الحرية طريق إجباري لمصر في السنوات المقبلة الحرية تبدأ فقط عندما تطفئ بنورها ظلام الجهل وللحرية طريق طويل، أولى خطواته التعليم والتنوير ولأن التعليم محمل الآن بأمراض سنوات الجمود السياسي، كانت السنة الأولى لمسابقة ثقافية لمؤسسة ساويرس الثقافية ، هناك ندرة في الأعمال التى تستحق الفوز بالجائزة. قال لى الكاتب المحترم والنائب عن الشعب يوسف القعيد إنه كان محبطًا، لا يدري سببًا لغياب الشعراء والكتاب الجدد، "وأدركنا أن الأزمة كانت في الإعلان عن المسابقة الثقافية ذاتها وأن عشرات الشباب المبدع لم يكن يعلم عنها شيئًا". حرصت في العام الثاني على سؤال الأستاذ يوسف القعيد في لقاء عابر باستديوهات قنوات "أون تى فى" ، فوجدته سعيدًا للغاية ، قال الأزمة لدينا هذا العام كانت في خشيتنا من الظلم ، في مسابقة الرواية مثلا، كان لدينا أكثر من 70 عملا يستحق الجائزة الأولى، كنا في حيرة لاختيار الفائزين ، وقال القعيد في كل المجالات الإبداعية كانت لدينا عشرات الأعمال التى تستحق الفوز، إنه الأمل الذى بثته تلك الكتابات المبدعة في نفوسنا . أصبحت كلمة المجتمع المدنى أو منظماته ، سيئة السمعة بفعل الاستخدام السيئ لها ، وتحولها إلى أداة لإحداث التغيير في الدول التي يهوى الغرب الإنجلوأمريكى السيطرة عليها ، لكن الحقيقة أن المجتمع المدني لايهدف أصلا إلى الفوضى ، ولا يناضل من أجل التظاهر والاعتصامات التى باتت من الاستخدام المفرط لها سيئة السمعة ، وفعل لم يعد الشعب المصرى أو على الأقل الجيل الحالى يقبل بها. وبات دور المجتمع المدني قاصرًا على منظمات تخطئ أكثر مما تصيب، تهدف إلى تحقيق ما يطلبه الممول فقط ، وحادت عن مسارها . ورسميًا عاشت الدولة 30 عامًا وقبلها عشر، تحولات قاتلة للإبداع ، وحتى الإنتاج ،عرفنا فيها الدفع بمتوسطى الموهبة إلى الصفوف الأولى، أدركنا أن توريث الوظائف براعة من الأب في تأمين مستقبل وريثه ، عائلات كثيرة أصبحت تسيطر حتى على مجالات البحث العلمى، ولا يعفي كاتب المقال نفسه من التورط في السير على هذا المنوال. الخطورة لم تكن فقط في الوظائف العامة ، والفرص أمام أجيال كاملة ، أغلبها فقد حقه في مجرد المنافسة، وباتت المسابقات للتوظيف مجرد واجهة قانونية لتمرير قانوني لسطو الأهل والأقارب وأحباء الكبار في الفوز بما لا يستحق ، حتى فرصة أجيال كاملة في الإبداع ضاعت في دهاليز فساد متجذر في كل مجالات الإبداع تقريبًا ، السينما والمسرح والأدب وكل فروع الفنون والآداب صارت تحت حكمها الشلة، أو سيطرة موظف يبتكر الكثير من الأدوات لسد الطرق أمام كل إبداع حقيقى، حتى في مجال كرة القدم بات حارس مرمى النادى الأشهر في مصر قابعًا على صدر من هم أكثر منه موهبة ، وأقل منه نفوذًا . المرحلة الأخيرة من التشخيص هى في الإعلام والصحافة ، عشرات من الصحفيين الأكفأ لم يقتربوا يومًا من نقابة الصحفيين ، ولم يسمح لهم أبدًا حتى بالتجربة ، وأنا شاهد على عشرات الجرائم في عالم الصحافة والإعلام ، فقد كنا على وشك طلب مذيعين جدد في إحدى وسائل الإعلام التى عملت مستشارًا لها لفترة طويلة ، وصممت على إجراء مسابقة ولجنة اختيار ، وبعد أسابيع طويلة من العمل كان من رؤيتى نجاح اثنين فقط ، لأكتشف بعدها تعيين عشرات منهم ، لأن تلك قريبة فلان، وآخر خفيف الظل وثالث عليه توصية من "فوق"،رغم أن الجالس فوق هذا لايدرك ولا يعلم ولا هو متخصص ليفرض من يريد . يقول جون كيندى الرئيس الأشهر بين حكام أمريكا "جهل ناخب واحد في نظام ديمقراطى ، يضر بأمن مجتمع بأكمله " ، فماذا نحن فاعلون ونحن على أعتاب الفترة الثانية لرئيس أبرز صفاته الإخلاص لبلاده ، هل ننتظر إصلاح وتغيير نظام تعليمى، قد يستغرق 10 سنوات على الأقل حتى نلمس نتيجته على المجتمع ؟ يقول الحكماء الأوائل إن منح الحرية لجاهل ، كمن منح السلاح لمجنون، الحرية تبدأ حيث ينتهى الجهل، هكذا قال فيكتور هوجو. وتلك هي الحقيقة التي أكدتها لنا السنوات العجاف الماضية ، ولكن هل تمارس الحكومة وهيئاتها وإداراتها ومسئولوها أى فعل لوضع روشتة علاج سريع تتزامن مع خطة علاج التعليم الذي أصابه العفن ، حتى الآن لا يبدو شيئًا من هذا . الإرهاب الذى يعشش بيننا لسنوات لن يحرمه من بيئة خصبة لانتشاره ، أي حديث عن تصويب أو تصحيح خطاب دينى، لأنه من المستحيل أن يقبل رجال دين بالحد من سلطاتهم المطلقة على الرعية ، فخطابهم الديني معوجًا كان أم سليمًا ، يمنحهم سلطة على الجميع ، سلطة موازية للقانون ، ومهما كان رجل الدين مخلصًا في الإصلاح سيجد من بين رفاقه من يكبله ، بمتناقضات تجعله أكثر ترددًا عن السير في طريق الإصلاح. اذا كيف نقضي على الإرهاب ، طالما لدينا مشكلة في إرسال الخطاب الديني ، نقضي عليه فقط عندما ننير عقل المستقبل ، المواطن والشاب بعدها سيكون قادرًا على التمييز ، ورفض ما يتناقض مع العقل ، وسينتهي النقل من مصادر مشوشة بفعل سنوات طويلة. في إحدى ليالي الشتاء الباردة في السكن الطلابي لجامعة عين شمس، حيث تنتشر الجماعات الإسلامية في ذلك الوقت تحت سمع وبصر الحرس الجامعي وسلطات الدولة كافة ، جلس إلينا الأمير الطلابى ، وتحدث همسًا عن الجهاد في أفغانستان ،وأن من يتطوع لقتال الكفار الملاحدة السوفييت ،سيجد كل عون، من تكاليف السفر، وقبلها سيزور بيت الله الحرام ، ودار نقاش طويل مع الأمير، كانت محاولة الخروج على ما يراه كمن تطاول على الذات الإلهية وسافر بعض الناس سرًا ، وعلمًا بفعل غيابهم وفصلهم من الجامعة ،كانت بيئة مواتية لشحن آلاف الشباب إلى حرب السوفييت ، بفعل عمل شيطانى دبره الأمريكان بالاتفاق مع قادة بلادنا. تلك هى المشكلة ، لكن ماذا عن العلاج ، ونحن في العاصمة نحتكر كل الفرص ، ونتحكم في مسارات الإبداع ، بأولئك القادمون من فوق أو الموهوبون الذين يقبلون التنازل عن مواهبهم لخدمة أنصاف المواهب ، فيتحول المبدع الحقيقى إلى مسخ ، وبمرور الوقت تموت الموهبة ويضل طريقه ، في متاهات عاصمة النور، رغم أن تجارب العالم الذى تقدم علينا ، تؤكد أن إنارة عقل لايقل أبدًا أهمية عن ملء معدة. مصر باتت مستقرة وأصبحت دولة قوية إلى حد يمكنها الآن النظر إلى مشاكلها من منظور الحل ، ولكن أبرز ما يهدد بلادنا هي نخبتها التي لعبت كل أدوار الفساد في كل مجالات الحياة ، فلا يوجد أحد من تلك النخب إلا ومارس الفساد قولا بتبرير ما تراه جماعته أو ذاته حتى لو كان مهددًا لشعب بأكمله ، كثير من أبناء مهنتى أيضًا توسطوا لسحق كل موهبة. الحل كما أراه هو الانفتاح على المجتمع كله ، الانطلاق بقوافل الاعتذار لمواهب ماتت في جنوب البلاد وشمالها ، الحل كما اعتقد هو إنارة العقول بأسرع وتيرة ممكنة ربما على طريقة اللواء كامل الوزير، وهي الانجاز. الإبداع لايعرف المركزية ، ولا يعيش في بيئات الروتين ، فنخرج إلى قرى مصر ونجوعها قبل مدنها ، لماذا لاتتحالف الدولة مع المجتمع المدني في تأسيس معاقل للمعرفة بديلا لجحور الجهل . أقترح إطلاق طاقات الإبداع في كل بقاع البلاد ، عبر تنظيم أكبر فعل ثقافي عابر للروتين ، ومتجاوزة لعقول تحجرت، واستمرأت السيطرة، جدول زمنى يشرف عليه الرئيس فى ولايته الثانية ، يحمي به اقتصاد ومقدرات شعب ، ومجهودات ضخمة تمت وستتواصل في السنوات المقبلة، العقل المنير هو الجندي الذي يستطيع إطلاق مشاعل النور على دعاة الظلام ، ربما كانت عملية إطلاق أكبر إنتاج مسرحي وسينمائي وثقافي في عشرات من قصور الثقافة ومسارح وسينمات بداية صحيحة. وأحلم بيوم أرى فيه الرئيس وهو يختصر الزمن للواء الوزير لإنشاء 100 سينما في ستة أشهر ، مستخدمًا جملته الأكثر ثورية " لا يا كامل سنة كتير ، هما ستة أشهر " وثقتى فى إخلاص الرئيس تجعلنى أراه قريبًا . انزلوا لمصر إن شاء الله مبشرين ماذا تحتاج مصر، أظنها ثورة للتنوير، ولعل تجربة الروائي الراحل أحمد خالد توفيق وغيره من الكتاب كانت تجربة تستحق التوقف ، فبعدما رأت لجنة الاختيار في أولى دور النشر ،"الأسلوب رقيق، والراوية غير صالحة للنشر "،ولو لم يكن هناك مسئولا في دارالنشر يرى أن أحمد خالد توفيق كاتبًا جديدًا يستحق أن يخرج إنتاجه إلى السوق فقرر تشكيل لجنة أخرى ، رأت أن الرواية الأولى للطبيب القادم من طنطا جيدة وأسلوب الكتابة ممتاز ، وانطلق روائي متميز . الطريق واضح ، لكنه يحتاج مجهودًا كبيرًا على طريقة المميز اللواء كامل الوزير ،لتعبيده وجعله ممهدًا . ==== رسائل الشهبندر أقوى من القانون . لا أدري إذا كانت وزارة الداخلية هي المنوط بها تنفيذ الحكم القضائي الصادر من المحكمة الاقتصادية ، أم وزارة التجارة ، بتغريم مافيا الدواء 5 مليارات جنيه جزاءً على احتكار الدواء لسنوات ، الحكم الذى صدر بمجهودات جمع المعلومات من كثير من الهيئات والأجهزة في مصر لتقديم دليل الإدانة ، الذى مكن المحكمة من إدانة شهبندر الدواء والنقيب الإخوانى السابق للصيادلة ، وشركات أخرى تعمل في استيراد وتجارة وتصنيع الدواء . هل تقدم المحتكرون للعلاج بما يوقف تنفيذ الحكم ،؟ وحسب معلوماتى التي استندت فيها إلى قانونيين فإن الحكم نافذ وأي إجراء لايعطل التنفيذ. هل هناك من يمارس نفوذًا لمنع تنفيذ الحكم ؟ لا أدرى ولا أريد اتهام أحد بما لا أدري , وسأسعى خلال الفترة المقبلة لتحري ما تبقى من نفوذ لشهبندر الدواء صديق النخبة ، وصاحب صالون سمي زيفًا ثقافي، لكنها كانت جلسات في حب الإخوان بمشاركة كل التيارات السياسية ، لتقريب قنوات المصالح . وهل التفتت أجهزة الأمن إلى بلاغ جديد يكشف عن تورط سياسي في احتكار الدواء ، وترك ملايين المصريين فريسة لتلك المافيا ، التي تندثر بفعل الخيرات ، وإطلاق اللحى، لماذا نعرقل أحكام القضاء ؟ لماذا نتردد عن الضرب بقوة لكل من تاجر بآلام شعب كامل لسنوات ؟ هل يركن المسئول ويقبع في مكتبه فقط انتظارًا للتعليمات ، نحن في حاجة إلى أقوياء، حالمين ، قادرين على تحقيق الحلم . == الدولة بتكلمني في التليفون ليس لي علاقة بمرتضى منصور رئيس نادي الزمالك ، ولا أحمل إليه أي مشاعر كراهية ، فهو بلدياتنا من الدقهلية ، سبق أن أجريت معه حوارًا بعد خروجه من السجن ، قبل سنوات ، ولكن يستوقفنى كثيرًا ما يخرج عنه من تصريحات ليلية مستمرة. مرتضى منصور نجح في انتخابات حرة في دائرته الانتخابية ونجح في انتخابات نادى الزمالك ، وليس من حقي التعرض لتصرفاته طالما إن المضارين منه صامتون. لكن ما استوقفني في قضية لاعب كرة ، تجد مرتضى منصور يقسم أنه رجل دولة ، وأن الدولة كلمتنى ، ولا أعرف من في الدولة اتصل بمرتضى منصور ، ومحاولة اختصار الدولة لتكون في مواجهة شخص مع احترامنا لأي شخص ، هو جريمة ارتكبها مرتضى منصور ومن اتصل به من الدولة أيًا كان موقعه ، فكلاهما ارتكب جريمة تقزيم مصر،يا سادة الدولة كيان لا يحق لأي موظف فيها أن يعقد الصفقات باسمها إلا من خلال قواعد وقوانين . هل يعقل أن تهان بلادنا بهذه الطريقة ، مرتضى أقسم بالطلاق انه رجل دولة والدولة كلمته وهو يعنى الظرف السياسي ! إما أن نكون دولة تطبق القانون على الجميع ،على أي موظف تحدث باسمها في مكالمة ليلية مع مرتضى، أو نكون دولة مرتضى منصور مع كامل التقدير له وللدولة التي كلمته .