حالة من الجدل الشديد مثارة الآن بين المثقفين المصريين، لاسيما في محافظات مصر المختلفة، حول اختيار د.مصطفي الفقي مدير مكتبة الإسكندرية رئيسا للدورة الجديدة لمؤتمرالأدباء، وأن جانب الرفض لهذا الاختيار يبدو هو الأعلي صوتا، لأسباب مختلفة، منها طبيعة هذا المؤتمر علي مدي دوراته التي بدأت في عام 1982، وأن د.الفقي ليس هو الاسم الأوفق لهذا الاختيار. بداية علينا أن نقر أنه لم يسع إلي أن يكون رئيسا للمؤتمر، وأن أعضاء الأمانة المسئولين عن الإعداد لهذه الدورة اختاروه بغالبية كبيرة، وصلت إلي 18 صوتا، بينما لم يحصل منافسوه الآخرون علي أصوات قريبة منه، وكانت المنافسة بين سبعة، منهم د.جابر عصفور، الشاعر محمد محمد الشهاوي، د. يوسف زيدان، د. هدي وصفي، وهؤلاء تم ترشيحهم – طبقا لآلية الاختيار – من قبل أعضاء الأمانة، الذين ارتضوا أن يفوز الفقي بالرئاسة. هذه الواقعة ذكرتني بما حدث مع د.أحمد هيكل، عندما تم اختياره من قبل أعضاء الأمانة رئيسا للمؤتمر في واحدة من دوراته، وأثير وقتها لغط يشبه هذا اللغط - وإن كان أقل حدة – ومبعثه موقف د.هيكل من قضية د نصر حامد أبوزيد، وهنا أعلن د.هيكل رفضه لرئاسة المؤتمر، وعندما توجه عدد من أعضاء الأمانة للتشاور معه، وكان من بينهم الكاتب الكبير محمد السيد عيد، والشاعر المبدع جميل عبد الرحمن، رفض د.هيكل بقوة التنازل عن موقفه، مؤكدا أنه لن يذهب لمكان، وهناك اختلاف عليه. لكن لماذا الاختلاف علي د.الفقي، كما سبق أن ذكرت لأسباب متعددة، لكن من وجهة نظري أن رئاسة المؤتمر، تحتاج إلي شخصية قريبة من المشهد الثقافي والإبداعي بكل تنويعاته، وهو أمر غير متوافر في د.مصطفي، لاهتماماته الأخري الكثيرة، وهناك أشخاص أقرب منه لطبيعة المشهد لاسيما في ربوع مصر، وهو جوهر ما يعبر عنه المؤتمر، لذا ربما كانت الأسماء التي نافسته علي "رئاسة المؤتمر" منها من هو أقرب لكيان وفلسفة وجوهر مؤتمر الأدباء، كما أنه يوجد أسماء أخري يعد هذا المؤتمر جزءا من تاريخها، وشاركت في صنعه عبر أعوام عديدة، منها علي سبيل المثال محمد السيد عيد، الذي تولي أمانة المؤتمر عبر سبع دورات، وساهم بشكل كبير في دفع العمل الثقافي في أقاليم مصر، من خلال مناصبه المختلفة في هيئة قصور الثقافة، و أيضا كتاباته المتعددة والكثيرة عن حركة الثقافة في هذه المحافظة أو تلك، يضاف لذلك مقالاته عن المبدعين الموهوبين، بل وقيامه في عهد حسين مهران، عندما كان يتولي رئاسة هيئة قصور الثقافة، بالدفع بالعديد من الموهوبين، للعمل في الثقافة الجماهيرية، وهي الحملة التي تبنتها "أخبار الأدب" وبالفعل هناك من وصل منهم لمناصب قيادية في هذا الجهاز. أعتقد أن صورة رئيس المؤتمر، الراسخة في الأذهان، هي التي تبعد الفقي عن رئاسته، وأنا علي يقين أنه يمتلك من الحكمة والدبلوماسية ما يجعله ينأي بنفسه عن اختلافات، قد تصل إلي خلافات تشق صف الأدباء والمثقفين، لاسيما المهتمين بهذا المؤتمر ودوره، وأعتقد أن الحياة الثقافية في هذه اللحظة تحتاج إلي التوافق، أكثر من اللجوء إلي المشاحنات، وأعتقد ثانية أن منصبه كمدير لمكتبة الإسكندرية يجعله لاعبا أساسيا في التوافق الثقافي والمجتمعي، وليس العكس. ثالثاً أن علي المؤتمر بعد طول انعقاده، عليه أن يراجع نفسه، وأن يطور من آلياته ، فهو واحد من المكتسبات المهمة، لكن يجب عليه ألا يرتكن فقط لتاريخه، فمما لاشك فيه أن إيجابيات كثيرة تحققت بفضل هذا المؤتمر، ومنها اتساع رقعة النشر، ونوادي الأدب، ومجلة الثقافة الجديدة، وحان الوقت – أيضا - للدفع به خطوات تواكب المستجدات علي الساحة المصرية، وأعلم أن هذا الأمر يحتاج لقراءة أعمق ليس هذا محلها الان.