«تخفيض أم تثبيت».. مصير أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم    وزير الطاقة السوري يبحث سبل التعاون مع شركة جزائرية في قطاع الكهرباء    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس إلى الولايات المتحدة    الحكومة السورية: نرفض التقسيم أو الفدرلة و نؤكد تمسكنا بمبدأ سوريا واحدة    إسرائيل تعترض صاروخًا باليستيًا أُطلق من اليمن    أمطار ورياح في «عز الحر».. فوضى مناخية تضرب الصيف    طقس اليوم الخميس.. تحذير للمصطافين    اللجان الامتحانية تفتح أبوابها.. وبدء إجراءات التفتيش للطلاب    تزوج روبي وأخرج «حلاوة روح».. 5 معلومات عن الراحل سامح عبد العزيز    تشكيل تشيلسي المتوقع لمباراة نهائي كأس العالم للأندية    نوفوستي: الدفاع الجوي الروسي يُسقط 14 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليل    البابا تواضروس الثاني يتحدث عن "صمود الإيمان" في اجتماع الأربعاء    الهيئة العليا للوفد توافق على طلب رئيس الحزب بطرح الثقة في نفسه    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر للقطاع العام والخاص والبنوك والمدارس    منذ فجر الأربعاء.. استشهاد أكثر من 100 فلسطيني في مختلف مناطق غزة    جيش الاحتلال يُعلن العثور على جندي منتحرًا في قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نتنياهو عملية "مطرقة منتصف الليل"    هبوط حاد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 10-7-2025.. وارتفاع باقي العملات الأجنبية    أول قرار من فيريرا بعد تولي القيادة الفنية لنادي الزمالك    بعد اقتراب ياسين مرعي.. 7 لاعبين ارتدوا قميص الأهلي بعد الزمالك آخر 10 سنوات    «عشان أوضة اللبس».. محمد عمارة يُطالب الأهلي ببيع وسام أبو علي وزيزو وإمام عاشور    غضب داخل ليفربول تجاة ثنائي الفريق بسبب عدم احترام وفاة جوتا    أسعار الفراخ اليوم الخميس 10-7-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    قانون الإيجار الجديد.. هل يُنهي صراعات الماضي؟    حبس المتهم بمطاردة فتاة والتحرش بها في الفيوم 4 أيام    "وسط الدخان الأسود".. 20 صورة ترصد ملحمة رجال الحماية المدنية في مواجهة جحيم سنترال رمسيس    "الأهالي مسكوه متلبس".. حكم قضائي ضد المتهم بسرقة شاب بالإكراه في الجيزة    إصابة 9 عمال في حادث إنقلاب سيارة ربع نقل بطريق "بنها – المنصورة الجديد" بالقليوبية    سعر الدولار اليوم الخميس 10-7-2025 يهبط عالميًا لأدنى مستوياته خلال 14 يومًا    «قلبي وجعني».. إدوارد ينعى المخرج سامح عبد العزيز بكلمات مؤثرة    برومو فيلم «الشاطر» يقترب من تحقيق 8 ملايين مشاهدة في أقل من 24 ساعة    بالصور| السقا يحتفل بفيلمه "أحمد وأحمد" مع جمهوره في دبي    من مباراة الأهلي لشرط الحجاب.. القصة الكاملة لزوجة محمد النني للمرة الثانية    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    الضل، رحلة أدبية إلى قلب الإنسان وحقيقته الغائبة للكاتب خالد الشربيني    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    اليوم، غلق باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشيوخ    نتيجة تخبرنا أين نقف الآن، ألونسو يكشف سبب الهزيمة أمام باريس سان جيرمان    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    شيكابالا يدعم إبراهيم سعيد بعد خروجه من السجن.. ماذا قال؟    عانى من علامة "غريبة".. رجل يكتشف إصابته بسرطان عدواني    «مستقبل وطن» يختتم اجتماعاته اليوم بلقاء مرشحي الشيوخ 2025    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    موقف صلاح مصدق من الرحيل عن الزمالك    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    «الدفع كاش فقط».. ارتباك في بنزينات القاهرة بعد حريق سنترال رمسيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون في مواجهة
نشر في أخبار الأدب يوم 29 - 01 - 2012

كيف تري مستقبل الكتابة في ظل هيمنة السياسة علي ما عداها من المجالات الأخري؟
أي كتابة؟ هذا هو السؤال. الكتابة أجناس، ولا يمكن التعميم بين الأنماط الكتابية المختلفة.
الكتابة السياسية لا تزال موشومة بتحيزاتها الإيديولوجية وتحريفاتها وتشويهاتها للوعي الجمعي، لشرائح اجتماعية متعددة، حيث تسود الانطباعية ولغة التعميمات وشح المعلومات، وهكذا نحن أمام لغة أقرب إلي الثرثرة واللغو السياسي أو الاجتماعي أو "الثقافوي" إذا جاز التعبير.
الكتابة السياسية الموضوعية تبدو غائمة أو مهمشة في المشهدين الكتابي والسياسي، هناك نزعة تبدو عمدية واعية أو لا واعية لاستبعاد الكتابة ذات العمق المعرفي والسند المعلوماتي والاستقصائي، تلك الكتابة التي تتناول مشكلات السياسة، وتستعرضها وتحلل خطاباتها، وما وراءها من خطابات مضمرة. ذلك النمط الكتابي يبدو شحيحاً، ومحدوداً، وغير مؤثر علي مستهلكي الكتابة السياسية. نحن أمام كتابة نمطية ترمي لإرشاد المتلقي لها، أو لغواية السلطة الانتقالية، أو لجماعة سياسية. نحن أمام وعظ وتعبئة أكثر من لغة مخاطبة للعقل والوعي الجمعي أو شبه الجمعي لجماعة أو فئة اجتماعية تتلقي فيضان اللغة الميتة أو هكذا تبدو من فرط موت روح اللغة وجدّتها. والسؤال هنا لماذا؟ لأننا إزاء لغة خرجت من موت السياسة، فاكتشفنا إننا إزاء لغة تبدو وكأنها ميتة في محمولاتها ودلالتها والأخطر في خيالها الماضوي الذي رحلت عنه روحه وعوالمه.
هل أصابت الثورة بعض الجماعات والتيارات القديمة بما يمكن أن نسميه صدمة لغوية، حيث لم تستطع الوصول إلي لغة جديدة تناسب الحدث الجديد؟!
نعم كانت صدمة لغوية وإدراكية، ولم تستطع تلك التيارات وأصحابها أن يستوعبوها، لأن بعضهم، أو غالبهم بالأحري، ممن يستنسخون اللغة السياسية الإيديولوجية، ليبراليين ويساريين وقوميين وإسلاميين ومسيحيين، أصيبوا بصدمة كبري ولم يصدقوا ما حدث، وحاولوا أن يجدوا تعبيرات لهم، ولم يجدوا سوي اللغة القديمة، ورأوا في الصخب اللغوي، والهياج الإيديولوجي "الثوري" أو هكذا تصوروا، بديلاً عن لغة جديدة تخلّقت بعيداً عنهم وعن إدراكهم وأدواتهم وذائقاتهم اللغوية والسياسية والدينية والمذهبية. نحن نعيش الآن لغة الفراغ، ولغة اللا تواصل لأن الخشبية اللغوية تتعايش علي ذاتها وحدودها، ولا تنفتح علي لغة الآخر السياسي أو الديني أو المذهبي أو الإيديولوجي إلا بإعادة استنساخ ذاتها، أو تستند إلي لغة الموتي ، في محاولة للحصول علي دفقة صياح أخري.
علي هامش تلك اللغة، هناك اللغة الضد، والروح الضد، التي تحمل حياة أخري، وروحاً مغايرة، ورؤي للواقع الموضوعي المصري، وللعالم ولحظته التاريخية وإيقاعات وأخيلته، ومنتجاته التقنية والمعرفية، وسياسات مغايرة، سياسة ولغة رقمية، لا تستطيع أن تكون جزءاً من فضاءاتها بلغتك القديمة الخشبية!
هؤلاء يحتاجون لوقت، وبعضهم كان موجوداً في بعض أيام ثورة يناير، وهم سيخرجون رويداً رويداً من المعتقلات العقلية والروحية والإدراكية للغة القديمة وللشيخوخة اللغوية والسياسية لقادتهم ومنظريهم، وشيوخهم أيا كانوا، وأيا كانت تياراتهم السياسية الإيديولوجية.
ألا يمكن أن يؤدي الحراك اللغوي، أو بتعبيرك "اللغة الضد" إلي تغيّر في الخطاب السياسي؟!
نحن أمام كروكيات لغوية أو كاريكاتور لغوي وسياسي، يحتاج إلي وقت للتبلور في إطار الحريات الفكرية والسياسية إذا ما استمرت، وتم قتل بطاركة اللغة والرؤي والسلطات اللغوية والسياسية والأمنية القديمة، وهذا رهن بالعملية الثورية! قتل البطاركة اللغويين والسياسيين والإيديولوجيين، أقصد بها القتل المعنوي أو القتل في الذهنية والإدراك والوعي.
نعود مجدداً إلي الكتابة الإبداعية...
مقاطعاً: أصبحنا في مواجهة وضع معقد بدأت معالمه مع الجيل التسعيني، من خلال المشهدية والجسدانية اللغوية، والتعامل مع تيار الجزئيات، واليومي وسعي الإنسان المصري لبلورة فضاءاته وحريته من خلال اللغة الحسية الصادمة، لكنها سعت ولا يزال بعضها للتحرر من تابوهات الكتابة وقيودها، من هنا كان تحرير السرد من مجازاته القديمة وتهويماته وبلاغته السردية القديمة، إلي سرد مغاير جريء، يصدم القراء أو النقاد أو ذوي الذائقة القديمة، في ظل بيئة محافظة، ذات مزاج أدبي ينحو نحو البساطة، والتركيز علي الحكايات في السرد الروائي والقصصي.
هل يمكن القول إن السرد هو أحد روافد الثورة؟!
مصادر العملية الثورية تشكلت عبر عدد من المصادر، الكتابة السياسية لبعض مفكري ومثقفي جيل السبعينيات والثمانينيات، ثم سرديات جيل التسعينيات وما بعده، ثم حركات الاحتجاج السياسي والاجتماعي، لاسيما "كفاية" و"6 أبريل" و"كلنا خالد سعيد"، ثم الآن حركة شباب ذكي وعلي صلة بعصره وعالمه ومجتمعه، ساهم هؤلاء في تحريك مصر وكسر جمودها في السياسة والمجتمع، وفي الأجل البعيد سيشمل الكتابة.
لم تجب بعد عن سؤال مستقبل الكتابة في ظل هيمنة السياسة؟
لا تنسي أن العملية الثورية كانت مفاجأة كبري وصاعقة، وصدمة حتي لمن أعدوا لها علي الواقع الافتراضي والفعلي، ومن شاركوا معهم، من هنا نحن أمام صدمة أدبية ولغوية، ومأزق واضطراب، بعض من السعادة الوقتية، وأحزان، وبعض من الظفر والهزائم، أمور تذوي وبنُي تقاوم بشراسة.. هناك قتل ودماء واستشهاد وإصابات وقليل من الضوء، وفي ظل هذا لم تعد الأنساق السردية قادرة علي اقتطاف ثمرة المستحيل. إنها مرحلة تستعصي علي السيطرة من خلال الخيال السردي السائد، أو المشروعات السردية، التي تحولت إلي حفريات أو كاريكاتور في ظل لحظة تضاغط وسيولة وصخب يصل إلي حدود الصمم. هنا نحن في مواجهة مأزق كتابي وسردي!
السرديات الإبداعية ستتأثر ببيئة الصخب السياسي، بفعل الصخب المرئي من خلال البرامج الحوارية الصاخبة، واللغو السياسي والثرثرة، ولكن السردية الإبداعية المختلفة والمغايرة قادرة علي أن تشتق مساراتها وحضورها المتوهج وسط هيمنة البلادة السياسية الكتابية والخطابية والتلفازية والصحفية التي تتمدد علي حياتنا ووعينا وعيوننا وحركتنا.
الخطر الكبير الذي يواجه السرديات الإبداعية هو غول الخوف من اغتيال حرية الرأي والتعبير والإبداع، الذي تحاول بعض القوي السياسية ذات المرامي الإيديولوجية الدينية الوضعية أن تفرض آراءها ومصالحها عليها، باسم تأويلها الديني أو الأخلاقي، علي نحو ما سمعنا وشاهدنا ورأينا من آراء حول أدب نجيب محفوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.