- حيرة هيهات أن يخلص للفرد من أخلص للجماعة إلا أن يضحي في سبيل ذلك تلك إنما الإيثار للفرد بالأفراد لجحود. وأنا حبيب الحسن أينما كان وحاشاي أن أبيع بالجميل الجمال. - النظرة الأولي ليس حبا ما أمهل القلب أو جمالا ما قاومت سناه العيون ولقد رضينا ما ارتضاه القضاء. وفي سبيل الجمال يا قلب ما تلاقي في الهوي. - حيوية إن ما انطوت عليه روحك من معان لتتحدث عنها عيناك اللتان تجيدان الكلام بأكثر من لسانك الفصيح وإنك لمثل الغزلان في لفتتك ولتشبهين الطير في تألق مشيتك يا أخاذة الحسن يا من يسبق جمالك بتوقده عيوني ما أعجب أن يومض بالبرق لحظك وأن يضيء كالشرر اللماح سحرك هذا العصفور الذي يبعث الآن بالغصون دونك يا حبيبتي رشاقة وخفة. - همجية همجية كالنور في شكلها عذبة كالأحلام في روحها تشبه الطفل اللعوب سذاجة وتفوق وثاب الطيور رشاقة أثار جمالها الوحشي رغبتي وحرك فيّ الحنين لفطرتي فتمنيت لو فررت بها إلي منقطع العمران حيث نحيا بين أحضان البراري ونرعي في ربا الأحراش الغنم نطعم الزاد من بري إلي النوم لدي مغرب الشمس ونهب منه لدي تنفس السحر وأراها قد توحشت مع الطبيعة فأرسلت كالعشب شعرها وعرت من الثياب ساقيها ونحرها فيزداد جمالها فتنة في عيني وحبها لهيباً في فؤادي. - كبرياء إني وإن بذلت نفسي في سبيل الجمال لن أبذل في سبيله كبريائي حياتي قد تكون عزيزة ولكن الكبرياء عندي أعز منها - خضوع عجبت أنا الأبي في كل شيء كيف استكانت اليوم نفسي إلي الذل والهوي أحقا أن ما بنا من كبرياء وغرور يتلاشي كله أمام عظمة الجمال، فإذا بنا نري السمو في الخضوع إليه ونحس الحياة في الفناء فيه - عبادة - سبحانك ما كفر بك من آمن بالجمال فيك ولا آمن بك من كفر بالجمال، لأجلك أعبدك يا حبيبتي والجمال يعبد، فمنه أتينا وله نحيا، وإليه نؤوب في مناجاة القمر: كأني بضوئك الباهت طيف بعثت به من هواجس أحلامك بعد أن غيب الوش/الوسن نور عينيك وكأني بلونك الممعن في الإغراق تثاؤب الأمل المنبثق كالفجر من غضون خيالك وليكن في سماك مكاني وليكن من سناك خيالي فإنما يعيش مثلك في الغيب يا قمر من غيب قلبه الهوي - لقاء دعوت من حاضري أمسي فعشت معك وأدنيت من يومي غدي فظفرت بك، ما الحب إلا أن تتلاقي علي الأحلام القلوب ومادام قلبك عندي فأنت علي الدوام معي - أيها الرسول أيها الرسول عد لي وخبرني كيف حال الورد في خدها؟ وكيف رأيت السنا الدامع في عينيها، وكيف حال مقعد لنا في من يابس العشب وسياج ضمنا في ليال القمر؟! من ديوان مناجاة مقاطع 1 إلي 5 منشورة في مجلة الجامعة : 1 طموح ما هويتك لذاتك يا حبيبتي وإنما لأنك تحملين قبسا ً من ذلك الجمال الذي أعبده ولا أعبد سواه. وإذ كان الجمال يا حبيبتي فقد وزعت ما بين الحسان قلبي. أنا عالميّ الذات أحمل الحنان لكل حي وأضمر الحب لكل جميل وأود لو أن قلبك دان في الغرام بديني. فإذا نازعتنا في الغرام غيرة ٌ دفينة ٌ في نفوسنا فلنوطن علي احتمالها النفس أو نغسلها علي ممر السنين بالدموع. ولئن خاننا الصبر الجميل فحبذا الألم يا حبيبتي في سبيل الطموح. مزيج من الحزن والفرح الحياة. فلتكن مزيجا ً من الدموع والابتسام حياتنا. وأنت يا عين انطلقي في أثر الجمال بسناه اكتحلي وبأساه ادمعي. ولتكن عواصف لا تعرف الخمود نفوسنا وحاشانا نحن الأحياء أن نخلد إلي الهدوء فالهدوء الموت. إن من شرارتي السرور والألم ما تدفق فينا من كهرباء الحيوية فليكن من السرور والألم الغذاء العبقري لأرواحنا. 2 تقلب إنك تحملين الجم الكثير من الإغراء، ما في هذا يا حبيبتي شك. ولكنني علي الرغم من ذلك أحمل بقلبي أكثر مما عندك من الجمال. شدّ يا زرقاء العينين ما يخفق اليوم قلبي للسواد من العيون! خالسَتْني من لياليه شموسٌ فراح ينبثق من بريقها بريقٌ للصبابة في قلبي. وعبثا ً حاولت في سبيل الوفاء أن أقاوم، فاستسلمت مرغما ً، ولكنني مع ذلك لبثت طول الليل أترنم بهذا الانهزام اللذيذ. أحائدةٌ أنت يا حبيبتي إذن عن الوفاء لمن بدأ بالخيانة عهدك؟ أجل، وما كنت لألومك في ذلك فأكون لقلبك البريء ظلوما. ولكن هل يطفئ الانتقام لوعة ً فيك للحب متأججة ! (فائرة) ستعصف الغيرة بقلبك وقلبي، وسنسهد الليالي الطوال نذرف الحار الغزير من الدموع. ولكن أني للقلب الشارد الجموح نحو الجمال إن تستوقفه توسلات الدموع الجارية! سأحبك ما ترددت في أنفاس الحياة. ولكنّ قلبي النزّاع بطبيعته إلي الطمع والحرية، سيأبي إلا أن يشبع أهواءه من دمي الجمال المتعددة. في فؤادي متسع من الحب علي قدر ما في هذه الدنيا من حسان. فهلا أطفأنا يا حبيبتي نيران الغيرة في قلبينا، ورحنا نهيم بحب الجمال أينما كان. متنقلين عابثين كما تتنقل النحلة الحائمة بين الزهور! إننا نؤمن بالتنقل في كل شيء. ولكم تفتننا العيون الزرق والعيون السود في آن واحد. فلماذا نرضي لأنفسنا بنصيب من الجمال أقل مما بقلوبنا من الحب لو كان في وسعك أن تحوي الجمال كله لأوليتك من فؤادي الحب كله، ولكننا إذ نفترض في الجمال المحال إنما نرجو من الحب المستحيل. 3 غيرة يالهذا الذي كان يصحبك من فتي ساحر جميل! كانت نظراته تختلس قلبك، وكانت لحاظه تلتهم فؤاده. وعندما تعانقتما جرت روحاكما تنسابان احداهما في الأخري، وقد لمع في عينيكما من فرط الحياة وميض عجيب. أما أنا فكانت روحي تنساب أيضا ً، ولكن نحو الفناء حتي أنني لقد ذقت في تلك اللحظة بعض الموت. ولقد بكيت وأسرفت في البكاء وعهدي بي يا حبيبتي البخيل بدمعي. ذلك أنني الذي حرصت علي جمع القلوب قد عزّ عليّ أن يفلت قلبك من يدي. وحسبته في الإمكان أن أغدر، فأضيع منك، وتفي، فتبقين لي. أنانيٌّ ما أنت يا قلب في الهوي، لأنك فيه طماع غيور! فهلا افتديت بالقناعة نفسك مخافة أن تتكالب عليك أيدي الهموم فتبلي! سأضحي من أجل الغيرة بالطمع، وأعود إليك تائبا ً، كيما تعودين لي يا حبيبتي وحدي. 4 حيرة أواه من غيرة قاتلة في فؤادي، ومن طمع فيه قاتل. كلما تعاهدنا علي الاخلاص اتقاء الألم ساقني نحو الغريب من الجمال جموحٌ، فإذا لاحت لي حسناء غيرك سكنت نفسي الحائرة إلي الحنين، وأسلمت للحب الجديد قلبي. هيهات أن يخلص للفرد من أخلص للجماعة، إلا أن يضحي في سبيل ذلك تلك. إنما الإيثار بالفرد للأفراد لجحود، وأنا حبيب الحسن أينما كان وحاشاي أن أبيع بالجميل الجمال. 5 استقرار لما رأيتك آمنت أن الجمال لك وحدك، فمنحتك من فؤادي الحب وحدك. وآمنت أنما الحب الإيثار، وأن من أخلص للجماعة لم يخلص لأحد. لكم خادعني قلبي فحسبتني قد ذقت قبلك الهوي، فما إن عرفتك حتي أيقنت أن ما كان بي لم يكن حبا وإنما كان نزعة تلتبس بالحب وليست منه في شيء. هي صورتك أنت تلك التي كانت مرسومة في خيالي منذ الحداثة فلما إن ضللتك ضلت عن فهم الجمال فرحت أهيم بالغيد من كل لون وكنت في هيامي جهولا دعيّا. الآن يا حبيبتي وقد وجدتك فإني أقسم بجمالك الفريد أن أول عهدي بك هو أول عهدي بالهوي. وأنني لم أكن فيما مضي عالمي الذات وإنما كنت سييء الاختيار. منشور في مجلة النيل 14 أغسطس 1934 العدد 633