وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    حجز مبدئي لشقق وأراضي «بيت الوطن».. مليون وحدة لمحدودي الدخل و27 ألفا للإسكان المتوسط    أقل سعر صك أضحية.. حياة كريمة تطلق صكوك الأضاحي بالتقسيط على 9 أشهر    شركة انطلاق لدعم ريادة الأعمال تتعاون مع قمة «شركات ناشئة بلا حدود»    رئيس لجنة الإسكان بالنواب يشيد بقرار انضمام مصر لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل    وزير الاقتصاد الفلسطيني: غزة لم تعد صالحة للحياة وجرائم الاحتلال مازالت مستمرة    كيف ساندت مصر فلسطين خلال 10 سنوات من حكم الرئيس السيسي؟    فرنسا وألمانيا في مجموعة مصر.. قرعة النسخة السادسة للبطولة الدبلوماسية لكرة القدم    الزمالك يعود ب«هزيمة حذرة» أمام نهضة بركان.. والحسم يتأجل ل«موقعة القاهرة»    انتهاء رفع أنقاض عقار الإسكندرية المنهار.. والحي يكشف عدد الضحايا| صور    تامر عاشور يوجه رسالة شكر ل تامر فوزي.. والأخير يرد | صور    إعادة تطوير مسجد السيدة زينب.. تحفة معمارية تعكس تراث مصر الإسلامي    الدكتور علاء الجرايحي محلب يكتب: ملاحم بطولية    مدحت العدل يرد على مطالبات يحيى الفخراني بالاعتزال    بمكونات بسيطة.. طريقة تحضير كيكة الحليب    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال الانشاءات بمستشفى 900900 في لمحلة الكبرى    محمود محيي الدين يستعرض استراتيجيات التمويل المستدام في المنتدى السنوي للميثاق العالمي للأمم المتحدة    إصابة نقيب شرطة بالأمن المركزي في حادث تصادم بالدقهلية    محافظ مطروح: قافلة طبية مجانية إلى مستشفى مدينة الحمام المركزي    هام لمن تلقى لقاح «أسترازينيكا».. إليك هذه النصائح | عاجل    رئيس «البحوث الفلكية»: مصر بعيدة عن أي ضرر من العاصفة الشمسية    7 معلومات عن أول تاكسي ذكي في العاصمة الإدارية الجديدة.. مزود بكاميرات وGPS    بوتين يعين شويجو سكرتيرا لمجلس الأمن الروسي    أول تعليق من "شعبة المصورين" على منع تصوير الجنازات في المساجد    رئيس مدينة دمنهور: حياة كريمة مشروعات تتحقق على أرض الواقع    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل مخالفة يعمل بها منتحل صفة طبيب بمدينة نصر    محافظ الأقصر يفتتح محطة رفع صرف صحي القباحي الشرقي    أتلتيكو مدريد يحسم فوزًا ثمينًا على سيلتا فيجو بالدوري الإسباني    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    رئيس لجنة الانضباط: "لا صحة لتقديم اللجنة لاستقالتها.. وعقدنا اليوم جلسة في مقر اتحاد الكرة لمناقشة عدد من الملفات والقضايا    جامعة حلوان تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام الدراسي    "إعلام النواب" توافق على موازنة "الوطنية للصحافة"    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    مصرع طالب بالصف الخامس الابتدائي غرقا في مياه ترعة اسنا جنوب الأقصر    المشدد 6 سنوات لعاملين لاتهامهما بحيازة مواد مخدرة واسلحة نارية بالقناطر    محافظ أسوان: العامل المصرى يشهد رعاية مباشرة من الرئيس السيسى    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    المشدد 5 سنوات ل 10 متهمين باستعراض القوة بالمعصرة    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «سايبين الباب مفتوح».. إحالة جميع العاملين بمركز شباب طوسون بالإسكندرية للتحقيق (صور)    نقيب الأشراف: مساجد آل البيت تشهد طفرة غير مسبوقة    برلماني: قانون تحويل المراكز الشبابية إلى تنمية شبابية يحتاج لإعادة النظر    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    موعد مباراة منتخب السويس وكهرباء الإسماعيلية والقناة الناقلة    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية للمحافظة    شكري: توافق دولي حول عدم توسيع رقعة الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية    «الشيوخ» يعلن خلو مقعد النائب الراحل عبدالخالق عياد    صفقات الأهلي الجديدة.. حقيقة المفاوضات لضم أحمد حجازي (تفاصيل)    «ضد المشروع».. ليفاندوفسكي يثير أزمة داخل برشلونة    جوتيريش يُعبر عن حزنه إزاء الخسائر فى الأرواح بسبب فيضانات أفغانستان    مؤلفة كتاب "ماذا أقول عن بابا": القصة واقعية وتستهدف الأبناء والآباء    «بشنس يكنس الغيط كنس».. قصة شهر التقلبات الجوية وارتفاع الحرارة في مصر    هل تصطدم بالأزهر والكنيسة؟.. إسلام بحيرى أحد مؤسسي «تكوين» يرد    الرئيس السيسى يوجه بتعويض أصحاب المنازل المحيطة بمساجد آل البيت والصحابة    أطول عطلة رسمية.. عدد أيام إجازة عيد الاضحى 2024 ووقفة عرفات للموظفين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجريمة المسكوت عنها!
أوراق شخصية
نشر في أخبار الأدب يوم 04 - 05 - 2018

حالة التدهور الأخلاقي والسلوكي التي أصابت المجتمع وضربت أوصاله، بلغت مدي من الجسامة والفداحة ينذر بمخاطر عديدة، وعواقب وخيمة تهدد حاضر الوطن ومستقبله، وتستوجب اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ ذلك المريض الذي تدهورت حالته، وبات يحتاج نقله إلي غرفة العناية المركزة، وتكليف فريق إنقاذ عاجل من مختلف التخصصات، لكي يشخص الداء ويصف الدواء، ومهما كانت مرارة هذا الدواء علينا أن نتجرعه ونتحمله بكل صرامة وقوة جأش وإقدام قبل فوات الأوان!!
لقد اغتلنا القدوة والضمير فينا، ووقفنا مستسلمين نراقب الأخلاق وهي تحزم حقائبها لتهجرنا رويدا رويدا، وانسحبنا صامتين ونحن نري الألسنة المنفلتة تتصدر المشهد، وأفسحنا الطريق أمام طوفان الإهمال والقبح والبلطجة، ليهدم الجمال ويحطم الرقي ويطيح بالقيم، حتي صار السلوك العشوائي إحدي سمات الشخصية المصرية، وأضحي الانفلات والتسيب والانحطاط الأخلاقي منهج حياة، شريعته العنف والفساد والبذاءة والابتذال، وصار الواقع المصري تحكمه مظاهر التخلف والفوضي والغش والفهلوة والإهمال!
ولا يخفي علي القاصي والداني حجم المشقة والمعاناة التي نتحملها للتغلب علي تلك السلوكيات البغيضة والأساليب الكريهة التي انتشرت مثل النار في الهشيم، ومدي القهر والهوان في مواجهة تلك الاستفزازات اليومية والممارسات المقيتة التي تحاصرنا آناء الليل وأطراف النهار، ويخطئ من يظن أن تلك التغيرات التي حدثت للشخصية المصرية، وما طرأ علي المجتمع من تغيرات كان وليد سنوات أعقبت ثورة 25 يناير، فقد كشفت دراسات عديدة وبحوث شاملة أن منظومة القيم والأخلاق في المجتمع المصري انهارت علي مدي الستة عقود الماضية، وأن تعاظم حالات الفساد والرغبة في الكسب السريع جاء نتيجة الخلل في منظومة العدالة الاجتماعية.
ومن أطرف ما جاء في دراسة أجريت عام 2009 أن الشعب المصري »المتدين بالفطرة»‬ لديه حالة من الانفصام بين المعاملات والعبادات، وأن تلك الفجوة أدت إلي انتشار الفساد لدي الطبقات الدنيا فأصبح سلوكا يوميا، وارتفعت نسبة الرشوة بين موظفي الدولة إلي 55%، كما أوضحت دراسة أخري أجريت عام 2004 أن ظاهرة العشوائية تمثل جانبا مظلما في الواقع المصري ليس لما تعكسه من أخطار فحسب، وإنما لقصور الوعي بها، وتجاهلها والتعايش معها إلي درجة تجعلها تتنامي وتتعاظم يوما بعد الآخر، لتصل إلي مصاف الكوارث!
وأن السلوك العشوائي كمنهج للحياة، وسمة للشخصية أشد خطورة علي الوطن من عشوائية المساكن، لأنه يصيب النفوس البشرية، ويجعلها شديدة التخلف وعديمة القيم والأخلاق، ويعكس حالة من التدهور، والارتداد إلي العصور البدائية من التفكير والسلوك الذي تحكمه الدوافع الأولية، وتسيطر عليه الغرائز والشهوات والخرافة، وانعدام الوعي بالهدف والقيمة والمعني، لذا أقول إن نقل الأشخاص من منطقة عشوائية إلي تجمعات سكنية حضارية، لم ولن يقضي علي عشوائية السلوك، وانهيار منظومة الأخلاق، وإنما ما حدث في الواقع أنهم نقلوا العشوائية معهم إلي مساكنهم الجديدة!!
وللأسف لم تقتصر ظاهرة السلوك العشوائي علي أصحاب الحرف والعمالة الأقل تعليما وثقافة في المجتمع، وإنما امتد هذا الداء اللعين ليطول أصحاب المهن المرموقة والأكثر تعليما، من أطباء ومحامين ومهندسين وإعلاميين ومعلمين وأساتذة جامعيين وغيرهم، بل إنه طال الشخصيات العامة والنخبة المتميزة من مشاهير المجتمع في الرياضة والفن والسياسة، هؤلاء الذين يتطلع إليهم أفراد المجتمع ويتخذون منهم القدوة، والنموذج في السلوك والمظهر والحديث، وهذا يعني أن المجتمع أصبح آيلا للسقوط، وأن التدهور والانحدار والفوضي وصلت إلي مراحل تنذر بكارثة، لا تهدد تقدم المجتمع فحسب، وإنما تنذر بقاءه ووجوده.
لقد فتحت ملف هذه القضية الخطيرة الأسبوع الماضي في برنامج »‬كلام وسط البلد» علي »‬راديو مصر» مع الإعلامية »‬نسرين عكاشة» ابنة الكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة أحد رواد الدراما التليفزيونية الخالدة، والإعلامي »‬زياد علي» حفيد الراحل علي فايق زغلول أحد الرواد الإذاعيين، لذا كان بديهيا أن يتطرق الحوار إلي تأثير ما نشاهده في الإعلام والفن علي السلوك والأخلاق في المجتمع، بعد أن تدني مستوي الحوار في الأفلام والمسلسلات وبرامج »‬التوك شو»، ووصلت الخلافات إلي التشابك بالأيدي علي الشاشة، وتداول الألفاظ البذيئة والسباب بين بعض مشاهير ونجوم الكورة والفن، وكيف أصبحت الأخلاق الفريضة الغائبة في الوطن، وكيف تحول الشارع إلي »‬سيرك» كبير كل شيء فيه مباح، وكيف أصبحت مدارسنا بلا تربية ولا تعليم، ولم لا؟! فمن أمن العقاب أساء الأدب!!
يا سادة.. لقد صار التجاهل والسكوت عن الانهيار الأخلاقي جريمة في حق الوطن، وبات الصمت عما أصاب الشخصية المصرية من تصدع وعطب ضربا من الجنون والانتحار الجماعي، وقد قال الشاعر الكبير أحمد شوقي: »‬إذا أصيب القوم في أخلاقهم.. فأقم عليهم مأتما وعويلا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.