أسعار السمك اليوم الثلاثاء 16-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ الغربية يتابع مستوى الخدمات بالمركز التكنولوجي    رئيس هيئة الاستثمار: نعمل على تقديم حوافز لشركات تكنولوجيا العقارات العالمية    مجسمات ضوئية واحتفالات متنوعة.. ارتفاع نسب الإشغال الفندقي بمنتجعات جنوب سيناء مع اقتراب الكريسماس    قطر تعتبر إقرار إسرائيل إقامة 19 مستوطنة بالضفة انتهاكا صارخا    إيطاليا وألمانيا تدعوان لتدفق المساعدات إلى غزة قبل الشتاء    الخارجية القطرية: ندين تصديق حكومة الاحتلال على إقامة 19 مستوطنة بالضفة الغربية    5 مقابل 7.. تاريخ مواجهات منتخب مصر مع نيجيريا    أمين عمر وأبو الرجال ضمن طاقم حكام نهائي إنتركونتننتال 2025    «لديه بعض المشاكل».. دغموم يكشف سبب عدم انتقاله للزمالك    محافظ القليوبية: حادث قطار بضائع طوخ تسبب في سقوط بعض حوائط المنازل    سقوط أمطار غزيرة بالبحيرة.. والمحافظة ترفع حالة الطوارئ    مصرع طالب جامعي على يد اخر فى مشاجرة بالمنوفية    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    متحدث الأوقاف يكشف أهمية افتتاح متحف قراء القرآن الكريم في توثيق التلاوة المصرية    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    الطب العلاجي يتابع تنفيذ توجيهات وكيل الوزارة بمستشفى بلقاس    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    الاتحاد الأوروبي ولبنان يطالبان إسرائيل بالانسحاب واحترام وقف إطلاق النار    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    وزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد المتميزة للغات    وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر والمجر    وزارة التضامن تعلن بدء التقديم لمشرفي حج الجمعيات الأهلية والشروط المطلوبة    الأهلي يوافق على عرض إشتوريل برايا لضم محمد هيثم    رمضان السيد: كأس العرب أقوى من أمم إفريقيا.. ومتفائل بمشوار الفراعنة مع حسام حسن    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر والقنوات الناقلة    بدء تصويت المصريين بالأردن في اليوم الأخير لجولة الإعادة بانتخابات النواب    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    اليوم.. وزير التموين يفتتح مجمعاً استهلاكياً جديداً ل"Carry On"    شبكة Amazon تقدم موعد عرض الموسم الثاني من مسلسل Fallout    التنازل عن أراضٍ لموسكو.. ما سبب المعركة الكلامية ل"زيلينسكي" مع واشنطن؟    الأزهر للفتوى: تداول الفتاوى غير الموثوقة عبر الإنترنت يهدد استقرار الوعي الديني    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    وزارة الصحة توجه رسالة مهمة للحماية من مضاعفات الإنفلونزا.. اعرفها    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    الجالية المصرية بالكويت تواصل التصويت في اليوم الأخير لإعادة انتخابات النواب    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    محافظ أسوان: صرف العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة كل شهرين    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مارجريت أتوود عن كتاب هيلاري مانتل الجديد:
استحضار الأجساد الشريرة
نشر في أخبار الأدب يوم 13 - 05 - 2012


مارجريت أتوود
ما كادت الحاصلة علي البوكر هيلاري مانتل تصدر كتاباً جديداً حتي انبرت مارجريت أتوود لتقدم وجهة نظرها كأديبة وناقدة حوله في "الجارديان" البريطانية. الكتاب تاريخي كالعادة، ويحمل عنوان "استحضار الأجساد"، كتبت أتوود عنه:
يالهؤلاء التيودورز (وهو اللقب الذي كان يطلق علي رئيس الحاشية الملكية) الذين لن نستطيع الإكتفاء مما لديهم، انهم يملأون جميع رفوف المكتبات، ومساحات شاسعة من الأفلام مكرسة لألاعيبهم، ومدي إساءتهم التصرف، وما حاكوه من مؤامرات مكيافيلية وخيانات، فهل سوف نسأم أبدا من السجن والتعذيب و الحرق علي الخوازيق؟
كان فيليب جريجوري ناجحا جدا في معالجته "فتيات بولين"، "ماري آن العشيقة"، "تيودور"، والمسلسلات التليفزيونية من حيث براعة التعامل مع الجغرافيا السياسية للكنيسة، بالرغم من بعض الملابس الداخلية غير المنتمية تاريخياً، بالإضافة إلي قتامة هنري الثامن، والمط والتطويل الرومانسي الذي لن يسمن أبداً أو يغني من جوع، ذلك أدي للمط إلا أن استخدام الجنس فيه جاء أفضل كثيرا من استعراض أزيز و لهاث ونخز ورشح ساقه المتحللة فوق أنحاء أغطية الفراش، طبقا لما كان يحدث في الواقع.
أشعر بضعف تجاه تيودور، من تلك النقطة استنشقت عبير رائعة هيلاري مانتل "وولف هول" الفائزة بالبوكر، أول مرة في سلسلة كتاباتها حول توماس كرومويل بعنوان "الحساب و القسوة"، في ما يقرب من جلسة واحدة، والآن تعود باقتدار في "استحضار الأجساد" الذي تلتقط من خلاله أجزاء جسد تخلت عنها.
يبدأ الكتاب خلال فصل الصيف، حيث يقيم هنري وحاشيته في وولف هول، تقع عينا هنري النهمتان علي الصغيرة جين المتحفظة الصارمة، ليتم إعدادها لكي تصبح الملكة المقبلة، بينما توماس كرومويل يطير صقوره التي أطلق عليها "أطفاله الساقطين من السماء". تستهل مانتل قائلة: "مراقبا من فوق ظهر حصانه، وهكتارات انجلترا تمتد وراءه، هبوطهم، بأجنحة مذهبة، كل بنظرة ممتلئة دموية....هكذا كان الحل كل صيف، عربدة العصيان" بينما نحن نقف بعيداً داخل متاهة عميقة مظلمة، لكن الشيء الغريب هو التفكير الموضوعي لتوماس كرومويل.
خلفية كرومويل التاريخية كشخصية غامضة، هي ما جذبت اهتمام هيلاري مانتل إليه: معرفة القليل عنه في الحقيقة، تعطي براحاً أكبر للروائي. لقد بزغ كرومويل من أصول مبهمة و عنيفة، خلال حياته بالخارج، كان أحيانا جندياً و في وقت ما تاجراً، وكي تذهب قمة انجلترا إلي رجل، هو الصانع الرئيسي والهادم للثروات وللأعمدة الفقارية، المكروه في الخفاء خاصة من الطبقة الأرستقراطية، لعب دور "بيريا" وزير داخلية ستالين الإستبدادي، مع هنري الثالث: من أعمال قذرة، وتدبير قطع رؤوس،خلال ذهاب هنري للصيد.
ارتقي كرومويل بعقل آن بولين الإصلاحي، وقف بجانبها حتي ظنت بغباء إمكانها التخلص منه، وعندها انضم لأعدائها للإطاحة بها، حيث نراه يفعل ذلك ببراعة فولاذية في الرواية، لقد كان مخيفاً، غاية في الذكاء، والحرص، مع ذاكرة تتسع للحقائق وأيضا للإهانات، لم يترك أي فرصة للانتقام إلا وانتهزها.
وفي حين كانت الدعاية الصحافية لكرومويل دائما سيئة، فقد كانت هناك ردود أفعال متباينة حول هنري. سنواته الأولي كانت الفترة الذهبية في حياته، أميراً للنهضة، رياضي، شاعر، راقص مفعم بالحيوية والنشاط.. وهلم جرا، إلا انه أصبح مستبداً علي نحو متزايد، متعطشاً للدماء، جشعاً، وربما مجنون،
في القرن الحادي والعشرين يتدرب الأطباء علي التفكير لتحديد الخطأ الذي حدث مع هنري: حيث كان يعتقد إصابته بمرض الزهري، إلا أن يبدو أن مرض السكر قد تمكن منه، وربما أدت إصابته في الرأس نتيجة مبارزة إلي فقده أعصابه، وإحساسه أنه إذا مات دون وريث سوف تنشب حرب أهلية، وبخلاف كل ذلك فما فعله التيودور قد جلب السلام إلي انجلترا، وبالنسبة لمانتل، هو أحد الدوافع التي تستحق الثناء بالرغم من كل الدماء التي خطط كرومويل لإراقتها.
سلام يعتمد علي ملك مستقر، يتضخم، ويسيل لعابه، لديه احساس متزايد بجنون العظمة، حتي أن"البلانتاجينيت"( تعبير يطلق علي الروايات التاريخية التي تدور حول الأربعة عشر ملكا الذين حكموا انجلترا لمده 331 سنه قبل 1458) بدأوا يرون كرومويل بتلك الدقة و الوضوح، كأنه يري كل شيء .. هناك بورتريه رسمه له هانز هولبين يظهر فيه قابضاً بشدة علي وثيقة كأنة يخنقها"، وغيره من الرسامين لهم انطباع مماثل: "إذا كان لديك شكوي ضده، فلن ترغب لقائه في ليلة غاب فيها القمر"، إلا أن البعض يري في شخصيته بعض جوانب من الرقة، وأنه لا يمكن اعتبار عنفه شيئاً سيئاً، إذا نظرنا إلي أنه يمكننا من اكتساب خبرة الإحساس بالإنزلاق نحو ديكتاتورية محفوفة بالمخاطر، حيث السلطة التعسفية، الجواسيس في كل مكان، وكلمة واحدة يمكن أن تؤدي إلي حتفك، وأنه انعكاس ربما لعصرنا الحالي، حين تبدو الديمقراطيات انزلاقاً للخلف نحو زنزانة سلطة تعسفية"
الخصم الرئيسي لكرومويل هي آن بولين، عنيدة مشاكسة، كما تظهر عادة في الروايات، إلا أنها ذبلت قرب وفاتها فأصبحت "ضئيلة الحجم، وكومة من العظام" تستحق الشفقة أكثر من اللوم، إلا أنها من وجهة نظر كرومويل:" ربما لا يبدو من مظهرها أنها عدوة لانجلترا، فالمظاهر خادعة..." عرفت آن قواعد لعبه السلطة إلا أنها لم تمارسها كما ينبغي فضاعت، و مع الوقت فاز كرومويل."
غموض كرومويل هو الشخصية المناسبة لنقاط قوة مانتل علي وجه الخصوص، فهي لم تتطرق للأشخاص"الجيدين"، وتتعايش مع الأهداف القاتمة، بادئة باللوحات الأصغر. الروايات تعتمد حاليا في إنجلترا علي الانتقال إلي أدب الخيال التاريخي الفسيح، مع رائعتها "مكان أكثر أماناً" سنة 1992، والتي ضمت شخصيات من الناشطين الأصليين للثورة الفرنسية فضلاً عن الشخصيات المساندة الرئيسية، وتداخلاتهم الملتوية، والتي تعتمد علي نفس حبكة "وولف هول"، و"استحضار الأجساد".
وأدب القصص التاريخية لدية الكثير من المزالق، الشخصيات المتعددة، وملابس داخلية معقولة قد يكتفي باثنين فقط منها، كيف ينبغي أن يتحدث الناس؟ اسلوب القرن السادس عشر شيء لايطاق، كذلك اللغة العامية الحديثة، وقد اختارت مانتل اللغة الإنجليزية النموذجية مع شيء من الدعابة القذرة أحيانا، مع الكتابة بزمن المضارع معظم الوقت، مما يربطنا بكرومويل ومؤامراته أو كشف مانتل لها، التفاصيل من ملابس و مفروشات وأجهزة منزلية يتم إضافتها دون أن تسد الصفحة أو تؤدي إلي بطء الأحداث، بل ما يكفي منها لإتاحة الفرصة للقراء تخيل صورة كاملة للمشهد، مع خصوبة القماشة و إبراز القوام كما كان في ذلك الوقت.
تجيب مانتل عموماً علي نفس النوع من الأسئلة التي ترد علي أذهان القراء، داخل تقارير المحاكمات في جرائم القتل، أو تفاصيل حفلات الزفاف الملكي، شكل الفستان، كيف كانت تبدو العروس، ومن ذهب للفراش مع من، تبالغ في بعض الأحيان في المشاركة، لكن أي ابتكار أدبي لا يضعفها، فهي بارعة لفظيا كما عهدناها. كلنا نقرأ الأدب التاريخي لنفس السبب الذي يدفعنا لمواصلة قراءة هاملت، إنه ليس مسألة لماذا، بل كيف، بالرغم من أننا نعرف المؤامرة إلا أن الشخصيات نفسها لاتعرفها،
تركت مانتل كرومويل في اللحظة التي بدت آمنة، أربع أعداء يتمنون له السوء، بالإضافة إلي آن، ومن قطع رأسه للتو، تم تحييد العديد منهم، علي إنجلترا أن تحظي بالسلام، بالرغم من كونه "سلام الدجاجة حين يدير الثعلب شئون البيت".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.