لفت نظري بشدة أن عددا هائلا من الشركات الاخوانية، التي صُودرت أموالها، تعمل في مجالات الكمبيوتر والاتصالات وتصميم المواقع والاخبار والسوشيال ميديا.. يعني سيطرة الاخوان علي جزء كبير من صناعة الاعلام والرأي العام، وهذا يفسر الكم الهائل من الشائعات التي يتم ضخها يوميا، لنشر الأكاذيب والشكوك. أول قضية سُجن فيها خيرت الشاطر كانت »سلسبيل» وهي مركز كبير لأجهزة الكمبيوتر كان يديره في مصر الجديدة، وضبطت فيه أوراق ومخططات جماعة الإخوان التنظيمية، وطرق تدريب الشباب علي الأعمال الإرهابية، وكيف يتصرفون في غرف التحقيق اذا تم القبض عليهم. اتذكر في انتخابات نقابة الصحفيين منذ أكثر من 25 سنة، أن جاءني خطاب للدعوة الي انتخابات النقابة، علي عنوان منزلي غير المسجل في اي مكان، إلا في استمارة كارنيهات النقابة، وعرفت بعد ذلك ان أحد اعضاء النقابة الاخواني، نجح في نسخ كل المعلومات عن الصحفيين وسلمها لمكتب الارشاد، وفعلوا ذلك في كل النقابات المهنية للسيطرة عليها. الاخوان يستهدفون إغراق البلد في بحر من الأكاذيب، بعد أن تلقوا ضربتين قاضيتين في اسبوع واحد.. أحكام الاعدام ومصادرة الممتلكات وعرفوا ان سيف القانون لن يتخاذل، وسيكون حاسما وباترا هذه المرة، ولم تهتز للدولة شعرة، من حملاتهم المسعورة في الداخل والخارج، فعندما تكون سلامة البلاد علي المحك، لا يمكن التردد أو المهادنة. مشكلة الاخوان انهم لا يستوعبون دروس الماضي، ويستخدمون نفس اسلحتهم الفاسدة، التي ترتد دائما الي صدورهم، ولم يفهموا ان الشائعات والأكاذيب انقلبت عليهم وعجلت بنهايتهم، وكانت مسمارا في نعشهم، وأن الوطن الذي استهانوا به، ابتلع قوتهم الخشنة بقوته الناعمة، وتصدي لهم ملايين المصريين، حراس الحضارة والمدنية والتاريخ والفنون والأداب. وغيرها من أدوات الردع المعنوي، فتحولت البلاد التي حاولوا طمس هويتها الي سجادة نار تحت اقدامهم. لم يفهم الاخوان انهم مهما سيطروا علي اجهزة الكمبيوتر، فلن يستطيعوا اختراق الوعي، وان مظاهر الإسلام الشكلي التي جاءوا بها ونصبوا شباكها حول البسطاء والطيبين لن تجذب الناس اليهم ولن تنطلي عليهم، ولن تسهل مهمتهم في احتلال العقول، لان التجارب هي أمهات الحقائق وجرب الناس بأنفسهم أكاذيب شيطانية، ظلوا يروجون لها منذ نشأتهم. لم يفهموا ان »سر مصر» يكمن تلاحم شعبها، وان محاولاتهم لبث الفتن مآلها مثل مآلهم، وان النار التي يحاولون اشعالها هنا وهناك لن تمتد الا لثيابهم، وان قبضة الدولة القوية يمكن ان تبطش لمن يحاول العبث بأمنها، وان محاولاتهم الدنيئة للعبث بين المسلمين والاقباط في الصعيد تزيد عزلتهم وكراهية الناس لهم، لان التعايش السلمي الهادئ بين عنصري الامة راسخ في الوجدان ولما حاولوا شق الصف إبان حكمهم، كان المسلمون هم المدافع الأول عن الاقباط، وارتمي الاقباط في حضن الوطن، والتحم عنصرا الامة ضد العدو المشترك »الجماعة الارهابية». لم يفهم الاخوان ان السيطرة علي الإعلام لا يكون بامتلاك الاجهزة وإنما بتحرير العقول من افكارهم المسمومة واكاذيبهم المفضوحة، وانهم في عز حكمهم، كان الاعلام الذي سيطروا عليه وبالا عليهم وتجسدت المهزلة في بهلوانية صفوت حجازي والبلتاجي والعريان وابوبركة، الراقص والكذاب والتافه والبغبغان، فلم تقدم لهم الشاشات إلا الكراهية، ولم تصنع لهم الدعاية الكاذبة الا التعجيل بالنهاية. الآن فقط يمكن ان نفهم اسرار الطرف الثالث والغرف الإليكترونية وحشد الشباب في الميادين وترويج الشائعات وغيرها من ادوات الخراب والدمار التي جاءوا بها في احداث يناير، فقد هيأوا المسرح لامتلاك هذا الكم الهائل من الشركات التي تمت مصادرتها، وكانت اسلحتهم في الحرب الفاسدة التي اداروها ضد البلاد، وسخروا فيها آلاف الشباب الباحثين عن عمل واستغلوا حاجتهم وحماسهم. الآن فقط عرفنا من اين تجئ 250 شائعة كل يوم لا تترك شيئا الا وتنفث فيه سموم الكذب والغضب والكراهية، يوهم استعادة الاجواء التي كانت سائدة قبل 25 يناير، حين جاءوا الي السلطة محمولين فوق الدعاية الكاذبة ، محاولين السطو علي العقول وامتلاك الرأي العام، ولكن في المياه الراكدة لا تطفو إلا الاسماك الميتة، عفنة الرائحة ومسمومة المذاق. لعل الاخوان يفهمون ان الدولة لها أذرع قوية، وأهمها علي الإطلاق »القانون» وبالقانون صدرت أحكام الإعدام، والتعامل معها يكون في ساحات المحاكم وليس الاستقواء بالخارج، ولا باشعال الفتن وحروب الجيل الرابع والخامس، فالمصريون الذين عاشوا المأساة، لن يفرطوا في وطنهم ولن يعودوا مرة اخري للضياع.