وزير التعليم يشهد فعالية "اللغة العربية مصدر الإلهام والإبداع"    أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة بدون مصنعية.. «اعرف عيار 21 وصل كم»    أيمن الرقب: «القاهرة» استقبلت آلاف الجرحى في مستشفياتها.. والمصريون فتحوا منازلهم لأشقائهم    فيورنتينا يهزم مونزا.. وأودينيزي يواصل الهروب من شبح الهبوط في الدوري الإيطالي    منتخب الإسماعيلية يتأهل إلي دور 16 من دوري مراكز الشباب    شركة «أوبر» تعلق على تعدي أحد سائقيها على فتاة بالقاهرة بعد القبض عليه.. عاجل    أخبار الفن اليوم: أزمة بين أشرف زكي وطارق الشناوي بسبب روجينا.. وبيان صادم من شيرين عبدالوهاب حول أحدث ألبوماتها    طارق الشناوي يرد على بلاغ أشرف زكي: 3 بطولات لروجينا كثير.. ومش موجودة في الشارع    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    رئيس لجنة الدواء ب«الصيادلة»: تكلفة صناعة الأدوية ارتفعت وتحريك السعر ضروري    «متحرميش نفسك في الرجيم».. أسرار فيليه الدجاج مع البروكلي والمشروم    نوع خطير من الملح احذر تناوله في طعامك.. يسبب مشاكل صحية    مدرب توتنهام: جماهير الفريق لا ترغب في فوزنا على مانشستر سيتي    تطورات أحوال الطقس في مصر.. أجواء حارة على أغلب الأنحاء    بعد موافقة الشيوخ.. ننشر أهداف قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي    برج الجوزاء.. تعثر من يوم 16 إلى 18 مايو وانفراجة في هذه الإيام    فرديناند يهاجم تين هاج بسبب كاسيميرو    خلع البدلة الحمراء.. المؤبد لقاتل زوجته لتقديمها "قربانا للجن" في الفيوم    مواعيد قطارات عيد الأضحى الإضافية.. الرحلات تبدأ 10 يونيو    أحدهما محمد صلاح.. تطور عاجل في مفاوضات أندية السعودية مع ثنائي ليفربول    تعرف على شروط التقديم للوظائف في المدارس التكنولوجية    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    مياه الشرب بالجيزة تستطلع رأى المواطنين بمراكز خدمة العملاء    مشاورات بين مصر والولايات المتحدة بشأن السودان    "نيويورك تايمز": حماس راقبت النشطاء المعارضين لها من خلال جهاز سري    "عاشر طفلتين وأنجبتا منه".. الجنايات تقضي بإعدام مُسن ببورسعيد    كروس يتخذ قراره النهائي حول مصيره مع ريال مدريد    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    تطوير مطارات وموانئ.. مشروعات عملاقة بمحافظة البحر الأحمر لجذب السياحة والاستثمارات (صور)    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    شقق المصريين بالخارج .. خطوات حجز الوحدات السكنية بجنة ومدينتي والأوراق المطلوبة وسعر المتر    بينها 1000 لتر خل، إعدام 2.5 طن أغذية ومشروبات فاسدة بأسيوط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    مستشار خامنئي: طهران مستعدة لإجراء محادثات مع واشنطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفذنا العملية بتكليف من مرشد الإخوان وعبد الناصر أنقذني من الإعدام
في ذكري محاولة اغتيال عبد الناصر.. «الأخبار» تحاور خليفة عطوة المتهم الثالث في القضية
نشر في أخبار الأدب يوم 24 - 10 - 2018


خليفة عطوة خلال حواره مع »الأخبار«
الهضيبي انتظر نجاح المهمة لإعلان بيان دعم نجيب
الهضيبي أقسم كذبا علي المصحف بعدم معرفتنا فبصق المتهم الأول في وجهه وقال له »انت كافر»‬
عبد الناصر استدعاني وزميلي بعد المحاكمة فاعتقدنا أنه يريد قتلنا بنفسه فعفا عنا
الجماعة ضمت عناصر غير إخوانية لخلية التنفيذ حتي تتبرأ من العملية إذا فشلت
قائد الخلية أبلغ البوليس بأسمائنا بعد فشل الخطة ليصبح
»‬شاهد ملك»
الإخوان انضموا لمعسكرات الفدائيين ضد الإنجليز بهدف التدريب وليس
قتال الاحتلال
في السادس والعشرين من أكتوبر عام 1954 يقف الرئيس جمال عبد الناصر في ميدان المنشية يخطب في جموع الشعب.. قبلها بأيام كانت جماعة الإخوان قد وضعت خطة اغتياله وتشكلت خلية التنفيذ وتحدد الموعد والمكان في ميدان المنشية بالإسكندرية أثناء إلقاء الخطاب.. بدأ عبد الناصر الخطاب واتخذ المنفذون أماكنهم انتظارا لإشارة التنفيذ وفجأة خرجت رصاصات عضو الجماعة محمود عبد اللطيف تجاه عبد الناصر لكن يشاء القدر ألا تصيبه.. بعدها بدقائق يتم إلقاء القبض علي الخلية المنفذة لتحال إلي المحاكمة وتتوالي المفاجآت.. »‬الأخبار» التقت خليفة عطوة المتهم الثالث في القضية في شهادة ورواية للتاريخ في قضية محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
ملفات قضية محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر تشير وبوضوح تام إلي تورط جماعة الإخوان فيها ورغم ذلك فقد دأبوا كعادتهم إلي الإنكار بل والزعم بأن الرئيس عبد الناصر دبر المحاولة بهدف استغلالها للتخلص منهم وفي هذا المسار سارت أكاذيبهم التاريخية واستطاعوا علي مدار ستين عاما الترويج ببراعة لتلك الكذبة لكن رغم ذلك لم تخلُ اعترافات الكثير من قادتهم من تورط الجماعة في محاولة الاغتيال فاعترفت زينب الغزالي القيادية الإخوانية بأن الجماعة حاولت اغتيال عبد الناصر 19 مرة وأكد القيادي التاريخي في الجماعة فريد عبد الخالق أنه كان علي علم بهذه الخطة وأن الفكرة كانت سائدة في أوساط ليست بقليلة في صفوف الإخوان، وإنه فور علمه بالخطة نقلها علي الفور إلي المستشار حسن الهضيبي المرشد في ذلك الوقت لكن الهضيبي حسب زعم عبد الخالق استنكر ذلك وقال عبد الخالق إنه التقي بعض منفذيها وعندما سئل لماذا لم تبلغ عبد الناصر عن نية بعض الأفراد اغتياله مادامت الجماعة ترفض ذلك قال إنه لم يكن علي يقين أن هناك عملية بالفعل!!!!! ومؤخرا اعترف القيادي الإخواني الهارب في تركيا عصام تليمة بمسئولية الإخوان عن محاولة اغتيال عبد الناصر وقال إنه يعرف من تورطوا فيها وأن أحدهم مازال حيا و»مستشيخ» وإن مرشد الجماعة مأمون الهضيبي كان يعرف من أطلق النار علي عبد الناصر في حادث المنشية ولكن أغُلقت أفواه الناس عنها بأمر صدر من المستشار مأمون الهضيبي. وقال »‬تليمة» إنه كان شاهداً علي منع مرشد الجماعة أشخاصاً كانت شهادتهم مهمة.
اعتراف
لكن أخطر الشهادات وأهمها جاءت علي لسان محمود عبد اللطيف الإخواني الذي أطلق الرصاص علي عبد الناصر في المنصة والذي اعترف بأنه أخذ الأوامر من الجماعة وأنهم خدعوه وكتب عبد اللطيف خطابا للمحكمة قال فيه:
»‬أنا محمود عبد اللطيف انضممت إلي الإخوان المسلمين في سنة 1942، كان اعتقادي في هذه المرة أن هذه الجماعة تعمل لله، وأن قادة الإخوان لا يأمرون إلا بما فيه خير الإسلام والمسلمين، فكنت أسمع كل أمر في طاعة، دون تردد أو مناقشة وكنت أعيب علي بعض الطلبة حين يناقشون في أي أمر، وأقول في نفسي إن الطلبة عندهم حب الجدال في أي شيء.. وكان كل أمر يأتيني من الإخوان أري أن في طاعة هذا الأمر طاعة لله خالصة. حتي ضموني إلي النظام السري.
وقبل الحادث بأسبوع جاءني تكليف باغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وأحضر لي هنداوي دوير القيادي الإخواني السلاح.. وقال لي سر علي بركة الله.. فسافرت إلي الإسكندرية وارتكبت الحادث. ومن نعمة الله عليّ أني لم أذهب بدماء الرئيس جمال عبد الناصر. وأقف بين يدي الله بها..
وأضاف: »‬أحب أن أنبه جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. بألا يأخذوا من أي واحد يثقون به من المسلمين أمرا. حتي يتبينوا حقيقته. أهو لله والإسلام.. أم لغير ذلك.
اتفاق
في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية التقت »‬الأخبار» خليفة عطوة صاحب ال 86 عاما وسألته كيف انضممت إلي خلية اغتيال الرئيس عبد الناصر ؟
يجيب خليفة.. القصة بدأت منذ أن انضممت إلي معسكرات الفدائيين لمواجهة الاحتلال الإنجليزي وقتها تدربت وزملائي علي يد مجموعات من الضباط الأحرار من بينهم كمال رفعت وكمال الدين حسين ولم نعرف بطبيعة الحال أنهم من الضباط الأحرار كنا نقوم بعمليات فدائية وانضم إلينا الكثير من شباب مصر كان الحماس يسيطر علينا كانت قضيتنا الأولي والأخيرة هي جلاء الإنجليز عن مصر خاصة وأن حالة الاحتقان بين المصريين كانت قد وصلت ذروتها في أعقاب هزيمة فلسطين 1948..
في تلك الأثناء انضم إلي معسكرات المقاومة مجموعة من شباب الإخوان المسلمين وقتها لم يكن يعنينا الاتجاه السياسي للمقاومين فنحن جميعا مصريون ونرحب بكل من ينضم لمحاربة الاحتلال لكن للحقيقة وجدنا شباب الإخوان المنضمين إلينا يبتعدون عن المقدمة وغالبا ما تكون مهامهم بعيدة عن القتال الحقيقي وعرفنا بعد ذلك أن الجماعة أرسلتهم فقط للتدريب والاستفادة منهم فيما بعد وكان الهدف أن يعيشوا أجواء المعركة دون قتال..
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 كان الإخوان يضغطون بكل الطرق للوصول إلي الحكم فقد توهموا أن مسانداتهم للثورة سوف تتيح لهم حكم مصر وبالفعل اتفقوا مع عبد الناصر علي تقلد بعض الوزارات لكنهم انسحبوا في اللحظة الأخيرة طلبا للمزيد من السلطة وحدث خلاف كبير بينهم وبين عبد الناصر فانقلبوا عليه وعلي الوطن كله وأطلقوا شائعات لوقف مسيرة نهضة البلاد بالضبط كما يفعلون الآن..
واستغلت الجماعة توقيع عبد الناصر لاتفاقية الجلاء عام 1954 وحاولوا بشتي الطرق تشويهها ونشر الشائعات حولها وبثوا الكثير من الأكاذيب ضد عبد الناصر وقالوا إنه خائن وعميل للأمريكان وأن الاتفاقية ستسمح ببقاء الإنجليز عشرين شهرا آخرين وستمنح الإنجليز قواعد عسكرية في مصر..
الحقيقة نجحت الجماعة ومعها بعض القوي السياسية المختلفة مع عبد الناصر في التأثير علي بعض الشباب المتحمس وكنت أحد هؤلاء الشباب ومعي عدد من زملائي في الجامعة حيث التقيت أنا وأنور حافظ ومحمد علي نصيري وكنا من محافظة الشرقية مع هنداوي دويري ومحمود عبد اللطيف »‬ سمكري »‬ وعرفت أنه قد صدر تكليف من المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبي باغتيال الرئيس عبد الناصر واتفقنا بالفعل علي التخطيط للعملية وتنفيذها.
خدعة
كيف وثقت بك الجماعة للانضمام إلي عناصرها لتنفيذ عملية الاغتيال رغم أنك لم تكن إخوانياً ؟
كانت عناصر الإخوان يعرفونني جيدا في الجامعة ولمسوا غضبي الشديد تجاه عبد الناصر بسبب الاتفاقية وتأثري بما روج له الإخوان فضلا عن ذلك فإن الجماعة كانت تريد إدخال عناصر أخري من المنفذين حتي تنفي تورطها في العملية أو مسئوليتها عنها في حال فشلها فقد كنت أنا وأنور حافظ من خارج الجماعة وكان هنداوي دويري ومحمود عبد اللطيف ومحمد علي نصيري من الإخوان.
كيف تأكدت أن العملية تكليف من الجماعة وليست عملية فردية من مجموعة من الشباب المتحمس كما ادعي البعض بعد ذلك؟
نحن قابلنا المستشار الهضيبي قبل العملية وبارك الأمر وأثني علينا وكان ذلك في فيلا حسن صبري بالإسكندرية وكان ينتظر نجاح العملية ليذيع محمد نجيب بيان اغتيال عبد الناصر والسيطرة علي الحكم بمساعدة الإخوان فقد اتفق الإخوان مع محمد نجيب علي ذلك بعد أن أقنعوا نجيب أن عبد الناصر استحوذ علي كل شيء وأصبح بطلا ولم يعد لك أهمية بالنسبة له.
جريمة
كونتم خلية بتكليف المرشد ثم قابلتموه وماذا حدث بعد ذلك؟
استأجرنا غرفة في لوكاندة بالإسكندرية وحددنا الأدوار بدقة فقد ارتديت أنا وأنور حافظ ملابس الحرس الوطني وصعدنا أعلي المنصة وكانت مهمتي إعطاء الإشارة لمحمود عبد اللطيف بإطلاق النار علي عبد الناصر في الوقت المناسب وبالفعل جهز محمود عبد اللطيف مسدسين من نوع »‬براوننج» ألماني واتخذ مكانه بجوار تمثال سعد زغلول وارتدي محمد علي نصيري حزاما ناسفا واتفقنا أن يحتضن جمال عبد الناصر ويفجر نفسه فيه في حالة عدم إصابته بالرصاص..
وبدأ عبد الناصر إلقاء خطابه وانتظرت حتي بدأ عبد الناصر ينفعل ويندمج في الحديث فأشرت بيدي إلي محمود عبد اللطيف لإطلاق الرصاص وبدأ محمود عبد اللطيف في التصويب علي قلب عبد الناصر لكن عبد الناصر وقتها كان يشيح بيده لأعلي فمرت الرصاصة بين ذراعه وكتفه ولم تصبه وأصابت أحمد بدر سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية في رأسه وسقط علي الفور قتيلا وأصابت الرصاصة الثانية المرغني حمزة زعيم الطائفة الخاتمية بالسودان وحدثت حالة من الهرج وقال عبد الناصر عبارته الشهيرة »‬أيها الشعب..
أيها الرجال الأحرار.. جمال عبد الناصر من دمكم، ودمي لكم، سأعيش من أجلكم، وسأموت في خدمتكم، سأعيش لأناضل من أجل حريتكم وكرامتكم. أيها الرجال الأحرار.. أيها الرجال.. حتي لو قتلوني فقد وضعت فيكم العزة، فدعوهم ليقتلوني الآن، فقد غرست في هذه الأمة الحرية والعزة والكرامة، في سبيل مصر وفي سبيل حرية مصر سأحيا، وفي خدمة مصر».
وعندما عرفت أن المحاولة فشلت بعد إطلاق الرصاصة الأولي أشرت إلي محمود عبد اللطيف بالتوقف فأصابتني رصاصات في ذراعي ووجدت الأطقم الطبية تساعدنا في إيقاف النزيف خاصة وأن إطلاق النار أصاب حوالي 7 أشخاص وأرداهم قتلي وبعد انتهاء الخطاب وأثناء علاجي في نفس المكان فوجئت بالبوليس وقد أتي لإلقاء القبض علي.
خيانة
وكيف عرف البوليس أنك من خلية الاغتيال بهذه السرعة ؟
هذه هي المفاجأة الصادمة بالنسبة لي وللخلية كلها فعندما علم قائد الخلية الإخواني هنداوي دوير بفشل العملية قام بخيانتنا وذهب إلي قسم باب شرق بالإسكندرية وأبلغ عن أسمائنا حتي يصبح »‬شاهد ملك» ولا يعاقب..
وقام البوليس علي الفور بالقبض علينا وتم ترحيلنا إلي سجن القلعة وبسرعة شديدة عقدت محكمة عسكرية ضمت جمال سالم وأنور السادات وحسين الشافعي وعندما استجوبونا اعترفنا بكل شيء وقلنا إن الدافع لاغتيال عبد الناصر هو توقيعه اتفاقية الجلاء التي ستؤخر جلاء الإنجليز عن مصر..
واعترفنا أننا أخذنا التكليف من حسن الهضيبي مرشد الإخوان وبسرعة شديدة تم الحكم علينا بالإعدام رميا بالرصاص.
لكن الهضيبي أنكر في المحاكمة أنه علي علاقة بالخلية؟
ليس هذا فقط فقد أنكر في بداية المحاكمة وقال لا أعرف هؤلاء الأشخاص فطلب منه أنور السادات بدهائه المعهود أن يحلف علي المصحف فحلف الهضيبي إنه لا يعرفنا فهاج محمود عبد اللطيف الذي أطلق الرصاص علي عبد الناصر وقال له »‬يا كافر يا ابن الكافر بتحلف كذب». ثم بصق عليه.
وهذا أمر طبيعي فمحمود عبد اللطيف كان يعمل »‬سمكري» وكان يعتقد أن مرشد الإخوان استحالة أن يكذب وأن الإخوان رجال دعوة ودين وعندما وجده يكذب وينكر معرفته لنا كانت صدمته شديدة وجاء رد فعله بهذه الطريقة..
والحقيقة أن جمال سالم كان عصبيا جدا وسأل الهضيبي أتحفظ الفاتحة فأجابه علي الفور نعم..
فقال له »‬اقرأها لي بالعكس» فانزعج الهضيبي وقال دا حرام.. فقال له سالم »‬وانتو تعرفوا الحرام ما أنت لسه حالف علي المصحف كذب».
قلت إن محمد علي نصيري كان يرتدي حزاما ناسفا لماذا لم يفجر نفسه في الرئيس عبد الناصر كما كان مخططا ؟
ارتبك النصيري ارتباكا شديدا خاصة بعد أن التف الضباط والحرس حول الرئيس عبد الناصر فترك نصيري الموقع وهرب.
عفو
وكيف أفلت من حكم الإعدام ؟
بعد المحاكمة أعادونا لسجن القلعة مرة أخري.. كنت في انتظار الإعدام في أي وقت وقتها كنت أفكر فيما جري وكيف تحولت من فدائي يهب كله حياته لبلده إلي مجرم يشترك في قتل زعيم مثل عبد الناصر يعشقه المصريون..
كنت أتساءل كيف نجحت جماعة الإخوان في بلبلة أفكاري والتأثير عليّ وأنا شاب جامعي..
كانت لحظات قاسية جدا.. وبعد أيام دخل عليّ ضباط من البوليس المصري وأخذوني في سيارة جيب أنا وزميلي أنور حافظ توقعت وقتها أننا ذاهبون للإعدام..
لكن فوجئت أنهم أخذوني إلي مقر قيادة الثورة علي النيل وأدخلونا في غرفة فوجدت عبد الناصر يجلس علي مكتبه وينظر في أوراق أمامه..
وقتها أصابنا الرعب قلت بالتأكيد أحضرنا ليقتلنا بنفسه..
الدقائق تمر بصعوبة بالغة وعبد الناصر لا يتحدث ولا ينظر إلينا ومشغول بأوراق أمامه..
ثم قطع حالة الصمت بسؤالنا انتو ليه كنتم عايزين تقتلوني يا شباب ؟..
وهل الكلام اللي قدامي في التحقيقات دا صحيح؟.. هل حد ضغط عليكم أو اتعرضتم للتعذيب؟..
فقلنا لم يضغط علينا أحد وكل ما جاء في التحقيقات مضبوط وحاولنا اغتيالك بسبب اتفاقية الجلاء التي ستسمح ببقاء الإنجليز عشرين شهرا بالإضافة إلي وجود قواعد عسكرية في القناة وتتيح للإنجليز العودة مرة أخري إذا تم الاعتداء علي أي دولة من دول حلف بغداد ونحن اعتبرناك خائنا للبلد..
ضحك عبد الناصر وبدأ يناقشنا بهدوء وقال من قال لكم هذا الكلام فقلنا الإخوان والوفديون فقال الإخوان والوفديون يريدون عودة الملك مرة أخري وقال ملفاتكم أمامي يظهر منها إنكم شباب جامعي وطني اشتركتم مع الفدائيين ولكم تاريخ مشرف..
بعد أن انتهينا من المناقشة سألنا عبد الناصر.. »‬فطرتو يا ولاد» فصمتنا فطلب إحضار إفطار لنا واحضر سندوتشات فول وطعمية ثم أخذونا في سيارة جيب مرة أخري وتوقعنا أننا ذاهبون مرة أخري إلي سجن القلعة لكن السيارة اتجهت إلي شبرا ثم بنها ونحن لا نعرف إلي أين سنذهب حتي وصلنا إلي منازلنا في الشرقية ونحن لا نعرف ما الذي يحدث.. وعندما طرقنا علي باب المنزل سمعت والدتي صوتي فأغشي عليها في الحال.. وعرفت بعد ذلك أن الرئيس عبد الناصر كان قد خفف الحكم علينا من الإعدام إلي 25 عاما وبعد أن قابلنا قرر العفو عنا تماما.
وكيف عملت مع الرئيس عبد الناصر بعد ذلك؟
بعد الإفراج عنا بأيام ظهرت نتيجة البكالوريوس وفوجئنا باستدعائنا مرة أخري من الرئيس عبد الناصر الحقيقة عاد القلق يسيطر علينا مرة أخري وعندما وصلنا هنأنا عبد الناصر بالنجاح وقال و»هتشتغلو فين» فأجبنا »‬يا ريس ومين هيرضي يشغلنا بعد اللي عملناه» فضحك وطلب علي صبري وقال له »‬الولاد دول بلدياتك فرد صبري للأسف يا ريس»..
فقال له عبد الناصر »‬خدهم شغلهم معاك» وبالفعل عملنا في مكتب توثيق وتنقية المعلومات بمجلس الوزراء ثم مكتب السكرتارية الخاص بالرئاسة بعد ذلك.
كذب
لكن مازال الإخوان يروجون بأن محاولة الاغتيال كانت تمثيلية نفذها عبد الناصر للتخلص منهم ؟
الإخوان كاذبون والوقائع ثابتة تماما وليس بها أي لبس أو غموض لكن هي عادتهم التي جُبلوا عليها هم خبراء في التضليل والكذب وهم مستمرون فيه حتي الآن. الإخوان هو »‬خازوق» وضعه الإنجليز في مصر عندما علموا أنهم سيتركون مصر لذلك فقد صنعوا الجماعة ودعموها بالمال حتي تصبح كيانا معطلا لأي تقدم في مصر..
فالمنطق يقول كيف لموظف بسيط مثل حسن البنا أن يقابل أكبر رتبة إنجليزية في مصر وهو الحاكم العسكري الإنجليزي بكل سهولة إلا إذا كان البنا عميلا له وكيف لانجلترا أن تدعم كيانا إسلاميا مخالفا لدينها وأهدافها إلا إذا كان الغرض منه هو خدمة مصالحهم منذ الاحتلال وحتي الآن.. ولماذا اختارت الجماعة أن تعبر عن الإسلام بشعار السيفين وتضع بينهما المصحف وكأنها تتعمد تشويه صورة الإسلام وتشير إلي أن الإسلام دين قتل وعنف.
هل كان المشاركون في محاولة الاغتيال من التنظيم الخاص المسلح؟
عرفنا بعد ذلك أن محمود عبد اللطيف كان عضوا بالتنظيم الخاص وكان هنداوي دوير ومحمد علي نصيري من الإخوان.. وبمناسبة التنظيم الخاص للإخوان فأنا علي يقين أن التنظيم الخاص هو من اغتال حسن البنا نفسه بعد أن تبرأ منهم وكفرهم في بيانه »‬ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» الذي أصدره بعد اغتيال التنظيم الخاص للنقراشي باشا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.