نجيب الريحاني عاش الفنان الكوميدي الراحل محمد عوض، حياة مليئة بالأحداث، والذكريات، إلا أن أمنية وحيدة كلما مرت ذكرياتها أمامه، تأوه بحزن عميق، حتي أن أناته لم يكن صدره يتسع لها.. ربما لأنه لم يستطع تحقيقها. كان محمد عوض، عاند نفسه وصمم في فترة صغره أن يقتصد من مصروفه الضئيل ما يوازي ثمن تذكرة قيمتها 25 قرشاً، كي يشاهد مثله الأعلي الفنان نجيب الريحاني، ولو لمرة واحدة علي المسرح، حيث كان يدمن الاستماع إلي مسرحياته، وبعد أن اقتصد ثمن التذكرة، وتوجه إلي المسرح، عاد حزيناً حيث إن موسم عرض المسرحية للريحاني قد انتهى بالقاهرة. وفي محاولة أخرى وجد الريحاني، أغلق المسرح لإصابته بالأنفلونزا، لم ييأس وأصر على مشاهدته وفي المرة الثالثة توجه إلى المسرح تغمره سعادة شديدة، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث جحظت عيناه وتقطعت أنفاسه عندما فوجئ بلافتة باكية معلقة على باب المسرح تعلن عن وفاة العظيم نجيب الريحاني، وبعدما أفلتت الأمنية الحارة من بين يديه قرر أن يعيش مع الريحاني، حيث قدم أغلب أدواره في فرقة المدرسة، والكلية، وعندما خرج إلى الحياة الفنية الواسعة تعمد ألا تأسره شخصية الريحاني، وحاول أن يكون لنفسه شخصية مميزة لكن خلفياتها كلها من عند الريحاني، ونجح في ذلك. وكانت له شخصيته المميزة واستطاع بموهبته صناعة البهجة ورسم البسمة على وجوه الجمهور، فأصبح فارساً من فرسان الكوميديا يتميز بخفة ظله وعبقريته في الأداء وسط عمالقة من نجوم افن الجميل، ولقب ب»فيلسوف الكوميديا«. تخرج محمد عوض، من كلية الآداب قسم فلسفة، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية ليعمل في مسرح الريحاني، إلى أن جاءته الفرصة بعدما قامت الفنانة ماري منيب، بترشيحه لأداء أدوار الفنان عادل خيري، لتعرضه لوعكة صحية. قدم 30 عملاً مسرحياً و80 فيلما والعديد من المسلسلات التليفزيونية بالإضافة إلى دراسته للفلسفة التي جعلته يستطيع التحليل والتعامل مع أي شخصية يقوم بتجسيدها، وبعد 40 عاما من العطاء خلال مشواره الفني رحل فيلسوف الفن بعد صراع مع المرض 7 سنوات تاركاً لمحبيه رصيداً كبيراً من أعماله التي تعد إحدى بصمات زمن الفن الجميل. مركز معلومات أخبار اليوم: 29/3/1973