بداية الشكر والتقدير للواء مصطفي الشريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية، والذي يقوم ومعه فريق محترم، بعمل مهم علي صعيدين: الأول إعادة إحياء وإنشاء متحف قيادة الثورة في أحلي بقعة علي النيل، والثاني الحفاظ علي ثروة مصر التاريخية المتمثلة في القصور الرئاسية بما تضمنه من مقتنيات مذهلة. كان لي شرف زيارته مع الشاعر الكبير فاروق جويدة، وعلي مدي أربع ساعات ونصف، شاهدنا خلية نحل، تعمل في مبني قيادة الثورة، استعداداً لافتتاحه يوم 23 يوليو القادم، ليكون تحفة تاريخية ومعمارية وحضارية وثقافية، تقدم التاريخ الحقيقي لثورة يوليو، دون تهويل أو تشويه، بالصوت والصورة والأفلام التي تذاع لأول مرة، والوثائق التاريخية النادرة، والصحف الصادرة في تلك الأيام، بجانب شهادات الشهود، وغيرها من وسائل التوثيق العلمية. رجال المقاولون العرب يقومون بهذه المهمة الإنشائية بقيادة رئيس الشركة المهندس محسن صلاح، علي مساحة تقترب من عشرة آلاف متر، علي النيل الساحر، بالقرب من كوبري قصر النيل والأوبرا، ليتحول المكان بعد افتتاحه، إلي مزار عالمي لمن يريد الثقافة والمعرفة، بجانب المطاعم والرحلات النيلية الترفيهية. فريق علي مستوي رفيع من الأساتذة والخبراء والمهندسين، خططوا المكان بطريقة علمية محكمة، بحيث ينتقل الزائر حسب التسلسل الزمني من مكان لمكان، ليتعرف علي تاريخ الثورة وأحداثها، بأسلوب شيق وجذاب، وكأنه يعيش الأحداث لحظة وقوعها. انتقلنا إلي قصر عابدين، ولأول مرة أدخله، فشاهدت ما لم أره في أي متاحف أو قصور في مختلف دول العالم، فلا يوجد مكان في القصر المكون من 500 غرفة، إلا ويحتوي علي تحفة تاريخية نادرة، سواء النجف أو الفازات أو أجنحة النوم، والسجاد والأثاث، والأسقف المزينة بالرسوم المذهبة والألوان الناطقة، جمال يسلم لجمال وروعة لا يمكن وصفها بالكلمات. قلت للشاعر فاروق جويدة: لقد ظلمنا أسرة محمد علي، خصوصاً الخديو إسماعيل، فمن يري ما تركوه يشعر أنهم لم يكونوا كما في كتب التاريخ، فقال: بالفعل وقد حاولت إنصاف الخديو إسماعيل في إحدي مسرحياتي الغنائية، فأنا متعاطف مع تاريخه ومع أعماله الكبيرة. بالفعل لم تكن أسرة محمد علي كلها من الفاسدين، ومن يري العمارات الناجية من الهدم التي أنشئت في عهدهم، مقارنة بالعمارات التي تشبه علب الكبريت التي أنشئت بعدهم.. يعرف الفرق بين الذوق وقلة الذوق. فتاة شابة ترتدي الجينز وتعلق علي ظهرها شنطة، كانت تتأمل بشغف مقتنيات متحف قصر عابدين الموجود بالدور الأرضي.. هل لا يزال بعض شبابنا يبحثون عن كنوز بلادهم؟، سألها اللواء مصطفي الشريف، فقالت إنها جاءت من الإسكندرية خصيصاً لزيارة متحف القصر.. سبحان الله.. وأمر اللواء باصطحاب الفتاة في جولة مجانية في أرجاء القصر، وأن ترسل لها هدية تذكارية علي عنوانها بالإسكندرية.. بالفعل ياليت نري مثل هذه الفتاة في كل الأماكن. يشد الانتباه بقوة الغرف المخصصة لهدايا الرؤساء، وفي غرفة الرئيس السيسي مقتنيات وسيوف ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة، وهدايا أخري من ملوك وزعماء ومشاهير العالم، ومن مصريين ورسامين، سلمها للقصر لتكون من مقتنيات القصور الرئاسية، حتي الهدايا المقدمة له من الجامعات والكليات العسكرية في حفلات التخرج. يشد الانتباه - أيضاً - قسم داخل القصر، مختص بترميم وصيانة المخطوطات والكتب والموسوعات النادرة، وإعادتها إلي صورتها الأصلية، وشاهدنا منها بعض الكتب النادرة التي تم إتلافها في حريق المجمع العلمي، وحجم الجهد المبذول لإصلاحها وترميمها. المؤكد أنني وشاعرنا الكبير، شاهدنا ما لم نشاهده، وعلمنا حقائق ومعلومات لأول مرة، رغم اهتمامنا الكبير بهذه القضايا.. و»اللي يشوف غير اللي يسمع».