يوحد الكتلة الثالثة العداء المشترك للفاشية الدينية والفاشية العسكرية ويفرقها الذاتية والأنانية وتضخم الذات، وهذه هي السلبيات التي ظهرت في الانتخابات لأن أسماء كثيرة رشحت نفسها تصورت في نفسها الأغلبية والحضور الشعبي دون أن تدرك الحقيقة، ورفضت أن تتفق علي طريق رئاسي مشترك موحد. "كل واحد فاكر نفسه هيجيب الديب من ديله" وكانت النتيجة كما رأينا مأساوية، ولكني سعيد أن العملية الانتخابية أعطت سببا للكتلة الثالثة أن تظهر بوضوح من جديد بعد تشتتها لعام وأكثر من بعد ظهورها الأول في الثورة. ألم تكن الناس في الشوارع يوم 25 هم الكتلة الثالثة؟ ولم تكن، تلك الكتلة، بدون اخوان أو فلول.. لهذا فالعودة إلي توحيد الناس كلها خلف شخص هي النتيجة الإيجابية الوحيدة من الانتخابات، ودعنا من مصطلحات الزعامة إلي آخره، ولكن نتيجة أعداد الكتلة الثالثة كانت مذهلة. وتملك هذه الكتلة وعيا كبيرا تستطيع أن تصنع به مستقبلها، والدليل علي ذلك ما رأيناه في الشوارع بعد الحكم علي مبارك مما يؤكد قدرة هذه الكتلة علي التأثير وأيضا علي التعلم من أخطائها، ولتجنب ما حدث من تشتت يجب الاتفاق علي مجلس مشترك لقيادة الثورة من كل التيارات بحيث نستطيع أن نواجه الغيلان المترصدة للثورة. أنا لست ضد مقترح المجلس الرئاسي ولكن وجود لجنة لقيادة الثورة أجدي وأكثر تعبيرا عن الثورة، فمرسي مثلا لا نستطيع أن نحسبه من الثوار حتي يكون جزء منها. الخروج من فخ التطاحن ونجاح ذلك مترتب علي شرط: هو أن نتحد بصرف النظر عن أي اعتبار. فلقد رأينا مئات الآلاف في المظاهرات الآن تهتف في الشوارع "ايد واحدة"، فلم تعد الحركة الثورية متوقفة علي شخص، أو علي اتجاه معين. الظروف هي التي تخلق الوعي بالوحدة, ومع الاعتبار بالرفض الموجود في الشارع الآن أتوقع أن تنتج هذه الوحدة أجندة وطنية نستطيع التحرك من خلالها. علينا أن نستمر في الاحتجاج، أن نفرض رأينا علي الوضع الموجود، حيث يوجد احساس بالخذلان من السياسيين وحتي رجال الانتخابات، علينا أن نفرز وجوها جديدة، وفي كل الأحوال الأمور متوقفة علينا وعلي تفاعلات الأحداث فمن الممكن أن يستمر المجلس العسكري بديكتاتورية دموية، ومن الممكن أن يستجيب للضغط الشعبي ويسلم السلطة وممكن أن يتم الغاء قرارات المحاكمة، كل شئ ممكن اذا توحد الناس. وأخيراً فإن العلاقة بين الكتلة الثالثة بالكتلتين الدينية والعسكرية هي علاقة رصد، فهناك رصد لصاحب الأيدي الملوثة بدماء الشعب الذي ينتمي لكل الفساد وكل المجازر طوال الثلاثين سنة الماضية، وأيضا هناك رصد لدجال يستخدم الدين لمصالح ضيقة ولم يكن مع الثورة وإنما انضم لها عندما أصبحت الورقة الرابحة، وأخذ يستحوذ علي كل شئ. بالطبع سيكون هناك صراع، وستكون الكتلة الثالثة طرف دائم فيه، فالمسألة كالآتي: هناك صراع ومحاولات لسرقة الثورة ورفض في الشارع, النتيجة غير محسومة ولا أستطيع التنبؤ بها.