أسعار الأعلاف في أسوان اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    استقرار نسبي في أسعار الخضراوات والفواكه بأسوان اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    غلق طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي ومنازل الضبعة وبوابات دهشور بسبب الشبورة    بوتين يشيد ب«بطولات جنود كوريا الشمالية» في حرب أوكرانيا    تحطم طائرة رئيس الأركان الليبي في تركيا.. تحقيق شامل وتفاصيل الرحلة الأخيرة    رئيس وزراء أوكرانيا السابق: تمسك زيلينسكي بالجيش المقاتل يدل على عدم اهتمامه بالسلام    مودرن سبورت يعلن رحيل مجدي عبد العاطي    نتائج مباريات الجولة الأولي لدور المجموعات فى كأس أمم إفريقيا 2025    النصب على الرئيس    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    حين يكون الخطر قريبًا.. كيف تحمي الدولة أطفالها من الاعتداءات الجنسية؟    بعد صعود حاد.. استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس 25 ديسمبر    تحدث بعد الجرعة الثانية، اكتشاف سبب التهاب عضلة القلب النادر بعد لقاحات كورونا    "العدل" الأمريكية تكشف عن مليون وثيقة إضافية مرتبطة بإبستين وتبرر أسباب تأخر النشر    كان على وشك الزواج.. حبس ربة منزل لقتلها طليقها بشبرا الخيمة    تطعيم الجديري المائي بمراكز «فاكسيرا» في القاهرة والمحافظات    الكويت تدين الهجوم المسلح الذي استهدف أفراداً من الشرطة الباكستانية    الكرملين: المفاوضات حول أوكرانيا ينبغي أن تجري خلف أبواب مغلقة    وزير الثقافة يلتقي محافظ الأقصر لبحث تكثيف التعاون    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    سقوط نواب بارزين وصعود وجوه جديدة.. أطول ماراثون برلماني يقترب من خط النهاية    بعد 159 عامًا في قصر العيني.. «البرلمان» ينقل جلساته للعاصمة الجديدة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال تطلق النار على مناطق بخان يونس ومدينة غزة    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارة ملاكي وربع نقل بقنا    ضربة قوية لداعش.. القبض على طه الزعبي وعناصر تابعين له بريف دمشق    براءة المدعي عليه لانتفاء أركان الجريمة.. حيثيات رفض دعوى عفاف شعيب ضد محمد سامي    بعد تصريح مدبولي: "لا أعباء جديدة حتى نهاية برنامج صندوق النقد الدولي".. كيف طمأنت الحكومة المواطنين؟    كارم محمود: لم أجد صحفيا مهنيا تورط يوما في انتهاكات أثناء تغطية العزاءات    عاجل- طقس الخميس، الهيئة العامة للأرصاد الجوية: ظاهرتان تؤثران على طقس الخميس في جميع أنحاء مصر    بالصور .. محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد    ترتيب أمم إفريقيا - رباعي عربي في الصدارة عقب الجولة الأولى    خبير مروري لتليفزيون اليوم السابع: تغليظ عقوبات المرور يعالج سلوكيات خطرة    محافظ الدقهلية يتفقد موقع انفجار أنبوبة بوتاجاز بعقار المنصورة    لم تحدث منذ 70 عاما، محمد علي خير يكشف "قنبلة مدبولي" للمصريين في 2026    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    موعد مباريات اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025| إنفوجراف    صاحب فيديو صناديق الاقتراع المفتوحة بعد خسارته: لم أستغل التريند وسأكرر التجربة    العالمي فيديريكو مارتيلو: الموسيقى توحد الشعوب ومصر وطني الثاني    صفاء أبو السعود: 22 دولة شاركت في حملة مانحي الأمل ومصر تلعب دور عظيم    سكرتير بني سويف يتابع أعمال تطوير مسجد السيدة حورية للحفاظ على هويته التاريخية    تحت عنوان: ديسمبر الحزين 2025.. الوسط الفني يتشح بسواد الفقدان    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية السباح يوسف    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: انتهاء برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي بعد عام    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    التعليم وتغير قيم الإنجاب لدى المرأة.. رسالة دكتوراه بآداب السويس    بالأسماء، أحكام الإدارية العليا في 49 طعنا على نتائج ال 30 دائرة الملغاة بانتخابات النواب    محافظ القليوبية: توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي تمهيدا للتشغيل التجريبى    محافظ الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يتفقدان أعمال التطوير بمكتبة مصر العامة    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة الكاميرون × الجابون Twitter بث مباشر دون "تشفير أو اشتراك" | كأس الأمم الإفريقية    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    إقبال كثيف للمصريين بالخارج على التصويت بانتخابات النواب والفئة العمرية "31–50" عامًا تتصدر    صحة الفيوم تطلق مبادرة "صوت المريض" لدعم مرضى الكلى    محافظ البحيرة تتفقد القافلة الطبية المجانية بقرية الجنبيهي بحوش عيسى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البانيو
أندريس نيومان
نشر في أخبار الأدب يوم 31 - 03 - 2012


أندريس نيومان
خلع جدي ملابسه قطعة قطعة حتي بقي عارياً. نظر لجسده المريض والنحيف رغم استقامته. كانت مرآة الحمّام تزداد إظلاماً معه مع مرور السنين. الآن لا يتبقي فيها سوي صدأ قاتم في حوافها، ولمبة أربعون فولتاً من فوقها. طوي جدي ملابسه بعناية. تركها فوق غطاء التواليت. توقف لحظة معلقاً الشبشب الصوف بين إصبعيه، وقرّر أن يخرجه للممر. حينئذ أغلق الباب من الداخل.
لم يكن الطقس بارداً. وهو عاري، شَعَرَ أنه أكثر راحة بكثير. بعدها شعر بالخجل وفتح الصنبور. بدأ السيراميك في الاختفاء. أدخل جدي يداً في الماء وحرّكه. ضبط الحرارة عدة مرات. جلس علي حافة البانيو لينتظر.
توقف وابل ماء الصنبور عن هز سطح البانيو. وصار شفافاً بعد أن كان غائماً. وببطء، أدخل جدي قدماً بعدها الأخري، وبحث عن اتصال دافيء بردفيه. ظل جالساً في الماء بركبتين مثنيتين وذراعين يحيطان ساقيه. تنهد. جاءت علي ذاكرته أحداث قديمة: طفل بشورت فوق درّاجة، يوزّع الخبز؛ سيدة بدينة، راقدةً فوق سرير صغير، تعطيه تعليمات وتطالبه بالإفطار؛ سيد طويل وأشقر، يبدو أجنبياً بوضوح، يداعب شعره علي أحد أرصفة الميناء؛ سفينة ضخمة حمراء وبيضاء وسوداء تبتعد عن نظره؛ الحقل الأخضر، المفتوح، بيت بلا مدخنة؛ المكتبة الصغيرة التي كان يزورها ليلاً صبي منتصب القامة، بين صرخات السيدة البدينة؛ جنازة خالية، تابوت ضخم؛ بيت مختلف، به إضاءة أكبر، وفتاة جميلة تبتسم له؛ طفل بشورت، فوق درّاجة، لن يحتاج أبداً لتوزيع الخبز عند الفجر؛ طفلة أخري تذاكر في المطبخ؛ مصنع، عشرات من الظلال بلا أسماء وبعض وجوه قليلة لطيفة؛ صبي وصبية، بلا درّاجات، بلا كراسات؛ حفل زفاف؛ حفل زفاف آخر؛ بيت خال، وضوء خافت؛ صوت يرافقه، يبعث الطمأنينة؛ نزهات متشابهة لصباحات متشابهة؛ سَكينة حلوة مُرّة؛ زيارة عيادة؛ طبيب يقول هراءً؛ امرأة عجوز تخرج لشراء طلباتها؛ مظروف مستطيل مكتوب بخط اليد، بالحبر الأزرق، فوق ترابيزة الصالة؛ عجوز عريان، يجلس كما البيضة، محاطاً بماء هاديء.
لم يكن يُسمَع إلا خرير ماء إحدي الصنابير. نقطة نقطة حتي وصل العدد لعشر، لعشرين، لثلاثين، لخمسين، وصل عدد القطرات لمائة. فك عقدة ذراعيه، رفع رأسه، أسند ظهره إلي الخلف حتي لمس رخام الحائط. تحت الماء، وبين انعكاسات غائمة، ضغط جدي جيداً علي شفتيه حتي لا يهرب من بينهما الهواء وظل بلا حركة.
لكن حدث حينئذ شيء غير متوقع، شيء تخيلته أنا: فجأة، اقتحمت جسد جدي طاقة ما وبدأ يرتجف. صار وجهه مهشماً، وعيناه متورمتين وشعره مقنفداً؛ لكنه كان يتنفس لا يزال. لم تخطر علي ذاكرته هذه المرة أية صورة. كان وحيداً مع الماء، مع الصنابير، مع الرخام، مع البانيو، مع البخار والمرآة، مع جسده العاري. أعرف أنه في هذه اللحظة، مرتجفاً ووحيداً، كان جدي يرسم نصف ابتسامة ويشعر بسعادته الأخيرة.
حينها نعم، ضسط علي شفتيه وجفونه من جديد، وأسند ظهره حتي شعر بالرخام خلفه. حينها كف جدي عن أن يكون جدي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.