تعرف على أداء البورصات الخليجية خلال تعاملات نوفمبر    الآلاف يتظاهرون في أمريكا لوقف العدوان على غزة    أخبار الرياضة اليوم: الأهلي يتعادل مع يانج أفريكانز.. وانقسام داخل مجلس إدارة الزمالك بسبب وقف القيد    نانت يتقدم على نيس بهدف نظيف في الشوط الأول بالدوري الفرنسي    رفع 650 مخلفات قمامة و350 حالة إشغال متنوعة بكرداسة    دينا الشربيني برفقة ويل سميث بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    بطن الحوت، مفاجآت في أحدث حلقات المسلسل    صحة البحيرة تقدم برنامج تدريبي لرفع كفاءة وحدات الغسيل الكلوي (صور)    البنتاجون: لن ندع حماس أو بوتين ينتصران ويمكننا دعم إسرائيل وأوكرانيا بشكل متزامن    سفير مصر في غينيا: الانتخابات تسير بشكل منتظم منذ التاسعة صباحا    الحجر الزراعي يعلن رسميا بدء تصدير البرتقال 5 ديسمبر    رفع الأثقال، لاعبو منتخب مصر يشاركون في انتخابات الرئاسة بالدوحة (صور)    مصطفى محمد يقود هجوم نانت ضد نيس في الدوري الفرنسي    بعد أحداث مباراة الهلال والنصر.. البليهي يثير الجدل بتعليق عن رونالدو وميسي (صورة)    منتصف الليل.. قطع مياه الشرب عن مدينة في أسيوط لمدة 16 ساعة    الأم حاولت قتلهم.. قرارات جديدة بشأن 3 أطفال في "واقعة الأنسولين" بالقليوبية    انطلاق اليوم الثالث لانتخابات الرئاسة المصرية في نيوزيلندا    جامعة سندرلاند البريطانية تمنح الدكتور محمد لطفي الدكتوراه الفخرية في التعليم    انضمام المصارع تايسون فيوري لفيلم "ولاد رزق3"    الرئيس الفلسطيني يؤكد مواصلة الصمود والثبات في معركة البقاء والحرية والاستقلال    المركز القومي للبحوث يطلق قافلة طبية في محافظة الجيزة    "صحة النواب" تكشف حقيقة انتشار إنفلونزا الخنازير في مصر    تكريم هالة سرحان في افتتاح مهرجان أيام قرطاج المسرحي    تحت شعار «اتكلم هنسمعك».. انطلاق فعاليات ملتقى التوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الحسينية المركزي    على هامش «COP28».. قمة أمريكية صينية إماراتية لتسريع إجراءات خفض غاز الميثان    إعلام فلسطيني: غارات وأحزمة نارية من طائرات الاحتلال وسط خان يونس    السعودية تفوز باستضافة الدورة ال21 لمنظمة «يونيدو» عام 2025    بوليسيتش يقود هجوم ميلان ضد فروسينوني في الدوري الإيطالي    المجلس القومي للمرأة بدمياط يطلق المرحلة الثانية من تدريبات التثقيف المالي    محمد زكريا يتوج ببطولة ساتون كولدفيلد الدولية للاسكواش    السفارات المصرية تغلق أبوابها في الانتخابات الرئاسية .. ولوس أنجلوس تبدأ الآن    سفير مصر في بروكسل: مشاركة ملحوظة للمصريين من مختلف الأعمار    الدفاع الروسية: القضاء على أكثر من 4500 جندي أوكراني خلال أسبوع    انطلاق «السينما الفلسطينية»    ب«كرافت» وجوب لامع.. الهندية أنوشكا شارما تشعل ريد كاربت مهرجان البحر الأحمر السينمائي (صور)    ختام فعاليات قصور الثقافة بمبادرة «أنت الحياة» بجنوب سيناء    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل مواطنين فلسطينيين ويستولى على جرار زراعي في الخليل    علوم عين شمس تواصل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الحكومة: مدبولي تفقد مصانع اليوم تعمل ب مكون محلي من 70 ل90%    هواوي: تخريج دفعة جديدة من برنامج "بذور من أجل المستقبل    "بطن الحوت".. السيسي يغرق المصريين بالمخدرات برعاية سعودية    الإمارات ترسل سفينة مساعدات لدعم الفلسطينيين في غزة    ضبط المتهمين بتعدين العملات الرقمية المشفرة    دعاء قضاء الدين مكتوب.. كلمات لمن تعسرت معيشته    بتوجيهات من شيخ الأزهر.. غدًا «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر ديسمبر    قنصل مصر بجدة: إقبال كثيف من المصريين بالسعودية على الانتخابات (فيديو)    معلمة بالفيوم تحرر محضرًا ضد مدير مدرسة وأخصائية بالتعدي عليها وتمزيق ملابسها    في ثانى أيام التصويت.. انطلاق المؤتمر السادس للهيئة الوطنية للانتخابات الرئاسية 2024    عاجل.. الاتحاد الأفريقي يبرئ الأهلي من أزمة مباراة يانج أفريكانز    للحفاظ على الثروة الداجنة .. «بيطري المنيا» ينظم حملات على الأسواق    هل بيع الدولار في السوق السوداء حرام شرعا؟.. المفتي يجيب    ادعو لأخويا.. شقيق العامري فاروق يكشف أخر تطورات حالته الصحية.. شاهد    مبروك عطية: القرض حرام لما تروح تجيبه عشان تاكل بيه ولا يكون للضرورة    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية ولاية الإسماعيلية الإرهابية    نائبة الرئيس الأمريكي: نتعهد بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر    توافد المصريين على مقر سفارة القاهرة بتونس للمشاركة في التصويت    طلاب معاهد دسوق الابتدائية يؤدون اختبارات مسابقة القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبابيكيا
الجيش والثورة وجسد المرأة
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 01 - 2012

منذ اندلاع الثورة في يناير الماضي والجسد يحتل مكانا مركزيا فيها. صحيح أن هتاف الثورة الأشهر،"عيش، حرية، كرامة انسانية"، يبدو وكأنه هتاف لا يشير إلي الجسد بل إلي قيم مجردة ومعاني نظرية، إلا أن ما عانت منه أجساد المصريين من تعذيب وجوع ومرض علي مدار الثلاثين سنة السوداء من حكم مبارك هو ما أعطي لهذا الشعار معني حقيقيا وشكل له صدي عند الجماهير.
وفي أثناء الأسابيع القليلة الأخيرة من عام 2011 ظهر جسد المرأة تحديدا كنقطة تتمحور حولها معاني الثورة وأهدافها النبيلة، وكحيز يتجلي فيه أهم صراع تخوضه الثورة في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخها، أي الصراع مع العسكر وما يمثله من سلطة أبوية وآلة قمعية ونية مبيتة لوأد الثورة والتنكيل ببطلاتها وأبطاها.
فمن نشر علياء مهدي لصورتها عارية علي مدونتها في محاولة جريئة لكسر التابوهات حول الجسد ولطرح سؤال هام عمن يملكه ويتحكم فيه، لتعرية جنود الجيش "البواسل" للمنتقبة "ست البنات" أمام مجلس الوزراء، للضرب المبرح الذي تعرضت له عزة هلال وهي تحاول أن تحمي ست البنات وتذود عنها من بطش العسكر، لخروج عشرات الآلاف من النساء للشوارع والميادين في مظاهرة حاشدة منددات بانتهاك الجيش لحرمة أجسادهن كل تلك الأفعال وضعت المرأة، وجسدها، في بؤرة هذه الثورة العظيمة وأعادت للثورة حيويتها وعنفوانها.
علي أن تصدي سميرة إبراهيم لسلطة الجيش ونجاحها في مقاضاته في قضية كشف العذرية كان، في رأيي، أهم عمل ثوري شهده عام 2011. فسميرة بشجاعتها وصلابة رأيها ويقينها أن انتهاك الجيش لحرمة جسدها لا يمكن أن يمر دون عقاب ومساءلة لخصت الأهداف النبيلة التي تدور حولها هذه الثورة: حق المصرية والمصري في الكرامة والحرية في وطنهما، كما توضح قدرة الفتاة المصرية في التصدي للانتهاكات المنهجية التي اعتادت السلطة الأبوية المصرية أن ترتكبها ليس فقط منذ تولي مبارك الحكم، أو منذ استيلاء العسكر علي الحكم عام 1952، ولكن منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة في مطلع القرن التاسع عشر.
فقد لا تعلم سميرة أن كشف العذرية المهين الذي تعرضت له في مارس الماضي في السجن الحربي في الهايكستيب له تاريخ طويل في مصر. ففي عام 1832 افتتحت في الأزبكية مدرسة للقابلات، وكانت تلك المدرسة تلقن عددا محدودا من البنات مبادئ العلوم الطبية، ولدي تخرجهن من المدرسة كان خريجات تلك المدرسة يتم تعيينهن كحكيمات في أقسام الشرطة للقيام بما نسميه الآن "الطب الشرعي". فبالإضافة لتحديد أسباب وفاة النساء كانت هؤلاء الحكيمات مكلفات بالكشف علي البنات اللاتي يسوقهن أقاربهن من الرجال إلي أقسام الشرطة للتأكد من عذريتهن. وتحفل سجلات الشرطة المحفوظة في دار الوثائق القومية بمئات القضايا التي تتضمن تقارير الكشف تلك، والتي تحتوي علي عبارات وضيعة مثل "وجد غشاء البكارة منزال (كذا) من مدة مديدة"، أو"وجدت ثيب (أي ليست بكرا) ومستعملة من قبل".
قد لا تدرك سميرة كل ذلك، وقد لا تدرك أيضا أن تلك المدرسة مثل غيرها من المؤسسات التعليمية الحديثة التي أسست في القرن التاسع عشر لم تكن تهدف إلي نشر المعارف، ما بالك بتمكين المرأة، بقدر ما كانت تهدف إلي إحكام قبضة الدولة الحديثة علي أجساد مواطنيها ومقدراتهم. وبهذا المعني، فإن الدولة الحديثة في مصر لم تكن يوما دولة المصريين والمصريات، ولم تكن يوما تخضع لسيطرتهم أو تعكس رغباتهم أو تحقق أحلامهم.
قد لا تدرك سميرة كل ذلك، ولكن نجاحها في مقاضاة العسكر علي كشوفات العذرية المشينة التي يرتكبها هو أكبر تحد يواجه النظام العسكري المصري، الأب غير الشرعي للدولة المصرية الحديثة.
فتحية احترام وتقدير لسميرة إبراهيم ولغيرها من بنات مصر ونسائها اللاتي يناضلن لكي نحيا كلنا في وطن يحترمنا ويحفظ كرامتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.