الخصخصة الزاحفة للعدالة: إضراب المحامين يشعل أزمة جديدة تهدد حق المصريين في التقاضي    محافظ بني سويف: استلام نحو 64 ألف طن قمح محلي بالصوامع والشون الحكومية حتى الآن    رئيس شعبة المستوردين يتوقع زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة مدعومة بالإجراءات الحكومية    «المشاط»: 90% من عمليات البنك الأوروبي في مصر مُوجهة للقطاع الخاص    محافظ المنوفية يلتقى وفد الهيئة العامة لاختبارات القطن    تعاون بين المتحف الكبير وچايكا لتعزيز دوره كمركز إقليمي ودولي للبحث العلمي بالمصريات    بوتين ومودي يؤكدان التزام روسيا والهند بالعمل على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله    زيزو يشارك في مران المستبعدين بعد غياب.. والزمالك يواصل تحركاته القانونية    خالد الغندور: شيكابالا رفض مصافحة زيزو في غرفة الملابس قبل مران الفريق    وكيل كولر يرد على أنباء شكوى الأهلي: "قصص مختلقة.. والأهم نجاح الأحمر حتى بدون السويسري"    إصابة 13 عاملًا في انقلاب "تروسيكل" أثناء عودتهم من العمل بالفيوم    الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة: انتظروا الأمطار    تحويلات مرورية.. لإزالة منزل كوبرى الأباجية اتجاه صلاح سالم بالقاهرة    السيسي يستقبل سلطان طائفة البهرة بالهند ويثمن جهود تطوير مساجد آل البيت    "شكرا لأنك تحلم معنا" يحصل على جائزتين في مالمو وبيروت    6 تصرفات ابتعد عنها.. ما لا يجب فعله مع امرأة برج الثور؟    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    تُحييه ريهام عبد الحكيم.. الأوبرا تعلن نفاد تذاكر حفل كوكب الشرق    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    وزيرة التضامن: ننفذ أكبر برنامج للدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" بالمنطقة    وزير التعليم العالي يكرم سامح حسين ويشيد ب"قطايف"    وزير الرياضة يشهد مؤتمر إعلان البطولات العربية والأفريقية للترايثلون بالجلالة    سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرج عن 10 معتقلين من قطاع غزة    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    كارول سماحة تقيم عزاء ثانيا لزوجها وليد مصطفى فى لبنان الخميس المقبل    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى المنصورة التخصصى ويوجه بتكثيف رعاية المرضى    محافظ الجيزة يتفقد فرع التأمين الصحي بمدينة 6 أكتوبر لمتابعة الخدمات المقدمة للمواطنين    منافس الأهلي.. بوسكيتس: لسنا على مستوى المنافسة وسنحاول عبور مجموعات كأس العالم    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    لا يسري على هذه الفئات| قرار جمهوري بإصدار قانون العمل الجديد -نص كامل    فرص وظائف بالمجلس الأعلى للجامعات بنظام التعاقد.. الشروط وموعد التقديم    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «وكيل الشباب بشمال سيناء» يتفقد الأندية الرياضية لبحث فرص الاستثمار    أمل عمار: النساء تواجه تهديدات متزايدة عبر الفضاء الرقمي    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    وزير الخارجية العراقي يحذر من احتمال تطور الأوضاع في سوريا إلى صراع إقليمي    جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    بكام الشعير والأبيض؟.. أسعار الأرز اليوم الإثنين 5 مايو 2025 في أسواق الشرقية    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجاء النقاش
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 05 - 2018

منذ شهور قليلة، وبالتحديد في النصف الأول من شهر فبراير الماضي مرت الذكري العاشرة لرحيل واحد من نقّاد وأدباء مصر العظام هو رجاء النقاش الذي أثري الحياة الثقافية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، وترك بصماته علي المشهد الثقافي العربي من خلال ابداع نقدي ومسيرة حياة تتسم بالغني والتنوع.
شغلت مسيرته الثقافية هموم ومشاغل الحياة الثقافية علي امتداد الساحات العربية، فكتب عن أبوالقاسم الشابي:شاعر الحب والثورة، وكان أول من احتفي برواية الطيب صالح: موسم الهجرة إلي الشمال،ولفت إليها الأنظار عندما لم يكن الطيب صالح معروفا، ولم يكن قد نال الشهرة بعد.
وكان أول من عرّف بالشاعر محمود درويش عندما لم يكن أحد في العالم العربي يسمع به، فقد سمع عن درويش من خلال صديقه الكاتب والروائي غسان كنفاني عندما التقيا في بيروت عام 1966، وكان درويش آنذاك معتقلا في سجون الاحتلال فأثار ذلك اهتمامه، وبدأ عملية البحث عنه، واستطاع أن يحصل علي دواوينه الأولي، فكتب عنه دراسة في وقت مبكر(1969) تحت عنوان: محمود درويش شاعر الأرض المحتلة، كما جمع بعض قصائده ونشرها في ملف خاص في مجلة الهلال نحت عنوان: آخر الليل نهار.
وقد بادله محمود درويش الوفاء، ووصف رجاء النقاش بأخيه الذي لم تلده أمه، وقال إن رجاء هو الذي أخذ بيدي وأدخلني إلي قلب القاهرة الإنساني والثقافي وساعد جناحي علي الطيران التدريجي فعرّف قرّاءه عليّ وعلي زملائي القابعين خلف الأسوار، وعمّق احساسنا بأننا لم نعد معزولين عن محيطنا العربي. وقال أيضا:إننا مدينون له لأنه ابن مصرالبار وابن الثقافة العربية الذي لم تدفعه موجات النزعات الإقليمية الرائجة إلي الاعتذار عن عروبته الثقافية.

لم يقتصر اهتمام رجاء النقاش بالشاعر الكبير محمود درويش، بل إنّه عرّف أيضا بشعراء آخرين من شعراء الأرض الفلسطينية المحتلة، واعتني بهم، ومن هؤلاء سميح القاسم، وفدوي طوقان انطلاقا من وقوفه الدائم مع أدب الحريّة، ولعلّ كتابه عن الرسائل المتبادلة بين الناقد الكبير أنور المعدّاوي والشاعرة فدوي طوقان وقصة حب بدأت عندما نشر المعداوي ديوانها الأول: (وحدي مع الأيام) عام 1952 في القاهرة هو وثيقة وكشف وجداني عن بوح انساني من خلال الرسائل المتبادلة بينهما التي كتباها بعد صدور الديوان،والتي تناولت قضايا وهموما ثقافية ثمّ تطورت إلي حب عفيف ونقي وشفّاف،وكشف في كتابه عذوبة وجماليات أحاسيس انسانية لا تقل عذوبة وجمالا عن الرسائل المتبادلة بين مي زيادة وجبران خليل جبران، خصوصا وأن التجربتين متشابهتان، وأنّ من كتبوا تلك الرسائل لم يلتقوا أبدا.

كان رجاء النقاش منفتحا علي محيطه العربي، وكان يشارك في اللقاءات والمناسبات الثقافية العربية، وكانت تربطه علاقات حميمة مع معظم الأدباء العرب،وكان يؤمن بدور الثقافة في تعزيز الهوية العربية، ودورها في المصير القومي المشترك، وهو صاحب القول المشهور: الثقافة العربية هي جامعة الدول العربية وليس المبني المقام علي ضفة النيل الشرقية.
عرفت رجاء النقاش في أواخر السبعينات عندما زرت القاهرة علي ما أذكر عام 1978 وكانت قد صدرت روايتي الأولي (نجران تحت الصفر) التي كانت أول رواية تتحدث عن المسكوت عنه في بقعة منسية من بقاع الجزيرة العربية،وكانت شهادة عن تجربة معيشة إذعملت في تلك البقعة معلما لمدة سنة، ووجدت الرواية استحسانا واهتماما غير مسبوق، وتعرضت للمنع والمصادرة، وقدمتني بقوة إلي المشهد الثقافي العربي.
وفي تلك الزيارة تعرفت علي كثير من القامات الثقافية المصرية،تعرفت علي أمل دنقل، ورجاء النقاش، وفاروق عبد القادر، ونعمان عاشور، وفريدة النقاش، وبهاء طاهر، وإبراهيم عبد المجيد، وأسماء عربية كانت تقيم في القاهرة وفي مقدمتها الشاعر اليمني الكبير عبد العزيز المقالح.
التقيت رجاء النقاش وعرفته عن قرب، وكان يتسم بالدماثة واللطف والتواضع والخلق الكريم، وتواصلت لقاءاتنا حتي عندما ذهب في أوائل الثمانينات إلي قطر وترأس تحرير مجلة: الدوحة الثقافية وكنت وقتها أمينا عاما لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين وشارك معنا في فعاليات أسبوع ثقافي فلسطيني أقمناه في الدوحة آنذاك.
وأذكرأنه عندما كان يشرف علي الصفحة الثقافية في جريدة خليجية تصدر من لندن وتطبع في عدة عواصم عربية ومنها القاهرة، أنّه طلب من الصديق الكاتب المصري حسين عيد أن يجري معي مقابلة حول روايتي: نجران تحت الصفر، للنشر في تلك الصحيفة.
وقد نشرت المقابلة بالفعل، ونظرا لأن الرواية منعت وصودرت من قبل الرقيب في تلك الدولة، فقد أثار نشرها مشكلة وزوبعة.
وفي أول زيارة لي إلي القاهرة بعد نشر المقابلة اتصلت به وذكرت له اسم الفندق الذي نزلت به، وحددنا موعدا للقاء ظهرا.
جاءني علي الموعد، واصطحبني بسيارته إلي مطعم فاخر، وكان في غاية السعادة، وقال لي بعد أن جلسنا: أتدري لماذا هذه الدعوة؟
سألته: لماذا؟
أجابني وهو يبتسم ابتسامته الساحرة: لنحتفي معا بقوة الكلمة التي تقف إلي جانب قضية الإنسان.
لحظتها عرفت أنّه بسبب تلك المقابلة قد فقد وظيفته.
كان يشعر بالفخر لأنّه انحاز لحرية وكرامة الإنسان العربي ولحرية التعبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.