572 صورة فوتوغرافية نادرة التقطها الأثري الراحل حسن عبدالوهاب لمساجد القاهرة عبر عصورها المعمارية المختلفة، وهذه الصور متضمنة في موسوعة تاريخ المساجد الأثرية، التي أعادت دار الكتب طباعتها مرة ثانية، بعد 56 عاماً من صدور الطبعة الأولي في 91 يونيو 6491. الموسوعة صدرت في جزءين، الأول تناول تاريخ المساجد الجامعة والمدارس والخوانق، وتنوع عمارتها، وتطور تصميماتها، ابتداء من عصر الولاة مروراً بالعصر الطولوني والعصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي بشطريه البحري والجركسي، والعصر العثماني، وصولا إلي عصر الأسرة العلوية. كما تناول في هذا الجزء منشيء المسجد، وتاريخ انشائه ووصفه المعماري والتغيرات التي طرأت عليه. وزود عبدالوهاب موسوعته بجزء ثان ضمنه 572 صورة فوتوغرافية نادرة، أغلبها من تصويره الشخصي توضح تخطيط الجامع وطرازه المعماري، وقد راعي فيها التدرج التاريخي مع التعريف بتاريخ صور ما استحدث في المسجد. وأشار عبدالوهاب في موسوعته إلي أن مجموعة المساجد التي رصدها جمعت بين المسجد الجامع والمدرسة والخانقاه، لافتا إلي تنوع العمارة الاسلامية، فيها بصورها المختلفة، وكيف جاء تصميم المسجد الجامع في أربعة إيوانات مسقوفه .. في الغالب، ومحمولة عقودها علي عمد رخامية أكبرها إيوان المحراب الذي يشتمل علي عدة أروقة، ويتوسط الايوانات صحن مكشوف تتوسطه قبة تحتها فسقية، وإلي أن ظهرت المدرسة كان المسجد لايلحق به مدفن لا للمنشيء ولاغيره. وفي القرن التاسع الهجري (51 ميلادي) غلب تصميم المدرسة علي المسجد فأنشيء علي مثالها الكثير من المساجد، بصرف النظر عن كونه خصص لدراسة مذهب أولا، وكان يكتب عليها تارة مدرسة وأخري مسجد، مما يعزز القول بأن هذه الأسماء ترجع إلي وظيفة البناء لا إلي البناء نفسه، وكان مدلولها الغرض الذي أقيم من أجله لا طراز بنائه. وأكد عبدالوهاب أن تصميم المسجد ظل سائرا جنبا إلي جنب مع المدرسة، وزيد علي المسجد إلحاق السبيل والكتاب به، ومدفن للمنشيء أحيانا. ولم يغفل العالم الأثري حسن عبدالوهاب أن يذكر في موسوعته بيان أثر الدول الاسلامية التي حكمت مصر في العمارة الاسلامية، مشيراً إلي أن الدولة الطولونية أدخلت مصر أساليب العمارة والزخارف العراقية، وشهدت الدولة الأخشيدية نشأة الزخرفة في الكتابات الكوفية قبل العصر الفاطمي. وقال ان مصر في العصر الفاطمي كانت اسطع جوهرة في تاجها، وفيها وثبت العمارة الاسلامية وثبة قوية حتي قاربت الكمال، لأن خلفاءها تباروا في انشاء المساجد والحصون والقصور والمناظر والبساتين وأدخلوا مصر عمارة بلاد المغرب، وامتازت المساجد في عصر الدولة الفاطمية باستعمال المحاريب الخشبية المتنقلة، وخلف الفاطميون وراءهم حضارة قرنين من الزمان. وجاءت بعدها الدولة الأيوبية التي حكمت مصر قرابة ثمانين عاما، ازدهرت فيها العمارة والفنون، وفيها أنشئت المدارس للمذاهب وللحديث الشريف، وظهر تخطيط المدرسة، كما تطور طراز القبة والمنارة. وقد شهدت الدولة العثمانية تأخرا في الفنون والعمارة الاسلامية، لما قام به السلطان سليم الأول من ارسال المهندسين والفنانين وخيرة الصناع والبنائين إلي استنبول. وجاء عصر محمد علي ليبعث روحا جديدة في شتي قطاعات الحياة، وكان لاستعانته بمهندسين وعمال أجانب وأروام أثر في ايجاد تصميمات جديدة في العمارة والزخرفة لم تكن موجودة وقد تأثرت المساجد المنشأة في عصره بالطراز العثماني فمسجده الكبير، أنشيء علي مثال مسجد السلطان أحمد بالاستانة، وتأكد أن العمال الذين قاموا بأعمال النقش في المساجد وقصور محمد علي كانوا أتراكا، وأجانب ممن اشتغلوا في استنبول.