"حماة الوطن": توفير أطراف صناعية مجانية ضمن مبادرة "بداية جديدة"    وزير الطيران: مصر تواصل تعاونها الوثيق مع الإيكاو والشركاء الدوليين لتطوير صناعة النقل الجوي    الجيش الأمريكي يعلن إصابة 3 من جنوده في هجوم بسوريا    روسيا تغلق القنصلية البولندية في سان بطرسبرج    صدامات قوية في كأس العالم للأندية 2025.. الأهلي يضرب موعدا مع إنتر ميامي بقيادة ميسي.. ومجموعة نارية للوداد المغربي    مصرع 3 أشخاص تحت عجلات قطار بضائع في الإسكندرية    مريم الجندي تروج لفيلمها الجديد الهنا إللي أنا فيه    جامعة الزقازيق تشارك في اللقاء الرياضي لطلبة ذوي الإعاقة بالمدينة الشبابية بالإسكندرية    للمعلمين، ننشر الشروط والأوراق المطلوبة للتقدم للإعارات بالخارج    مصر والمملكة المتحدة تعقدان مشاورات سياسية حول أفريقيا    بسام راضي: تدشين خط الرورو بين دمياط وتريستا بحضور كامل الوزير    "بعد نقله للمستشفى".. مدرب نيس يكشف آخر تطورات الحالة الصحية لمحمد عبد المنعم    تشكيل نابولي الرسمي لمواجهة لاتسيو في كأس إيطاليا    مضاعفة قيمة الجزاءات الموقعة على شركات المحمول المخالفة لمعايير الجودة    بالأسعار.. قائمة الهواتف التي تدعم شريحة eSIM    3 ضحايا في حادث مميت أسفل كوبري 11 بالشرقية    محمود الجارحي يكتب: حكاية «مرام» مدرسة التجمع الخامس المقتولة على يد زوجها    اعرف حقك.. إذا كنت من هذه الفئات اركب قطارات السكك الحديدية مجاناً    استشاري التنمية المستدامة: الاستثمار الزراعي يحتاج إلى القطاع الخاص    نائب محافظ الأقصر يفتتح مهرجان التحطيب فى نسخته الرابعة عشر    على طريقة أنور السادات.. محمد رمضان يروج لأحدث أغانيه "برج الثور"    كيف تكون الرقية الشرعية؟.. اعرف كيفيتها وشروطها وما يقال فيها    وفاة مسن فى صلاة المغرب بمسجد عمر بن عبد العزيز ببني سويف | شاهد    خالد الجندي: الحياء خلق عظيم ورسالة من الأنبياء    مدير التأمين الصحي بالقليوبية يكلف بإنهاء قوائم انتظار العمليات بمستشفى النيل    الرعاية الصحية: نستعد لتطبيق التأمين الشامل في 5 محافظات جدد    ندوة بالفيوم عن المناطق الأثرية منذ عصور ما قبل التاريخ    مواليد 3 أبراج يحبون استكشاف الأماكن الغامضة والمهجورة.. «مايعرفوش الخوف»    «جمعية التقدم» و«الجامعة الألمانية» تحتفلان باليوم العالمي لذوي الإعاقة    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يستهدف عمارة سكنية غرب مدينة غزة    مؤجلة من نوفمبر بسبب «إعصار دانا».. موعد مباراة ريال مدريد وفالينسيا    صلاح و«العصابة البرازيلية».. كيف عانى الفرعون المصري في بداية رحلته بإنجلترا؟    متابعة حالة الزراعات الشتوية في مركز أبشواي بالفيوم    «الإفتاء»: الإفتراء على الناس واتهامهم بالباطل إثم كبير (فيديو)    خلال لقائه السفير الفرنسي.. البابا تواضروس: الكنيسة القبطية ترفض تمامًا ظاهرة المثلية الجنسية    أنشيلوتي يعاقب مبابي لإهداره ركلة جزاء ثانية مع ريال مدريد    المعسكر المغلق هدية نجوم مصر لمنتخب بني سويف استعدادا لنهائي دوري مراكز الشباب    جامعة الزقازيق تشارك في اللقاء الرياضي للطلبة ذوي الإعاقة بالمدينة الشبابية في الإسكندرية    عامر خان بإطلالة جذابة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي    ريال مدريد يحدد موعدًا جديدًا لمواجهة فالنسيا المؤجلة    محافظ الإسماعيلية يناقش التصور الكامل لتطوير ورفع كفاءة ميدان السلام    وزير البترول يتفقد خطط شركة «بي بي» من مقرها في بريطانيا    هل يجب حلق شعر المولود والتصدق بوزنه ذهبا؟ المفتي يجيب    إسلام عفيفى يكتب: خط دفاع متقدم    وزارة الداخلية أيدٍ تمتد لاحتضان الحالات الإنسانية.. تفتح أبواب الأمل لذوى الإعاقة وتضىء طريق كبار السن بألوان من الدعم.. الشرطة ترفع شعار: أمن وحب يتجاوز الحدود.. إحياء الفرح بقلوب المكفوفين بوثائق وعلاج مجانى    جامعة الفيوم ضمن أفضل الجامعات العربية بتصنيف التايمز لعام 2024    "الأهرام" تطلق النسخة الثامنة من مؤتمرها السنوي للطاقة 16 ديسمبر    صدور عدة قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    بقرار من بيبو.. غلق استاد مختار التتش لهذا السبب    رئيس وزراء فلسطين يبحث مع بن فرحان تطورات الأوضاع في الأراضي المحتلة    بعد وقف إطلاق النار.. الجيش اللبناني يواصل تعزيز انتشاره في الجنوب    وفق المركز القومي للامتحانات.. وزارة التربية والتعليم تكشف عن مواصفات واسئلة امتحان اللغه العربية للشهادة الإعدادية    مصر وإسبانيا تبحثان سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية    القصة الكاملة لشحوط باخرة سياحية بالمنيا.. 59 سائحا كملوا الرحلة    رئيس وزراء فرنسا يصل قصر الإليزيه لتقديم استقالة الحكومة إلى ماكرون    محافظ الدقهلية يستقبل وفد مجلس نقابة الأطباء    وزير الإنتاج الحربي: المركز الطبي يقدم خدمة صحية متكاملة لجميع المواطنين.. ونشارك في المبادرات الرئاسية    الصحة تطلق قافلة طبية بالمجان لأهالي العاشر ضمن المبادرات الرئاسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبابيكيا
الجيش والثورة وجسد المرأة
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 01 - 2012

منذ اندلاع الثورة في يناير الماضي والجسد يحتل مكانا مركزيا فيها. صحيح أن هتاف الثورة الأشهر،"عيش، حرية، كرامة انسانية"، يبدو وكأنه هتاف لا يشير إلي الجسد بل إلي قيم مجردة ومعاني نظرية، إلا أن ما عانت منه أجساد المصريين من تعذيب وجوع ومرض علي مدار الثلاثين سنة السوداء من حكم مبارك هو ما أعطي لهذا الشعار معني حقيقيا وشكل له صدي عند الجماهير.
وفي أثناء الأسابيع القليلة الأخيرة من عام 2011 ظهر جسد المرأة تحديدا كنقطة تتمحور حولها معاني الثورة وأهدافها النبيلة، وكحيز يتجلي فيه أهم صراع تخوضه الثورة في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخها، أي الصراع مع العسكر وما يمثله من سلطة أبوية وآلة قمعية ونية مبيتة لوأد الثورة والتنكيل ببطلاتها وأبطاها.
فمن نشر علياء مهدي لصورتها عارية علي مدونتها في محاولة جريئة لكسر التابوهات حول الجسد ولطرح سؤال هام عمن يملكه ويتحكم فيه، لتعرية جنود الجيش "البواسل" للمنتقبة "ست البنات" أمام مجلس الوزراء، للضرب المبرح الذي تعرضت له عزة هلال وهي تحاول أن تحمي ست البنات وتذود عنها من بطش العسكر، لخروج عشرات الآلاف من النساء للشوارع والميادين في مظاهرة حاشدة منددات بانتهاك الجيش لحرمة أجسادهن كل تلك الأفعال وضعت المرأة، وجسدها، في بؤرة هذه الثورة العظيمة وأعادت للثورة حيويتها وعنفوانها.
علي أن تصدي سميرة إبراهيم لسلطة الجيش ونجاحها في مقاضاته في قضية كشف العذرية كان، في رأيي، أهم عمل ثوري شهده عام 2011. فسميرة بشجاعتها وصلابة رأيها ويقينها أن انتهاك الجيش لحرمة جسدها لا يمكن أن يمر دون عقاب ومساءلة لخصت الأهداف النبيلة التي تدور حولها هذه الثورة: حق المصرية والمصري في الكرامة والحرية في وطنهما، كما توضح قدرة الفتاة المصرية في التصدي للانتهاكات المنهجية التي اعتادت السلطة الأبوية المصرية أن ترتكبها ليس فقط منذ تولي مبارك الحكم، أو منذ استيلاء العسكر علي الحكم عام 1952، ولكن منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة في مطلع القرن التاسع عشر.
فقد لا تعلم سميرة أن كشف العذرية المهين الذي تعرضت له في مارس الماضي في السجن الحربي في الهايكستيب له تاريخ طويل في مصر. ففي عام 1832 افتتحت في الأزبكية مدرسة للقابلات، وكانت تلك المدرسة تلقن عددا محدودا من البنات مبادئ العلوم الطبية، ولدي تخرجهن من المدرسة كان خريجات تلك المدرسة يتم تعيينهن كحكيمات في أقسام الشرطة للقيام بما نسميه الآن "الطب الشرعي". فبالإضافة لتحديد أسباب وفاة النساء كانت هؤلاء الحكيمات مكلفات بالكشف علي البنات اللاتي يسوقهن أقاربهن من الرجال إلي أقسام الشرطة للتأكد من عذريتهن. وتحفل سجلات الشرطة المحفوظة في دار الوثائق القومية بمئات القضايا التي تتضمن تقارير الكشف تلك، والتي تحتوي علي عبارات وضيعة مثل "وجد غشاء البكارة منزال (كذا) من مدة مديدة"، أو"وجدت ثيب (أي ليست بكرا) ومستعملة من قبل".
قد لا تدرك سميرة كل ذلك، وقد لا تدرك أيضا أن تلك المدرسة مثل غيرها من المؤسسات التعليمية الحديثة التي أسست في القرن التاسع عشر لم تكن تهدف إلي نشر المعارف، ما بالك بتمكين المرأة، بقدر ما كانت تهدف إلي إحكام قبضة الدولة الحديثة علي أجساد مواطنيها ومقدراتهم. وبهذا المعني، فإن الدولة الحديثة في مصر لم تكن يوما دولة المصريين والمصريات، ولم تكن يوما تخضع لسيطرتهم أو تعكس رغباتهم أو تحقق أحلامهم.
قد لا تدرك سميرة كل ذلك، ولكن نجاحها في مقاضاة العسكر علي كشوفات العذرية المشينة التي يرتكبها هو أكبر تحد يواجه النظام العسكري المصري، الأب غير الشرعي للدولة المصرية الحديثة.
فتحية احترام وتقدير لسميرة إبراهيم ولغيرها من بنات مصر ونسائها اللاتي يناضلن لكي نحيا كلنا في وطن يحترمنا ويحفظ كرامتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.