الواقع يقول إن الظروف الصعبة التي واجهت الاقتصاد المصري طوال السنوات السبع الماضية خلفت الكثير من التحديات وأدت إلي تفاقم عجز الموازنة، وهوالأمر الذي دفع الحكومة للبحث عن حلول لزيادة الإيرادات لمواجهة التزايد المستمر في الإنفاق، وقد كانت الضرائب بما فيها الضريبة العقارية أحد الحلول التي عولت عليها الحكومة، وبالفعل حققت إيرادات بلغت 538 مليار جنيه خلال العام المالي المنتهي والمستهدف زيادة تلك الإيرادات إلي 770 مليارا في السنة الحالية .. هكذا عبر المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي عن رؤيته بشأن الجدل الدائر حول قضية الضريبة العقارية خاصة وأنه لم يتم تهيئة الشارع ورفع الوعي لدي المواطنين بالشكل الكافي بدليل حالة الارتباك التي تنتاب الجميع ! .. وهي نفس القضية التي وضعتها د. عبلة عبد اللطيف المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت مجهر خبراء المركز لتخرج دراسة مهمة حول معضلة الضريبة العقارية وبالذات البنود الأكثر إثارة للجدل المتعلقة بفرض ضريبة علي الأنشطة الإنتاجية مثل المصانع بجانب العقارات السكنية . تناولت الدراسة الوضع في مصر مشيرة إلي أنه يتم حصر العقارات من خلال وزارة المالية بشكل يدوي دون وجود سجل عيني مفعل، ويتم تحديد قيمة العقار علي أساس القيمة الإيجارية بعكس السائد في التجارب الدولية التي تعتمد علي القيمة السوقية للعقار أومساحته، كما يتم احتساب الضريبة بشكل عشوائي نظرا لقلة المعلومات، وهومايتسبب في كثير من الطعون التي يصعب حسمها .. وكذلك فإن نسبة الضرائب العقارية إلي إجمالي الإيرادات الضريبية تعد ضئيلة للغاية حيث بلغت واحد من عشرة في المائة عام 2015 مقابل عشرة و3 من عشرة في المائة بأمريكا .. وهنا تأتي رؤية د. عبلة عبد اللطيف لتقول إن جوهر المشكلة في نظام الضريبة العقارية بمصر يكمن في عدم وضوح هدف فرض الضريبة حيث يطغي هدف زيادة الحصيلة علي باقي الأهداف المفترض تحقيقها وهي مراعاة العدالة الاجتماعية والتنمية بالمحليات، كما أن عدم تبني التكنولوجيا الحديثة في الرصد وتحديد قيم العقارات يفتح الباب للاجتهاد وبالتالي احتمالية الفساد .. ولعل أهم المشكلات التي تم رصدها تتعلق بالضريبة علي المساكن والمصانع والتي تشير إلي غياب القاعدة الأساسية للقوانين وهي وجوب أن يعبر القانون عن الواقع الفعلي، فوجود العقار ليس بالضرورة دليلا علي الثراء، كما أن الضريبة علي المصانع تحتاج الي إعادة نظر في إطار اهتمام الدولة بالتنمية، بجانب مشكلة عدم وجود سجل عيني حديث وتداخل الضريبة العقارية مع ضريبة الدخل ! .. تلك الكلمات الواضحة طرحتها د. عبلة في حضور نخبة من الخبراء ضمت كلا من د. سامية حسين رئيسة مصلحة الضرائب العقارية والمهندس محمد زكريا محيي الدين عضومجلس النواب ومحمود جاب الله أبوالمجد المستشار الضريبي بمؤسسة مازارس مصطفي شوقي ود. خالد دربالة الاستشاري وخبير نظم المعلومات وكانت لكل منهم رؤيته .. ولأقوالهم حديث آخر.