برعاية وزيري التعليم العالي والشباب.. إقامة معسكرات المتميزين رياضيًا بجامعة طنطا    عاجل.. أمير قطر في عمّان لبحث تعزيز العلاقات مع الأردن    الأهلي ينفي هذه الشائعة بعد إصابة زيزو    لنشر الفكر الوسطي ونبذ العنف، رئيس منطقة الإسماعيلية يستقبل قافلة مجمع البحوث الإسلامية (صور)    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لمواجهة موسم الأمطار والسيول    وكيل تعليم الشرقية يطمئن على جاهزية المدارس لاستقبال العام الدراسي    «التضامن» تقر قيد تعديل 4 جمعيات في محافظة البحيرة    وسط ترقب قرار الفيدرالي.. انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر بمنتصف تعاملات الأربعاء    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    أستاذ إدارة مياه: الذكاء الاصطناعي يرفع كفاءة الإنتاج الزراعي    محافظ أسيوط يستقبل نقيبي المهندسين والأطباء لبحث سبل التعاون المشترك    أحصنة وحرس شرف وعرض جوي.. بريطانيا تستقبل ترامب بمراسم غير مسبوقة    مصر وفرنسا تبحثان إطلاق 100 مدرسة مصرية فرنسية لتعزيز التعليم العام والفني    شوبير يصدم جماهير الأهلي بشأن إمام عاشور: تناول وجبة فاسدة ومدة غيابه ليست قليلة    إنزاجي: ندرس ضم مهاجم جديد للهلال    المرور يضبط 1174 مخالفة و10 سائقين متعاطين على "الإقليمي"    قرار قضائي جديد في اتهام ميدو بالتشهير بالحكم محمود البنا    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    مخرجة وين ياخذنا الريح: الجونة أول من دعم الفيلم وفخورة باختياره    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    الأزهر للفتوى: يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه في حالة واحدة    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    انتعاشة في حركة التفريغ والشحن في ميناء دمياط    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    إسرائيل تعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا| لمدة 48 ساعة    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    أبو مسلم يهاجم ترشيح فيتوريا لقيادة الأهلي    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    عاجل- انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية في غزة وشمال القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 13 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    مصرع شخصين وإصابة آخر فى اصطدام قطار بدراجة نارية بالشرقية    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    «جوتيريش»: سيذكر التاريخ أننا كنا في الخطوط الأمامية من أجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني    جيش الاحتلال: قصفنا أكثر من 150 هدفًا في غزة خلال اليومين الماضيين    الفنان عيد أبو الحمد يتعرض لأزمة صحية.. و«المهن التمثيلية» تستجيب لاستغاثته (تفاصيل)    ملكة إسبانيا فى زيارة رسمية لمصر.. أناقة بسيطة تعكس اختياراتها للموضة    2 أكتوبر.. انطلاق فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان هي الفنون    بدء الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في الشرقية    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا بمستشفى قنا العام لتطوير مراكز التميز في خدمات ما حول الولادة    بعد إصابة إمام عاشور.. طبيب يوضح أعراض التهاب الكبد الوبائي وفترة حضانة الفيروس    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    مركز البحوث الطبية والطب التجديدى للقوات المسلحة يستقبل وزير التعليم العالى والبحث العلمى    «طلبت الطلاق أمام البنات».. ضبط «جزمجي» أنهى حياة زوجته في الغربية    ارتفاع مخزونات الشركات في أمريكا خلال يوليو الماضي    كندا: الهجوم البري الجديد على قطاع غزة «مروع»    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الأوراق المطلوبة والفئات المستحقة    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرفض أن أذوب فيكم لأني أسود

برؤية إنسانية كلية، لاتبعد عن (هنا) و (الآن)، وبلغة تأملية رائقة وغير ملتبسة، وببناء سردي متدفق يعرف الطريق إلي قلب قارئه ليثيره، فيوقظ عقله ليجادله حول ما رسخ بأعماقه، تقدم الكاتبة الكويتية الشابة »سعداء الدعاس« روايتها الأولي بعنوان لافت هو (لأني أسود)، طارحة فيه قضية الاندماج في المجتمع، فيما بين فرض التماثل علي الآخر وإذابته في معتقداتنا، والاعتراف بحق هذا الآخر في الاختلاف دون نبذه من محيطنا، وذلك عبر سياحة متنقلة بين الكويت كنموذج مجتمعي عربي، وإحدي الولايات الامريكية كنموذج مجتمعي غربي أو إنساني.
تنطلق الرواية بلسان الشاب »جمال« ابن العربي/ الكويتي المسلم »فوزي« والأمريكية المسيحية »جوان«، وقد بلغ التاسعة عشرة من عمره، عاش معظمها في وطن أبيه، الذي توفي في حادث سيارة في بأمريكا، حيث كان يدرس للحصول علي الدكتوراه في الإخراج المسرحي، وكان لزاما أن يكون »جمال« هو السارد بلسانه لحكايته وحكاية أبيه وأمه مع مجتمعات مغايرة لهوية كليهما، فهو وليد »نطفة التماثل اللوني« لأم أمريكية سوداء وكويتي أسود أيضاً، وهو في نفس الوقت هجين من اختلاف الانتماءات والالوان والحضارات والرؤي للعالم، غير أنه سرعان ما يترك أمر السرد بلسانه، عقب افتتاحية تأملية مذيلة بتوقيعه ومكانه وتاريخه المتقدم، لتحل محله الراوية العليمة ببواطن الأمور، والمتدثرة بالضمير الثالث الحيادي، والمرتدة بنا مع أول ترقيم لصفحات الرواية لنحو ربع قرن خلت، في (فلاش باك) طويل، تقدم لنا عبره السياقات الاجتماعية والثقافية المتباينة التي شكلت وعي هذا الشاب مختلط الأنساب، بادئة بمدينة (شيكاغو)، لتستعرض لنا حياة الأم التي تعاني من سواد بشرتها، في مجتمع شديد العنصرية، غرس بعقلها وعياً يدفعها لعدم البحث عن الزواج برجل أبيض، فهو معجزة لا تحدث لفتاة سوداء وفقيرة مثلها، فتكتفي بالحلم ب (بعض) من الاختلاف الذي لا يخرجها كلية عن السياق الذي اعتادته، فتمنت أن يكون مشروع زواجها من رجل »اسمر« يمنحها طفلا (وسط) بين اللونين المضادين، فيمتلك فضيلة (التماثل) مع اهله، وحق التسلل لعالم البيض ب (شبه تماثل) يقربها من وسط الدائرة الذهبية، التي اعتاد سكانها البيض النظر للسود باعتبارهم عبيدا.
تلتقي »جوان« بالفتي »فوزي« القادم للدراسة بمركز اللغات الذي تعمل به، تمهيدا لدراسته الجامعية العليا فنجده »اسود« مثلها، فضلا عن اختلافه العرقي والديني، مما يتناقض تماما مع (مشروعها) في الحصول علي (شبه المتماثل)، غير أن قلبها يتعلق بوسامته ورقته وطموحه، فتتزوجه ليأتي ابنهما »جمال« ليتسلم راية السرد بنفسه، بداية من الثلث الثاني من الرواية، وليحكي في صفحات قليلة عن حياة والده القصيرة في امريكا، فسرعان ما يموت في حادث سيارة، انحرف بها عن جادة الطريق حتي لايصطدم بغزال شارد، فيغيب جسديا عن الأحداث، لكنه يظل حاضراً بأفكاره طوال الرواية، التي تدفع بالزوجة للعودة بابنها إلي وطنه، وهو في الثامنة من عمره، أسود مثلها ومثل أبيه، في مجتمع يبدو لتدينه أنه ليس عنصريا، لأنه يحقق الاندماج قسرا تحت راية الدين، فيصوم الكل شهر رمضان، حتي من هو غير مسلم، ويرتب داخله الوظائف بناء علي جنسية الأشخاص، فيعمل الآسيويون في الأعمال الدنيا، ويدير غير الكويتيين دولاب العمل، ويظهر الكويتيون الأثرياء في المولات، ويستخدمون السود من مواطنيهم في أدوار المجاميع الراقصة في العروض المسرحية و(الكومبارس) الفرد الذي يسخر منه نجوم العرض.
لاتستطيع »جوان« أن تتماثل مع مجتمع ينظر إليها بذات النظرة التي نظر بها مجتمعها الأول، فضلا عن غياب حرية الحركة التي كانت تتمتع بها هناك، وكمنت المأساة الأكبر عندها في اكتشافها أن مثلها الأخلاقي والعقلاني »فوزي«، كان مزدوج الشخصية والفكر والسلوك، فهو المسلم المتزوج من مسيحية، والذي طلب في وصيته دفن جثته في مقابر الشيعة، معترفا بأنه شيعي مثل أمه »الشيعية في باطنها، السنية في ظاهرها«، لم يكتف بإخفاء شيعيته، المتسللة في ثنايا الرواية بوضوح، بل ورفض ان تتزوج أخت له من شاب شيعي، فاغتال حاضرها ومستقبلها، ومنع ابنة أخت أخري له من الالتحاق بمعهد المسرح، رغم أنه خريج هذا المعهد، لكنه كالكثير من مثقفي هذا الوطن العربي الكبير، الصحراوي الفكر، يقول ويدعي ويمنح لنفسه حقوقا يمنعها عن غيره.
تعود »جوان« لأمريكا بعد أن فشلت في التكيف مع مجتمع رأته غارقا في الزيف والادعاء، ويبقي »جمال« بالكويت ليدخل تجربة عاطفية تثبت له أن ما استقر في الوعي الجمعي للمجتمع أقوي من أية رغبة فردية لتجاوز ما استقر بعمق هذا الوعي، وصاغ ذاته في صورة تقاليد وعادات مدمرة، فتفشل علاقته بمعشوقته المثقفة، التي ارتعبت لحظة الإقدام علي الزواج برجل، سيصبغ أولادها بصبغة سوداء، في مجتمع مقتنع ب »أن كل أسود عبد« أو (كومبارس) في عرض الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.