أي ذنب إرتكبه ثلاثة أطفال ما زالوا في عمر الزهور حتي يحرموا من أبيهم، الذي فقدوه على يد بلطجي لا قلب له ولا ضمير، لم يرتعش جفنه وهو يزهق روح ظهرهم وسندهم في الحياة، جعلهم يواجهون مصير مظلم بعد أن فقدوا مصدر أمانهم بسبب ذنب لم يرتكبه، سيكونوا هم ضحايا طوال عمرهم في ذلك العالم الظالم، قصة مأساة عائلة سائق المنصورة أول ضحايا ارتفاع الأسعار. "مصطفى السيد حجاج"، رجل في منتصف العقد الثالث من عمره، يعيش مع زوجته وأولاده الثلاثة في إحدى القرى القريبة من مدينة المنصورة، حياتهم كانت سعيدة على الرغم من المعاناة التي يعيشها في توفير حياة مستورة لأولاده، فكل ما كان يطمح فيه هو أن يرى ابنته الكبرى مريم، والتي أتمت عامها العاشر قبل أيام قليلة طبيبة تساعد أهالي منطقتها، ومعها شقيقتها الصغرى رودينا ذات الثلاثة أعوام لتكون مثلها، أما حلمه الأكبر فكان في ابنه الوحيد عمر، والذي أكمل عامه السادس، ينتظر أن يراه وهو يدخل المدرسة ليعده رجلًا يكون سنده في الحياة وحامي شقيقتيه في المستقبل . كانت هذه هى أحلامه وطموحاته، مع زوجته وشريكة حياته التي احتملت كثيرًا ضغوط عمله، فهو سائق بسيط يعمل على سيارة تاكسي في مدينة المنصورة، يوم شغال، ويوم عند الميكانيكي، لكن رغم ذلك يكافح في الحياة، فلا يستطيع أي شيء أن يوقف حلمه. وهذا ما كان في الفترة الأخيرة، فعلى الرغم من معاناته بسبب إنتهاء رخصة قيادته، وعدم استطاعته تجديدها فورًا لعدم توافر ثمن التجديد معه، وهو ما استدعى جلوسه فترة في المنزل بدون عمل، وبضغوط رهيبة والأكثر صعوبة إن هذه الفترة كانت في شهر رمضان، لكن زوجته لم تشعره بأي شيء، تدبرت الأمور ببركه الخالق، وتم الشهر على خير، وجدد مصطفى رخصته وقرر العودة للعمل في بداية العيد. نزل للعمل بعد أن حصل على رخصة السيارة التي سيعمل عليها في ذلك الوقت، وكانت البداية من الموقف الجديد في المنصورة، حيث أكبر حركة في نقل الركاب، هو الموقف الأكبر في المحافظة الذي ينقل الناس من المحافظات المختلفة، عمل لعدة ساعات في توصيل الزبائن، ثم قرر أن تكون هذه التوصيلة القادمة هى الأخيرة في ذلك اليوم الشاق، فإنه كان على موعد مع زوجته لزيارة أشقائه في ذلك الوقت، وصل للموقف الجديد فركب مع أحد الأشخاص وطلب منه الذهاب لسندوب، اتفقا على 20 جنيها كأجرة للتوصيلة، عندما وصل الزبون للمكان الذي سينزل فيه أخرج من جيبه 10 جنيهات فقط وأعطاها له ونزل من السيارة. استوقفه مصطفى وهو يخبره إنهم اتفقوا على مبلغ 20 جنيهًا، ومن المفترض دفعها، لكن الراكب والذي تبين فيما بعد أن إسمه خالد المصري قال له بالنص"هو ده اللي أنا هدفعه، وده ثمن المواصلة ومش هدفع أي فلوس زيادة، وأعمل اللي أنت عايزة"، لكن مصطفى صمم ونزل من السيارة للشارع، لتثار مشكلة بين الطرفين، وتجمع عدد من المارة الذين فرقوا بينهم وأبعدوهم عن بعضهما، إستعوض مصطفى ربه في باقي الأجرة وقال وهو يركب سيارة "ديه أخره اللي يركب عيال"، فسمعه خالد فأسرع واتقط سكين بائع بائع موز تصادف وجوده في المكان، في التقطيع ليصيب بها مصطفى في يده، كان يحاول في تلك اللحظة الخروج من التاكسي ليحمي نفسه من هذا المعتدي، لكنه قام بتسديد ضربه مفاجأة في قلب مصطفى، سقط الأب المسكين على الأرض غارقًا في دمائه، وفشلت كل محاولات المتواجدين في المكان من إنقاذ مصطفى، والذي وافته المنية في الحال، ليترك أولاده الثلاثة لمصير مظلم. تم القبض على القاتل مصطفى المصري، والذي تبين إنه بدون عمل، وكان يعتمد كما قال شهود عيان من منطقته على البلطجة في سبيل الحصول على المال، ليتم تحرير محضر بالواقعة، وبعرض المتهم على النيابة العامة أمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، فيما تم التصريح بدفن مصطفى، والذي شهدت جنازته عدد كبير من أهالي منطقته الذين كانوا يواسون أهل مصطفى، فهم في كانوا في حالة نفسية سيئة في ذلك الوقت الذي كان فيه أولاده لايعرفون ما الذي يحدث حولهم، وهم يسألون بكل براءة بابا هيرجع إمتى؟!