الكاتب الصحفي عمرو الخياط وسوستين جريجورى خلال فترة وجيزة حققت مصر انجازات واضحة وملومسة في قطاع الكهرباء انعكست بشكل ايجابي كبير علي حياة المواطنين.. هذه الانجازات لم تكن مجرد مشروعات نستطيع من خلالها مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء المتكرر أو تطوير محطات الانتاج، بل امتدت الانجازات إلي ابعد من ذلك بفضل الرؤية الواضحة للقيادة السياسية التي اعتمدت علي تحقيق الاكتفاء الذاتي والسعي إلي وضع مصر علي خريطة التصدير العالمية وتحديدا في قطاعي البترول والكهرباء.. أنشأت مصر محطات كهرباء عملاقة في العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف في زمن قياسي أبهر العالم وأكد ان مصر تستطيع تحقيق الريادة في كل شيء لكن تبقي الإرادة هي العامل الاساسي في تحقيق هذه الانجازات، وبالارادة ايضا تسير مصر الآن بخطي ثابتة نحو وضع حجر الأساس لمشروع المستقبل »محطة الضبعة النووية» بعد ان شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في 11 ديسمبر من العام الماضي التوقيع علي اتفاق بدء العمل في مشروع محطة كهرباء الضبعة النووية بمصر وتزويدها بالوقود النووي، ولكي تتضح الصورة الكاملة حول المشروع وما ستحققه مصر من استفادة في مجال الطاقة النووية ومراحل تنفيذ المحطة العملاقة التقينا بجريجوري سوسنين نائب رئيس شركة »آتوم ستروي إيكسبورت»، شعبة الهندسة والإنشاءات لمؤسسة »روسأتوم» الحكومية الروسية للطاقة الذرية.. الشركة المنفذة لمشروع الحلم النووي المصري. ■ نبدأ بالسؤال الاهم: إلي اين وصل مشروع محطة الضبعة النووية؟ - كما تعلمون طريقنا لبناء محطة نووية طويل ومازلنا في المرحلة الاولي لكن ما نستطيع قوله اننا وصلنا إلي نهاية هذه المرحلة الهامة التي تضمنت اصدار المستندات اللازمة للتصميم الأساسي من الجانب الروسي لبناء المحطة النووية المصرية بالضبعة وبالفعل قمنا بتسليمها إلي الجانب المصري (هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء) للاطلاع عليها والآن نحن نقوم بتعديل بعض الملاحظات والاستفسارات المقدمة من الجانب المصري. ■ وما هي تلك الملاحظات والاستفسارات؟ - في كافة الاتفاقيات يكون هناك بعض الملاحظات المقدمة من احد الجانبين وهناك بعض الملاحظات المتعلقة بتصحيح جزئي لنص المستندات المقدمة من الجانب الروسي لكن الوثائق الاساسية للمشروع اصبحت جاهزة الآن ودعني أقول لك انه في ديسيمبر القادم سننتهي تماما من المرحلة الاولي بدورنا بعد ان نسلم الاوراق الخاصة بالمشروع لهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وعليها تسليمها إلي هيئة الرقابة النووية المصرية. ■ هل هذه الملاحظات مرتبطة بزيارة وزير الكهرباء المصري لموسكو مؤخرا؟ - اطلاقا ولا نريد ان نضخم تلك الملاحظات لأنها مجرد بيانات ومعلومات يتم تعديلها بين الجانبين ولا يوجد اي خلاف حقيقي عليها. ■ دعنا ننتقل إلي المرحلة الاهم في المشروع وهي المرحلة الثانية.. متي ستبدأون هذه المرحلة؟ - نحن ملتزمون تماما ببنود العقد الموقع مع الجانب المصري وهناك خطة عمل موضوعة للمشروع تتضمن عدد العمالة التي ستشارك في بناء المحطة ويتم الآن التجهيز للمرحلة الثانية والتي تتضمن تدريب 2000 مهندس مصري للعمل في هذا المشروع وسنقدم لهم بعض البرامج والمنح التدريبية في روسيا للاطلاع علي كافة التفاصيل المتعلقة ببناء المحطة النووية المصرية بالضبعة. علي حد علمي أنه حاليا قد ابتدأ تدريس 40 طالبا مصريا في روسيا. ■ هناك تساؤل دائم الطرح وهو ما هي الفائدة او العائد من بناء تلك المحطة النووية وما سبب اختيار منطقة الضبعة تحديدا؟ - هذا السؤال في غاية الاهمية لكن دعني أقول لك في البداية اننا لم نشارك في اختيار المكان الذي ستقام عليه المحطة النووية المصرية فالاختيار كان من الجانب المصري وعلي حد علمي ان هذا المكان كان مرشحا لبناء محطات نووية منذ فترة الستينيات وبالمناسبة هو مكان مميز جدا وهناك توفيق كبير من الجانب المصري في اختيار هذا المكان لأنه يبعد عن المدن السكنية الكبري كالقاهرة والاسكندرية اللتين تبعدان عن المشروع بمسافة تترواح بين 200 إلي 300 كيلو متر وهذا أمر جيد جدا وأؤكد لك ان هذا المشروع سيساهم بشكل كبير في تطوير واضافة طاقات جديدة لمنطقة الساحل الشمالي المصري، بالاضافة إلي ان هذا المشروع يتطلب وجود المياه بشكل أساسي وهذا يتعلق بالناحية اللوجيستية اما فيما يتعلق بالعائد علي مصر من بناء تلك المحطة فأنتم تعرفون ان الطاقة النووية هي أرخص أنواع الطاقة وبالتالي العائد الاجتماعي منها كبير وينعكس بشكل مباشر علي حياة المواطن، هذا بالاضافة الي انه سيكون هناك انتاج طويل الاجل من الطاقة الكهربائية فالحد الأدني لاستعمال هذه المحطة يصل إلي ستين عاما ويمكن ان يمتد لفترة زمنية أطول، اما الميزة الثالثة لهذا المشروع فترتبط بفكرة نقل العلوم والتكنولوجيا التي تساهم وتساعد في تطوير البنية الاساسية لمصر وهناك جانب آخر يتعلق بنقل المواد المستخدمة في بناء المحطة لأن مصر دولة حديثة في مجال الطاقة النووية وهذا سيساعدها في بناء محطات أخري مستقبلا. ■ ذكرنا مميزات كثيرة للمشروع لكن تبقي الجدوي الاقتصادية من بناء محطة الضبعة النووية هي الاهم، فما هو العائد الاقتصادي من هذا المشروع؟ - محطة الضبعة النووية كارت رابح بكل تأكيد ليس لأهالي الضبعة او محافظة مرسي مطروح فقط ولكن لمصر كلها فالمشروع الذي سيساهم في توفير الطاقة الكهربائية سيكون مثل باقي مؤسسات الدولة التي تشارك في دعم الموازنة الاقتصادية فضلا عن توفير فرص العمل للخريجين فمحطة الضبعة النووية ستستوعب ما يقرب من 20 ألف عامل مع بداية تنفيذ المشروع عام 2020. ■ معني ذلك ان بناء محطة الضبعة النووية سيبدأ قريبا؟ - التنفيذ سيبدأ عام 2020 وذروة العمل من ناحية عدد العمالة في المشروع ستكون خلال الفترة من 2022 إلي 2025 وهنا أود ان اشير إلي انه سيتم توفير كافة المواد الاساسية اللازمة لتوفير بيئة مناسبة للعاملين بالمحطة من ناحية المسكن والمأكل والتنقلات وحتي الملابس التي سيرتدونها أثناء العمل بالمحطة. واؤكد لك ان الانتهاء تماما من بناء المحطة سيخلق مدينة جديدة متكاملة بجوار المحطة وهذا أمر هام فيما يتعلق بالتنمية العمرانية لهذه المنطقة. ■ هل بالفعل تم تصنيع بعض الاجزاء المتعلقة ببناء محطة الضبعة النووية في روسيا؟ - هناك جدول زمني مرتبط ببناء الاجزاء الخاصة بالمحطة ونحن الآن في مرحلة بناء بعض المعدات طويلة الامد في الاستعمال الخاص ببناء الأجزاء الرئيسية للمحطة النووية كتصنيع المولدات ومحطات الديزل الرئيسية التي تستغرق فترة زمنية طويلة في البناء. ■ ومتي يبدأ الانتاج الفعلي لمحطة الضبعة للطاقة النووية؟ - هناك عقد موضوع به جدول زمني محدد للبناء وبدء الانتاج لكن لا نستطيع الآن الاعلان عن موعد الانتاج الفعلي للمحطة لأنه من الامور السرية الخاصة بالمشروع. ■ هناك العديد من محطات انتاج الكهرباء التي شيدتها مصر الأعوام القليلة الماضية ونتيجة هذه المحطات اصبح لدي مصر فائض من الكهرباء يمكن تصديره لأوروبا والدول العربية.. هل يمكننا ان نعتبر ما ستنتجه محطة الضبعة النووية من كهرباء اضافة جديدة للناتج القومي المصري؟ بالتأكيد ستستفيد مصر من هذا المشروع الضخم بشكل يمكنها من توفير الطاقة الكهربائية ونحن نتابع انتصارات مصر في مجال الطاقة الكهربائية وتحديدا بعد الاتفاق مع شركة سيمنز العالمية لأن ذلك يضمن لمصر التنوع في الحصول علي مصادر الطاقة وما ابهرنا جميعا هو الوقت القصير الذي تم فيه تنفيذ مثل هذه المحطات العملاقة. ■ من التساؤلات الهامة المطروحة في الشارع المصري وخصوصا من أهالي منطقة الضبعة هو مدي توافر عنصر الامان في هذه المحطة النووية؟ - من المتعارف ان محطات انتاج الطاقة النووية الروسية هي الاعلي امانا في العالم وبالتالي لا يوجد اي مبررات للخوف من انشاء تلك المحطة ونحن وضعنا في الاعتبار أعلي معدلات للأمان والسلامة في هذا المشروع الحديث حتي فيما يتعلق بالعوامل الطبيعية وكان هناك اصرار شديد من الحكومة المصرية في هذا الملف ونحن وضعناه في الاعتبار تماما ودعني اقول لك بصراحة شديدة ان أهالي منطقة الضبعة هم الأكثر ربحا من هذا المشروع. ■ وما الذي سيربحه أهالي الضبعة من هذا المشروع؟ - اولا سينعكس عليهم هذا المشروع اقتصاديا ومن الناحية المعيشية والاجتماعية.. ثانيا من ناحية توفير فرص العمل لأبنائهم وبمرتبات جيدة، وثالثا من ناحية توفير التكنولوجيا اللازمة لتطوير البنية الاساسية بالمنطقة بالاضافة الي الاستثمارات المستقبلية التي ستضخ في منطقة الضبعة نتيجة وجود تلك المحطة. ومن المزمع عقد اللقاء الخاص بين المحافظين المصريين ونظرائهم الروس من مدن روسية مجاورة لمحطات نووية في روسيا في نوفمبر المقبل للاطلاع علي عوامل الامان والسلامة ومعيشة سكان هذه المدن التي سوف تتضمنها المحطة وبالتالي نقل طمأنتهم إلي اهالي المنطقة والمدن المجاورة. ■ هل تري أن مصر تأخرت كثيرا في بناء محطات انتاج الطاقة الكهرومائية؟ في رأيي ان مصر لم تتأخر إطلاقا فهذه المحطة ستكون هي الاولي في قارة إفريقيا تقريبا وهذا سيخلق ريادة كبيرة لمصر في المنطقة ويعبر عن رؤية مستقبلية للقيادة السياسية في مصر ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي. ■ سؤالي الاخير.. ما هو الخبر الذي نزفه للشعب المصري واهالي الضبعة من هنا من موسكو؟ - اقول لكم ان كل المراحل والاجراءات التي نقوم بها الآن لبناء محطة الضبعة النووية مدروسة تماما والعشر سنوات القادمة سيتم بناء المحطة النووية واستخدامها سيصل إلي حوالي ستين عاما وسوف يمتد العمل بالمحطة لعشرات الأعوام الأخري بعد هذه المدة لذلك هذا المشروع عبارة عن رؤية مصرية واضحة للقرن القادم.