السلف تلف والرد خسارة، مثل شعبي يؤمن به بعضنا، وعلى أساسه صار مبدأ الأقراض في حياتهم من الممنوعات، ولكن طالب المال في هذه الجرائم رفض أن ينسحب بكل بساطة، وكأنهم يعلنون إما القرض أو القتل، كما أنه في تلك الجرائم، القتلة أقارب من الدرجة الأولى للمجني عليهم، وكأنهم يريدون ان يبعثوا برسالة هامة، إحذر القريب قبل البعيد، فطعنة البعيد قد تصيب الجسد اما طعنة القريب فهي دائما تكون في الظهر، الجريمة الأولى، قتل خالته وزوجها لرفضهم إقراضه، والثانية، قتل عمته بسبب خلافات الميراث، والثالثة، قتلت شقيقها لرفضه إقراضها مبلغا من المال، وهذه هي التفاصيل في السطور التالية. وقف فى البداية أمام مكتب وكيل نيابة روض الفرج، ملامحه تبدو هادئة لكنه من داخله مثل بركان ثائر، يريد ان يكسر القيود التي تغل يديه، ويهرب مسرعا، دفعه رجل الشرطة بعد انتهاء التحقيق معه، ليتجه ناحية سيارة الشرطة، يمتلك جسدا نحيفا، فور طلب الحديث، بادر قائلا: "عشت تجربة مريرة حينما تركت نفسي للشيطان، لم أجد سوى خالتي للحصول منها على المال، لكنها ملت من كثرة إلحاحي عليها لطلب المال، كانت طيبة القلب، فى اليوم الأخير، ذهبت إليها وكنت أنوي بأي طريقة أن أخذ منها بعض المال على اعتبار أنها من ضمن حقوقي بسبب الخلاف على الميراث، لكن شقيقة والدتي استشاطت غضبا فى هذا اليوم، وطردتني، وتسمرت فى مكاني، ملحا في طلبي، جاء زوجها سميح، الذي يتجاوز العقد السابع بسنوات قليلة، وكانت خالتي تصرخ بالداخل وتقول:" انا من يومين أعطيتك المال..أين أنفقته؟"، وهنا طردني زوج خالتي ودفعني ناحية الباب، لكن رفضت الخروج، خالتي تعجبت من تصرفي، وقالت:" كل أسبوع تطلب 500 جنيه ثم بكت وطردتني!"، لكن الشيطان تملكني، ورسمت خطة سريعة فى ذهني لقتلهما. وأضاف مؤمن: "اتجهت ناحية خالتي التي لمحت فى عيني الشر، زوجها من خلفي يمسك بي لكني دفعته فسقط على الأرض، دخلت المطبخ، وأمسكت بالسكين، أخفيته خلف ظهري، اقتربت من خالتي، وطعنتها فى صدرها عدة طعنات، وحينما حاول زوجها الدفاع عنها، طعنته أيضا ثم ذبحتهما، وظللت أردد فى تلك اللحظات:"خذرتكم انتم السبب"، مضيفا:" كنت أراهن على كبر سنهما فأنا أعلم أنهما لن يستطيعا مقاومتي، اعتقدت فى البداية أنني سأكون فوق مستوى الشبهات ولكن عند ارتكابي للجريمة تملكني الخوف، ولم أر طعم النوم، خاصة أن خالتي تأتيني فى منامي تفزعني، لو كنت أعلم أن هذا المصير سوف يواجهني ما كنت فكرت فى الجريمة منذ البداية. واستكمل المتهم:"رجال المباحث بالقاهرة، تمكنوا من ضبطي، ثم توقف عن الكلام وظل يفكر للحظات وعندما سألناه عما كان يفكر، قال:" تذكرت كلمات خالتي هدى، وهي تتوسل لي حتى لا أقتلها وتقول يابني حرام عليم أنا ببعت فلوس لمراتك وأولادك فلماذا تفعل ذلك؟". فى النهاية نجحت مباحث القاهرة، بإشراف اللواء أشرف الجندي، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، واللواء أحمد عبدالعزيز نائب مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، واللواء نبيل سليم مدير المباحث الجنائية، في القبض على المتهم، بعد تشكيل فريق بحث قاده العميد حسام عبدالعزيز رئيس مباحث قطاع الشمال، والمقدم قدري الغرباوي، رئيس مباحث روض الفرج، وبعدها احيل المتهم إلى النيابة التي أمرت بحبسه على ذمة التحقيق. قتل عمته بسبب الميراث "الحقوني عمتي بتموت جوه" كانت تلك الصيحات خرجت بصوت عال، أثناء هرولة القاتل لشقق الجيران بالعمارة، طرقً الأبواب بشدة وهو يصرخ "الحقوني عمتي في خطر" هكذا كانت الحيلة الشيطانية التي ابتكرها المتهم للهروب من جريمة قتل عمته المسنة! "نجاة" سيدة في منتصف عقدها السابع، تعيش بمفردها بشقتها بعدما تزوج أولادها، حسنة السمعة بين سكان منطقتها، فكان أبناؤها يترددون عليها بشكل مستمر من حين لآخر للاطمئنان عليها وعلى صحتها. فوجيء الجيران بصوت صراخ عال، هرول الجميع من شققهمم ناحية مصدر الصوت ليفتحوا الباب ليجدوا "عادل" يصرخ قائلاً: "عمتي بتموت في الشقة جوه ومش عارف اتصرف" توجه الجميع لشقة عمته لكسر باب الشقة، وكانت المفاجأة السيدة "نجاة" ملقاة على الأرض وسط بركة من الدماء، أسند "عادل" ظهره على الحائط، ودموع التماسيح تزرف من عينه، اتصل الأهالي بالشرطة، التي اتت لموقع الحادث وعلى رأسها المقدم أحمد الجمال رئيس مباحث قسم شرطة الدرب الأحمر، وبسؤال شهود العيان وابن شقيقها قالوا ما حدث، على الفور تم الاتصال بأولادها ليحضروا في الحال وبسؤالهم لم يتهموا أحدا بالحادث. . عاين رئيس المباحث الشقة وتبين من سلامة جميع منافذها وعدم بعثرة محتوياتها وعثر على جمع متعلقات المجني عليها وبمعاينة الجثة تبين أنها مصابة بعد طعنات، تم إخطار اللواء أشرف الجندي مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وشكل فريق بحث لفك لغز الجريمة. عاود رئيس المباحث وتدخل العميد حاتم البيباني رئيس مباحث قطاع الغرب، مناقشة "عادل" لشرح ماشاهده، وقال أنه جاء إلى عمته وبمجرد أن طرق الباب لم تفتح لكنه سمع صوتها وكأنها تصرخ، لكن لم تدخل تلك الحيلة على رئيس المباحث الذي شك فيه عندما شاهد فى يده ورقبته إصابات، وكانت المفاجأة عندما تحدثت "نادية" جاة المجني عليها، قائلة: أنا وجدت منذ قليل "عادل" يجري بهرولة من العقار وملابسة ملطخة بالدماء وهددني لو فتحت فمي سيقتلني، وقتها بدأ رئيس المباحث تجميع أطرف الخيط وبمواجهته "عادل" وبتضيق الخناق عليه اعترف قائلاً :عمري 36 سنة، عامل، قتلتها لأنها أخذت ميراث والد في "كشك"، فنشأت بينا خلافات ورفضت عمتي مشاركتنا فيه وبجانب أنها لم تلتزم بدفع المبلغ، فقررت أن أتخلص منها فخططت وقررت واستغليت أنها تعيش بمفردها، وأحضرت سكينا وطعنتها حتى سقطت غارقة في دمائها وفررت هاربا، تم تحريرلمحضر وأخطار اللواء اشرف الجندي مدير مباحث القاهرة، واللواء محمد منصور مدير أمن القاهرة، الذي أمر بإحالته الى النيابة التي أمرت بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات. قتلت شقيقها لرفضه إقراضه بدت كلامها وكأنها لم تذق طعم النوم منذ أشهر، فاقدة التركيز، قالت:" اسمي أمينة.ع، عمرى 45 سنة، نعم قتلته، لأني شعرت أن الدم الذي يجري فى عروقه لم يعد ينتمي للأخوة بشيء، ذهبت له وكنت أرى الدنيا باللون الأسود، بسبب الضائقة المالية التي مرت بي، كان الأمل الوحيد لي هو أخي ابن أبي وأمي، الذي كان يمثل الملاذ الأول والأخير لي، فبعده تهون الدنيا ويهون كل شيء، ذهبت له منذ بضعة أيام استنجدت به وطلبت إغاثته بإقراضي مبلغا من المال، حتى أفك به الأزمة التي تمر علي وكأنها كابوس قبل أن يهددني صاحب الدين بالحبس، وقع كلام شقيقي علي كالصاعقة، حينما قال محمد أخي أنه لن يقرضني وعلي أن أذهب لآخرين، فدفعته إلى الخلف بقوة، وقمت بتوجيه اللوم له وعنفته بقوة، فنشبت بيننا مشادة كلامية، فقمت بدفعه مرة اخرى حتى أخرج من امامه لكن ارتطمت رأسه بالحائط وسقط على ميتا، وقررت النيابة حبسها أربعة ايام على ذمة التحقيق.