منذ أصدر الرئيس السيسي قراره بضرورة القضاء علي قوائم انتظار المرضي في المستشفيات الجامعية ومستشفيات الصحة خلال ستة أشهر، حتي استنفرت كافة الجهات المعنية وعلي رأسها وزارتا الصحة والتعليم العالي للتكاتف من أجل إنهاء معاناة آلاف المرضي الذين لا يجدون سوي الصبر حلا لأوجاعهم وآلامهم، أغلبهم يفترش طرقات المستشفيات أو حتي الشوارع انتظاراً لدورهم في العلاج حتي أن بعضهم يلقي ربه قبل نيل حقه في علاج آدمي. منذ اللحظة الأولي لقرار الرئيس قامت وزارة الصحة بوضع مشروع وخطة متكاملة للقضاء علي تلك القوائم التي وصلت أعدادها إلي 4802 في جراحات القلب المفتوح بواقع 2060 في المستشفيات الجامعية، و2742 في مستشفيات وزارة الصحة، أما في عمليات قسطرة القلب فبلغ عدد قوائم الانتظار 7156 حالة، وفي عمليات زرع الكلي 89 حالة، وزرع الكبد 204 حالات، وزرع القوقعة 355 حالة، وجراحة الأورام 92 حالة، وجراحة المخ والأعصاب 675 حالة، وجراحة العظام 2083 حالة، وجراحات الرمد 2432 حالة انتظار بمختلف المستشفيات وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة كما قدرت الإحصاءات أيضاً أن التكلفة العامة للقضاء علي القائمة تصل إلي 606 ملايين جنيه. وتقوم خطة الوزارة علي عدة محاور أهمها تجميع البيانات الخاصة بالمرضي من كافة المحافظات وعمل تدقيق بيانات من خلال مراجعة ترتيبهم وبياناتهم طبقا للتخصص تمهيداً لتوزيعهم علي المستشفيات بعد تجميع البيانات كلها عن القدرة الاستيعابية للمستشفيات وتحديد القدرة التشغيلية القصوي ووضع الحلول اللازمة كما يتم إنشاء موقع إلكتروني لرصد وتسجيل المرضي وإنشاء هاتف لتلقي استفسارات المواطنين مع تواصل اللجنة مع الحالات المسجلة يومياً تمهيداً لمتابعتهم وإخطارهم بالجهة التي ستتدخل في جراحاتهم ومن المهم التواصل مع كافة الجهات التمويلية والتي تتنوع ما بين وزارة التعليم العالي والكنيسة القبطية وغيرها لتوفير مصادر تمويل وتبرعات. ولم تقف جهود الوزارة عند ذاك الحد بل قامت وزيرة الصحة بتوقيع اتفاقية شراكة بين المستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي بحضور الوزير الدكتور خالد عبد الغفار بهدف إنهاء قوائم الانتظار بين مرضي التدخلات الطبية المختلفة كزراعة الكبد والكلي والقوقعة وأمراض العيون. أما مستشفيات جامعة الأزهر فتقف علي قدم وساق لتدخل هي الأخري في منظومة القضاء علي تلك القوائم حيث أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في لقائه مع وزيرة الصحة حرص المستشفيات علي الدخول في ذاك المشروع وتوفير كافة السبل لرعاية المرضي وليس ذلك فقط بل حرص الدكتور محمد المحرصاوي مدير عام المستشفيات بتفقد مستشفيات الجامعات التي هيئت لذاك الغرض. »آخر ساعة» زارت مستشفي قصر العيني ومعهد ناصر. البداية في أروقة قصر العيني المرضي أحوالهم تغيرت مائة بالمائة بعد مبادرة السيسي بضرورة علاجهم وتخفيف أوجاعهم، وعادت البسمة ترتسم علي شفاههم، جميعهم يساورهم اليقين بأنهم سيخرجون منتصرين علي آلامهم وأمراضهم. الحاج محمود نصير أحد المرضي الستينيين والذي أتي من قريته البعيدة بالقليوبية بعد اتصال لجنة القضاء علي قائمة الانتظار فمنذ أكثر من عام أصيب بذبحة صدرية مزمنة أثرت علي كفاءة عمليات القلب ليقضي لياليه يئن ويتمني زيارة ملك الموت له حتي لا يري نظرات العجز وقلة الحيلة في عيون أبنائه بعد أن يئسوا في إيجاد مكان له بمعهد القلب القومي بإمبابة ليتحول عم محمود إلي مجرد رقم بقائمة انتظار المعهد.. حتي فوجئنا باتصال من لجنة قائمة الانتظار التي شكلتها وزارة الصحة تبشرنا بوجود مكان خالٍ في قصر العيني وبمجرد دخولي المستشفي حتي سخرت كافة الإمكانيات وتم تركيب الدعامات لأشعر براحة كاملة وتتحول أنات المرض إلي ضحكات مشرقة. وسميعة بيومي قالت: كنت أشكو من حصوات في الكلي والتهابات مزمنة بالحالب وبسبب ضيق اليد وفقري المدقع بعد وفاة زوجي لم أستطع إجراء عملية خاصة لينصحني أحد أقاربي بالاتصال بلجنة الانتظار التي أمر الرئيس بتشكيلها لعلّي أجد مكاناً بأحد المستشفيات وبالفعل فور اتصالي أخبروني بالذهاب لقصر العيني لوجود مكان خالٍ هناك ولحظة دخولي تم إجراء كافة الأشعة والتحاليل تمهيدا لاجرائي العملية التي نجحت وأنقذتني من آلام مبرحة. وفي زاوية بعيدة من المستشفي تجلس هنا تلك الطفلة التي أتمت عامها الحادي عشر منذ عدة أسابيع يملؤها الحماس والانطلاق، تركض يمينا ويسارا كأنها ولدت من جديد، ثغرها الباسم عاد للحياة بعد أن فقد والداها الأمل، فبعد إصابتها بأحد الأمراض المجهولة وحار الأطباء في تشخيصها فوجئ والدها باتصال من لجنة قوائم الانتظار لتبشره بالذهاب لقصر العيني، ويتم تشخيص المرض من قبل كبار الأساتذة علي أنه خلل في عمل القنوات الهضمية ووصف الدواء المناسب ولتتحول دموع الحزن والقلق إلي صيحات الفرح. وفي معهد ناصر وجدنا أطباء يسخرون أنفسهم لخدمة المرضي ينفذون توجيهات رؤسائهم بتذليل سبل الراحة للمرضي، عنابر تم إعدادها لاستقبال كافة الحالات، حركة لا تتوقف من كافة العاملين فتحول المعهد لخلية نحل.. في إحدي الحجرات الجانبية وتحديداً بقسم القلب يجلس جمال محمد علي أحد الأسرة تحيط به أسرته من محافظة البحيرة لإجراء عملية القلب المفتوح منذ أسبوع اتصالا بالخط الساخن لقوائم الانتظار وفي خلال عشرة أيام وبعد إجراء التحاليل تمت العملية بنجاح ولتتحول آهات جمال إلي ضحكات. أما عم مصطفي مرسي الذي ناهز عمره الستين عاما فقد عاني من تلك القوائم لمدة تزيد علي ثلاثة أشهر حيث إنه لم يجد مكاناً خالياً في المعهد لإجراء عملية الناسور وهي عملية جراحية تتبع تغيير شرايين القلب، وحاول مراراً إيجاد مكان بالمعهد إلا أنها باءت بالفشل حتي صدر قرار الرئيس والذي أنهي معاناته في مدة لم تتعد العشرة أيام. وفي حجرة مجاورة ترقد نرمين نجاتي وهي طفلة في الثالثة عشرة من العمر جاءت من محافظة الشرقية لإجراء عملية تركيب مفصل بعد إصابتها في حادثة موتوسيكل كانت كفيلة بالقضاء علي حياتها. وحول دور المعهد في القضاء علي القوائم يقول الدكتور أيمن خلاف مدير معهد ناصر للبحوث: منذ توجيهات الرئيس السيسي بضرورة القضاء علي القوائم حتي قام المعهد بتخصصاته التسعة المختلفة بعمل حالة استنفار كاملة وفتح أبوابه لذلك وقد حققنا نتائج مذهلة فكافة الحالات بقسم الرمد تم الانتهاء منها تماماً كذلك حالات قسطرة القلب والتي وصل تعدادها إلي 270 أما جراحات المخ والأعصاب فتناقصت من 270 حالة إلي 260 مما يعد إنجازاً كبيراً لنا ومن المحتمل أن يتم علاج الحالات المتبقية خلال الأسبوعين القادمين أما عن الأقسام الخاصة بالمعهد كزرع القوقعة والنخاع فلا توجد بها أي قوائم انتظار فضلا عن وجود 100 حالة تواصلوا معنا عن طريق الخط الساخن. ويضيف خلاف: أما جراحات القلب الموضوعة علي قوائم الانتظار وصلت إلي 1183 وتم الانتهاء من علاج 631 حالة فضلاً عن نجاحنا في زرع كبد لتسعة مرضي من إجمالي 18 حالة ليصل إجمالي الحالات التي تم علاجها إلي 2063 أي ما يساوي 80٪ وهو ما يدل علي أن المعهد سيكون من أوائل المستشفيات التي ستنجح في القضاء علي القوائم. وحول العقبات التي واجهت المعهد عند تطبيق القرار قال: »نقص المستلزمات كان العقبة الوحيدة التي واجهتنا إلا أن وزيرة الصحة أولت اهتماما كبيراً لتوفيرها لنا حتي نستطيع مباشرة مهامنا ولم نواجه مشكلة في عدد الأسرة التي يبلغ عددها 650 فقمنا بتطبيق نظام الكوتة الذي يشترط إنهاء الحالات الموجودة تمهيدا لاستقبال حالات أخري». وحول مجهودات مستشفيات جامعة الأزهر يقول الدكتور طارق سلمان نائب رئيس الجامعة، إنه تم تجهيز المستشفيات كاملة لاستقبال الحالات المرضية حيث استقبل مستشفي سيد جلال أكثر من مائة حالة من مستشفي الحسين بعد الحريق الأخير وتم علاج حوالي 65 لإجراء دعامات وقسطرة في القلب وكذلك مستشفي الزهراء فتعدي عدد المرضي الذين تم استقبالهم 67 من قسمي العظام والرمد كما أن كافة مستشفيات الجامعة بدمياط وأسيوط تقف علي قدم وساق لاستقبال الحالات. ويضيف سلمان، أن عمليات المفاصل وجراحات القلب ومناظير الركبة والمخ والأعصاب لها الأولوية ضمن المبادرة حيث إنهم الأكثر احتياجا لوقف آلامهم وبالطبع فإن كافة العاملين بالمستشفيات يعملون بكل جهد لمساندتهم يساورهم أمل في تغيير المنظومة الصحية وتعديلها.