أسفل السُلَّم تتأهب للصعود. تحاول عدَّ الدرجات.. ست وأربعون درجة عليها صعودهم. تبدأ رحلتها حاملةً معها صرةً من القماش، لكنها لم تنتبه أن بها ثقباً تتساقط منه، دون أن تدري، أغراضُها وأحلامُها. وصلتْ إلي الدرجة الأخيرة، وهمَّت أن ترتاح، ولكنها نظرتْ وراءها فوجدت أن أحلامها قد افترشت الدرج كله، ولم يكن أمامها سوي أن تعود مرةً أخري لتجمعها. ها هو حُلم أن تشرب يوماً كوباً من الشاي علي مهل، أو تخلع رداءها وتلقيه في أي مكان. صعدت درجتين فوجدتْ حلماً آخر غافلها وسقط من الثقب.. أن تجمع فراشات ملونة تزخرف بها أفقها المعتم، وأن يصبح الوقتُ مورقاً دائماً لا يطرقُ بابَه الخريفُ. تجمعُ بإصرار. منذ زمن بعيد، كانت تحلم أن يأتي يومٌ تبني فيه بيتاً تدخله النسمات من كل اتجاه، يقيم فيه مَنْ تحبُّ وتمنعُ عتباتُه مَنْ لا تحبُّ، وينشرُ القمرُ ضوءَه في الغرف. كيف لم تشعرْ أن هذا الثقبَ اللعينَ قد جعل أحلامها تتساقط هكذا؟ وكيف لم تشعر أن الحِملَ علي كتفيها قد خفَّ، تماماً كالحلم الذي تنحني الآن لجمعه.. أن يأتي مَنْ يرفعُ الحزنَ عن كاهلها، وأن يبدِّلَ الناسُ الحجارةَ بشراً أجمل؟ أتعبها ظهرهَا من الانحناء، ولكنها واصلتْ جمعَ الأحلام التي تفترشُ درجات السُلَّم. وعندما وصلت إلي منتصفه، وجدتْ حلماً غريباً.. ألا تخطئ في الصلاة، وأن تعطي النصيحةَ مَنْ ينشدها والماءَ مَنْ لا يسكنون ضفةَ النهر. أوشكتْ علي بلوغ نهاية السُلَّم بعد أن جاهدتْ لتجمع المتساقط لعلها تستطيعُ الإمساك به وربما تحققه. وضعتْ حُلمها الأخير في صرتها.. أن تملك فرشاةً تغطي خيوطها كل الكون وتلونَ كطفل نزق هذا الكون القاحل بالأحمر والأخضر ثم تُلقي بالألوان الأخري خارجه. وعند الدرجة الأخيرة وجدتْه ينتظرها، يمدُّ لها يده، لا ليجمعَ معها ما تساقطَ من أحلامها بل ليحقق لها ما تبقي منها. وجدته علي الدرجة الست والأربعين باسطاً ذراعيه ليحتويها هي وصرة أحلامها. وكطفلٍ أجهده الجري، أعطته الصرةَ ونامتْ هانئةً كما لم تنمْ من قبل.