زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    إعلام عبرى: تشريد 692 إسرائيليًا بسبب الهجمات الصاروخية الإيرانية    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    اعتقال عميلين للموساد بحوزتهما متفجرات ومسيرات في إيران    القوات الإيرانية للمستوطنين: غادروا الأراضي المحتلة فورا فلن تكون صالحة للسكن    ترامب: آمل في التوصل لاتفاق بين إيران وإسرائيل.. وسندعم تل أبيب في الدفاع عن نفسها    منافس الأهلي... التعادل السلبي ينهي الشوط الأول من مباراة بالميراس وبورتو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    تفاصيل أزمة بن شرقي مع الجهاز الفني للأهلي عقب مباراة إنتر ميامي    كأس العالم للأندية - سيميوني: لم نتعاون فيما بيننا.. ودرجات الحرارة ليست عذرا    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    «بيفكر في نفسه».. أحمد بلال يفتح النار على نجم الأهلي    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    مصرع 4 أشخاص في حادث انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف    متابعة دقيقة من الوزير.. ماذا حدث في أول أيام امتحانات الثانوية العامة 2025    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    خبير اقتصادي: مصر تمتلك الغاز الكافي لسد احتياجاتها لكن البنية التحتية "ناقصة"    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    تحريات لكشف ملابسات انهيار مدخنة مصنع طوب ومصرع 3 أشخاص بالصف    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق مصرية- عراقية بين الثقافة والسياسة..
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 05 - 2011

كنت أقرأ في أواسط الأربعينيات المنصرمة أن مصر تكتب ولبنان يطبع والعراق يقرأ- حكم متعسف بلا شك، إذ كان لبنان هو الآخر ينتج والمصريون يقرؤون والعراقيون ينتجون، ولو بدرجة أقل. إلا أن القصد، عهد ذاك، كان السوق العراقية هي السوق الأولي للإصدارات المصرية، وكاتت بعض الاستطلاعات تشير إلي أن المثقف العراقي كان يأتي بعد المثقف الفلسطيني في هوس القراءة. وحديثي، بالطبع، هو عن العراق ومصر الملكيين وفلسطين تحت الانتداب. وأتساءل اليوم: لماذا كان العهدان الملكيان في مصر والعراق أغزر بالنتاج الفني والفكري والأدبي والعلمي والفلسفي، بل أقل إيذاء للمواطن من العهود التالية، وأفسح صدرا- مع استثناءات وذلك برغم كل المساوئ والمظالم؟؟ كما لا أعرف هل هي الشيخوخة أم شيء آخر، جعلني اليوم أجتهد بان النظام الملكي قد يكون الأنسب لمعظم بلدان " العالم الثالث" بشرط وجود ملوك منصفين ومحبين لشعوبهم وعاملين علي تطوير بلدانهم؟. وأعتقد أن الملكيات العربية الراهنة مدعوة بقوة إلي تنفيذ إصلاحات سياسية واجتماعية مهمة قبل أن تصلها الرياح الثورية التي تهب اليوم، كما عصفت أو تكاد بالجمهوريات الاستبدادية والوراثية (الجمهلكيات!).
لقد كان عراق الثلاثينيات والأربعينيات يستعين بالأساتذة المصريين والسوريين واللبنانيين، وكان أستاذ العربية في كلية دار المعلمين العالية (كلية الآداب لاحقا) في بغداد مصريا هو بدوي طبانة، الذي كان أستاذي لسنوات. وقد استقبل العراقيون، بحفاوة وحماسة، كوكبة من كبار رموز الأدب والفكر والفن المصريين، منهم الموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب، الذي دعي لإقامة حفلات الغناء رسميا واستقبله الملك فيصل الأول في القصر الملكي. وفي بغداد غني رائعة شوقي " يا شراعا وراء دجلة يجري. في دموعي تجنبتك العوادي"، وكان ذلك في أوائل 1932. كما استقبل العراقيون بحفاوة كبري، في أواخر العام نفسه، أم كلثوم التي غني لها كبار شعراء العراق. وهناك أحيت حفلات كثيرة كان من بين ما غنت فيها " يوم الهنا"، وسكِت والدمع بيتكلم"، وكان ذلك في فندق الهلال. وقد قال فيها الشاعر الزهاوي:
"الفن روض أنيق غير مسؤومِ
وأنت بلبلُهُ يا أم كلثومِ
لأنت أقدر من غني بقافية
لحن يرجعه من بعد ترنيمِ"
أما معروف الرصافي، فقال فيها:
"أم كلثوم في فنون الأغاني
أمة وحدها بهذا الزمانِ
هي في الشرق وحدها ربة الفن
فما أن للفن ربا ثاني"
وحين قامت ثورة 14 تموز يوليو _ 1958 في العراق، غنت لها أم كلثوم، في 30 من الشهر نفسه، قصيدة محمود حسن إسماعيل: "بغداد يا قلعة الأسودِ". وقد كتب عن أم كلثوم، خلال زيارتها، الكثير في الصحف العراقية، ومن ذلك مقال في 27 نوفمبر 1932 لكاتب يقول: " تتأثر بغنائها قبل أن تحمله إلي نفوس السامعين، وهذا سر امتلاكها قلوبهم وتلاعبها بعواطفهم." وقد غنت أم كلثوم أغنية عراقية لسليمة مراد، أميرة الغناء العراقي في تلك الحقبة. ويذكر أن أم كلثوم قامت بزيارة ثانية للعراق بعد الحرب العالمية الثانية.
ولعل الأديب الذي عرف العراق أكثر من غيره، وأحبه العراقيون كثيرا، هو الدكتور زكي مبارك، الذي كان يوقع مقالاته في "الرسالة" أحيانا هكذا: " الدكاترة زكي مبارك"، وذلك للمناكفة الطريفة والتحدي؛ وكان بالفعل حامل أكثر من شهادة دكتوراه. وفي العراق بدأ بتأليف كتابه عن الشاعر العباسي الشريف الرضي. وعن العراق ألف كتابه الشهير "ليلي المريضة في العراق." وكان خلال عام من وجوده يلقي محاضرات في دار المعلمين العالية وكلية الحقوق، وكان لولب نشاطات لا يهدأ. وقد زار البصرة والنجف وغيرهما. وعند زيارته النجف ألقي الشيخ محمد اليعقوبي قصيدة أشار فيها لكتبه، وعند ذكر كتاب "ليلي المريضة في العراق"، قال الشاعر:
"أشجتك ليلي وحدها بسقامها
إن العراق جميعه لسقيمُ"
في انتقاد لبعض الأوضاع السياسة العراقية في تلك الفترة.
وعندما حل أحمد أمين ضيفا في أوائل الثلاثينيات، فإنه هو الآخر استقبل باعتزاز. وقد وقع حوار شائق وهادئ بينه وبين بعض علماء الدين الشيعة في النجف حول بعض ما ورد في كتابه "فجر الإسلام" بخصوص الأمويين والشيعة. وحين كنت لا أزال طالبا في الكلية زار العراق إبراهيم عبد القادر المازني، الذي كنت أكن له إعجابا خاصا لظرفه وأسلوبه السلس وكنت أبحث عن كتبه بحثا. وقد ذهبنا جموعا وجموعا من طلبة الكليات العراقية لسماع محاضرة طريفة وقيمة له. وأذكر أيضا العلاقة الوطيدة بين شاعر العراق الأول، محمد مهدي الجواهري، وبين عبقري الأدب، طه حسين، وبدأت العلاقة- حسب ظني- في مهرجان المعري بسوريا عام 1944. وحين وصل الجواهري لبيت قصيدته:
"لثورة الفكر تاريخ يذكرنا بأن ألف مسيح دونها صلبا"، صاح طه حسين: "ألف، ألف". ويتناول الجواهري الراحل في مذكراته تلك المناسبة، فيكتب:
"وبينما كنت ألقي القصيدة كانت يدي اليمني تمتد، عفو الخاطر، إلي الكتف اليسري للدكتور طه حسين الذي كان بجانبي. وهذا الرجل ليس (أبا العلاء)، لكنه كان الوحيد ممن يجمع ما بين فكره وملامحه شيئا غير قليل من خصائصه وبما يتلاءم مع المرحلة التي نعيشها، فضلا عن أنه كان في الطليعة من المعنيين به تناولا وجمعا وأطروحة. بعدي، جاءت الكلمة الغالية والثمينة للأستاذ (أحمد أمين)." ويذكر الجواهري مآدب أقامها طه حسين، رئيس الوفد المصري وتقديم خمسة آلاف جنيه باسم الحكومة المصرية لتعمير قبر أبي العلاء. وكان المبلغ كبيرا بقياس تلك الأيام. وفي حفلة عشاء أخري، لطه حسين، قال له الدكتور عبد الوهاب عزام: "يا دكتور! الجواهري سيلقي قطعة شعرية، فهل تتحدث أنت المضيف ويثنّي هو؟ أو يتحدث وتثني أنت؟" فقال: "لا والله، أنا أثنّي، الكلمة الأولي له وهو المضيف الأول." وقد ألقي الجواهري قصيدة عن طه حسين مطلعها:
" أحييك طه لا أطيل بك السجعا..... "
أقول، علي الهامش، إن من الغريب أن يحاول اليوم بعض الدعاة الإسلاميين المصريين توصيف المعري كأحد رواد ما يعتبرونه " الوسطية" الإسلامية، أي الجمع بين الدين والسياسة مع أن المعري هو من قال: "لا إمام سوي العقل". وقد فند الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي، الشاعر والكاتب المتميز- تعرفت إليه خلال سنوات إقامته في باريس- حديث القرضاوي هذا عن "وسطية" المعري الوهمية في مقال له في "الأهرام" بعنوان " لا هي مدنية..ولا هي ديمقراطية!" 20 من إبريل 2011 .
كانت الطبقة العراقية المثقفة، تتابع، إلي جانب النشاطات الأدبية في مصر، أخبارها السياسية أيضا. ويذكر أن هزة حدثت في داخل حزب الوفد في عام زيارة أم كلثوم، فنشر شاعر عراقي موشحا بتوقيع (ريفي) يحذر فيها مصر من الفتنة. وقد أشار زكي مبارك فيما بعد إلي هذه القصيدة، وقال إنها من شعر الشيخ محمد باقر الشبيبي النجفي، الذي كان قد غني لأم كلثوم قصيدة جميلة. وقد وصف زكي مبارك الشيخ الشاعر هكذا: " أبو كلثوم الوفدي". ومن الموشح:
"لماذا انقسم الوفد؟ ومن ذا بيّت الشرا؟
ألا من يجمع الشمل؟ ألا من يطرد الشرا؟
خذي حذرك يا مصر وردي الكيد والمكرا..."
وعندما أقرأ "خذي حذرك يا مصر"، فإنني أود أن أردد هذا التحذير اليوم بصوت عال من منطلق الحب والحرص، وفي وضع مختلف تماما. وكان الأستاذ حجازي أيضا قد عنون أحد مقالاته الأخيرة في » الأهرام«، " انتبهوا أيها المصريون"، داعيا لليقظة والتصدي لمن "يريدون أن يسرقوا الثورة." وقد أحسن الأستاذ في التأكيد علي عامل الثقافة السياسية الحصيفة لبناء الدولة المدنية العصرية، التي هي وحدها تجسد وتضمن العدالة، الحرية، المساواة، والتقدم والازدهار؛ وهي الدولة التي تفصل فصلا تاما بين الدين وبين السياسة والدولة (العلمنة)، وتضمن الحرية الدينية الكاملة والمساواة التامة والحقيقية بين الجنسين. والدولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.