روبير سولية "الفرعون مقلوبا"، هو عنوان كتاب الصحفي مصري المولد فرنسي الجنسية روبير سوليه، الذي كان موضوعه الثورة المصرية. لم ينس صاحب قاموس محبي مصر كونه صحفياً بالأساس حيث عمل لأربعين عاماً بجريدة لوموند الفرنسية وتولي منصب رئيس تحريرها وذلك قبل تفرغه للكتابة منذ مارس 2011 ، ولذلك نجده يقدم في كتابه الجديد رصداً دقيقاً لجريان الأحداث خلال ثورة 25 يناير، بالإضافة لتحليل عميق لأسباب اندلاعها بدقة صحفي ماهر و بإبداع أديب متمكن من أدواته، كما تصفه لوموند الفرنسية. من يتطلع للكتاب يلاحظ من الوهلة الأولي أنه يحمل طابعاً مصرياً خالصاً حيث نجد علي غلافه صورة سيدة مصرية ترفع العلم المصري، وترتدي حجاباً مثل الغالبية العظمي من النساء المصريات، تهتف ضد الظلم والقمع الذي عانت منه مصر لسنوات عدة، وترتسم علي وجهها ملامح الثورة والغضب مشوبة بنظرة تنم عن أمل في المستقبل القادم. يحمل الكتاب عنواناً فرعياً هو "الثمانية عشر يوماً التي غيرت مصر" حيث يشير في هذا العنوان الفرعي الي عدد الايام التي استمر فيها المصريون صامدين حتي رحيل الفرعون، ويقدم سوليه كتابه قائلاً:" من 25 يناير وحتي 11 فبراير 2011، شهدت مصر أول ثورة شعبية في تاريخها الطويل. وخلال ثمانية عشر يوما نجح المتظاهرون، معظمهم من الشباب، في طرد المعادل العصري للفرعون." جدير بالذكر ان سوليه له أصول مصرية حيث ولد وعاش بمصر قبل سفره لفرنسا وهو في الثامنة عشر من عمره، والغريب أنه عاش نحو ربع قرن بفرنسا في حالة قطيعة تامة مع مصر, فلم يقم بزيارة واحدة لها طوال هذه الفترة، ويبدو أنه كان راغباً في وضع حد فاصل بين حياته الأولي في مصر وحياته الجديدة في فرنسا، وكأنه ولد من جديد عندما هاجر إلي باريس. لكن الحنين إلي الجذور عاوده وكأنه قدر يتربص به، فتاريخه يزخر بالعديد من الاعمال التي تنضح بعشق مصر والانبهار بحضارتها بدءا من رواية " الطربوش" - التي تعد بداية استعادة الوعي بالأصول، حيث لاقت نجاحاً كبيراً في فرنسا في تسعينيات القرن الماضي ، وهي تحكي قصة أسرة من أصول شامية مقيمة في مصر وتمصر أبناؤها وأنشأ عميدها جورج بطركاني مصنعا للطرابيش جمع منه ثروة طائلة وصار شخصية مرموقة في المجتمع المصري في العشرينيات من القرن الماضي- وانتهاء بكتاب "الفرعون مقلوبا" والذي يتميز عن غيره من أعمال سوليه في كونه يعد تحولا من الكتابة عن زمن الحنين الي الوطن إلي الكتابة الحية من قلب الأحداث. عاد سوليه الي مصر بعد الثورة، التقي ببعض الشباب من صناع هذا الانجاز وحاورهم كما التقي ببعض الكتاب المنخرطين في الأحداث ومنهم علاء الاسواني وخالد الخميسي وعبد الرحمن يوسف وذلك حرصا منه علي إثراء كتابه بشهادات و معلومات وحقائق وانطباعات من ميدان التحرير، كما تناول في كتابه التضليل الاعلامي الذي عاني منه الشعب المصري خلال الثورة . ويشير سوليه الي ميدان التحرير - ذلك الميدان الذي تجمهر فيه الملايين من الشعب المصري وكان أغلبهم من الشباب الذين أجبروا مبارك علي الرحيل - قائلاً إن الميدان تحول الي أسطورة وإنه من هذا الميدان تفتتح مصر الربيع العربي، حيث لم تكن ثورة 25 يناير سوي البداية .