الكتاب:"جماعة الإخوان المسلمىن الجدىدة فى الغرب" المؤلف: لورىنزو فىدىنو الناشر: مطبعة جامعة كولومبىا الكتاب:"الإخوان المسلمون: عبء التارىخ" المؤلف: ألىسون بارغىتر الناشر: دار السّاقى منذُ تفجيرات نيويوركوواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر، والهجمات اللاحقة علي مدريد ولندن، برزت أسئلة قليلة بصورة شديدة الإلحاح وأفرزت جدالاً محموماً. أسئلة من نوعية "أي المسلمين علي الحكومات الغربيّة خطب ودّهم وأيّهم عليها النأي عنهم؟" يحاول بعض الخبراء والمسئولين الحكوميين يُطلق عليهم لورينزو فيدينو مؤلف كتاب "جماعة الإخوان المسلمين الجديدة في الغرب"، المتفائلين التشديد علي الحوار مع الإخوان المسلمين، الحركة الإسلاميّة التي ولدت في مصر بعشرينيات القرن الماضي والتي أصبحت الآن تمتلك شبكة واسعة النطاق من الأتباع والمؤسسات. في حين تطرح مدرسة مُحايدة المتشائمون، السيد فيدينو أقرب لهم أنّ الإخوان ذئاب في ثياب حملان، يتخفّون وراء قناع من الازدواجيّة. كان السيد فيدينو، الّذي التحق مؤخراً بمعهد راند، و هو مؤسسة أبحاث مقّرها مدينة واشنطن العاصمة، قد كشف بالماضي، في نغمات حادة ببعض الأحيان، إنّ هدف الإخوان الأساسي نشر الشريعة الإسلاميّة في أوروبا وأمريكا. و قد وبّخ هؤلاء الّذين أخفقوا في رؤية الخطر بوصفهم سُذجا لا أمل منهم. كتابه أكثر تحفّظاً، إذ يجيز للمتفائلين رأيهم ويعترف أنّ الغرب يواجه مُعضلة حقيقيّة في تشكيل حكم بشأن مثل هذه الحركة الضخمة الفضفاضة التي تتكلّم بأصوات عدة. ومع أنّه يظلّ متشككاً، فإنّه يوفِّر قدراً هائلاً من المعلومات ليتيح لنا اتخاذ القرار، فيشرح كيف نجحت مجموعة متلاحمة صغيرة من الإخوان في خمسينات القرن الماضي في زرع الحركة في أوروبا بمساعدة من الاستخبارات الأمريكيّة وبقيادة سعيد رمضان، زوج ابنة مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر، حوّل هؤلاء الروّاد جنيف وميونيخ إلي محاور في شبكة من المساجد والمعاهد تنعم بالتمويل السعودي. كانت عمليّة موازية تجري في الولاياتالمتحدة، وهنا قد تمنح لائحة اتهام السيد فيدينو حتّي المتفائلين وقفة. يتوسّع في استعمال وثائق المحكمة من قضيّة مؤسسة الأرض المقدّسة، مؤسسة خيريّة مقرها تكساس أُدينت عام 2008 بنقل أموال إلي المجموعة الفلسطينيّة، حماس. يعتقد السيد فيدينو أنّ الوثائق تكشف وجود شبكة سريّة حتّي الآن واسعة للإخوان المسلمين ذات روابط مع منظّمتين إسلاميتين شهيرتين، مجلس العلاقات الإسلاميّة الأمريكيّة والجمعيّة الإسلاميّة في أمريكا الشماليّة. وكلاهما يُنكر مثل هذه العلاقات، وقد أدانتا الإرهاب بصورة لا لبس فيها. أمّا بالنسبة لطرحه الأكثر جرأة أنّ الحركة لا تستهدف سوي نشر الشريعة الإسلاميّة في أوروبا وأمريكا فتعتبره أليسون بارغيتر، الأستاذة بجامعة كامبريدج و مؤلفة كتاب "الإخوان المسلمون: عبء التاريخ" طرحاً مثيراً للذعر. كتابها أقصر وأكثر اعتدالاً من كتاب السيد فيدينو، ولديها إلمام أكثر ثباتاً بحسب الكاتب في صحيفة الأيكونوميست بالديناميّة السياسيّة في الشرق الأوسط، التربة التي نبع منها الإخوان المسلمون. حسبما يقترح عنوان كتابها الفرعي، فهي تعتبرها حركة رجعيّة في الأساس عاجزة عن تجاوز ماضيها. بصماتها البراغماتيّة والانتهازيّة وموقف متناقض بإزاء استعمال العنف. أليسون بارغيتر باحثة في الأصوليّة الإسلاميّة بجامعة كامبريدج. يُعدّ كتابها الأول فحصاً دقيقاً ومُعقّداً لجماعة الإخوان المسلمين. يبدأ الكتاب بجماعة الإخوان في مصر، التي تأسست عام 1928 علي يدّ مدرس الابتدائي حسن البنّا، و تحولها من جماعة اجتماعيّة إلي جماعة سياسيّة بناءً علي تأويل للمبادئ الإسلاميّة. يناقش الكتاب التوترات المتأصلة في هذه الجماعة إذ يكافح الإخوان بين تيارات عديدة داخل الإسلام ومصر والعالم العربي. علي سبيل المثال، يُسلِّط الكتاب الضوء علي انتقادات الجماعة المبكّرة لرجال الدين بمؤسسة الأزهر الشريف لافتقارهم للفعاليّة، وفي حين تشتهر الجماعة بجماعات العنف المنشقّة، إلا أنّه في عام 1994 انشقّت مجموعة علي أساس الرغبة في الوصول لحلّ وسط مع مُختلف الأحزاب السياسيّة من أجل الحصول علي مقعد علي الطاولة، ستُعرف هذه المجموعة بحزب الوسط الّذي علي الرغم من تشكّله من مجموعة مُنشقّة عن الإخوان المسلمين، إلا أنّها تضم أعضاء من الأحزاب السياسيّة المصريّة العلمانيّة المُهمّشة مثل اليساريين والاشتراكيين العرب والقوميين العرب. ثمّة فصل يناقش كذلك الاندماج المُبكّر بين الإخوان في مصر وسوريا، خلال تأسيس الجماعة لاحقاً في سوريا، ثمّ انفصالهما وقد صار الفرع السوري أكثر أصوليّة كردّ فعل علي النظام العنيف في سوريا. تناقش المؤلِّفة أسئلة جوهريّة تتشكّل عَبر فصول الكتاب. تضم هذه الأسئلة اختبار العلاقة بين جماعة الإخوان والعنف، و هل علي الحكومات خطب ودّ هذه الجماعة، و إلي أي مدي تمثّل الجماعة منظّمة أمميّة؟ و في حين لن تجيب المراجعة عن كل تلك الأسئلة، إلا أنّ المؤلِّفة تحاول استخلاص الإجابات من تصريحات مرشدي الجماعة ممن يرغبون بمزيد من التواصل علي أرض الواقع مع شُعب الإخوان في ليبيا والسودان والأردن التي ترغب بالحفاظ علي استقلاليتها. يلقي الكتاب أيضاً بالضوء علي التوتر بين الزعيم السوداني حسن الترابي، المحامي الّذي تلقّي تعليمه في جامعتي السوربون وأوكسفورد، الّذي رفض قسم الولاء لمرشد الجماعة في مصر الأقل ثقافة وتعليماً منه. يمتعض بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين خارج مصر من غطرسة الجماعة الأمّ في مصر ورغبتها في الهيمنة، ببساطة لأنّها الشّعبة المؤسسة. تناقش توترات أخري الخلاف بين زعماء الجماعة في مصر علي تكتيكات وإيديولوجيا واقع العمل السياسي في مصر. أحد الانتقادات الموجّهة للكتاب عدم تطرقه للنقاش حول أثر شباب الإخوان علي الحرس القديم بالجماعة. بالإضافة إلي ذلك، يستعين هؤلاء الشباب بتقنيّة القرن الواحد والعشرين مثل الفيس بوك وتويتر لترتيب وصياغة رسائل ورصد انتقادات علي مدار الساعة من كل أرجاء العالم. عموماً، يمثّل هذا الكتاب مصدراً ممتازاً لهؤلاء الّذين يرغبون في نظرة أكثر جديّة علي التعقيدات والخلافات داخل هذه الجماعة التي تتجاوز التبسيط المقتطع من سياقه عن وجود مؤامرة دوليّة للتأسيس لخلافة إسلاميّة، حسب الكتاب. في النهاية، يتمثّل الاختلاف بين مقاربتي الكاتبين في معالجتهما لوثيقة عثرت عليها السلطات السويسريّة عام 2001 في منزل ممثل رئيسي للجماعة. تعرض الوثيقة المكتوبة باللغة العربيّة، والمؤرّخة في ديسمبر 1982 والمعروفة علي نطاق واسع بوصفها "المشروع"، ما يعتبره السيد فيدينو إستراتيجية الحركة للهيمنة علي العالم، في حين تري بارغيتر فيها "لائحة أمنيات دنيويّة مقبولة". صورة الإخوان التي تبرز من كتابها جذّابة بعض الشيء لكنها كائن أكثر وهناً وتمزّقاً من المخلوق الخطير المصقول الّذي رسمه السيد فيدينو. هل علي الغرب اجتذاب الإخوان؟ فيما يتعلّق بهذا، ربما بصورة مُذهلة، يتفق المؤلفان. لقد صار الإسلاميون "قطعة من الأثاث" حسبما تصوغ الآنسة بارغيتر الوضع، فضلاً عن عدم توافر سوي عدد قليل من البدائل ذات المصداقيّة. من الأفضل الحديث معهم، بعناية ومن دون أوهام.