محمود السماك بنية الخطاب الروائي في أدب هالة البدري.. أطروحة نقدية، حصل عنها الباحث محمود السماك علي درجة الماجستير، بإشراف د.نبيل نوفل، د.محمد مهدي غالي، وتم مناقشتها بقسم اللغة العربية، كلية الآداب، جامعة بنها. في بداية عرضه أوضح الباحث أن سبب اختياره لسرديات هالة البدري يرجع إلي استخدامها أشكال تقنية مختلفة في الكتابة، تميز اسلوب الكاتبة بالتجدد الدائم والعناية باختيار اللغة المناسبة لكل عمل، نظرا لتعدد الدلالات والإيحاءات، واعتبر الباحث روايات البدري »السباحة في قمقم علي قاع المحيط، منتهي، ليس الآن، امرأة ما، مطر علي بغداد، مدن السور، مجالا خصبا بالنسبة لاحتوائها علي التقنيات السردية الحديثة في الحكي، فضلا عن تسمية العديد من الروايات بأسماء أماكن مما جعلني أتتبع هذا المكان كبنية جمالية وقيمة رمزية. من هنا حاول الباحث كشف العديد من التقنيات السردية عن طريق الدراسة التطبيقية لهذه الروايات، وأوضح أن هالة البدري تعد من كاتبات جيل الوسط في مصر، أو ما يطلق عليه جيل السبعينيات، قدمها الراحل يوسف ادريس، واعدا قراءها بميلاد كاتبة مهمة، وذلك لتعاملها مع الرواية بوصفها مجالا رحبا، فحققت أعمالا روائية كبيرة بلغة شديدة الرقي، والانتقاء، وبجرأة ملموسة متحدية العوائق والسدود التي تحول بينها وبين القضايا التي تتناولها في رواياتها. وكشف الباحث أن روايات البدري تتسم بالغوص في أعماق الواقع المصري، ولها تعاملها الخاص مع هذا الواقع، وهو ما دفعه إلي تحليل الخطاب الروائي عندها، لافتا إلي المعمار الخاص به ، كالزمان والمكان والراوي والشخصيات. وعن المنهج الذي اختاره الباحث، في دراسته فقال إنه اعتمد علي المنهج التحليلي، الذي يسمح بقراءة هذه الروايات قراءة جديدة، وكان الهدف من هذه الدراسة الكشف والتحليل للنصوص. جاءت الرسالة في أربعة فصول، الأول بعنوان : »الزمن في الخطاب الروائي» وفيه عالج الباحث محورين رئيسيين هما: المحور الأول: الترتيب الزمني للخطاب الروائي الذي يتضمن الاسترجاع والاستباق، أما المحور الثاني فهو يعالج الايقاع الزمني للخطاب الروائي ويشمل التقنيات الحكائية »التخليص، الوقفة، الحذف، المشهد»، وفي الفصل الثاني تناول الباحث المكان في الخطاب الروائي، من خلال قسمين: رئيسيين، الأول، علاقة المكان بالعناصر السردية الأخري 0علاقته بالزمان والوصف والشخصيات»، والقسم الثاني، فيتمثل في أنماط المكان في الروايات، وتناول فيه أربعة عناصر: الأماكن المفتوحة، الأماكن المغلقة، الأماكن الأليفة، الأماكن المعادية، ويتوقف الفصل الثالث عند الراوي والمروي له، وصيغ الخطاب الروائي، وتناول فيه الباحث مفهوم الراوي، وكذلك أنواعه في النص الروائي مثل:» الراوي العليم، الراوي الشاهد، الراوي المشارك، ثم تعدد الرواة، ثم تحدث بعد ذلك عن المروي له، وكذلك أنواعه كالمروي له الظاهري »الممسرح»، والمروي له الخفي »غير الممسرح، ثم تناول صيغ الخطاب الروائي، وتتعرض ثلاثة أنواع من الأساليب وهي: الاسلوب المباشر، وغير المباشر، والاسلوب غير المباشر الحر. أما الفصل الرابع والأخير، اهتم فيه الباحث بالبحث عن الشخصيات ولغة الحوار في الخطاب الروائي، راصدا قريب الشخصية ووظائفها ثم الولوج في أبعادها، كالبعد الجسمي، والبعد النفسي، والبعد الاجتماعي، والبعد الفكري، وكذلك أنماط الشخصية، كالشخصية النامية، والشخصيات المسطحة، ثم تناول لغة الحوار مبينا فيها الوسائل التعبيرية، المختلفة للخطاب الروائي. وأكد الباحث أن هذه الفصول الأربعة ترتبط ارتباطا وثيقا، فلا يمكن فصل الزمان عن المكان، ولا فصلهما عن الشخصيات، ولا فصل الراوي عنهم، لكونها المكون البنائي للنص الروائي. وقد أسفر هذا البحث عن عدة نتائج توصل إليها الباحث، تتمثل في: أن أهمية الزمن في روايات هالة البدري، نتيجة لكونه عنصرا رئيسيا يعكس رؤيتها للعالم من حولها في حالة من اللاتعاقب عن طريق الاسترجاع بنوعية: الداخلي والخارجي، والذي يعد من أكثر التقنيات السردية حضورا في رواياتها. كما اشتملت الروايات- أيضا- علي الحركات السردية الأربعة وهي: التخليص، الوقفة، الحذف، المشهد، والتي جعلت الزمن أما يدور دورة سريعة في سرد الأحداث، وذلك بالقفز الزمني،أو تجعله يتراخي ويتمهل لاضفاء جو من الواقعية علي العمل السردي. وعلي مستوي المكان، توصل الباحث إلي أن روايات هالة البدري حفلت بأمكنة متعددة في محاولة من السارد لبث المصداقية فيما يروي لنا، وقد ارتبط المكان في الروايات ببعض المكونات الحكائية للسرد، كالزمان الذي لايمكن أن يستغني عن المكان في جميع الروايات، والوصف الذي يعد الوسيلة الأساسية، في تصوير المكان، وذلك لاثارة خيال المتلقي، والشخصيات التي تقدم وتتحرك في هذا المكان فكان بمثابة الفضاء الذي يحتوي علي كل هذه العناصر الروائية. ويوضح الباحث أنه عند النظر إلي الكيفية التي تروي بها الروايات لابد أن نتعرض للراوي الذي يتجلي حضوره في روايات هالة البدري في ثلاثة أشكال عند نقل الحدث القصصي. كما توصل الباحث إلي اهتمام السرد عند هالة البدري بعنصر الشخصية حيث تم انتقاؤها بما يتناسب مع الأحداث، فكان لكل شخصية صفات فارقة في الطابع الاجتماعي والفكري والثقافي والعاطفي. وبالنسبة لأبعاد الشخصية في الروايات، فقد اشتملت علي ثلاثة جوانب تتألف منها الشخصيات وهي البعد الجسمي، والنفسي والاجتماعي والفكري. أما أنماط الشخصية في الروايات فتمحورت في نمطين، الأول الشخصيات الفاعلة وهي بمثابة حجر الأساس في الروايات لدورها المهم في التعبير عن رؤية العمل الروائي، فأصبحت أكثر استقرارا في الذهن، أما النمط الثاني، فهو الشخصيات غير الفاعلة، وكان دورها أقل قيمة ومساحة نجدها في بعض الأحيان تعبر عما تريده بجملة واحدة، وأما عن لغة الحوار فقد تعددت الوسائل التعبيرية المختلفة للخطاب الروائي.