته والدفاع عن حقه، وعلي سبيل المثال فشل الكتاب في جعل اتحادهم معبرا حقيقيا عنهم ويتعامل عدد كبير منهم علي أنه لا يخصهم ، ولا يفكرون حتي في الحصول علي عضويته، ناهيك عن محاولة إنقاذه أو تخليصه من الأدعياء والمزروعين من قبل الأمن لضمان نجاح من يريدون بطريق شرعي. كما فشلوا أيضا في كل وسائل العمل علي الأرض ، واستعذبوا الاكتفاء بحروب كلامية علي الورق ، وغيرها من الأمور التي تجعلني اشعر بعجز المثقفين عن خوض أية حرب حقيقة للدفاع عن حقوقهم.
الباحثة ريم نجيب:
ليس الأداة الوحيدة للدفاع عن الحريات
لا أعتقد أن المواد الدستورية يمكن أن تصبح ضمانا للحريات، فهي لم تضمن أبسط الحريات في الماضي فلماذا نتوقع أن تؤسس لقواعد الحياة السياسية والاجتماعية في مصر الآن؟ وفي رأيي الدفاع عن الحريات ومحاولة اقتلاعها لم ولن ينجح إذا اقتصر علي النضال في ساحات القضاء لأن ذلك يجعل من الحقوق والحريات مجالا قانوناً بحت يفتي فيه المتخصصين ويمتهنه المحامون المؤهلون بشكل مطلق بعيدا عن نضالات الناس اليومية ووعيهم. الدستور أداة من بين أدوات كثيرة يجب اللجوء إليها للدفاع عن الحقوق والحريات ولكنه ليس الأداة الوحيدة.
من ناحية أخري أكثر تفصيلا نجد أن عبارات مثل «النظام العام» تنفي الحق المنصوص عليه في النصف الأول من كل مادة وقد يتم استغلالها بكثافة لانتزاع حقوق كانت تمارس في الماضي. في الحقيقة لا أعلم ما هو الحال في الدساتير الأخري وإن صح أنها موجودة في كل الدساتير فهذا يثبت أن الدستور ليس ما يحدد مساحة الحرية والحقوق في المجتمع.
واذا نظرنا إلي المادة الخاصة بحرية الاعتقاد فسنجد مشكلتين بهذه المادة. أولا قصر الأديان علي «الأديان السماوية» وهو الذي يوفر ذريعة لمطاردة البهائيين مثلا. ثانيا تعبير «بما لا يخالف النظام العام» ينفي حرية الاعتقاد بما أن حرية الإعتقاد عادة ما تهاجم من منطلق المعتقدات السائدة وهي متوقفة علي ما يراه الإسلام السني مشروعا أو غير مشروع. وفي كل الأحوال هذه المادة لن تكفل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر لطوائف داخل «الأديان السماوية» مثل المذهب الشيعي و تظل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر في حيز النظرية والحقوق الدستورية في حين يتم ملاحقة الشيعة مثلا والتضييق عليهم من منطلق ما تقبله الأغلبية السنية ومفهومها عن «الزحف الشيعي» المروج له إعلاميا من النظام. وفيما يتعلق بالمادة الخاصة بحرية الفكر لا أدري كيف ستعرف جملة «حقوق الغير» . فالخطاب السائد عن الحرية دائما ما يعتبر أن «حقوق الغير» تشمل عدم تعرض أي شخص لمعتقدات ومسلمات «الغير» بالنقد أو بالتحليل خاصة إذا عرفنا «الغير» بالأغلبية. في الأغلب سيفسر تعبير «حقوق الغير» قانونيا بنفس الطريقة ويتم تجريم الرأي المخالف لما هو سائد علي اعتبار أنه ينتهك «حقوق الغير» مثلما هو مفترض في قانون «إزدراء الأديان».
وفيما يتعلق بالمادة الخاصة بحرية تناول المعلومات نجد أن جملة «بما لا يتعارض مع الأمن القومي للبلاد» أيضا تشرعن التعامل مع المعلومات بمنطق أمني وهي السياسة السائدة في كل المصالح المختصة بالمعلومات والبيانات والإحصاءات. وأخيرا أعتقد ان الوسيلة الوحيدة أمام المثقفين في الوقت الحالي هي ممارسة تلك الحريات التي يسعون للدفاع عنها
الشاعر حمدي خلف:
لا حرية للوطن بدون حرية المواطن
الضمانة الحقيقية للحريات العامة تكمن في مدي استيعاب وتقبل السلطة العامة لثقافة الاختلاف في الافكار والرؤي هذا من جانب وعلي الجانب الاخر مدي تنظيم المجتمع لنفسه واستعداده للدفاع عن حقوقه ومصالحه العامة، والا سنكون امام ضمانات ورقية، فدستور 71 كان يحتوي علي مواد دستورية شبيهة ومع ذلك كانت الانتهاكات موجودة وبكثرة. فعلي سبيل المثال: كان دستور 71 ينص في المادة 41 منه علي" الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون. ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي"
ومع ذلك كان يحدث واعتقد انه مازال تفتيش الاشخاص وحبسهم بدون الضمانات التي حددها الدستور السابق..هنا نحن نمتلك ضمانات ورقية ان جاز التعبير لا تسمن ولا تغني من جوع والسؤال هل ما نحن بصدده مجرد دستور موجه بالاساس للخارج للتباهي بديمقراطية (شكلية ) ام عقد اجتماعي بين السلطة العامة والمجتمع ؟ فالاخير ملزم لطرفيه. بعكس الشكل الاول.
ونحن نعاني من معضلة سلطوية مفادها أن "حرية الوطن مقدمة علي حرية المواطن" فهكذا يبرر سعد زغلول -بنظرة ضيقة - عدم وقوفه بجانب حرية الفكر والتعبير ،واعتقد ان هذه العبارة كاشفة لآفة عظيمة في المجتمعات الشمولية فهي تتجاهل أوتتناسي انه لا حرية لوطن بدون حرية للمواطن في الفكر والتعبير ، كما انها تتعامل مع وطن مثالي متجانس ومتوحد (قالب واحد ) واعتقد ان في ذلك خطأ واقعي وعلمي خطير..لابد من الاعتراف بالتعدد والاختلاف والتمسك بذلك والاحتفاء به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.