خليلي لا والله ما القلب سالم وإن ظهرت مني شمائل صاحِ وإلا فما بالي ولم أشهدِ الوغي أبيتُ كأني مثقلٌ بجراحي؟ طرفة بن العبد يا حُسنَ ظنِّكَ بالأوهامِ يا طَرَفَةْ ها قَدْ عَرَفْتَ الذي ما من فتيً عَرَفَهْ حدَّقتَ مبتسمًا في الموتِ فانطمست عيناهُ حتي غدا والوهمُ قد جَرَفَهُ قد عِشْتَ أنت، وماتَ الموتُ، مثلَ فتيً يومًا أرادَ اغتيالَ الموتِ فاقتَرَفَهْ.. ............. عُدْ من بلادٍ غَوَتْ إلي بلادٍ غَوَتْ لا فرقَ بينَ الذي قد ضلَّ مغتربًا ومن تلظَّي بظلمِ الأهلِ يا صاحبي.. رملُ الجزيرةِ نارٌ أهلُها خَشَبٌ وأنتَ نقطةُ ماءٍ لن تبلَّ صديً ولن تعودَ إلي حِضْنِ السماءِ ولن تأتيكَ خولةُ فالأيامُ قافلةٌ ضاعَتْ وما أشبهَ اليومَ الجديدَ بأمسِ.. العمرُ جرحٌ بدمِّ الشعرِ ممتلئٌ ما أجملَ الجرحَ لو فاضَ الحنينُ به ما أحكمَ الشِّعرَ لو ضلَّ الذي نَزَفَهْ ها قد عَرَفْتَ الذي ما من فتيً عَرَفَهْ.. ............. ها قد وصلتَ ولكن لن تري أحدًا يستقبلُ الشوقَ فيكَ الكلُّ منشغلٌ فلا تَلُمْ من رأي ولم يَكُنْ ما رأي ولا تَعُدْ مثقلاً بالأمسِ أنتَ غدٌ وأنتَ طفلٌ شقيٌّ عينُهُ مركبٌ في الأفقِ يسبحُ كي ينأي عن المبتدي وعن بلادٍ غَوَتْ بحثًا عن المنتهي فيرجعُ المركبُ الحيرانُ حيرانا.. عُدْ كي نموتَ معًا فالموتُ عنواننا -أنا وأنتَ اللذانِ استشفيا بالحنينِ المرِّ يا صاحبي- الموتُ عنوانُنا إن شئت عنوانا.. أكانَ لا بُدَّ أن تُشوي علي مَهَلٍ حتي يكونَ بإمكانِ القصيدةِ أن تشوي -علي مهل- قُرَّاءَهَا؟ كيفَ لم تمكثْ، ولو ساعةً، في رهطِ وردةَ كي تبقي الفريسةُ للصياد صائدةً؟ وكيف أعرضتَ عن حقٍّ وُلِدتَ له من أجلِ حقٍّ إذا ما مِتَّ أحيا ملايينَ القصائدِ؟ لا تغفرْ لنا أبدا.. واشربْ نبيذَكَ واكتبْ في السماءِ وصاياكَ الأخيرةَ لن نأتي لنقرأها فعِشْ هناكَ بقلبِ الله متحدًا كما اتحدتَ بهِ وقتَ المقامِ هنا لم تتخذْ صاحبًا يومًا ولا ولدا.. لم تتخذْ غيرَ وهمينِ ابتدعتهما: وهمٌ أراك جحيمَ الموت خارطةً إلي البقاء ووهمٌ صرت تتبعه إلي النهاية لكن لا وجود هنا ولا وصول هناك اهدأ فلا بد من أن يبطش الوهمُ يوما بالذي احترفه.. إن كان لا بد فاشرب كي يسيل دمٌ حرٌّ ويروي ظما الأشعار يا طرفة ها قد عرَفت الذي ما من فتي عَرَفه!