الشيخ الشعراوي صلاح الأب يجعل الله حفيظاً علي أولاده يرعاهم وييسر لهم أمورهم. وقد بين الله تعالي هذه الحقيقة في سورة الكهف عندما جاء العبد الصالح وبني الجدار ليحفظ كنز يتيمين كان أبوهما صالحا. عندما أمر المولي عز وجل بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة وكان لهذا حكمة لخدمة قضية ايمانية أخري.. فقد كان هناك رجل صالح من بني اسرائيل.. يتحري الدقة في كسبه ولا يرضي الا بالحلال.. وكان رجلا يبتغي وجه الله في كل ما يفعل.. وعندما حضرته الوفاة كانت ثروته هي بقرة صغيرة وكان ابنه طفلا.. واحتار الرجل من يوصي علي هذه البقرة التي هي كل ثروته التي تركها لابنه وزوجته.. واتجه إلي الله سبحانه وتعالي وقال: اللهم اني استودعك هذه البقرة فاحفظها لابني حتي يكبر. لأنه لم يجد امينا علي ابنه الا يد الله سبحانه وتعالي. ثم قال لزوجته اني لم اجد يدا آمن من يد ربي استودعته البقرة الصغيرة.. وسألته زوجته اين البقرة؟ قال اطلقتها في المراعي.. ثم اسلم الروح. وكبر الابن فحكت له امه ما حدث. فقال الابن واين اجد البقرة لأستردها؟ قالت الأم: لقد استودع ابوك البقرة عند خالق الكون. فقل: اني أتوكل علي الله وابحث عنها. فقال الابن: اللهم رب ابراهيم ويعقوب رد عليّ ما استودعك أبي، ثم انطلق إلي الحقل فوجد البقرة.. وكانت هذه هي البقرة التي ذكرت أوصافها لبني اسرائيل.. فذهبوا ليشتروها فقال الابن لن ابيعها الا بملء جلدها ذهبا فدفعوا له. وهكذا نجد ان صلاح الأب يجعل الله حفيظاً علي أولاده يرعاهم وييسر لهم أمورهم. وقد بين الله تعالي هذه الحقيقة في سورة الكهف.. عندما جاء العبد الصالح وبني الجدار ليحفظ كنز يتيمين كان أبوهما صالحا.. واقرأ قول الحق سبحانه: »وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً(82) »سورة الكهف». وهكذا كانت الحكمة الإلهية ان الرجل الصالح الذي استودع كل ما كان يملك عند الله.. بارك الله له فيه ووجد ابنه عندما يبلغ سن الشباب ثروة كبيرة. وعندما ذبحوا البقرة ضربوا ببعضها القتيل كما أمرهم الله سبحانه وتعالي فاذا به يُبعث وينطق اسم قاتله ثم يموت مرة اخري.. وهكذا سميت السورة باسم سورة البقرة اثباتا لقضية أساسية في الدين وهي قضية الإيمان بالبعث. وأما بداية القرآن بسورة مدنية بدلا من سورة مكية.. فنقول انه يجب ان نفهم اولا ما هو مكي وما هو مدني. فمكةوالمدينة مقدسان.. الأول شهد بداية النبوة وبداية نزول القرآن علي النبي .. والثاني كان مهجر رسول الله صلي الله عليه وسلم. فعندما نقول مكي ومدني في القرآن الكريم لابد ان نلاحظ عدة اشياء.. أولا الحدث الذي نزلت من اجله الآية.. وثانيا مكان الحدث، وثالثا الزمان الذي نزلت فيه، فكل فعل له زمن يقع فيه، ومكان يحدث فيه وفاعل، ومن يقع عليه الفعل.. وسبب للحدوث وقدرة علي الفعل. وبالنسبة لنزول القرآن الكريم.. الفاعل هو الله سبحانه وتعالي.. والذي نزل عليه القرآن هو رسول الله .. والمكان هو إما مكة واما المدينة.. فنزول القرآن الكريم له زمان ومكان وسبب نزول ، والقرآن هو هداية البشر الي منهج الله.. والله سبحانه وتعالي وضع في القرآن الكريم دستورا سماويا لكل رسالات الله للبشر.. فبنزول القرآن الكريم اكتملت الرسالات السماوية وجاء الدين الخاتم الذي سيظل دستورا للدنيا حتي يوم القيامة.. فجاء القرآن الكريم بقصة خلق السموات والأرض وقصة خلق الإنسان.. وجاء بقصص الرسل والأنبياء.