البابا تواضروس: سألنا مرسي ماذا يحدث في 30 يونيو فقال «عادي يوم وهيعدي»    البابا تواضروس: أدركنا أن محمد مرسي مغيب بعد لقائنا معه    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    الحبس والغرامة.. عقوبة التعدي على الأراضي الزراعية    قروض جديدة لوزارة لنقل وفساد مع "ساويرس" بالأمر المباشر.    ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر.. دورة تدريبية عن مهارات القيادة    وزيرة التخطيط تشارك بمنتدى دول البريكس الاقتصادي الدولي في نسخته ال 27    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الأربعاء في التعاملات المسائية    تحرير 10محاضر خلال حملة إشغالات مكبرة بأشمون    إيه هو مشروع فالي تاورز وليه سعره لُقطة.. فيديو    كومبوس: الرئيس القبرصي تلقى دعوة لحضور المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي    طائرات الاحتلال تشن غارة على أرض زراعية شمال مدينة خان يونس    إسبانيا تكتسح منتخب أندورا بخماسية قبل يورو 2024    حزب الله اللبناني يعلن استهداف موقع الرمثا في تلال "كفرشوبا" بالأسلحة الصاروخية    النمسا تعلن تخصص 300 مليون يورو لتعزيز التنمية ومشروعات البنية التحتية    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا ناقشا الجهود المبذولة تجاه الأوضاع الراهنة في غزة    الرئيس الروسي: الوضع في قطاع غزة لا يشبه الحرب.. بل هو إبادة كاملة للمدنيين    البنتاجون: إصلاح الرصيف البحري الأمريكي للمساعدات قبالة غزة بحلول مطلع الأسبوع    فرنسا تضرب لوكسمبورج بثلاثية استعدادا ل«يورو 2024»    منتخب تونس يفلت بفوز صعب على غينيا الاستوائية في تصفيات المونديال    محمد صلاح: اللاعبون مستعدون لتقديم كل ما لديهم للفوز على بوركينا فاسو    هشام نصر: مستحقات لاعبى ألعاب صالات الزمالك 107 ملايين جنيه وحزين بسبب النتائج    عبد الرحمن مجدي: لم نفز على الأهلي منذ 20 سنة لأننا "مش مصدقين"    تصفيات كأس العالم - موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو.. القنوات الناقلة و3 معلقين    تاكيدًا لانفراد «بوابة أخبار اليوم».. تفاصيل العثور على جثة الشاب السعودي «هتان شطا»    مصرع طالب غرقًا في نهر النيل بقنا    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    حظك اليوم| برج الثور الخميس 6 يونيو.. «يومًا أكثر استقرارًا وانتاجية»    «صبر الرجال».. قصيدة للشاعر عبد التواب الرفاعي    «شتاء يتصبب عرقا».. قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون    مهرجان جمعية الفيلم يعرض «شماريخ» للمخرج عمرو سلامة    ريهام عياد تتناول أشهر حالات الانتحار في "القصة وما فيها".. فيديو    باحثة سياسية: حكومة نتنياهو متطرفة تعيش فى ظلمات التاريخ وتريد إخراج كل الفلسطينيين    البابا تواضروس الثانى: سألنا مرسي ماذا يحدث في 30 يونيو فقال "عادي يوم وهيعدي"    عيد الأضحى 2024.. ما يكره للمضحي فعله عند التضحية    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    "الصحة العالمية" تؤكد أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    رئيس شعبة الدواء: لدينا 17 ألف صنف.. والأدوية المصرية نفس جودة الأجنبية    سيناريوهات زيادة أسعار الكهرباء الشهر المقبل.. ما مصير محدودي الدخل؟    عقب سيجاره يشعل النيران في أشجار النخيل بمركز ابشواي بالفيوم    شاب متهور يدهس عاملا بالتجمع الأول أثناء استعراضه بالسيارة في الشارع    محسن رزق يواصل اختبارات ورشة الإخراج المسرحي بمهرجان المسرح المصري    الملف ب 50 جنيها.. تفاصيل التقديم بالمدارس الرياضية للإعدادية والثانوية    أول رد من الأهلي بشأن عقوبة «أفشة»    قبل عيد الأضحى 2024.. محلول تنظيف سحري يعيد الثلاجة كالجديدة    ناجي الشهابي: الحكومة نفذت رؤية الرئيس وكانت خير معين لتنفيذ التوجيهات    رئيس البعثة المصرية للحج: استقبلنا 2000 حالة في العيادات حتى الآن    عيد الأضحى 2024: هل يجوز الانتفاع بلبن وصوف الأضحية حتى نحرها؟ «الإفتاء» توضح    بالفيديو.. خالد الجندي: هذا ما يجب فعله مع التراث    وزير العمل يشارك في الملتقى الدولي للتضامن مع عمال فلسطين والأراضى العربية المحتلة    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    رئيس «أسيوط» يشهد احتفال «الدول العربية» بتوزيع جائزة محمد بن فهد    رئيس جامعة المنوفية يستعرض الخطة الاستثمارية وتعظيم الاستفادة من الموارد الذاتية    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    مواعيد مباريات الثلاثاء - 6 يونيو 2024 - البرتغال ضد فنلندا.. وإيطاليا تواجه تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الفوضي..والأمن الأخلاقي!
أوراق شخصية
نشر في أخبار الأدب يوم 11 - 05 - 2018

أستكمل ما بدأته الأسبوع الماضي حول جريمة التجاهل والسكوت عن حالة التدهور السلوكي العشوائي والانهيار الأخلاقي في المجتمع، والصمت عما أصاب الشخصية المصرية من تصدع وعطب وتشوهات، والخلط والالتباس ما بين الحرية، والفوضي والتسيب، وما بين الشهامة والجدعنة، والبلطجة والابتذال، وعدم إدراك الحدود الفاصلة بين التحرر والبذاءة والصفاقة، وبين الفقر والقبح، والمخاطر الناجمة عن كل تلك الممارسات المقيتة التي سادت الشارع المصري وحولته إلي سيرك، والعواقب الوخيمة التي تهدد حاضر ومستقبل الوطن.
بالله عليكم ماذا ننتظر إذا كان الانحدار لم يقتصر علي الدهماء والغوغاء وعامة الشعب في الشارع، وإنما وصل إلي تطاول وزير علي باحث أكاديمي خلال مناقشة رسالة الماجستير، ونعته بالحمار والجاهل والمتخلف، وإلي استخدام بعض نواب البرلمان قاموسا من السباب والشتائم ما أنزل الله بها من سلطان لمواجهة خصومهم!؟ ماذا نتوقع طالما وصل الأمر إلي وصلات من البذاءة والانحطاط اللفظي المقيت بين النقاد الرياضيين المرموقين في استوديوهات التحليل خلف الكاميرات، ووسط المصورين والعاملين، وإلي اشتباكات بين المشاهير من ضيوف برامج »التوك شو»‬بالألفاظ والأيادي أمام المشاهدين؟!
ماذا نظن بعد أن وصل الحال إلي الدفاع المستميت عن تدني سلوك بعض الشخصيات العامة ونجوم المجتمع ومشاهيره، وتبرير سوء الأخلاق والانحطاط السلوكي، واعتبار البذاءات والسباب والألفاظ النابية حرية شخصية، وتراثا مصريا أصيلا؟!! ماذا نترقب أو نأمل إذا كانت الفوضي والعشوائية والبذاءة والغش صارت قانونا للحياة؟ الكل يغش ويتطاول ويتربح بطريقته وعلي قدر كفاءته وإمكانياته!!
إنها قضية شعب مصاب بحالة من الازدواجية والانفصام بين المعاملات والعبادات، يتمسك بمظاهر التدين ويتسابق علي النوافل، لكنه لا يتورع عن الكذب والغش والتضليل، شعب يتغني كثيرا بالإيمان والتقوي والتدين الفطري، لكنه يتسابق علي الإهمال والبلطجة والغوغائية ويصنع من أصحابها أبطالا ورموزا وقدوة!! يهاجم الفساد ويطعن في ذمم الفاسدين، لكنه يستبيح الرشوة والابتزاز والتحايل، وسرقة بعضه البعض، ويبدع في كسب المال بالفهلوة والشطارة والنصب، شعب يتمسك بالشعائر ويتحدث عن القيم الدينية والحلال والحرام، ولا يعتبر الرشوة وتفتيح الدماغ، والالتفاف حول القوانين واستحلال المال العام مخالفا للدين والشرع أو الأخلاق، ولم لا؟! أليست هذه نقرة وتلك أخري؟!
إنني لا أغالي إذا قلت إن »‬الأمن الأخلاقي» أهم من »‬الأمن السياسي» في المجتمع، وإن الانهيار الأخلاقي والسلوكي قضية أمن قومي، لا تنعكس آثارها ومخاطرها علي العلاقات الاجتماعية والتأثيرات النفسية فحسب، وإنما علي الاقتصاد والتجارة والصناعة والسياحة والمرور والتعليم والثقافة ومختلف مناحي الحياة، فالسائح الذي يتعرض للنصب والسائحة التي تواجه سلوكا مشينا أو لفظا جارحا، لن يُقدما علي زيارة مصر مرة أخري مهما كانت المغريات أو الدعاية في بورصات السياحة العالمية، والمستثمر الذي يري تلك الفوضي والسلوكيات العشوائية ،لن يجازف بأمواله في مشروعات مهما كانت التيسيرات والتسهيلات القانونية، والتاجر الذي تعرض للنصب من مستورد مصري لن يثق في أي شخصية مصرية!!
لقد تلقيت العديد من رسائل القراء بعضها تطالب بحملة قومية تتصدي لتلك القضية التي استفحلت في المجتمع، وأخري تطالب بمنظومة علاج اجتماعي لمواجهة هذا الخلل الذي ضرب منظومة الأخلاق والقيم، وسن القوانين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في حين رأي آخرون أن الأمل ليس في الجيل الحالي، وإنما في الأجيال القادمة وتطوير التعليم.
لكنني أزعم أن الدولة إذا توافرت لها الإرادة يمكن أن تنتصر في هذه المعركة المصيرية، وكلنا نتذكر حين تولي اللواء أحمد رشدي حقيبة الداخلية، ونجح في إعادة تعريف مفهوم الأمن، لتكون مهمته الأصلية الدفاع عن أمن المجتمع وسلامه الاجتماعي، وليس التركيز علي الأمن السياسي، واستطاع فرض الانضباط داخل الشارع المصري، وأعاد الرصيف للمواطنين‏، وجعل المخالفات فورية يدفعها المشاة قبل السيارات‏، ودوريات متحركة تتجمع في نقطة كل نصف ساعة‏، واهتم بالشكاوي التي تبدو عادية مثل الإزعاج‏، حتي الموظف‏ »‬المزوغ »من عمله خلال ساعات العمل الرسمية، يتم إبلاغ جهة عمله حرصا علي الإنتاج، طبق القانون علي الجميع بدون استثناء، وهو ما أدي إلي حالة غير مسبوقة من الشعور بسيادة القانون والعدل والرضا لدي المواطنين، لكن سرعان ما اختفي كل ذلك باستقالة أفضل وزير داخلية عرفته مصر.‏
يا سادة إن الأمر جد خطير ولا يتحمل تباطؤا أو تقاعسا، وإنما يحتاج لحلول جذرية سريعة، وتضافر جهات عديدة تعمل تحت مظلة قانون رادع يطبق بكل حزم وحسم ودون استثناءات، فكل الدول التي تقدمت بدأت بتطوير وبناء الإنسان، وحولت الأيادي التي تهدم وتشوه، إلي سواعد تبني وتنهض بالأوطان، وتحقق الإنجازات والمعجزات، وإذا أردنا بناء مصر علينا أن نبدأ بإعادة بناء الإنسان المصري، فالتحضر ليس طرقا وكباري ومباني ومدنا أو أدوات حديثة نستعملها ونستهلكها، وإنما أخلاق سامية وسلوك قويم، ابدأوا بإصلاح الأخلاق فهي أول الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.